القاعة الضخمة كانت هادئة رغم كثرة من فيها، الطاولة الخشبية الكبيرة ملئى بشتى أنواع الطعام ،
يتصدرها الملك وعلى يمينه زوجته الأولى إيلينا وبجوارها ابنها ايميت،
وفي اليسار جلست ايزابيلا وبجوارها جون ثم مساعد الملك وكبير الحرس وما الا هنالك من كبار هذا القصر حسب مركزهم وقربهم من جلالته،
جرت العادة ان يتم سكب الطبق الرئيسي بعد جلوس الجميع على الطاولة ،
حيث يتولى أحد الخدم هذه المهمة، ويتم اختياره حسب كل يوم دورياً بحيث يأتي لكل خادم يوم يقدم هو فيه الطبق الرئيسي.مشت ليزا بغير اتزان تحمل طبقا بحجم رأسها ،صحن الملك أولا ..الزوجة الأولى ..الزوجة الثانية ..الابن الأكبر جون ..
ثم اقتربت لتضع في صحن أيميت ولم تنتبه لرجله التي مدها لتتعثر بها بسبب ذاك الطبق الذي تحمله، ما هي الا بضع خطوات حتى وقع الطبق أرضا وارتمت فوقه على وجهها..
علا ضحك ساخر من قبل الجميع،
أوقفه الملك الذي انتفض واقفا ..
وهي لم تعد تشعر بأطرافها من شدة الذعر..
ساد صمت مهيب على المكان، كسره الملك بغضب :
-أيميت ..اعتذر حالا
- لكن يا أبي ..
(رد بصوت زلزل المكان لشدة ارتفاعه)
- أيميت ..الانطأطأ المعني رأسه، حشرجت حنجرته ثم تحدث بانكسار شديد ..
- أنا ..اسف.ليزا التي كانت ما تزال جالسة على الأرض فاتحة فاهها من شدة الصدمة ،فقد توقعت ان تمسح بكرامتها الأرض،ان تعاقب عقابا شديداً، توقعت كل شيء إلا هذا ، نظرت الى الملك بدهشة ما بعدها دهشة ،اعادت نظراتها الى ايميت ..
ابتعلت رمقها محاولة لملمة نفسها ثانيةً- ل .. لا .. لا داعي للاعتذار حقا !
خيم الصمت مجددا،ليست ليزا وحدها،الجميع ما كان يتوقع ردة فعل كهذه.
قام جون من مكانه،سألها بلطف وقد زينت وجهه ابتسامة حانية
- أأنت بخير ؟
خرجت من جمودها ،أحمر وجهها خجلاً فقد زادته ابتسامته جمالا على جمال
والحق أن ذاك العطف أبهرها وتلك العيون الساحرة أدخلتها عالم أخر .
مد يده ليساعدها على النهوض، تلألأت عيناها فرحاً أمسكت بها وابتسمت ليظهر صف أسنانها ويزيد وجهها تألقا..
- نعم أنا بخير
مسح ابتسامتها صوت ازابيلا التي صرخت حانقة :
-جون كم مرة أخبرتك أن لا تختلط بالطبقات الدنيا ؟ أ..أرادت أن تتابع ..لكن تلك النظرة الغاضبة التي تلقتها من ريتشارد ألجمتها وأوقفتها عن الكلام
فأضاف ريتشارد:
- اسمك ليزا اليس كذلك ؟ ليزا خذي بقية اليوم لترتاحي.( عادت ابتسامتها لتملأ وجهها )
-شكرا جزيلا لك سيدي الملك
لملمت ما أوقعته ..انحنت وغادرت القاعة وفي قلبها فرحة عظمى ..
فرحة انتقام لطالما تمنته؛ لكنها لم تتوقع ان يحصل وتشفي غليلها من غريميها المزعجين ..أيميت وازابيلا الشعور الذي طغى على قلبها كان غريبا مختلفا ..وكأنه ينبض للمرة الأولى.. احساس جميل ما احست به قبلا ..وصورة لعينين صافيتين كانت تتكرر في عقلها بلا توقف .
قضت ذاك اليوم مستلقية في فراشها ،تعيد الموقف في ذهنها آلاف المرات دون كلل ..غفت تلك الليلة وكأنها تغفو للمرة الأولى منذ ولدت ..لا بل كأنها ولدت اليوم من جديد ..أحلامها الوردية رافقتها طوال الليل كذا فعلت ابتسامة رقيقة صاحبت ثغرها.
أنت تقرأ
ما تُخفيه الأقنعة
Romanceداخل كل شخص تعرفه واحد آخر..غريب تماما عنك..او عن أي أحد..غوصك عميقاً في خبايا النفوس لن ينفعك في شيء..طالما أن خارج البحر ليس كأعماقه..أنبوبة التنفس الخاصة بك..عليها أن تكون مليئة بنوايا حسنة..فأنها ما تنجي صاحبها