دعوة ابراهيم عليه السلام لقوم حرّان في بلاد الشام

415 12 0
                                    


خرج إبراهيم عليه السّلام من قومه وليس معه إلا شخصان، زوجه سارة وابن أخيه لوط عليه السلام فصار يتنقل في أرض الله تعالى داعياً إلى الله غير مكترثٍ بالقِلّة.
سار إبراهيم ومن معه حتى وصلوا إلى أرض حرّان في بلاد الشام, قال عز وجل :"ونجيناه ولوطا الى الارض التي باركنا فيها للعالمين" أي ارض الشام. وكان أهلها يعبدون الكواكب من دون الله فدعاهم إبراهيم إلى توحيد الله تعالى وترك ما هم عليه من الشرك :قال عز وجل :

" وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ*فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ *إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ *وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"
فيه أن الله عز وجل أراه ملكوت السموات والارض أي عظمة الله تبارك وتعالى في خلق السموات والارض ليكون من الموقنين أي ليثبت فؤاده ويزيد ايمانه بالله تعالى ويعظم يقينه بالله جل وعلا.ومن أهل العلم من فسر الملكوت بالربوبية والإلهية.
وفيه مناظرة ابراهيم عليه السلام بينه وبين قومه واقامة الحجة عليهم , فبين لهم عجز أولائك الاله الباطلة وأنها تغيب مرّة وتطلع مرّة فأنا لها ان تكون ربا والها تستحق ان تعبد , فان الاله الحق لا يغيب عنه شئ ولا تخفى عليه خافية بل هو القائم على كل نفس, الباقي بلا زول , لا اله الا هو لا رب سواه.

وقول ابراهيم عليه السلام في مناظرته مع أولائك الضلال : "هذا ربي" إنماعلى وجه التّنزُل مع الخصم وعلى سبيل الاستفهام المُشبع بالتوبيخ والإزدراء, أي كأنه يقول لهم :لننظر إلى هذه الأجرام والكواكب هل تستحق الربوبية كما تدّعون؟! فإنه لا ينبغي لعاقل أن يتخذ إلهه هواه، بغير حجة ولا برهان , كقوله عز وجل : "أفإن مت فهم الخالدون".
فبدأ ابراهيم عليه السلام بالكواكب الصغيرة ثم الأكبر فالأكبر وكان ينتظر حتى تذهب وتنطفئ ليُظهر حجته على قومه وليبيّن أن فيها عيبا مشتركا واضحا جليّا لا يخفى على أولي الفطر السليمة ,وذلك أن المعبود لا بد أن يكون قائما بمصالح من عبده، ومدبرا له في جميع شئونه، فأما الذي يمضي وقت كثير وهو غائب، فمن أين يستحق العبادة؟! 
وهل اتخاذه إلها إلا من أسفه السفه، وأبطل الباطل؟!

ولا يظن ظان ان ابراهيم عليه السلام اعتقدر في ربوبية هذه الأجرام , بل بلا يظن ذلك إلا واهٍ مُتعثّر الفهم , وذلك من وجوه :

1. ان الانبياء معصومون عن الشرك وذلك ان الله عز وجل اصطفاهم لدعوته وليخرجوا الناس من ظلمات الشرك الى نور التوحيد وقد اخبر عن ابراهيم عليه السلام : "ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين"

2. ان الله عز وجل ذكر ان ابراهيم عليه السلام انكر على أبيه وقومه عبادة الاصنام إذ قال: "وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين"

3. ان الله عز وجل أراه ملكوت السموات والارض ليعلم عظم الخالق تبارك وتعالى وهذه رؤيا البصيرة والعلم التي تحصل بالتفكر واليقين , كقوله تعالى : " أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض".

4. ان الله عز وجل ذكر في اخر هذه الايات انها كانت حجة لابراهيم على قومه , قال تعالى : "تِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ"

5.أنّه عليه السّلام دحضَ ادّعاءِ المُعاند المُستكبر النّمرود وثلغ رأسه بحجر الحُجّة وأصّل وفصّل أن الله عز وجل هو النفردُ بالخلق والملك والتّدبير

قصص الانبياء عليهم السلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن