يوم...كَ فتاه القرية

604 4 2
                                    

قصة قصيرة
‏⁧‫#حنان_وليد‬⁩
يوم ... كَ (فتاه القرية)
منذُ نعومةِ اظافرها لطمها الموجُ العاتي ليسرقَ الحضنَ الدافئ في حياتها لتربى بدون أبٍ .. أغتالتهٌ رصاصةٌ طائشةٌ في أحد ِِليالي أعراس قريتها البائسة، (تلك القريةُ التي خُنقتْ في عصر الحضارة وتم وأدها)، ضاقَتْ ذرعاً بالجيل الجديد، وعاداته، وهم أيضا  (ذاك الجيلُ المملوء بالأفكار الجديدة) ضاق َبعاداتها وتقاليدها البالية ،(لتذهب فتاتنا هذه) ليتكفلها عمُّها كبيرُ القلب صغيرُ العقلِ (تقلقهُ) الكلمة العابرة؛ ينفعلُ ويصبُّ جامَ غضبه (في أي موقف يستعصي عليه حلَّه) على أمها (لا وحول ولا قوة)هكذا هو !!(طيب القلب وعصبي وكريم جداً)!!.
ليأتي اليوم الذي يتعارض فيهِ دخولها الجامعة وعادات قريتها ،عمُّها أسهدَ ليلهُ التفكيرُ ،(مترردٌ، ومحتارٌ، قليل الحيلة قلبهِ معها) يقولُ في قرارتِ نفسه: ابنةُ أخي ولم تفعل شيءً أخجلُ منهُ، ولكن!! كيف سأواجه شيخ القرية وكبيرها؟! أخافُ إن عارضتهٌ أن يمنعَ رجالَ القرية من التعامل معي بتجارة الأغنام (يتمم صامتاً). سيطردني من القرية ومن داري !! أين سأذهب عندها ؟؟
وفي خضم الأقاويل ما ستتناقلهُ نسوةُ القرية، ومابين أحاديث رجالها في مجالسهم التي مُلئت بدخان السكائر وعلامات الاستفهام والشك!!.
لم يكُفَّ دمعُها عن السريان بحسرةٍ لتُطلقَ آهاتها لعلها تعانق ابواب السماء فيستجابُ (لها). ،ليأتي اليومُ الذي لطالما ارتعدَ عمها من قدومه ،ليسألهٌ الشيخ (مُحققاً) : هل صحيح ان ابنه اخيكَ ستكمل الدراسة في بغداد؟!
ليجيب الشيخُ عنهُ ناهرا : ًأكيد رفضت !!!!
ليتلعثم (العمُّ) لا يعرف كيف يُخرجُ الحروفَ من حباله ِالصوتية لجيب !!! ،ليقفَ شابٌ وقد نماَ شاربهٌ الطويلُ مفتولَ العضلات جميلَ الملبسِ يرتدي بنطالاً وقميصاً خلاف زي القرية(الدشداشة ) لهٌ عينين عميقتين مع لحية غير مرتبة ليقفَ و(يجيبُ بالانابة): نعم شيخ ستذهب آمنةُ لبغداد برفقتي أنا ايضاً عَليَّ الذهابُ لبغداد(حيث قٌبِل حديثاً بالكلية العسكرية في بغداد)
ليعمَّ الصمتُ أرجاء مجلس الشيخ وأصواتُ الهمس تنخر الجو من كلام الشاب هذا ،كيف يتكلم بدون اذن الشيخ !! يالهُ من صلف وقح ، (فيجيب الشيخ): إذا كان الأمر كذلك! عليكَ بالزواج بها لتحلَّ لكَ وخذها حيث تريد! ،نعم (أجاب الشاب) سأخطبها إذا كانت تودُّ ذلك. لينهض الشيخ تاركاً المجلس ويقفُ الجميع أحتراماً لهٌ ،ويتركَ المجلس بعدهٌ أحمد على عجل، لتنشغل القرية(بالنميمة) وتتكاثرَ الأحاديثُ؛ ماذا سيفعل الشيخُ؟ وما هو قصاصهُ من بيت أبو أحمد؟ وماذا يقرب لهم؟
