#وتوقفت شهرزاد عن الكلام المباح (الجزء الرابع)
الفصل العاشر
كانت شهرزاد تعي جيداً أنها لن تستطيع المكوث طويلاً في نفس المكان، فقد بدأت أعراض الحمل تظهر عليها.. غثيان الصباح و الدوار. كما أن إعادة تنكرها كل يوم بعد الاغتسال في النهر عند منتصف الليل أصبح عبئاً ثقيلاً الآن.اختيارها بأن تمكث تحت أنف الوحش، كإحدى القصص التى حكتها لشهريار، كان لعدة أسباب.. أولها هو لإن هذا المكان لن يخطر بباله، أما ثانيها فهو أن المملكة مهددة من هذه الجهة من الحدود من عدوان جيش عرمرم ينتظر و ملكه لحظة ضعف فيهجم و يفتك بزوجها و مملكته، و ثالثها هو أن مكوثها بجوار حرس الحدود سيجعلها على دراية بأخبار القصر و المملكة من بعيد، بدون أن تثير شكاً و لا ريبة، فحين يأتي الجنود لشراء خبزها و الإستماع لنوادرها، تنصت جيداً لحوارهم حول الأوامر التي يتلقونها، إضافةً إلى أنها أحياناً تسأل الجند أسئلة غير مباشرة حول ما يجري حولهم.
كان آخر ما وصلها من أخبار شهريار، مدى يأسه من أن يجدها، و أنه قد أصبح من الدراويش، هائماً في القصر لا يريد طعاماً و لا شراباً.. ليس هذا فقط، بل صار أضحوكة حزينة بين العامة؛ مثاراً للشماتة و الشفقة في نفس الوقت. صار ينشد الشعر في شهرزاده الضائعة، و ينعى سعادة ضاعت منه للأبد. لا ينام ليلاً و لا نهاراً، و أهمل شئون الحكم و الرعية. نعم أرادت أن تغيره حتى يصبح إنساناً و حاكماً أفضل، و لكنها لم ترد أن تفقده عقله، و حسن تصرفه. عليها أن تتصرف و بسرعه، فكل شيء قد أصبح في خطر.
أمرت الفتى بأن يتظاهر بإصطحابها إلى قائد الحرس، الذي ما إن وقفت أمامه حتى قالت له : " يا سيدي! إستمع إلى رغبة إمرأة عجوز تشرف على الموت من الهرم، و أرسل في طلب الملك شهريار إلى هنا سريعاً، فالمملكة في خطر، و العدو على وشك أن يفتك بنا." رد قائد الحرس:"و كيف علمتى أيتها العجوز بهذا الخبر؟" " يا سيدي القائد، رغم أنني ضريرة إلا أن الله قد من على ببصيرة القلب، رأيت في منامي أن الملك ملقى على قارعة الطريق، و أن تاج ملكه إنشطر لنصفين، فبالله عليك .. أرسل في طلب الملك لملاقاتي..." قاطعها القائد قائلاً:" هل جننتي أيتها العجوز الخرفة! تريدين مني أن أستدعي الملك لملاقاة من هي مثلك! من أجل حلم حلمتين به. سيأمر شهريار بفصل رأسي عن جسدي دون أن يكلف خاطره بالرد على طلبك هذا! و حتى إن لم يفعل ذلك، لم يعد الملك ذو عقل سديد كما كان، تاهت عنه الحكمة كما تاهت منه شهرزاده." " حسناً أرسل في طلبه، و قل له أن عجوزاً تعرف مكان زوجته، و سيأتي.. فقط أرسل له المرسال بأقصى سرعه، و سأتحمل أنا العواقب."
كاد قائد الحرس يفقد صوابه، لكنه ذعن للأمر لما رآه من ثقة العجوز و إصرارها، كما أنه بالفعل يحتاج للملك، فقد علم بتحرك الجيش المعادي و إقترابه من الحدود، و قد سبق له إرسال رسول للملك، لكن الأخير لم يستجب لإنشغاله بأمر زوجته عن مقاليد الحكم. يبدو أن العجوز على صواب، سيأتي حالما يسمع بخبر معرفتها عن مكان زوجته. يتمنى حقاً ألا تقطع رأسه، لكن واجبه كجندي يحتم عليه فعل أي شيء من أجل الوطن. قام بإرسال رسالة بالحمام الزاجل إلى القصر.
أنت تقرأ
عندما توقفت شهرزاد عن الكلام المباح
Historical Fictionأمتعتنا شهرزاد بالحكايات و القصص، و لكننا لم نعلم شيئاًّ عمّا حدث لها مع شهريار بعد الليلة التي تلت الألف.. ترى ما الذي حدث لهما؟ تابعوني مع أول رواية لي ستصدر على أجزاء و أتمنى أن تعجبكم. #سلوى