ومن جهة أخرى ومن باب الإنصاف فإن العرب في مأثورها قد امتدحت الصمت في حينه! كما امتدحت النطق في وقته واوانه، فالتفضيل بينهما سجال، لم يتقدم الصمت على النطق، ولم يفزالنطق على الصمت بقصب السبق! غير أن العرب ربما غلبوا جانب الصمت على النطق في كثير من الاحيايين، طلبا للسلامة تاره، وسلاحا فتاكا في الازدراء والتقليل من الحصم تاره، فقال الشافعي رحمه الله :
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم
إن الجواب لباب الشر مفتاح
على أن الصمت المطلق منهى عنه في شرعنا كما في الحديث"لا صمات يوم إلى الليل "
إلا أن الخطأ الفادح الذي وقعت في حفرته العرب وسار في أمثالها من غير تدقيق ولا تمحيص! فهو من مثل قولهم"اذا كان الكلام من ذهب فالسكوت من فضه"فليتهم عدلوه فقالوا " إذا كان السكوت من ذهب فالكلام من بهرج".