تشتت!

460 22 4
                                    

برودة تسللت الي أطرافى بهوادة،،عيناى لا تفارقان عيناها الخاليتان من الحياة،،جرحها النازف يدمى ما تحته وكأنه يشكو من سببه بألم..

لا أستطيع تحريك ذرة من ذرات جسدى،،فقط أجلس على الأرض أنظر فوقي،،صوت دقات قلبى قد وصل الى مسامعى،،تنفسى أصبح بطئ..

كيف حدث ذلك؟..أهو حلم آخر من أحلامى التى لا تنتهى؟!..

نظرت للباب لأراه مغلق،،حولت نظرى لفوق مرة أخرى،،جمعت أنفاسى بهدوء،،استندت على ذراعىّ لأنهض متجهة نحو الباب الحديدى،،وضعت يدى على مقبض الباب ودفعته بخفة نحو الداخل..

انه مفتوح!!...

دفعت الباب أكثر ليطلق صرير مزعج،،أكملت فتح الباب لنهايته لأقف هناك أنظر للخارج..

ضوء أحمر خافت..الممر خالٍ من الأطباء على ما يبدو..جررت خطواتى الثقيلة نحو الخارج..

بدأت أسير بلا هوادة حافية القدمين،،لا أعلم حقا ما هى وجهتى،،هذه أول مرة لى أرى ما يوجد خلف الباب..

لم أتسائل كثيرا عم حدث أو كيف قتلت الممرضة وشنقت بغرفتى..لا أهتم!

غرف كثيرة موصدة من الخارج كما غرفتى..بأكثر من قفل..

آنات خافتة تصدر من كل غرفة أمر عليها..صوت السماء التى ترعد وتزمجر تصم الآذان بين الحين والآخر..

الممر ضيق للغاية وكأنه ينتمى الى سجن حقا،،الضوء الأحمر بدأت شعلته تخفت تدريجيا..

وصلت الى درج..أنزلت قدماىَ بهدوء عليه..واصلت نزولى ولم أقف عند أي طابق من الطوابق التى مررت عليها..فقط نزلت..حتى آخر طابق..

زحفت قدماي على الأرض البيضاء الباردة..بدأت أستمتع الى صوت سقوط المطر على الأرضية الترابية بالخارج..

رائحة المقعمات والمطهرات الطبية تملأ أنفى،،تنبعث من تلك الأرضية اللعينة..بل تنبعث من كل جزء فى المبنى..

اقتربت خطواتى لذاك الباب الأبيض الكبير،،فقط دفعة صغيرة وأخرج من هنا..

تلك الأنفاس الساخنة مجددا على عنقى..أحدهم يقف خلفى..

تصلب جسدى..أهي النهاية؟..أهو الرجل الذى قتل الممرضة ويزورنى كل ليلة فى أحلامى؟..أم هو أحد العاملين بالمشفى؟..

أدرت جسدى قليلا وأنا أجحظ بعينى لأقابل من خلفى..ليظلم ما حولى وأدور بدوامات الفراغ....فقدت وعيى!

رائحة المعقمات ذاتها..أطرافى المقيدة ذاتها..البرودة التى تجتاح جسدى ذاتها..

أفتح مقلتاي ليقابلنى سقف غرفتى!..صوت فتح الباب لأول مرة قد أثار انتباهى لينتقل بصرى اليه سريعا..

تطل منه سيدة طويلة بزي الممرضات وقوامها الممشوق..وجهها بسيط الملامح..تقترب نحوى وهي ترتدى ابتسامة رأفة..

"صباح الخير صغيرتى..أتمنى انك حظيتى بنوم مريح"

قالت بصوتها الرقيق وهي تقف بقرب سريرى..

أسترسلت حديثها وقد التمست نبرة حزن وشفقة فى نبرتها..

"أنا أدعى لوسى،،سوف أكون ممرضتك الخاصة بدلا من ليزا الممرضة السابقة،،يؤسفنى حقا ما حدث لها..لقد وجدوها مقتولة في منزلها..زوجها الأحمق ذاك قتلها بغير رحمة فقد طعنها عشرات الطعنات ثم أغرقها بحوض منزلهم حتى فارقت الحياة"

اتسعت عيناي بعد كل كلمة تنطق بها..ليزا لم تمت بهذه الطريقة..لم يكن حلم..صحيح!

حقنتنى بالعلاج الذى لم أشعر به..لا أعلم اذا كانت لطيفة فى حقنى أم أن أفكارى أشغلتنى عن الألم اليومى الذى أحظى به..

هذه المرة لم أنم بعد العلاج..فقط هدأت أنفاسى قليلا..فكت وثاقى وقيودى بلطف لترسم ابتسامة وداع قبل أن تسير نحو الباب وتغلق أقفاله خلفها..

كيف كان كل ذلك مجرد حلم!..أيضا كيف علمت أنها قتلت؟!..

فجأة تذكرته..دفتر مذكراتى...

سارعت لأبحث عنه تحت وسادتى كالعادة..

فتحته على أخر صفحة كتب فيها...

قطرات الدماء..

كلماتى الأخيرة التى توقفت عندها آخر مرة موجودة بالفعل..

أي لعنة تلك؟!

دماء الممرضة لا تزال على الصفحة..

لم يكن حلم..!!

اذن ما كان ذاك؟

":9a���=g


الدفتر الأسودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن