الفصل السابع
كانت شرلي ستنهض ببساطة وتغادر الكوخ لو كانت عندها القوة لفعل ذلك لكنها شعرت انها متلاشية تماما وكأنها لن تملك القدرة على الحركة ثانية .
تساءلت لماذا هذه المشادة الخاصة تزعجها الى هذا الحد ؟ انها صغيرة جدا اذا ما قورنت بالمشاجرة الأولى تلك التي وضعت حدا لخطبتهما وفي الواقع ان هذه المشادة ما هي الا تتمة لتلك المشاجرة .
فكرت بطريقة حالمة المشاجرة الأولى لنا ففي خلال فترة خطبتهما التي دامت نحو الشهرين لم يتشاجرا قط لا على خطط الزفاف ولا على تزيين الكوخ ولا على ما سيفعلانه في الوقت الذي يقضيانه معا ...
تجهمت قليلا هل هما لم يتشاجرا قط لأنهما كانا متفقين دائما او ان اختلافهما كان ببساطة غير ظاهر مدفونا ؟ وبدت مشاعر سبانس تجاه شارلوت تشير بالتأكيد الى احتقار كان يجيش في صدره منذ وقت طويل الأمر الذي لم تكن شرلي تشك فيه قط لكن كانت هناك أمور أخرى أيضا وقد بدأت تفكر فيها . ربما انها أمور ليست مهمة جدا بحد ذاتها بالقدر الذي ظهرت به . الم يهتم سبانس حقا بنوعية الإطباق التي اختارتها ؟ أم ان مرونته الظاهرة كانت جزاء من برنامجه غير المعلن . خطة لإبقاء شرلي سعيدة بأي ثمن ؟ هل كانت شارلوت محقة عندما فكرت ان سبانس لم يكن مهتما بــ شرلي لشخصها أنما لكونها قريبة مارتن هدسون ؟
ان كانت تلك هي اللعبة التي يلعبها فان كل شيء قد انهار بالتأكيد ذلك النهار في كوخ البستاني .
قالت في نفسها
– لا أهمية للأمر ألان .
فكرت في المضي الى غرفة نومها حيث يمكنها ان تكون وحيدة وتبكي قدر ما تريد انها تكره ان تكون مريضة لو انها تستطيع فقط ان تزحف الى زاوية حيث تكون بمفردها متفجعة لبرهة ... اللعنة على الأنفلونزا لم عليها ان تصيبها ألان .
قالت في نفسها
– لان مقاومتك ضعيفة جدا فأنها مرهقة متعبة وحزينة .
إضافة الى ذلك ما كانت العلة لتاخد هذه الصورة لو ان أوجاعها العاطفية لم تتحرك وكان عليها ان تعترف انه منذ بضع لحظات عندما قبلها سبانس كادت اللم راسها وصدرها وانقباض معدتها تزول .
فكرت شرلي بالطبع ما من احد قال ان سبانس ليس بارعا في ذلك النوع من الأمور فمنذ لقائهما الاول معا في حفلة رأس السنة كان قادرا دائما على أبعاد أية فكرة أخرى عن تفكيرها تاركا المجال له وحده بحيث يمكنه ان يعانقها بحرارة تجعلها تتوق وتتلهف الى اليوم الذي تصبح فيه عروسه عناقا جعل من الصعب جدا عليها ان تستمر بالتفكير ... أكان هذا السبب هو الذي دعاه يتحول الى وندي ؟ لان شرلي كانت مصرة على مبدئها .
لا تجهدي نفسك بأسئلة سخيفة ان كان هذا هو السبب الذي دفعه الى ذلك . فيجب ان يغمرها السرور على ما ألت اليه الأمور .فأي رجل يعتقد ان ذلك سبب كاف يسمح له بإنشاء علاقة فانه لا يصلح لان يمنح اسم زوج لقد كان ذلك مؤكدا .
مع معرفة كل ذلك فلماذا لا تزال تشعر وكأنها ستبكي نامت في شكل متقطع نحو ساعتين لكن يبدو ان ذلك لم يجد نفعا كبيرا فسواء كانت مستيقظة او نائمة فان أفكارها لا تتغير سمعت نفسها تقول ذات مرة اذا كنت تحبها يا سبانس فلم تقدمت بطلب يدي ؟
اصطدام صدى تلك الكلمات في رأسها جعلها تنهض مرتاعة عن الأريكة لكن ذلك كان مجرد حلم لابد انها كانت تحلم لأنها عندما نظرت الى ما حولها كان سبانس قد أدار رأسه فوق مسند مقعده وقال
– ماذا تريدين يا شرلي ؟
تمتمت قائلة
– لا شيء واستلقت ثانية شاكرة لأنها على الأقل لم تتلفظ بذلك السؤال لكن الارتباك لم يفارقها .
أكان المال هو السبب ؟
التوقع انها ستكون وريثة مارتن وهكذا فانه سيكون متا كذا ليس فقط من توافر العمل له في شركة منتجات هدسون وإنما من سيطرته النهائية على الشركة .
كان قلبها يقول لها لا سبانس ليس ذلك الرجل القادر على ذلك النوع من المكر وبرغم ذلك فقد كانت ستفهم الأمر فيما لو كان هذا هو الحال لقد حصل على القيل من الأمان في حياته حتى منحه مارتن فرصة لذلك أكان من العجب ان نظر سبانس الى الأمام بإمعان وقرر ان يرسخ مركزه بان يصبح المالك التالي لشركة منتجات هدسون أيضا ؟
لكنه لم يفعل ذلك قالت شرلي في نفسها
– فالرجل الذي أحبته لا يستطيع القيام بأمر كهذا لقد كان سبانس مهتما بها فعلا .
كان من الصعب عليها أقناع نفسها بأنها خدعت في هذا الشكل الفاضح .
هزت رأسها بتعب وقالت لنفسها
– الا تكون مخبولة فالرجل الذي أحبته ... وهل كان هو أيضا الرجل الذي ما زالت تحبه برغم كل شيء .؟
غمرها أحساس عندما واجهت ذلك السؤال كالهزة الأرضية ليحرك كل خلية في جسدها .
عندما يحب الإنسان بصدق ليس من السهل ان يخفي ذلك الشعور عند أول صدمة محتومة تصاب بها تلك العلاقة الرومانسية وحتى عندما تكون تلك الصدمة الأولى قوية جدا كما صدمت شرلي فان الحب لا يختفي بومضة عين ويمكن ان يظهر ويختفي حسب مجريات الأحداث لكنه لا يجف ويتطاير كما أعشاب الحديقة مع أول نسمات فصل الخريف .
سيتطلب الأمر وقتا لتتغلب على ذلك .
قالت في نفسها ذلك غير مرة في خلال الأسبوع المنصرم لكن ماذا ان لم تكن هناك مدة كافية من الوقت ؟ برغم الحادثة في كوخ البستاني وبرغم فسخ خطبتها برغم الكلمات القاسية والمشاجرات عندما ينتهي كل ذلك تجد نفسها ما زالت مغرمة به ؟
مغرمة به وتريد يائسة ان تصدقه ؟ أكان من الممكن حتى ان تفعل ما طلبه منها ؟
لقد قال لها
– كلمتي موضع ثقة ان كنت تحبينني كفاية .
لكن ذلك أعادها الى البداية مباشرة كان يتوقع منها ان تصدق انه بري لكن ان كان كذلك فيجب ان يكون هناك سبب لما حدث في الكوخ اذا لماذا ؟
ان كان يمكن شرح ذلك فهو لم يخبرها ما الذي حصل فعلا ؟
أغمضت شرلي عينيها وتعمدت ترك أفكارها تعود الى ذلك المساء المشرق عندما كان العالم ما زال جميلا ويشع بالحب والفرح والأمل لقد تركت الباب مفتوحا أم انها أقفلته ؟ لقد استعملت المفتاح الذي يخصها عرفت ذلك لكن هل كان الباب موصدا فعلا ؟
سالت نفسها وما الفرق في ذلك ؟ ان كان يتوقع ان يكشف أمره لما قام باستخدام الكوخ على الإطلاق من الواضح انه كان يشعر بالأمان هناك أكان الباب موصدا أم لم يكن تجهمت شرلي لقد بدا يتشكل في أعماق تفكيرها انطباع غامض ثم اختفى قبل ان تتمكن من فهمه .
دخلت الى غرفة الجلوس الصغيرة ولاحظت وجود المقعد الجلدي المزدوج الجديد ومؤخرة رأس سبانس وشعر وندي الغزير كالشلال على كتفه ...
لا . لم يكن هناك اي خطا في ذلك أيضا كانت وندي بين ذراعيه لأنه عندما قفز على قدميه كادت تسقط على الأرض .
فكرت شرلي لعل وندي خططت ليبدو ذلك على هذا النحو . ربما سمعت وقع خطوات شرلي ورمت بنفسها بين ذراعي سبانس ...
هزت شرلي رأسها وقالت في نفسها انك تتعلقين بقشة وتحاولين ان تجدي له عذرا .
لم يكن هناك بكل بساطة وقت لدي وندي لتتدبر ذلك المشهد الامل المفقود وأيضا لم يكن هناك شيء يظهر ان سبانس كان مكرها على ذلك الوضع لقد صدم عندما واجه شرلي لكن كما بدا واضحا ليس من شيء قامت به وندي في اللحظات القليلة الماضية لأنه في اللحظة التي رأته فيها شرلي حتى قبل ان يعرف انها موجودة هناك بدا مرتاحا جدا وفي الواقع بدا وكأنه كان يجلس على المقعد المزدوج منذ بعض الوقت و وندي مائلة نحوه .
ماذا قال ؟ لا يمكن ان يستمر الأمر هكذا يا وندي او شيئا كهذا لا من الواضح ان سبانس كان يعرف تماما في ما يتعامل حتى انه لم يكن يحاول ان يفكر في حبيب منبوذ كان الأمر واضحا وكأنه كان يضع قانونا . برغم ذلك لم يكن يبدو نوعا ما وكأنه يصدر أمرا كانت هناك نبرة من الألم الحاد في صوته وكأنه كان يقدم تضحية مؤلمة جدا .
لكن اذا كان يحب وندي ...
شعرت شرلي بصراع في رأسها فقالت في نفسها على ان أتوقف عن هذا علي ان اخرج من هذه الدوامة .
تركت رأسها يسقط على مساند الأريكة الخلفية واعترفت انها تستطيع ان تربط معا كل الأعذار المنطقية التي تعجبها لكن حتى ذلك فلن يحدث اي تغيير وان تجادلت في ذلك الشأن في دخيلتها لأسابيع فسيبقى عقلها يملي عليها أمرا فيما قلبها يملي عليها أمرا أخر والحقيقة انها كانت تريد ان تصدق قلبها .
فكرت ذاك لأني ما زلت أحبه لا فرق لما يحدث او لماذا كان هناك معها فانا ما زلت أحبه .
تأوهت بألم فنهض سبانس عن مقعده واتجه نحوها ليضع يده على جبهتها .
قال
– لا تبدو حرارتك مرتفعة ما رأيك في بعض البرتقال ؟ اعتقد انه ما زال لدينا بعض منه .
اومات شرلي برأسها ونهضت حتى أصبحت شبه جالسة على الأريكة فقد جعلها ذاك الجهد تصاب بدوار وعندما عاد سبانس أعاد ترتيب الوسادات خلف ظهرها لتجلس في شكل ملائم .
ملا سبانس ألكاس بالعصير وقدمه أليها فابتلعت شرلي نصفه تقريبا دفعة واحدة ثم لاحظت انه طوال مدة تناولها العصير سيبقى سبانس جالسا الى جانبها لذا قررت ان ترتشف البقية رشفا .
بالطبع ان هي أطالت فعل ذلك فلا بد ان يقول شيئا اليس كذلك ؟
لم يكن تفكيرها واضحا انها بالتأكيد لا تمتلك سرعة بديهة ولا قدرا مؤثرا من التبصر النفسي تجاه مشكلاتها وقد أزعجها افتقارها الى ذلك وقبل ان تتوقف عن التفكير قالت بفظاظة
– أريد ان أصدقك لكن كيف يمكنني ذلك ؟
اعتقدت لحظة انه سيتجاهلها كليا لكنه قال
– لا جواب عندي عن سؤالك يا شرلي فإما ان تستطيعي تصديقي او لا . هل انتهيت من تناول العصير ؟
قالت
– لا لم انته .
وضغطت على ألكاس وكأنها تريد سحقها ثم أضافت
– سبانس أرجوك اخبرني فقط ما الذي حدث ؟
زم شفتيه وقال بصوت هادئ
– لن يجدي نفعا اذا أخبرتك لكن بالطبع ستزداد الأمور سوءا .
أنت تقرأ
روايات عبير / وحدها في شهر العسل
Romanceالملخص: - لو انك أحببتني لكنت وثقت بي . هل كان كل احد في منطقة هاموند يعرف ان سبانس غرينفيلد على علاقة بسكرتيرته ؟كل احد ما عدا شرلي . زوبعة مغازلة سبانس جرفت شرلي من قدميها وقد كانت شغوفة ومغرمة به حتى الجنون . ولكن ذلك كان قبل دخولها الى منزلهم...