الفصل السابع

6.9K 175 6
                                    


فى يوم الأحد التالى ذهبت شارلوت إلى منزل عائلة سلاتر لتحضر تعميد طفلهم الجديد , و عادت مبكراً إلى المنزل , كانت فيرتى هناك و سيارة غريبة واقفة فى الفناء , أختها مستيقظة فى غرفتها تصنف أشياءها المحفوظة فى دولاب كبير تركته خلفها عند سفرها إلى أمريكا.
" أشكرك لأبلاغى بقدومك" بجفاف قالتها شارلوت و هى تقف بباب الممر ناظرة لأختها الكبرى .
" أتصلت تليفونياً , و جدتك بالخارج " كانت فيرتى راكعة على الأرض تفتش فى دولابها , وجذبت صورة مدرسية كبيرة و قالت :"يا إلهى, لقد نسيت كل ذلك , هل كنت أبدو هكذا بهذا المظهر الفظيع الزى المدرسى؟"
جلست شارلوت على السرير و شاهدتها متسائلة :"هل ستبقين؟"
إستلقت فيرتى على ظهرها واضعة رجلاً فوق الأخرى تنظر إلى شارلوت بسخرية :"ربما لا."
تساءلت شارلوت :"إذن لماذا جئت ؟مؤكد ليس للبحث فى صورك و أشياءك القديمة؟"
"لِمَ لا ؟ أقرر ما أريد الإحتفاظ به." و توقفت لتسخر من شارلوت :"أو ما أريد أخذه معى إلى أمريكا ."
لم تستطيع شارلوت إخفاء لهفتها :"هل أنت عائدة إلى أمريكا ؟"
" بالطبع , عملى هناك , و هناك سبب آخر."
شعرت بالعبارة معلقة فوق شفتيها و نظرت شارلوت إليها و هى تضيق عينيها , كانت لا تستطيع أبداً الثقة فى فيرتى , عندما تسألها سؤالاً مباشراً تتعالى و تفسره وفقاً لصالحها , لكن الآن هناك إبتسامة صغيرة تتارجح على فمها و هى تنظر إلى لهفة و توقع شارلوت ,لذا قالت شارلوت بتردد :"ما هو السبب الآخر ؟"
ضحكت فيرتى ساخرة :"أعتقدت أنك لن تسألى أبداً " و قالت القطة ذات النظرةالناعسة :"فعلاً , كان لابد أن أتزوج منذ زمن "
"تتزوجين!" وقفت شارلوت للحظة مقتنعة أنها تقصد كاريج , لكن الضحكة المنتصرة المرسومة على وجه فيرتى جعلتها تدرك خطأها و جلست ثانية , وقلبها يدق بعنف :"أنت تقصدين أنك مخطوبة؟" منتديات ليلاس
"لا, حبيبتى , لا شئ من تلك السخافات؟"
قالتها و هى تمط الكلمات :"فى هوليوود لا يهتمون بالخطوبة كثيراً , فقط عليكى الأنتظار حتى يتم طلاق الرجل لزوجته , و تتقدمى إليه سريعاً و تتزوجيه قبل أن يستعذب و يستمرأ حريته و هروبه من قفص الزوجية أو يغير رأيه"
قت شارلوت فى رعب :"هل تقولين أن هذا الرجل متزوج فعلاً؟"
ابتسمت فيرتى أبتسامة سعادة حقيقية:" نعم, و أنفصل نهائياً عن زوجته , و سيتزوجنى لقد إصطدته فعلاً و هو مخرج سينمائى - أمريكى."
قالت شارلوت :"وتأخذينه من زوجته, و تحطمى زواجه؟ هذا فظيع !"
" هراء!" نظرت فيرتى نحوها و نفد صبرها :"الزواج السعيد لا يتحطم تماماً كما أن الرجل الذى يحب لا يقيم علاقة مع نساء آخريات"
و نظرت إلى شارلوت بمكر ودهاء :"رجل مثل كاريج هو ليس على علاقة حب معك, فاهمة."
ردت شارلوت :"أنت لا تعرفين هذا" و أدركت إلى أين سيقود الحديث .
