الفصل الاول | طبيب محشش

1.8K 27 42
                                    


⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
**⠀⠀⠀⠀⠀⠀
هبّ نسيم خريفي بارد عابراً النافذة ، محركاً ستائرها الرمادية بنعومة .. غرفة واسعة نوعاً ما ، يغلب عليها البياض ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
بعض الاثاث الفخم هنا و هناك ، رفوف المكتبة خشبية -يطغى عليها السواد- يقبع بزاوية الغرفة .. مملوءاً بالكتب عن علم النفس ، مكتب خشبي بذات اللون يبعد عن الباب ببضع خطوات.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
في وسط تلك الغرفة ، إستلقى رجل على كرسيٍ طويل عاقداً ذراعيه بضيق و قد ملأت* الكدمات وجهه .. يقف بجانبه رجلٌ آخر بشموخ ، عينان سوداوتان واسعتان ، يرتدي نظارة طبية ذات إطار أسود.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
بشرة شاحبة ، شعر اشعث بني مائل للسواد .. شفتان دقيقتان مزرقتان من شدة برودة الجو .. يرتدي معطفاً طويلاً ابيض طبياً.

ممسكاً بورقة و قلم بـ جدية مفرطة ، تحدث "جين" بعد برهة ببرود :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_هل حاولت التحدث إليها !؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
شبك الرجل "نايت" أصابعه ببعضها مرتبكاً و هو يقول :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_كلا ، لم افعل .. لم اجرؤ اصلاً ، انا .. انا .. خائف من ردة فعلها فحسب ، اذ اخشى العودة للمنزل من دون رأس.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_لمَ انتَ خائف لهذا الحد منها !؟
_لا أدري .. فقد كانت غاضبة كـ الوحوش لذا .. انت تعلم ☺.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
اشار نايت لـ وجهه مستغبياً ، غمغم جين بكلمات مبهمة .. أهو ابله ليعشق امرأة عنيفة طيلة هذه الفترة !؟ اجل اجل إنه العشق و ما ادراك بالعشق !؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
قاطع حديثهما -المُهم جدن جدن جدن*جداً*- طرق الباب بـ دقات اشبه بإيقاع اغنية ما ، طلّ شاب اشقر برأسه من خلف الباب و هو يبتسم ببلاهة قائلا :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_المعذرة جين ، هل لي بدقيقة !؟ .. اريدك للحظة ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
غمغم المعني -مجدداً- مجيباً دون أن يلتفت و هو يكتب في تلك الورقة بضمير ، قال بعد برهة و هو يمد الورقة لـ نايت :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_إسمعني يا رجل .. سأؤجل جلستك للغد عند الخامسة مساءاً ، فالوقت متأخر الآن .. كما ترى.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
نهض نايت من على الكرسي و هو يدلك اسفل ظهره ، ثم امسك بالورقة متمتماً بيأس :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_اه جين اشكرك بالفعل ، انت الوحيد الذي اعطى وجهاً لـ مشكلتي.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_عفواً.
غادر نايت بعدها و هو يغمغم بيأس اشد ، تنهد جين بحدة و تمتم بضيق :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_يا ربي ! يبدو بأنني سأغير إسم العيادة الى *عيادة مشاكل المتزوجين حديثاً*
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
وضّب أغراضه على مكتبه ثم إلتقط معطفه الرمادي الطويل -يصل الى أعلى ركبته- من على الكرسي و غادر العيادة هو الآخر.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
*
غادر عيادته و اخذ يقفل الباب ثم إستدار ليجد ذاك الأشقر مستنداً على الجدار ، صاح الاخير فور رؤيته لـ جين قائلا بتفاؤل مفرط :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_جين يا مرحبا بـ وجهك ، كيف حالك !؟
_مرحباً مياجي ، انا بخير .. كيف حالك مع خطيبتك !؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
بقيا متجمدين بذات الإبتسامة البلهاء ، إلى أن جثى مياجي على ركبتيه فجاءة و هو يشهق باكياً ، صاح بنبرة متحشرجة :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_لقد جعلتها تنزعج مني ، .. إرتديتُ ربطة عنق لم تعجبها ! انا .. انا حقير 💔
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
ركع جين على ركبتيه و إبتسم بتفاؤل حاقد قائلا :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_مياجي ، أتعلم ، إنكما بحاجة ماسةٍ لـ استشارة طبيب نفسي ، انت و خطيبتك !!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
صاح مياجي بحقد و دموعه تتدفق :
_و ما وظيفتك انت !!؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
زم جين شفتيه بضيق و هو يغمغم ، قال ضجراً :
_اجل .. انا مستشار نفسي ، لكنني لست مستشاراً نفسياً لكما !
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
فتح مياجي فمه ليكمل سيل شتائمه ، قاطع سيلانه رنين هاتف جين .. اخرج الاخير هاتفه من جيبه .. المتصل *حبيبتي* ، رمقه جين هامساً بحقد :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_اخرس لحظة !
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
إعتلى العبوس وجه مياجي الذي عقد ذراعيه بضيق ، ما إن رد جين على الإتصال حتى تغيرت نبرته فجأة للنعومة :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_مرحباً حبيبتي ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
قالت المتصلة " ماكي " بحب :
_مرحبا بك عزيزي ، اء هل إنتهيت من عملك !؟ لقد أعددت العشاء ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
بقي جين فاغراً فمه بابتسامة بلهاء و وجهه قد اصطبغ بحمرة خجولة ..
_اءء جين !؟ ألوو !؟ هيييههه !
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
أفاق من فغارته على صراخها متداركاً نفسه و هو يقول مسرعاً :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_اه اجل ! سآتي في الحال ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
إبتسمت ماكي و همست قائلة :
_بالطبع ستأتي .. باي باي* !
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_إلى اللقاء.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
أغلق الهاتف و قد سرح بخياله مجدداً بذات الإبتسامة البلهاء ، ضيق مياجي عينيه بريبة و هو يلمع قائلاً :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_احم .. أتلك خطيبتك !؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
ضم جين يديه لصدره و هو يبتسم بابتسامة حالمة ، قال جين بنبرة غبية :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_اه و كيف لا تكون هي .. أيا قلباً قد تعلق بها سهواً .. فـ إنقلب هذا السهو لعشق ازلي ..
و عشقت سواد عينيها .. فـ صرت اسير وراءها كالـ حملي.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_ايه اجل اجل ، كُفَّ عن هذا يا قيس زمانك ، و جِد لي حلاً مع خطيبتي متصلبة الرأس !
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
عاد جين للواقع و تمتم بضيق قائلا :
_انت و خطيبتك هذه ، خربت تأملاتي المستقلبية ! المهم ، عمت مساءاً.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
*
ترجل من سيارته ثم أغلقها اتومتيكياً و سار بخطوات كسولة ناحية باب منزله ليدلف للداخل ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
تلفت ليمينه حيث صدر صوت ضحكات عالية و سقوط احدهم من على الكرسي ، تنهد بملل و خلع معطفه معلقاً اياه على الشماعة ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
*
وجل* "دخل" لغرفة الطعام ليجد والده *ديفيد شبيه به تماما .. و يجلس بجانب زوجته *جوليا ذات الشعر الأصهب و العينين الزرقاوين.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
تقابلهما شقيقته الوسطى *ميناو ذات الشعر الاصهب القصير و عينين رماديتين و بجانبها شقيقه الاصغر *شيرو بنفس المواصفات و بجانب جوليا تجلس والدة ماكي *جول .. و التي قد إعتلى وجهها الغرور.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
صاح جين قائلا :
_مساء الخير ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
إبتسمت جوليا بلطف و هي تقول :
_مساء الخير صغيري ، هيا تعال و اقلط*
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
تمتم ديفيد باستياء :⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_كُفِّ عن مناداة إبنك بـ "يا صغيري" إنكِ تحرجينه .. ثم هو لم يعد صغيراً.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
صاحت جوليا بضيق :
_اوهو !! إنقلبت هذه الكلمة لـ مداهمات ليلية !
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
تمتم ديفيد بملل و هو يرمقها من طرف عينه :
_مداهمات الليل !؟ لا داعي للعجلة دعيها في وقت لاحق ☺.

إبقى معي | stayحيث تعيش القصص. اكتشف الآن