الفصل التاسع عشر

1K 73 54
                                    

( في المجاهل )







داخل الغاب حيث نام شجرها اسفل ظلمة منتصف الليل ولم تصدر سوى بضع إنارات خفيفة من الضوء في عدد من بقاعها .. تكسرت الاغصان الميتة والهشة اسفل حذائه الجلدي مما دفعه لإبطاء سيره متلفتاً حوله يحكم على غطاء رأسه ، إنتبه لرفيقه الذي يتقدمه يتوقف عن الحراك ويشير بيده ان يجلس في مكانه ففعل متنهداً دون النطق بأي كلمة .

جاء إليه رامياً العصا من يده ووقف بجواره مراقباً الشجرة التي فوقهما كمن ينتظر منها شيئاً ... كان كل منهما يغطي نفسه بكساء رمادي من رأسيهما حتى اخمص قدميهما فلم يظهر سوى النصف السفلي من وجهيهما غير ان احدهما سأم وشعر بالضيق ليزيحه عن رأسه ويظهر شعره الأشعث وعيناه التي يحيط بهما السواد .

منحه رفيقه نظرة صغيرة وعاد يتفحص المكان دون ان يعاتبه في حين الاخير اشار حوله واعلمه بهمس انه سيتفقد المكان فحسب فوافق مومئاً برأسه عاقداً حاجبيه . مشى مسافة ليست بالبعيدة حيث كان شريكه لازال يراه في مرمى بصره .

لاحظ عندها شيئاً غفلا عنه مما دفعه للتراجع بخوف والإختباء حين ابصر بعد إنقشاع الضباب الذي يغلف جميع المسافات الخالية بين الشجر المتكسر ليجعل السير في الغاب اكثر صعوبة ، وجود عدد من المخيمات والحافظات الزرقاء الضخمة الموزعة بلا نظام بين الخيام يتوسطها عدد من الرجال والنساء امام حطب من الواضح انهم اطفئوه الان ، بدوا له كما الهنود الحمر بأشكالهم بيد انهم بيض وملابسهم عادية علق عليها الوحل في اطرافها .

: " لا تجرؤ على فعلها والتقدم منهم اكثر فهم خطرون " إستدار إلى حيث كان شريكه جالساً بتخفي معه يراقب المخيمين بأعين محتدة واشار له بسرعة ان يأتي ليلحق به بعد ان تأكد من كونهم لم يروه حين غادرهم ماشياً على امشاط قدميه مخفياً جسده بين الحشائش .

إستقام وركض إليه يسأل بهمس : " من هم ؟ " .

رمقه بسرعة وادار وجهه بعيداً يجيب بنفس درجة صوته : " سكان سلاف الغربية " (*).

عقد حاجبيه وقد ظهر على وجهه بعض الخوف متخيلاً نفسه لو تهور وظهر لهم على الارجح كان ليكون هو من يتم شويه بدل حطبهم ذاك .

" : عظيم ! فعلاً عظيم ، معنا سلافيون وحوش من الغربية في الغاب وحوالي السبع ثكنات عسكرية انت تقودني لموتي ماكو اللاي " .

نظر له ماكو اللاي دون ان يخفى التردد الجلي والرهبة من المكان الظاهرين على قسمات وجهه ليجيب محاولاً أن يطمئن حالهما مشيراً برأسه لأعلى الشجرة الشاهقة : " لا داعي للقلق فكما سمعت ان يالون تنين الذي سيرافقنا خبير بالمكان وسننفذ مهمتنا دون عوائق " .

نظر شريكه للأعلى ورأرأ في الجذع الضخم لها حين لمح جسماً يتحرك فيها ليظهر من ظلالها شخص متخفي مثلهما كان هو من انتظروه بلا شك .

Crossings Into The Abyss | معابرٌ إلى الهاويةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن