الفصل العشرون

995 70 53
                                    

( نهاية طاغية )


مهلك يا صديق ..

يا من يخفف عني الغربة ..
ويشاطرني وعورة الطريق ..


******

كان ألبرت اينشتاين محقاً وقتها حين قال " ان الاوقات الحزينة كالسنوات طويلة واما اوقات الفرح كأنما هي دقيقة .. نظرية نسبية " . ادرك في وقت تفكيرٍ عميق كم ان تجارب الالم التي عاشها كالنار التي تنتشر في الهشيم وما هذا الهشيم سوى عمره حرقته في صغره حتى الكبر غير انه في لحظات ينتفض فيها الفرح وتخفت لتتركه ينتشي به فتأبى وتعاود التصاعد من جديد حتى بلغت عقله لتفنى معها راحته .

لازال يتذكر ماضيه في كل لحظة خلو بذاته يفكر ما مضى من عمره وما فعل فيه غير انه وجد في اول صفحةٍ قلبها داخل عقله الاسى والفقد مهيمنين على سطور حياته ، بدأ من اول ميلاد حيث صيحة حياته هو ومن معه من بؤساء كانت نوتة الحرب الشرسة تلك التي عزفت بجمال في ساحة الإقتتال بين سلاف وروسيا .

لتنتقل الحكاية لصفحة اخرى كان فيها جسداً غريباً يتمشى بين الناس لا يفقه شيئاً من الحديث سوى كلم العين ، يتوقف ليرى بتعجب طفلٍ المواكب القادمة من روسيا نعم تلك كانت اوقات الحوار وعقد السلام بين الدولتين . اسند ظهره على الكرسي وإسترجع ببسمة شوقٍ ذكريات تلك الايام المذهلة التي قضاها في طفولته مع نيكولاي وديانا الزوجين الراحلين .

الاوقات التي يمكث فيها على الكرسي مبتعداً عن الجميع معانقاً الصمت فيأتي إليه نيكولاي ويعنفه ، يجره وإن اقتضى الامر يشده من اذنه ليجبره على اللعب معه . يكون ممنوناً في كل لحظة يتذكر فيها ذاك الساذج الذي رمى نفسه في حياته بلا مقدمات واجبره على الوقوف من امام عتبات باب الاسى ليعيش طفولة مثالية لم تشبها شائبة ولو ان خسارته لعائلته كانت جرحاً لنفسه إلا ان احبابه نيكولاي ، ديانا وخالته آنافيسا التي ربته حتى شبّ عملوا على تجديد الحياة في بؤرة روحه وجعله يقف شامخاً حاملاً معه مجد عائلته " آرلوف " .

ولكن مع الوقت في قطار الحياة المسرع يجد ان محطات الفقد التي وقف فيها كثرت والاشخاص الذين كانوا يمسكون بيده مضوا بعيداً .

علم مع تراكم السنوات عليه ان إيفان كان الشيء الوحيد الجميل في حياته حين رأى نفسه يرثي على حاله ألماً من رحيل الجميع ، ليصبح مقطوعاً من شجرة لم يبقى له سوى نيكولاي وديانا ويلتقي بعدها بمارينا إلا ان الاخيرة خلفت فيه جراحاً جديدة بالبعد ولكنه ممتن لكنز تركته في حياته كافح وكافح ليحفظه ويرعاه ، لم يهمه بعدها من إنفصاله عن زوجته شيء ومضى ! فقط مضى مكرساً حياته في عمله وتربية إيفان فقط لا غير .

Crossings Into The Abyss | معابرٌ إلى الهاويةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن