مكث الخليل عليه السلام هو وزوجه سارّة في حرّان ما شاء الله له أن يمكث، ثم رحل بعدها إلى أرض بيت المقدس وما والاها ثم ارتحل بعدها إلى مصر وهناك ابتلاه الله عز وجل في زوجه , وهكذا الأنبياء والرسل لا يزالون يُبتلون في حياتهم إلى ان توافيهم المنيّة, وذلك ليرفعهم الله عز وجل عنده درجات ويجعلهم أئمة يُهتدى بهم في الصبر والمصابرة على البتلاءات والحكمة في التصرف في المحن والكربات.
ذكر الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ما مُلخّصه :
أن ابراهيم عليه السلام لما قدم بلاد مصر علم أن فيها ملكا جبّارا فخاف على زوجه ونفسه فقال لها: " إن هذا الجبار ، إن لا يعلم أنك امرأتي ، يغلبني عليك . فإن سأل فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام , فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك" فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار , فأتاه فقال له :" لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي لها أن تكون إلا لك ". فأمر جنوده فسُلبت من ابراهيم عُنوة , فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة لائذاً بالله سبحانه وتعالى يدعو ربه عز وجل أن يحفظ له زوجه، وهل له وسيلة أخرى غير الدعاء في مثل هذه المواقف، وأن يسأل الله تعالى الذي نجّاه من النار أن يحفظه كذلك من وصمة العار. فأدخلها الطاغوت إلى قصره فلما رأها لم يتمالك أن بسط يده إليها لهتك عرضها والاعتداء على شرفها وهي لا تملك حولا ولا قوة لتدافع بها عن نفسها، فلما بسط يده اليها قُبضت يده قبضة شديدة , فقال لها : "ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك" ففعلت ذلك , فعادت يده سليمة كما كانت ثم عاد إلى فعلته الأولى, وكذلك عادة الغدّارين, فلما بسط يده اليها قبضت أشد من القبضة الأولى فقال لها مثل المرّة الأولى فدعت الله عز وجل أن يطلق يده , فعادت يده كما كانت , ثم عاد إلى فعلته القبيحة , قبّح الله وجهه, فقبضت يده أشد من القبضتين الأوليين فقال : "ادعي الله أن يطلق يدي . فلك الله أن لا أضرك" ففعلت . وأطلقت يده, ثم دعا الرجل الذي جاء بها إليه فقال له : "إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر تخدمها"
فعادت سارة معها هاجر إلى ابراهيم عليه السلام وهو يصلّي فأومأ بيده أن ما الخبر , فقالت : " كف الله يد الفاجر في نحره وأخدم هاجر , قال أبو هريرة في نهاية الرواية :فتلك أمكم يا بني ماء السماء.