الفصل الرابع | شبيهتها

184 11 0
                                    

*
تنهد بملل ، يجب عليه ان يتحرك قليلا ، و يحرك قلبه ع الاقل ، غادر غرفته و هو يرتدي حذاءه ببطء ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
هبط بالدرج للطابق السفلي ، ليجد جوليا واقفة ترتشف كوب قهوة و هي تتصفح مجلة ما ، فور ان رأته صاحت برعب :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_يا ولدي ! الى اين انت ذاهب !؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
هز جين كتفيه بملل و هو يسحب معطفه من على الشماعة ، قال بصوت مبحوح :
_سأزور عيادتي قليلا .. لقد مللت
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
همهمت جوليا بتفهم ، وقفت على اطراف اصابع قدميها و ربتت على رأسه قائلة بابتسامة هادئة :
_كما تريد ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
*
وقف امام عيادته .. تبدو قديمة بالنسبة لتلك الفترة الطويلة التي انقطع عن عيادته ، لقد إشتاق لتذمرات النساء عن ازواجهنّ ، او مشاكل الرجل مع عشيقته ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
فتح الباب و دلف للداخل ، اخذ يسعل بقوة من موجة الغبار التي اختلطت في جوفه.. هذا متوقع ! ، خلع معطفه .. ثم شمّر اكمامه

اخذ يكنس الارض ثم شفطها بالمياه ، يمسح هذا و ينفض ذاك ، يكنس الارض يمسح الجدران وو .. إلى آخره.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
إغبر شعره البني ، و بعد ان انتهى جلس على كرسي داخل مكتبه واخذ يتصفح دفتر ملاحظات مرضاه السابقين ، فجأة دق الباب شخص ما وهو يقول بتردد :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_مرحبا ، أما من احد هنا !؟ أيمكنني الدخول ؟!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
بقي جين مركزاً نظره ع الدفتر ، قال ببرود و هو يضع دفتر الملاحظات جانباً :
_تفضل ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
بدأ مقبض الباب بالإستدارة و فجأة إنكسر ساقطاً على الارض .. ، تلعثمت الفتاة بتوتر ممسكة مقبض الباب بيدها :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_انا آسفة ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
بقي ينظر اليها بريبة ، قامة متوسطة الطول اقرب للقِصر ، شعر قصير اشعث يصل لمنتصف عنقها ذو لون بنيٍ فاتح ينساب بنعومة على جانبيّ وجهها الطفولي ، بشرة بيضاء .. تشبه ماكي لحد كبير لكن شعرها ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
ترتدي قبعة صوفية مزينة بنقوش لطيفة بـ لون برونزي داكن و يتدلى من اسفله كرة صوفية بيضاء صغيرة ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
عينان بنيتان واسعتان كثيفة الرمش ، بالرغم من أنهما عاديتان ، الا انهما كالزجاج الذّي يعكس ما يراه من حوله ، فعيناها تفعلان الأمر تماما مع مشاعرها ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
شفتان ورديتان صغيرتان ، انف صغير محمر اعتقد انه بسبب الزكام ، ترتدي معطفاً صوفياً ابيض مخطط بالرمادي يقيها من لسعات هذا البرد القارص ، و بنطال جينز اسود ..

قال جين ببلاهة :
_ااءء تفضلِ بالجلوس ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
اقتربت الفتاة بخطوات بطيئة من المكتب ، و اثناء ما هي تسير اصطدم مرفقها بكوب ماء بالخطأ و سقط على الارض ، تلعثمت بتوتر و هي تقول :

_تبا ، انا .. آسفة مجددا 💔
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
قال جين ببرود :
_لا عليك ، سأنظفه فيما بعد ! فقط اجلسِ على هذا الكرسي هناك من فضلك ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
اومأت ببطء ، ثم تقدمت ناحية الكرسي .. تعثرت بالسجاد لتسقط مرتطمة على وجهها ، ثم نهضت بسرعة قائلة :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_انا بخير ، لا تقلق
_لم أسألك اصلا ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
قهقهت الفتاة بغباء ، و بعد ان جلست مكانها قال جين و هو يمسك بدفتر الملاحظات :
_الإسم ؟!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
لم يسمع رداً ، رفع رأسه ليراها تقضم اظافرها بعنف و ارتباك ، تنحنح لتنتبه الفتاة و تقول بسرعة :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_ااء إسمي ماري ستيوارت ..!!
_العمر !؟
_٢٣ عاماً
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
وضع جين الدفتر على الطاولة و تنهد قائلا : _اه حسنا ماري ، ما هي مشكلتك ؟!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
اخذت ماري تقضم ظفر إبهامها ، قالت بنبرة مرتجفة :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_حسنا .. انا اتوتر كثيراً ، و في بعض الاحيان يسبب لي توتري الكثير المشاكل ، اذ قـ .. قال لي البعض بأنني مغناطيس للحظ السيء ، بمعنى آخر .. النحس.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
ارتدى جين نظارته الطبية و شبك اصابع يديه ببعضها و اسند رأسه عليه قائلا ببرود :
_منذ متى بدأت هذه المشكله بالتحديد ؟!

عقدت ماري ذراعيها لصدرها و قالت بصوت خفيض :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_لقد بدأت هذه الأعراض عندما كنت في الثانوية تقريباً ، اوصلني والداي للمدرسة ، و عندما وقفت لتوديعهم ، فجأة جاءت شاحنة كبيرة و صدمت السيارة !
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_هل توفيا !؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
نفت بيدها قائلة :

_اه كلا و لله الحمد ، لكنهما توفيا فيما بعد ، اذ ذهبا ليشتريا لي المثلجات من البائع الذي كان يقف قرب عامود الإنارة .. ثم سقط العامود فجأة و أصابهم بصعقة كهربائية و ..-
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
نظرت اليه بتعجب ، كان فاغراً فمه مصدوما منها ، نهض من على الكرسي و هو يخلع نظارته قائلا :
_كفى كفى ارجوك ! حسنا سـ..-
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
اومأت ماري ببطء ثم عطست بقوة لينقطع الكهرباء و سرعان ما غمر الظلام الغرفة ، شهقت برعب قائلة :

_من اطفئ الأنوار !!

زفر جين بتعب .. ذات حظ نحس اكثر من حظه الاعوج ، قال بنبرة هادئة :
_إلزمِ مكانك ، سأعود بعد قليل
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_اااء ، حسنا ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
غادر المكتب و قد اضاء هاتفه ليرى طريقه حتى وصل الى صندوق الكهرباء فتحه و اخذ يتفقد الازرار قاطباً حاجبيه بتركيز ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
صدى وقع اقدام قادم من الغرفة جعله يجفل بجمود ، يليه صوت صرير باب ما .. ، ادار هاتفه ناحية مصدر الصوت .. لم يجد احداً
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
تنهد برعب و عاد للأنشغال بصندوق الكهرباء ، شعر بأحدهم يشد معطفه من الخلف ، استدار ببطء ليجد وجهاً مضاءاً من الاسفل بشكل مرعب :
_يا امي !!!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
شهق بفزع و استعد للهرب بجلده ، لكن ما اوقفه صوت انثوي متحشرج من الزكام يقول :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_هذه انا ماري .. لقد شعرت بالوحشة من الظلام هناك و حسب ☺
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
تنهد برعب و تمتم قائلا :
_كدتِ تقتلينني !
⠀⠀⠀⠀⠀⠀
"بعد ان شغل الكهرباء"
عاد ليجد مياجي جالساً عند المكتب ، فور ما رآه الاخير حتى نهض من على الكرسي و هو يقول :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_اه جين ، مضى وقتٌ طويل ! انا آسف فلقد كنت منشغلا برحلة عمل .. لذا حاولت بقدر الإمكان التخلص من العمل لكي ازورك .. و آسف مجددا .. بشأن ماكي .. 💔
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
إنعكس الضوء على عدستيّ نظارة جين الذي تنهد بضجر ، اردف قائلا ببرود :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_آسف !؟ أتعلم ! لو لم تسلمني رسالتك لكنت .. اللعنة كل هذا بسبب رسالتك الغبية !!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
عبس مياجي و قد علت وجهه نظرة حزن إختلطت بالحسرة على صديقه ، صمت جين للحظة .. ثم تابع مبتسماً بإستياء :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_لقد كنا على وشك الزواج ، حتى اننا اخترنا أسماءً لأبنائنا قبل ان يولدوا اصلا ! كل هذا اختفى ، تلاشى .. كل الشيء صار كالسراب ، كل احلامنا اختفت بسبب رسالة تافهة !!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
ضغط على جبينه بيده متألماً من هذا الصداع الذي إجتاح مقدمة دماغه ، إقترب مياجي منه معانقاً اياه و هو يربت على ظهره قائلا :

_انا آسف حقا جين ، صدقني انا لم أكن اقـ..-
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
نظرا ليمينهما في نفس الوقت بتعجب عندما سمعا صوت إرتطام أحدهم على الارض ،
و التي هي ماري ، حكت وجهها بألم ثم قالت بسرعة :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_انا آسفة لقد استرقت السمع بغير قصد ، ااء ألديكم حمام .. اقصد اين الحمام !؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
اشار جين بيده ناحية الباب قائلا :
_الحمام يقبع على يمين الممر في الخارج ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
ابتسمت بتوتر و نهضت متجهة للباب و هي تتمتم بعبارات اعتذار سريعة ، ما ان خرجت حتى قال مياجي بغباء :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_أانت متأكد بأن ماكي قد توفيت !؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
ابتسم جين بشكل حالم قائلا :
_إنها .. تشبهها نوعا ما ☺

إبقى معي | stayحيث تعيش القصص. اكتشف الآن