شُ ~ شُتاتُ الأبجَدياتِ . . ج2

208 8 81
                                    


لازالت الأبجديات لم تنه حديثها، ولازال قلمي ينزف بعد أن خرس لمدة طويلة .. حسبته خلالها أنه لن يعرف طريقاً للعودة فلربما عجز فجف حبره وشاخت كلماته .. لكنني أستعيده اليوم عن طريق تعويذة سحرية غريبة ذكروني أن أخبركم بسرها في حرفٍ قادم .. لكن، إلى ذلك الحين، دعونا نتمم قراءة أسرار القراءة .. فالحروف المتبقة متشوقة لمعانقتكم وإطلاعكم على فحواها .. فهي لازالت تعتبر القراءة :

~.

(س) سِجن إصلاحٍ ندخله طوعاً ثمناً لطلب المعرفة، لتكون العقوبة سجناً مؤبداً مع الأشغال الشاقة .. تلك التي تشق النفس إلى نصفين، فلا تدري أللواقع لازالت تنتمي أم لغيره صارت أسيرة ..

(ع) عَهدًا أبرمناه مع أبطال الروايات وشخصيات الحكايات .. بنوده تقضي بأن نكون جزءاً منها وتكون جزءاً منا .. ومصيرُ الإخلال بشروطه النفي خارج مملكة الأحلام، والعودة لدنيا الأنام ..

(ف) فُرصةَ خروجٍ مع الذات الحبيبة في موعدٍ غرامي، تستحق أن تدفع حسابه .. فلا بأس بتبديد الثروات المادية عليها مادامت الثروات المعنوية ستشهد صعوداً صاروخيا ..

(ص) صُندوقاً عتيقاً .. يحمل بقايا ذاكرة وأوراق اصفرت من تعاقب السنين عليها .. تروي حكايات، طويلة البداية، بنهايات مفتوحة تلوح في الأجواء لا تُرسم إلا بعد نزول الستار ..

(ق) قوسَ قزحٍ أنجبته سماء اللغة بعد عاصفة من الصراعات الأدبية والمضاربات الثقافية والمتناقضات الفكرية .. لتنقشع الغيوم بعد تلبدها، وتفتح أبواب الفردوس في وجه القراء والمتابعين ..

(ر) رُقياً بالروح الطاهرة النقية وبالمشاعر الصادقة الجلية، بعيداً عن منغصات الواقع ومكدرات عيشه .. فهي الملجأ المباح من فضول البشر وسخافة أفعالهم ..

(ش) شاطِئَ بحرٍ لا يهدأ، اعتاد التمرد على معالم الطبيعة والخروج عن المألوف .. الجزر فيه يسحب مافينا من شغف .. والمد فيه يعطينا من أسراره ما نبغ ..

(ت) تجمعاً داخل سوق شعبية تعالت فيها صيحات الصارخين بأثمنة سلعهم وهتافات المنادين بروعة بضائعهم .. بعضها مصفوف بعنايةٍ توحي ببراعة صاحبها والبعض الآخر مبعثر كبائعها الهاوي المبتدئ ..

(ث) ثقباً ننشطر من خلاله إلى قسمين .. الأول يتصرف كالمعتاد والثاني يراقب هذا المعتاد .. لنصبح بذلك محكمة اتزان الذات التي تضم قاضيها وجلادها في آن واحد ..

(خ) خلاخيلَ ألفِ طفلةٍ تسكننا، تلعبن الغميضة بين أنسجة الفؤاد وتتناوبن على أرجوحة الشرايين .. فيزرعن دواخلنا حباً يقطفه كل عابر سبيل إلى أن يبلغن .. وببلوغهن يكبر العقل ويكتمل الفكر ..

(ذ) ذِكرى تقتات على تفاحة الخلود .. نصنعها اليوم لنتذكرها غدا، بعد أن يضعف بصرنا وتزحف قوى الكهل على بشرتنا السمحة .. فنعود لدهاليز الذاكرة نفتش عن قطعة حلوى لم تقضمها جِرذان النسيان بعد ..

(ض) ضحوةً ترتفع خلالها النفس وترتقي لأعلى مراتب النضج وأسمى درجات الفكر .. فنقدم ما نملك وما لا نملك قربان تملكٍ لذرة علم وحبة ثقافة ..

(ظ) ظِل فزاعةٍ واقفة شامخة وسط حقلِ الأدب .. ترقى بصاحبها القارئ، تساعد رفيقها الكاتب، تثرثر مع عصفورها الناقد .. وتبسط ذراعيها ترحيباً بكل ضيف جديدٍ قادمٍ ..

(غ) غيومَ تطفلٍ تحملنا على بساط الفضول، لتمطرنا في ساحة الأدباء والشعراء والمفكرين والعقلاء .. علها بما تحمله من بلاغة الحرف وزجالة الأسلوب تضمد جرح الفؤاد ونزيف الأقدار ..

~.

هي حروف ثمانية وعشرين أطلقت العنان لصدى صوتها ليخترق الآذان ويسكت الأفواه .. فيعلو بالقراءة ويوضح مقامها ويخدم رسالة القلم ومغزى اللغات، علها تكون سبباً في انظمام الكثيرين لنادي القراء. عزاءها، أن نقطة النهاية حرف ألف للبداية هناك .. وأن القراءة التي تنتهي هنا تسطع وتعبق هناك ..

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

كانت هذه بقية { (شُـ)تاتِ الأَبَجَدِيات } والذي سنلملم سوياً ما تبقى منه لنصفه في قصة الحرف القادم

ف { (صَ)رير الرجال } لازال يدوي في تلك البلاد، ولربما أمكننا سماعه بين هذه الأبجديات ..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 05, 2017 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أَبَجَدِياتٌ نَاطِقَة ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن