جُ ~ جُرْعَة اعْتِياد

242 24 30
                                    


·•● مشهد (1) ::

- ما هذا الذي يحدث هنا ؟!!

- اللعنة .. !!

- كيف يجرؤ على فعل هذا، يجب أن يعاقب !!

- تصرفه هذا يوحي بأخلاق متدنية ووقاحة مترفعة !!

- لن نقبل هذا أبدا ! فقد تجاوز حدوده ويجب أن يلقى جزاء فعلته !!

- إنه يهيننا بما فعل، ولا يحترم مبادئ مجتمعه ومتطلبات محيطه .. نحن له بالمرصاد !!

~.

·•● مشهد (2) ::

- آها .. ما هذا الذي يفعله ؟!

- أمر لا يصدق .. !

- لم أر يوما مثل ما حدث ..

- فلنحاول إقناعه، ربما يصغي لنصيحتنا ..

~.

·•● مشهد (3) ::

- هائ هائ .. انظر !

- ماذا ؟! ( لا مبالاة )

- دعك منه .. فكل مسؤول عن أفعاله وتصرفاته ..

- هيا يا رجل !

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

·•● وقفة لا غنى عنها ::

إنه الاعتياد ؛ مُهلك اللذة في كل شيء جميل ، وقاتل الاشمئزاز في كل شيء قذر .. عنه سأكتب هذه المرة، عن براءته المنعكسة على واقعنا والتي تحمل كماً لا بأس به من السلبية .. وعن تسلطه في حياتنا والذي يحوي كماً هائل من الغطرسة ..

قد نعايش موقفاً نستنكره بشدة، وقد نصادف حدثاً نشجبه بقسوة معلنين عن رفضنا الصريح لما نعتبره تصرفات منافية لمقتضيات الواقع وحاجاته. لكن، يوماً بعد يومٍ، ومع تكرر هذه الأفعال، نجد أنفسنا كالصهارة المبتعدة عن جوف الأرض، تبرد شيئا فشيئاً معلنة تحولها لصخر ناري بارد الجوف، مغيرين بذلك أدوارنا الحقيقية ومتبنين لثالث المشاهد الحياتية - المشهد (3) - حيث استبدلنا الاهتمام باللامبالاة، الاستنكار بالاعتياد، النصح بالصمت والمشاركة بالفرجة.

إنها عملية غسل للدماغ .. وافقنا على الخضوع لها بإرادتنا السمحة بدعوى مسايرة العصر خوفاً من النعث بالتخلف، فقدنا خلالها القدرة على التحكم في اتزان عقولنا وأحاسيس قلوبنا وبصر عيوننا، كما الأزْر على غربلة مواقفنا وفق مبادئنا الشخصية وتعاليم ديننا استناداً لما نحن به مقتنعون لا معتادون!

~.

·•● ومضة لابد منها ::

يقول كانط : « كلما زادت العادات عند الإنسان، أصبح أقل حرية واستقلالية »

وأنا أقول : ما أدهشنا أمس، يأخد مكانه اليوم ضمن معالم الواقع الجديد، وما نستغربه اليوم، سيغدو من مسلماتنا في الغد القريب ..

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

إن { (جُ)ــرعَة اعتِيَاد } كهذه تستوجب استشارة من مبادئنا لتفادي أضرارها وأثارها الجانبية المهلكة،

وإن التلذذ بِ { (حَ)ــلْوى مُرّة } لهو غريب الفصل الحالي، وحديث الفصل القادم ..

أَبَجَدِياتٌ نَاطِقَة ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن