الفصل الخامس

9.6K 198 2
                                    

الفصل الخامس

لكن شرلي لم تنطق بتك الكلمات لأنها كانت تعرف ان ما قاله سبانس كان صحيحا . انه لا يدين لها بأي تفسير بعد ألان لقد تنازلت عن الحق في ان تسأله اي سؤال عندما أعادت اليه الخاتم .
ذكرت نفسها ان فسخ الخطوبة كان برغم كل شيء القرار الوحيد الذي كان في أمكانها اتخاذه في ظل الظروف الراهنة فالحقيقة أنها قد أعطته كل فرصة ليشرح الأمر وهو حتى لم يحاول ذلك فلماذا تخدع نفسها بالتفكير انه قد يكون ألان مذهلا أكثر ليبرر ما فعله ؟
اطفات النار تحت المرق وأحضرت الصحون من الخزانة وعاودها انقباض صدرها عندما بدأت أعداد طاولة الطعام الصغيرة في المطبخ فقد تذكرت كيف كانا يتشاركان تناول أحدى وجبات الطعام في ما مضى فقد كان يحدث ذلك عادة في احد المطاعم والناس يحيطون بهما او أنهما كانا في منزل أل هدسون بحضور مارتن شارلوت فقلما يكونان معا بمفردهما لكن حدث ان تناولا العشاء بمفردهما مرتين . واحدة في شقة سبانس ومرة أخرى في تلك النزهة المرتجلة في الشتاء عندما وجدا زاوية في المنتزه ولم يتطفل عليهما احد في حينها وألان هذه الوجبة البسيطة على ضوء الشموع في الليلة التي كانت لتكون ليلة زفافهما لكنها ليست كذلك .
قالت في نفسها بصراحة ان الانغماس في الشفقة على النفس ليس ألا مضيعة للوقت وبرغم ذلك كان عليها ان تجرص بريقها بصعوبة لتتخلص من الضيق في حنجرتها .
كان سبانس محقا في شان نوعية الكعك الذي أعده فقد كان النوع الخفيف الهش الذي يذوب في الفم واللذيذ الطعم وقد قالت له شرلي ذلك وهي تتناول القطعة الثالثة .
قال لها وهو يضع بعض الزبدة على قطعة له
– لقد تعلمت كيفية أعداده من والدتي .
قالت
– أني آسفة لان الفرصة لم تسنح لي لمقابلتها .. فقلما كان يأتي سبانس على ذكر والدته التي توفيت عندما كان لا يزال في المدرسة الثانوية فهل يتكلم عليها ألان ؟
قال
– كنا نأكل الكثير من الكعك عندما كنا أولادا وكان قد مضى وقت طويل قبل ان ألاحظ أنها ليست لذيذة الطعم فحسب بل أنها لا تكلف كثيرا أيضا .
وأمال برأسه وقال
– أصغي .
توقعت شرلي سماع هدير طائرة انقاد على الأقل وخصوصا من جراء وضعية التركيز التي اتخذها لكن في الواقع لم تستطع سماع شيء واستسلمت أخيرا فسألته – ماذا يفترض بي ان اسمع ؟
قال
– الريح لا اثر لها .
كان محقا فقد كانت الريح تعصف حول الكوخ بانتظام طوال النهار حتى أنها اعتادت صفيرها . عرفت ان شيئا قد تغير لكنها لم تحدد ما هو .
قال سبانس بمرح
– لربما ذلك يعني ان موجة من الدفء آتية .
ربما كان الوصف مجرد اقتراح لكن شرلي شعرت بدفء أكثر فقالت
– ان الوضع مريح أكثر هنا اليس كذلك ؟
قال
– كان الموقد يمضي وقتا ممتعا بالبقاء مشتعلا طوال الوقت لابد ان تكون جدران هذا المكان كالمنخل .
وتناول القدر من على الموقد وعرض على شرلي المزيد اومات له وهي شاردة الذهن وأخذت تراقبه وهو يسكب الطعام في صحنها ثم قالت
– حسن لم يئن قط ليكون منتجعا شتويا .
قال – أتعرفين لا استطيع مطلقا تخيل شارلوت الأنيقة تخيم هنا فمجرد التفكير في ذلك يجعلني ارغب في الضحك .
قالت
– آه أنها لا تفعل دلك . هذا المكان ملاذ مارتن .
قال سبانس بحدة
– بالطبع ألان وقد فكرت في ذلك فلا يبدو الأمر مفاجئا .
قالت شرلي وقد نفد صبرها
– انظر يا سبانس اعرف ان رأيك في شارلوت ليس حسنا لكنك لست منصفا تجاهها فالجلطة التي أصيبت بها قبل بضع سنوات قد جعلتها حقا شخصا مختلفا فهي لم تكن قاسية من قبل .
رفع يده وقال
– ليس ذلك ما قصدته تماما على اي حال دعينا لا نتشاجر حول دلك الليلة اتفقنا ؟