ليمضي يومان من القلق والترقُّبُ واللوم الذي كالهُ أبو أحمد لولده أحمد، كيف! وكيف! ،ليرسل الشيخ أحدهم لأبو أحمد فيقول له: شجاعة أبنه أحبها الشيخ ولكن الطريقة أزعجته كثيراً، ويقول إن رغب هو وابنة أخيكَ فليذهبا إلى بغداد ،وهنا يناديها عمها (يقول لها مستبشراً): رتبي أغراضكِ وأمك وأذهبي لبغداد ،لتزل وأمها في بغداد وقد سبقهم لها أحمد وقام بتجهيز دار مستأجرة بالادوات المطلوبة ، لتلتحق مع الدارسين وتمضي الايام ملفوفةً بالهدوء تام والسكينةُ تشعُّ من روحيهما  ،لتلقى نفسها قد وافقت على زواجها من أحمد عند الاجابة عن سؤال عمها، وقد تورَّدتْ وجناتاها خجلاً، ليقام العرس وتزفُّ على حبيب طفولتها ومنقذها ،فيشقان حياتهما معتمدين على راتبهٌ بعدما تخرج واصبح ضابطاً وهي مهندسةٌ  (لأحدى دوائر الدولة الهندسية) وتمضي الأشهرُ بفرحٍ وسرور هي وزوجها العتيد لتخبره نبأ حملها فيجنُّ فرحاً وقد اكتملَ حملها لترتفع بطنها ويكبر الجنين وفي يوم ولادتها يأتي خبر أستشهاد زوجها (زفَّ شهيداً ليلحق بركب الشهداء) كلمات قيلت في مأتمهِ من قبل اصدقائه ومسؤول وحدته ،ليتركها وطفلتهٌ التي لم تبصرها عيناه ،ما اشبة البارحة باليوم يالهي!!  لا اصدق!!  أحمد لا لا  قد عاهدني أن أحيا سعيدةً! كيف تركني ورحل الى طريق لايعود منه المسافرين!؟ (تردد آمنة في سرها بعض الاحتجاج) رحلت ...على عجل لمدينة البكاء لم يودعني!!...لم يقل لي أحبكِ !! زرتك يا أحمد في ضريحك ...
ذات مرة خلسةً فوجئت لا باب لبيتكِ، لا جدران، حروفٌ خُطَّتْ على الحجرِ لتُعنوِنَ للضريح إسمه وتاريخ مجده،                                             هنا يرقد بسلام حبيبي وقلبي (أحمد)! قد تأكد يقينك يا حبيبي في الملأ الأعلى، وما عاد لنبضك مكانٌ في دنياي الكئيبة بعدكَ. ليعيدها عمها وابنتها ذات الاشهر للقرية رغم أنفها، محطمةً وحيدةً تعلو وجهها عبوسةٌ تقف الدموع على طرف عينيها، أيُّ كلمة تجرحها، مهزومةٌ تغلغلَ الحزنُ كيانها بصمت، وبقلبُها المفطورُ، أحتلَّ الحزنُ جسدها وأقامَ به كوطن لهما، لتتفاجئ في أحد أيامها المتشابهةُ أنَّ عمها يجبرها أن تتزوج من أخو أحمد (مصطفى)!! لم تقوى على الرفض، وتنصتُ خاشعة مستسلمةً لكلام عمها عن العادات والتقاليد المقيتة في هذه القرية الكئيبة، وكيف سيحافظ هذا الزواج على أبنتها ،ما أصعب العيش مع القيود وضعها الاخرين بحججٍ مختلفة! تقيدنا تدمينا رغماً عنا غير آبهةٍ  بعذاباتنا وبكم الألام التي سنواجهها!! كيف سنحيا بعد الخضوع لها !!
لتزف عليه بجسدٍ دون روحٍ وتوقع موافقتها بحكم العادات والتقاليد البالية
..........أنتهى........

قصص قصيرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن