قدم هيثم قدح القهوة مساء ذلك اليوم بعد أن تناولا العشاء وهو يقول لمصعب:- سوف تشعر الآن بالهدوء وتستطيع التفكير بشكل منطقي يا صديقي.. لقد أقسمت لك للمرة العاشرة أنني كنت أراقبك من النافذة، وعندما نزلت إلى الحديقة لم أرك تطير كما تزعم، لاشك أنك واهم..
رشف مصعب من قهوته وهو مغمض العينين وأخذ يفرك جبينه بأصابعه كمن أصيب بصداع وقال:- نعم..!!.. لا شك أنك رأيتني على الأرض يا هيثم.. لا شك في صدقك.. كما أن من المستحيل ان تراني أطير ولا تبدو عليك الدهشة ولا المفاجأة.. أو القلق والخوف على صديقك.. أعرف أن هذا مستحيل قطعا..
هيثم:- إذن هون عليك.. واعترف أنك كنت واهما..
فرد مصعب بهدوء:- لست واهما أيضا..
هيثم وكان يبدو علي وجهه الدهشة:- ماذا دهاك يا مصعب؟ إنه الخيال .. ألا تؤمن بشيء اسمه الخيال والوهم؟ حيث يتراءى لإنسان أنه فعل شيئا لم يفعله؟
مصعب:- بلى أؤمن بذلك يا صديقي.. لكن.. أؤمن أيضا بشيء اسمه السحر
توقف قدح القهوة في الطريق بينما كان هيثم يرفعه إلى شفتيه وهو يقول:- ماذا قلت؟ السحر؟ .. لم أفهم
مصعب:- لم تفهم... لأنني أيضا لا أفهم شيئا... إن كل ما يحدث معنا هو أشبه بالسحر
هيثم:- هلاّ شرحتَ لي بمَ تفكر يا أخي!...
وضع مصعب قدمه عى الطاولة وعقد ذراعيه على صدره وقال بوجه جاد:- حسنا... ألا ترى أن ما يحدث معنا ليس واضحا أبدا؟... كيف يمكن أن نجد الزهور على سريرينا دون أن يكون معنا أحد ثالث!!... والمال من أين جاء؟... هناك من وضعه لنا.. أو أن أحدنا يكذب..
سادت فترة قصيرة من الصمت.. ثم تابع مصعب حديثه قائلا:- ثم الفرس الرائعة التي كانت في الاسطبل.. لقد حكيت لك كيف اكتشفت وجودها.. من الذي وضعها هناك؟ ومنذ متى؟ ومن كان يطعمها إذا كانت قد بقيت ليومين او ثلاثة؟ فكما قلت لك إنني سمعت ارتطام حوافرها بالباب وكأنها كانت تريد الخروج.. لماذا لم تحاول الخروج مسبقا؟.. لماذا لم تحاول في النهار؟... سمعت ذلك الليلة الماضية.. وربما كانت هناك قبل ذلك.. ثم لماذا رأيت المفتاح على وسادتي حين عدت إلى الغرفة؟.. لقد كان ذلك الاسطبل مقفلا منذ إقامتنا.. فمع من كان المفتاح؟ وهل كان مقفلا حين أقام فيه من جاؤوا قبلنا من الناس؟... لماذا لم يظهر إلا الآن؟ .. ولماذا ظهر لي فقط؟.. بينما ظهر المال لك أنت فقط؟.. لماذا لم يحدث كما حدث مع الزهور؟ هناك شيء واحد هو اللغز نفسه.. وهو الشيء الذي لم نفهمه يا عزيزي.. هو الشيء الذي يفتح لنا هذه الحيرة التي نغوص فيها.. وربما سيحدث أغرب مما حدث في الأيام القادمة..
ازدرد هيثم ريقه وهو يقول:- هل تعني أن موت بعض أفراد العائلات تحت حوافر الخيل كان بسبب فرس جامحة مثلا؟..
مصعب:- لا أدري صدقا كيف تم ذلك ولا أستطيع التخمين!!.. لكن الذي أعرفه يقينا أنني رأيت نفسى وانا أطير عن الأرض كما أرى أنك الآن جالس أمامي..
أنت تقرأ
البيت الاسود
Actionمن الشائع فى هذه الايام ان اى شئ يقوله الناس نصدقه دون فحص او نقد ولكن هل حاول احد مرة ان يكتشف الحقيقة بنفسه دعونا نرى ذلك