أخذت شرلي تحرك الطعام بطرف الشوكة وقالت بحزن – اتفقنا
؛ لكنها حقا ليست غلطة شارلوت فالجلطات تفعل ذلك في بعض الأوقات فتسبب تحولا في الشخصية ومهما كان دلك فقد كانت طيبة جدا معي بالطريقة التي أخذتني بها ...
قاطعها قائلا
– أنها خالتك ماذا تتوقعين غير دلك . وماذا كان الناس ليظنون بها لو أنها تخلت عنك؟
قالت
– حسن لو أنها فعلت دلك لكان الأمر مفهوما جدا ففي تلك السنة أصابتها الجلطة الدماغية وما من احد كان يتوقع بالنظر الى سوء صحة شارلوت ان والدتي هي التي ستموت أولا تنهدت ثم أضافت
– على كل حال ان أخر شيء كانت شارلوت بحاجة اليه هو مراهقة طائشة وصاخبة تدخل حياتها .
هز سبانس رأسه .
قالت
– وماذا يعني ذلك ؟
أجابها
– لست صاخبة ولا طائشة ليس انت يا شرلي ولن تكوني كذلك أبدا .
وأشعلت نبرة صوته المنخفضة والتي خالجتها تقريبا ارتعاشه غير ظاهرة قلب شرلي فقد بدا صادقا جدا ....
استطاعت القول
– شكرا ؛ اعتقد ...
ابتسم سبانس وقد جعل ضوء الشموع أسنانه تشع بياضا وعينيه تتراقصان إشراقا ليقول
– لقد عنيت ذلك .
لطالما امتلك ابتسامة جميلة لا صححت شرلي . بل انه يملك بيانا مفصلا حول ذلك يتراوح بين ابتسامة عريضة لعوب وجذابة وابتسامة بطيئة ومثيرة ...
كانت أنفاسها تقوم بحركات مضحكة كان تبقى عالقة في حنجرتها جاعلة رئتيها تؤلمانها دفعت كرسيها الى الوراء وقاومت بخفة ثم قالت
– سأنظف المائدة كان الكعك رائعا حقا يا سبانس.
لم يعترض وساعدها في تنظيف المائدة ثم أعاد إشعال النار بينما نظفت هي المطبخ .
وجدت شرلي نفسها تتمنى كثيرا وهي تغسل الصحون لو انه قال
– لم العجلة دعينا نجلس هنا فقط ونتكلم لبعض الوقت عوضا من ...
لم تهب الريح ثانية طوال الليل وأحست شرلي ان الصمت السائد في الخارج جعل الكوخ يبدو أكثر عزلة لولا تلك الأصوات الصغيرة التي كان يصدرها سبانس في الغرفة الكبيرة .
قالت في نفسها بينما كانت تأخذ دوشا صبيحة نهار الأحد انه لولا عدم الشعور بالارتباك لوجوده في هذا المكان لكنت مسرورة تقريبا لأنه هنا .
وجدت نفسها تسرع في ارتداء ملابسها ولم يكن السبب الجو البارد في غرفتها فقد كانت متنبهة لوجود سبانس لقد بدا ان زكامه قد تحسن عند العشاء في الليلة الماضية حتى انه لم يعطس ولا عطسة واحدة في خلال الأمسية كلها وبرغم ذلك فقد بقى مستيقظا ساعات بعد ان أوت الى فراشها . وعرفت رغم أنها لم تكن مستيقظة تماما انه قد نهض منذ الصباح الباكر . هل ساءت حاله ؟
كانت هي نفسها تتذمر قليلا وهي خارجة من غرفتها وهي تفرك شعرها المبتل بمنشفة لكن كيف حدث ان نسيت ان مجفف الشعر لا يعمل من دون وجود طاقة لتشغله ؟ ستصاب بزكام من دون شك هي أيضا في الوقت الذي يجف فيه شعرها .
استهلت تذمرها قائلة
– الكهرباء اللعينة لقد زحفت الى حياتنا في شكل مغر جدا حتى أننا لا ندرك كم نعتمد عليها ...
وقع نظرها على سبانس الذي كان يعمل على تركيب أحجية الصور المقطوعة ثانية وقد حبست أنفاسها فعندما دخلت عليه فجأة صبيحة أمس بدا شبه مريض ومتعبا كليا وبرغم ذلك فقد بقى فاتنا أما اليوم فقد عادت بشرته الى لونها الطبيعي تفيض صحة . فيما ان شعر ذقنه الذي كان أمس غير مرتب قد عاد ليظهر اليوم وكأنه محاولة ناجحة لإرخاء لحيته حتى المنامة ذات اللون الأحمر الساطع والتي ظهرت من تحت روبه ذي اللون البني لم تجعله يبدو اقل فتنة .
شعرت بعضلات جسدها تنقبض قليلا استحسانا للصورة التي أنجزها حتى أنها ربما استبقت حصول

روايات عبير / وحدها في شهر العسل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن