• الفصل الأول .."في ربيعي ازهرتني سعادة ، في خريفي اهتزت شجرة ثقتي بك فتساقطت اوراقها! وفي بدايات الشتاء تلوعت من برد الفراق القارس! كنت قد تعلمت ان ابكي عليك لكن من غير بكاء.."
في تمام الساعة الخامسه فجرا كانت العصافير قد اطربت المصح واضافت له الحياة السعيدة بدلاً عن الحُزن والاسى الذي كان يطغى على المكان ..
انا مياسين ، احب اسمي كثير لانو لما تسميت عليه كنت اعنيه فعلاً "النجمة البعيده" ، وفعلاً انا جداً بعيده كل البعد عن العالم الاسود تبعكم!
ممكن تكونوا تتسائلوا كثير عن سبب تواجدي بالمصح ، ومتأكده كمان انكم تتسائلوا ، لكن احب احتفظ بهالذكرى البشعه لنفسي لان بعض الناس يشوفوا الحياة حاجه حلوه ومافيها جروح ، وانا شخص مليان جروح وذكريات مميته مع الاسف.. مع اني كنت شخص جداً ايجابي واحب الحياة لكن بقدرة قادر قُلبت حياتي رأساً على عقب، بتقولوا بسبب حُب؟ بجاوبكم ب "لا" و ألف لا! لانو بنظري عُمر الحب ماكان له وجود ، مااعرف هذي قناعتي والقناعات تختلف.
دايماً انفه عن نفسي عن طريق الكتابه و كمان عندي عاده احبها كثير! في كل سنه اشتري دفتر جديد واكتب بأول صفحة رقم السنه وطول هالعام اوثق احداثي الي كان يغلب عليها الاحداث السعيده، لكن قبل شهر دخلت عام جديد بأحداث مُتقلبه كثير وعكس حياتي الي كنت تعودت عليها ، طبيعي! مافي سعاده تدوم...
اليوم فتحت دفتر جديد اللون الابيض طاغي عليه ، معرف كذا حابه تكون كل حاجه بيضاء هه! و كتبت على غلافة -٢٠١٤-من شهر وانا بين اربع جدران وبغرفة يغلب عليها اللون الابيض الي بدا يسبب لي الجنون من كثر ماهو هادي وغامض وكأنه شخص ساكت عليك فتره طويله لكنك عارفه النهايه راح ينفجر فيك ويقتلك تماما لهالسبب كنت على اعصابي واصابني المرض وانا مو مريضه اساساً!
بعد طول عناء من الممرضات ودكتورتي الخاصه قدروا ولله الحمد يطلعوني من هالغرفه المسببه للجنون، طلعت اتمشى ف الاسياب وكنت في عربيه واندف لان حالتي ماكانت تسمح اني امشي طبيعي، شفت بنت بعمري تقريباً تركض زي المجنونه متجهه لي خفت كثير وكشّيت منها ، حكت لي :
اهههلييين وسهلييين نورتي المصح هههه ، انتي جديده هنا صح؟ اول مره اشوفك ، الزبده بقولك كم نصيحه ركزي فيهم زين اول حاجه انسي تماماً انك تطلعين من هالمكان لانه اشبه باللعنه الي تحل عليك من حيث لاتعلميين وثاني نصيحه ترا كل الي هنا تقريباً امراضهم مُزمنه وزي المجانين الا انا طبعاً هههههه (: فخليك بعيده عنهم عشان مايضروك
خفت منها كثير ! لانو واضح ماكانت طبيعيه ابداً! لكن بنفس الوقت ارتحت لها وتحمست اعرف ايش مرضها ، استأذنتها ورجعت غرفتي الي كانت بداية اليوم مرعبتني لكن الحين صارت مصدر اماني الوحيد ، سبحان من يقلب احوالنا كيف مايشاء!
صحيت الصباح على طق الباب شفت الممرضه تدخل وتصبح علي بحكي حلو ، ابتسمت لها ورديت لها هالتصبيحات الحلوه بحكي لطيف ، قالت لي اغسل واتجهز عشان الدكتوره طلبتني للفحص وكمان اني الحين اقدر امشي لحالي بدون مساعده ، جاني توتر كثير لدرجة ان الممرضه لاحظت هالشي وصارت تهديني وتقول اني سليمه بس في بعض الاضطرابات النفسيه بسبب الحاجات الي عشتها ، ريحني حكيها شويتين بعدها قمت وتجهزت وطلعت للدكتوره ، استقبلتني استقبال محترم لدرجة خدودي احمرت من حكيها ، جلستني بالكرسي المقابل لها وصارت تحكيني بحنيه : مياسين ! طالعت فيها بإهتمام للحكي الي بتقوله ، الكتوره : مم احنا لسى مااكتشفنا ايش الاضطرابات الي فيك تماماً صح؟ انا : صحيح! كَملت تمام ، في طالبات تطبيق ميداني جايين اليوم يطبقوا عندنا وحسيتك الشخص المناسب الي يحضروه هالطالبات ، ايش رايك؟
انا صرت افرك يديني من العصبيه والقهر طالع من عيوني قمت من مكاني وصرت اصارخ عليها : احنا اييش؟؟ ايش بالنسبه لكم عشان تجون تطبقون علينا دروسكم !! احنا مو فئران تجارب ههييه صحصحي معااي ! احنا نحتاج المساعده وجينا نتعالج ماجينا حتى يتطبق فينا مواد الجامعيين! طلعت وصبخت بالباب بقوه لدرجة حسيت الدور كله هز من قوة الضربه ، وانا ماشيه نطحوني قروب بنات واضح اشكالهم مرتبه وكانوا البعض منهم تومبويز والبعض ليديز ، من اشكالهم عرفت انهم الطالبات الي حكت عنهم الدكتوره زاد غضبي وصرت امشي تجاههم ولاحظت تعابير وجيههم كيف انقلبت تماماً من الخوف ، جتني الضحكه بصراحه بس كتمتها عشان مااخرب على نفسي لذة التخويف ، تعمدت اطق وحده من كتفها بقوه لدرجة المسكينه لف كل جسمها تجاهي ههههه ، علت صوتها : اعصابك ياحلو! طنشتها ودخلت غرفتي وبدون نقاش انسدحت بسريري واسترخيت استرخاء تاام..
صحيت بعد ساعتين مفزوعه ماادري انا وين جاني دوار لوهله من كآبة الغرفه الي انا عايشه فيها بس تناسيت الموضوع وقمت فتحت الدريشه ، من حسن حظي انها كانت تطل على حديقة المصح الخضراء ، بيني وبينكم ماكنت احلم بإطلاله زي هذي بس الحمدلله شي احسن من لاشي على قولتهم !
افزعني دخول شخص بإزعاج كبير ، نزيت بخوف والتفت وشفت هذيك البنت الي استوقفتني امس عرفتوها؟ قربت مني بدون ولا كلمة وتطالع بعيوني بتمعن وانا بصراحه خايفه من تصرفاتها! بعدت عنها وضحكت من ورا قلبي عشان ماابين لها اني خايفه ، شفيكك دخلتي بوجهي؟؟ حكت وهي مركزه على عيوني كمان : عيونك عميقه! غامضه وهذا الشيء الي مخليها جذابه كذا ، في غابه بعيونك وهالغابه مليانه حكايا ، وراح اعرفهم!
صُعقت وكأن احد اعطاني كف على وجهي ، بلمت مااعرف ايش ارد! شتت عيوني عنها وضيعت الموضوع : ممكن تطلعين ابغى انام ، هي : تبشرين مع ان الوقت مو وقت نوم بس يلا!
طلعت وقفلت النور معاها وانا تمددت ونمت....
صحيت على الساعه ١ونص الليل، دايماً اصحى بهالوقت، احبه! واحب اتأمل السماء فيه، رقيت للسطح عشان اخذ نصيبي من الراحه، جلست وماصارت خمس دقايق الا واحد يجلس جنبي، نزيت بقوه وصرت اطالع فيها احاول اميز الوجه مع الظلام! عرفتها.. من طالبات الميداني، بس ايش جابها هنا؟
.. : اسأليني بوجهي.. مو بينك وبين نفسك.
مياسين : ايش تبغين؟
.. ترفع اكتافها : مو بس انتي تحبين هالوقت! وهالجو..
مياسين : انتي من طالبات الميداني؟
.. : ايوا!
مياسين : ليش للحين جالسه؟ دوامكم ماخلص؟
.. : بلى ، بس شغلي انا ماخلص.. جالسه اشخص حاله..
مياسين بعدم اهتمام : اها..
فجأه حسيت بصوت دافي يدخل جوات صدري يدفيه! حبيت صوتها حبيته! غنت اكثر اغنيه احبها! -احاول- لنوال الكويتيه.. ابتسمت من قلبي من جمال صوتها ..
مياسين : حلو صوتك!
.. : اعرف! لو مو حلو ماغنيت ..
مياسين بضحكه : واثقه ياربي!
.. : اسمي راي..
مياسين : مااذكر اني سألتك عن اسمك ولاتظنين اني جالسه معاك يعني صرنا صحبات!
راي : اوه اوه اوه! بشويش ياحلو..
مياسين بفشله : اسفه ، بس جد انا ماابغى اعرف احد، خصوصاً بهالمكان..
راي : مو مهم، اهم شي انا اعرف اني ابغى اعرفك، مياسين..
مياسين : استغربت كيف عرفت اسمي! بس مااهتمت، لانو بما انها بمثابه الاخصائيات ف اكيد راح تعرفني..
قمت واستأذنتها بلطافه ومشيت.. حسيتها لطيفه وحبوبه! كذا احساس معرف كيف .. بس استلطفتها..