ضحكت فيرتى ضحكة رنانة :"ياهـ, أعرف نعم أعرف , لو تفكرين فى الأمر , ستفهمين أننى قلت لماذا , يا أختى العزيزة الصغيرة"
وقفت شارلوت مهتاجة:"لا أصدقك, كاريج لم يكن....لم يكن على علاقة بنساء أخريات"
إعتدلت فيرتى متكئة على أحد ردفيها :"ألم يفعل ؟ لا, ربما هناك مبالغة , لا أقصد نساء آخريات أقصد امرأة أخرى , هى أنا."
إنتهرتها شارلوت و الغضب يشعل وجهها :"انت تكذبين ! هو.....هو يحتقرك"
إعترفت فيرتى :"ربما يفعل ذلك الآن , لكن لم يمنعه من أن يتمنانى, فهو مجنون بى تشارلى , عندما كنا معاً لم يستطيع إبعاد يده عنى , جعلته يهيم عشقاً بىّ , لم يقوى على الأنتظار مثلما حدث تماماً عندما خرجنا لأول مرة وقتها أبعدته , هذه المرة...." توقفت و كأنها ستهوى بسكين :"هذه المرة لم أتمالك نفسى و إبعاده أطول من ذلك." ابتسمت و كأنها تستعيد الذكرى. :"و أنا سعيدة لأننى لم ابعده يا له من ولد مبهر ! بعد ليلة واحدة معه أنا....."
"إصمتى !" خطت شارلوت نحوها غاضبة , يديها مشرعة فى غضب عارم ثم لمحت نظرة حقد و إنتصار فى عيون أختها لذا حاولت تمالك نفسها , تكورت يدها فى قبضة شديدة :"لا أصدقك . أنت تختلقين هذه الحكاية, تحاولين فقط إستثارتى لأفقد أعصابى."
"ولماذا أفعل ذلك؟"
"أنا لا أعرف ,أنت دائماً تكرهيننى- لا أعرف سبب لهذا أيضاً."
" ألا تعرفين؟"رمقتها فيرتى بنظرة غاضبة:"لأن امى دائماً كانت تفضلك علىّ , بالطبع , لم يكن لم يكن لديها وقت لأجلى أو لوالدى عندما كنت طفلة وليدة"
حدقت شارلوت فيها برعب , إتضحت أمامها الآن أشياء عديدة:"لذلك كذبت علىّ فى موضوع كاريج؟"
"آهـ , يا إلهى , لم أكذب , لقد أعلمت عقلى لإصطياده , منك و نجحت , كان الأمر سهلاً جداً."
"لكنك نفذت رأيك بخصوص المنزل ؟ مؤكد أنك ....."
ردت فيرتى بحزم :"لم يكن بسبب المنزل , على الأقل كان ذلك مجرد بداية , لقد قررت أننى أريده لأننى هائمة به , لو أردت أن تعرفى , و وجدته ممتعاً أن أستعيده بعد كل تلك السنوات التى إنقطع فيها عنى , لم يفعل أحد ذلك بى ثم يهرب منى."
" لكنك على علاقة حب مع رجل آخر؟" منتديات ليلاس
" على علاقة حب؟آهـ , أتقصدين ستيف مخرج أفلامى؟" وضحكت ضحكة رنانة:"كم أنت رومانسية بائسة شارلى ! لا دخل للحب فى الموضوع, يجب على الفتاة أن تكون عملية و هى تخطط للمستقبل , ستيف سيكون عوناً كبير لىّ فى عملى "
"لهذا السبب إختطفتيه من زوجته , لكى يمكنك تمثيل أدوار كثيرة أفلام أكثر؟"
و حملقت شارلوت فى إستغراب !
قالت فيرتى ساخرة :"هل هناك سبب أفضل؟ مهنة التمثيل و عالم السينما, عالم فتاك بصراعاته , سأقول لك , أنت تحتاجين كل شخص ليقف بجوارك قدر ما تستطيعين , بالأضافة إلى أن زوجة ستيف كانت تضمر لىّ الحقد و تكيد لىّ منذ أول مرة ألتقينا , لذا فهى تستحق كل ما جرى لها."
صاحت شارلوت :" أنت بلا قلب ! ألا يهمك أحد أو شئ؟"
" أنا يهمنى عملى فط , هذا كل شئ , أريد الوصول إلى القمة قبل فوات الأوان"
قالت شارلوت :"تقصدين , قبل أن يتقدم بك العمر , هذا ما تخافين منه , أليس كذلك؟ أن تفقدى جمالك"
"أنا ممثلة و ليست لاعبة تـُنسى , و مازالت فى الثامنة والعشرين! لكنى أريد إعتلاء القمة بينما مازالت صغيرة , نعم , أقول لك هذا , لن يقف أى شئ فى طريقى."
"و ماذا يحدث عندما يقابل هذا الرجل الذى تنوى الزواج منه فتاة أخرى , أصغر منك, عندما يهجرك , و تصبيه بالملل؟" تساءلت شارلوت بفضول و مكايدة "هو حتماً سيكتشف أنك لا تحبينه و....."
" لا, لن يكتشف , أنا واثقة من ذلك , عندما يتزوجنى سأعمل على إرضائه و إشباعه بحيث لا ينظر أبداً إلى امرأة أخرى , مالم تفشل أفلامه أو يأتينى عرض أفضل, طبعاً"
نظرت شارلوت إلى أختها و أدركت كم أصبحت قاسية , للحظة شعرت بالشفقة عليها و قالت:"أشعر بالأسى لأجلك فيرتى, حتماً سيكون جحيماً لا يطاق عندما تسيرى فى الحياة بدون حب"
ردت فيرتى بإستهزاء :"آهـ , لكننى لا أستطيع الحصول على الحب كما أريد , بما فيه حب كاريج , وقتما أريد , لكن لا تقلقى , سأتركك تستردينه عندما أنتهى منه , فقط لا تظنى أنك سترضيه و تشبعينه الآن , لأنك لن تستطيعى , و لا أحدغيرك لأننى له الآن"
تخاذلت شارلوت و هى تستوعب تعبيرات فيرتى التى تركز على (الآن) فى حديثها عن كاريج , و قالت :"ما زالت لا أصدق , آخر مرة كان كاريج هنا...نحن...نحن... تصافينا"
" تصافى , تفاهم؟ يا لها من دنيا ! لكنه لم يستودعك نفسه, هل فعل؟ لن يفعل طالما أنا موجودة , ربما يحتفظ بك تحومين حلوه ولهانة به إحتياطياً لوقتما أهجره , و يقرر الإكتفاء بالخسارة الثانية , فوق كل شئ لتذكرينه بىّ."
فجأة شمل شارلوت غضب عارم و قالت بإحتقار :"يا إلهى! كم أنت مغرورة لعينة وتعتقدين كل الناس تنحط لمستواك , حسناً , كاريج ليس هكذا , و لا أنا , و أنا فقط أرجو لك النجاة فيرتى , أنت ممثلة قديرة جداً , عدا ذلك فإن زوج المستقبل سيفهم مكائدك و لدغاتك السادية ويطردك خلال شهر , لو كان لديه إحساس , و الآن هل تأخذين ما جئت لأجلة و تذهبين؟"
سخرت منها فيرتى :"عيب....عيب , أصبح لك مخالب يا أختى الصغيرة , كل هذا بسبب غيرتك منى و من كاريج؟"
" أنا ليست غيورة , لأننى لا أصدق كلمة واحدة منك , كاريج أخبرتى أنه لا يريدك و أنا أصدقه و لا أصدقك"
"هل يريدنى الآن يا له منولد فاجر , يحافظ على خياراته مفتوحة , لذا أظن أنه لم يخبرك , إذن, لقد طلب منى الزواج"
كانت شارلوت قد بدأت تخطو نحو الباب , لكن كلمات فيرتى أوقفتها متهالكة , و إلتفتت بوجههاالشاحب :"لا , لا , أنا , أنا لا أصدقك."
وخرجت
تهكمت فيرتى :"لا, لماذا لا تسالينه ؟ آهـ , طالما أنك مصممة , أساليه إذا كان هناك ندبة أثر جرح غائر على فخذه الأيس أم لا.... بأعلى فخذه ندبة لم تكن به عندما كنت أعرفه منذ ست أعوام نعم" و واصلت حديثها و عيناها تشع وميض النصر مصوبة على وجه فيرتى:"فعلاً توجد طريقة واحدة فقط ذلك , أليس كذلك؟"
بالنسبة لـ شارلوت كانت الأيام القليلة التالية جحيماً حقيقياً ,مهما حاولت لطرد إتهامات فيرتى من عقلها, لا تستطيع , كانت قد أتفقت مع كاريج على لقائه فى لندن مع نهاية الأسبوع لكنها تلهفت رؤيته و الأطمئان على قوة أرتباطه بها , حاولت مئات المرات إلتقاطت سماعة التليفون لتحادثه ثم تمنع نفسها لأنها تعرف مهما حاولت ستعجز عن تجاهل الشكوك التى غرستها فيرتى فى عقلها ثانية , و كاريج ليس ساذجاً , سيلمح و يخمن و يتهمها بعدم ثقة فيه.
لكن ما أطلقته فيرتى تكفى لغرس الشكوك فى عقل أى إنسان , هكذا فكرت شارلوت البائسة . خصوصاً تلك الأشواك على طلب كاريج الزواج من فيرتى , الأشد هولاً عن الندبة أعلى فخذه , فيرتى واثقة جداً, ربما لا تستطيع إختلاق شيئاً كهذا , واثقة تماماً أنه شئ لن تستطيع شارلوت معرفتها بنفسها...هذا مؤلم , و كيف تتأكد ؟ فأنت لن تستطيعين إلتقاط سماعة التلفيون و تسالين محبوبك عما إذا بأعلى فخذه ندبة لأنك تريدين معرفة ما إذا كانت له علاقة مع امرأة أخرى أم لا . منتديات ليلاس
منتديات ليلاس
عند هذه الفكرة بدأت و تمنت أن تنفجر دموعها الحبيسة , كانت تتطلع لرؤية كاريج يوم السبب , والآن أفسدت فيرتى سكينة و هدوء عقلها ثانية.
فى يوم السبت ركبت شارلوت القطار إلى لندن , كان كاريج قد وعدها بالإنتظار على المحطة, و إتفقوا على اللقاء عند كشكمتعهد الصحف, وصل القطار مبكراً عن موعده قليلاً, لكن كان كاريج واقفاً على الرصيف فى يده صحيفة يتفحصها دون تركيز و يحدق فى ساعة المحطة الكبيرة , وقفت شارلوت عدة دقائق خارج دائرة نظره , تشاهده و تستجمع شجاعتها لهذا اللقاء الذى طالما إنتظرته ليقود إلى بداية جديدة , بدا كاريج وسيماً , إلتفتت أكثر من امرأة ينظرن إليه , شعرت بفخر و هى تراه ينتظرها هى. نظر إلى الساعة مرة ثانية ثم على الرصيف , خطت شارلوت بحيث يمكنه أن يراها , إعتدل فوراً , وشد كتفيه كما لو كان يواجه تحدى أو خطر , أرادت أن تجرى نحوه و تتعلق بذراعيه لكنها أرغمت نفسها على السير بهدوء تجاءهه و تحيه :"مرحباً كاريج."
"مرحباً حبيبتى" وضع يده على ذراعها و جذبها ليقبلها
ردت له القبلة وجدت نفسها تنظر إليه بتركيز محاولة إكتشاف علامات إتهام , ثم تراجعت عندما أنتبهت لما فعلته , موهت عليه بضحكة :"آهـ , الجميع ينظرون إلينا!"
رد كاريج:"إذن دعيهم ينظرون" و قبلها ثانية :" هم فقط يغيرون منى" و وضع ذراعه حول خصرها , و مشوا خارج المحطة, يتجنبوا إندفاع القادمين بسرعة للحاق بالقطارات :"كيف كانت رحلتك إلى مانشيستر؟"
تسألت شارلوت محاولة إبعاد خيط الحديث عن المسائل الشخصية.
"طيبة جداً, إتفقنا على شغل ثلاث وظائف , واحدة منهم وظيفة كبيرة حقاً , مرموقة"
إستمر حديثه عن المشروع حتى وصلوا إلى سيارته الواقفة فى طريق جانبى , بمجرد ركوبهم أخذها فى حضنه و قال :"الآن , دعينى أرحب بك"
كانت قبلته حارة جداً مؤثرة , و تماسكت لعدة دقائق قبل أن تستلقى لتستريح على صدره , ترد له قبلته :"آهـ , كاريج , غمغمت :"أتمنى...." توقفت و عاجزة عن صوغ إشتياقها فى كلمات.
"هممم, أعرف ما تقصدين" قبلها ثانية و إبتعد متردداً عنها :" جائعة؟ "
"أموت جوعاً !"
"حسناً, حجز مائدةالساعة السابعة و نصف إعتقدت أنك ربما تحبين تجربة شئ مختلف , لذا إخترت بار جديد فـُتح حديثاً , قريب جداً من شقتى , لم أذهب إليه من قبل, لكن نعض جيرانى ذهبوا إليه , قالوا أنه جيد, صاحبه يركز على تقديم الطعام أكثر من تركيزه على الديكور مما يجعله تغييراً مبهجاً, أليس كذلك؟"
" طبعاً , يبدو رائعاً " وافقته شارلوت بحرارة أنهما سيذهبان إلى مكان جديد , مكان يُحتمل إلا تكون فيرتى ذهبت مع كاريج إليه .
ابتسم و وضع يده على ركبتها فى إيماءة لأشعارها بحبة :"أظن أننا بعد ذلك يمكننا العودة لشقتى لتناول كأس و ننام."
كانت شارلوت ممتنة لأنه ترك الخيار مفتوح لها , أو أنه مجرد إختبار ليعرف مدى ثقتها به , الآن, حانقة على نفسها , دفعت الشكوك جانباً , كما حاولت إبعاد كل المخاوف المزعجة التى زرعتها فيرتى بقسوة , لا شئ يمكنه إفساد الليلة , لا شئ . عندئذٍ إبتسمت لـ كاريج , تحركت لتقترب منه :"هذا سوف يكون....لطيفاً"
لم يستغرق الوصول للمطعم وقتاً طويلاً , كانت ساعة ذروة الزحام عند إشارات المرور لذا إختار السير فى الشوارع الجانبية.
سألته :"منذ متى تعيش فى لندن ؟ "
" تخرجت من الجامعة و بدأت العمل,فهى مكان عظيم ليعيش المرء بها" تحدث بحرارة جعلت شارلوت تتطلع إليه
"لكنك تحب الريف أيضاً , أليس كذلك؟ قلت أنك تحب بناء المنزل قرب تلال بركشاير"
"هذا صحيح , لكن ذلك ممكن أن يحب الرجل مكانين مختلفين , حتى يعيش نمطين من الحياة مختلفين"
قفزت الفكرة فوراً إلى رأسها , و يحب امرأتين مختلفتين تماماً ؟ و هى تحدق فى جانب وجهه متساءلة عن مدى إختلافهما هى و فيرتى ليمكنه أن يحبهما معاً , فيرتى بسبب حنكتها و شارلوت لتلائم هدوئه الزائد وحبه للريف.
" هاى , إستيقظى؟"
خدشها بإصبعه و قفزت هى :"ماذا؟ آهـ , أسفة , هل قلت شيئاً؟"
أجابها :"قلت ثلاث مرات نحن هنا"
"هل نحن؟ أنا.....أنا كنت بعيدة جداً"
إبتسم كاريج :"فقدت الإتصال بك"
ضحكت و ألقت بنفسها عليه تقبله :"لا ....لم تفقد"
و عيناه تحتويانها :"حسناً , بدأت أقلق"
هى تعرف أنه لم يكن يتحدث عن اللحظة الحالية , لكن عن الأسابيع الآخيرة الماضية منذ وفاة أبيها , منذ جاءت فيرتى للمنزل , و مسحت بيدها وجنتيها :"أعرف,آسفة"
تصفح يدها بلطف و قبل كفها و مازالت عيناه فى وجهها
"هل كل شئ على ما يرام الآن؟"
أومأت مطمئنة بقربه :"نعم , اعتقد ذلك"
إرتفع حاجبيه و بدا راضياً :"حسناً لندخل و نأكل إذن, أليس كذلك؟"
كان كلاً منهما مسروراً و سعيداً بالمطعم , كان صغيراً ذا جو دافئ وودى , لكنه مزدحم بالموائد المترصة غير المتباعدة بدرجة كافية لتبادل أحاديث غير مسموعة , كان وقت العشاء ما قبل رفع ستائر المسرح , لذا جلسوا على البار فترة فى إنتظار خلو مائدة .
"كيف حالك؟" سألها كاريج :"أنا قلق لأنك تقيمين وحدك فى هذا المنزل الكبير"
أجابته :"يجب ألا تقلق , أنا بخير , والتليفون دائماً بجوارى ,لو قلقت يمكننى الأتصال بأحد الجيران"
سألها :"كم يبعد تحديداً أقرب منزل؟"
ضحكت حتى شهقت :"و هو كذلك... ميل و نصف , لكن شخص ما يجب أن يأتى عادة"
" مازال الأمر يقلقنى" إلتفت عندما أحضر الجرسون المشروبات و قال :"أخشى أن تحدث بعض الهزات بمجرد بدء العمل , يجب عليكى أن تخرجى من المنزل الرئيسى و تقيمى فى أحد الأجنحة مؤقتاً"
أجابته :"لا يهمنى , و كما قلت من المفيد وجود أحد هناك ليراقب العمل"
قال كاريج :"حسناً, يحتمل أن يوفر لىّ قدر كبير من الوقت , اعرتف" و تنازل كأسه :"هل غيرت رأيك بشأن إمتلاك شقة فى المنزل , كان أمامك وقت طويل للتفكير."
هزت شارلوت رأسها :"لا, لا أريد الإستمرار فى العيش هناك فى تلك الأجواء , منالأفضل الإنتقال بعيداً لأبدأ بداية منعشة."
ظهرت نظرة إبتهاج فى عيون كاريج:"أعتقد أنك على حق , أعرف أنه كان قديماً و جميلاً و أنت تحبيه , لكن رغم ذلك , أخذت إنطباعاً بأنك لم تكونى أبداً سعيدة هناك" "كان جميلاً عندما كانت أمى على قيد الحياة ." منتديات ليلاس
قطبت جبينها فى محاولة لإستيطان مشارعرها :"ربما هذا هو السبب فى كونى كنت ضد تغيره , فهو يحفظ كثيراً من ذكريات أمى, الآن ستضيع كلها"
قاطعها :"لا , لن تضيع إذا كانت محفوظة فى قلبك."
رمقه بنظرة خاطفة , مندهشة , من هى التى يحفظها فى قلبه , بعدئذٍ هزت رأسها :"الذكريات تبدو و كأنها تتلاشئ بسهولة , خصوصاً تلك التى عشتها و أنا صغيرة , لكن عندما أتجول حول المنزل دائماً أتذكر أمى جالسة فى مقعد بجوار النافذة , تحيك الثياب أو تعمل فى الحديقة , التى كانت تحبها"
ظلت صامتة لدقيقة تفكر فى قربها من أمها متجاهلة فيرتى و أباها....
ثم واصلت حديثها :"لكنك على حق , بعد وفاة أمى لم أعد أبداً سعيدة كما كنت, رغم أن الأمر كان أفضل كثيراً بعد...."
توقفت منتبهة إلى أين هى ذاهبة فى حديثها .
لكن كاريج أكمل جملتها :"بعد أن سافرت فيرتى , تقصدين , نعم أتخيل أن ذلك ربما حدث"
عجزت عن ضبط نفسها , قالت :"لقد حضرت فيرتى الأسبوع الماضى "
"هل فعلت؟" بدا و كأنه نطق بها بلا قصد.
أجابت :"نعم, جاءت تقلب فى حاجاتها التى تركتها هى....كان لديها الكثير لتقوله أيضاً"
لم يبدو أن كاريج مهتماً بما سمع , فكرت شارلوت أيهما الصادق؟ أم أن فيرتى مجرد موضوع حساس للغاية لا يتحدث عنه؟
بحثت عن الكلمات الصحيحة لتواصل حديثها لكن كاريج غير الموضوع , أخبرها عن خيول جديدة قدمها أصدقائه الذين يملكون أسطبل فى بركشاير للتدريب على سباق قفز الحواجز :"سينتهى فى الصيف غالباً , لذا طلبوا منى الذهاب فى نهاية الأسبوع للمساعدة فى تدريبها"
سألته :"هل ستذهب؟"
أمسك يدها :"هذا يعتمد على...."
سألته :"آهـ, على ماذا ؟ المشروع الجديد؟"
أمسك يدها بقوة :"لا, لا... شئ مختلف تماماً"
الطريقة التى نظر إليها بها و تحدث بها بعثت رعشات عبر عمودها الفقرى و جعلت قلبها يخفق بشدة لكن , رغم ذلك , فى لحظة الإثارة فكرت : هل يفكر فى أنا أم فى فيرتى؟
نظرت بسرعة لأسفل حتى لا تستطيع قراءة شكوكها فى عينيها , تعجبت لهذا الشيطان السادى الذى دخل عقلها ليعذبها هكذا...حاولت بشكل ما إخفاء مشاعرها و الحفاظ على خفةالحديث بينما هم يسيرون بإتجاه مائدتهم , و طلبوا الطعام و بدأوا يتناوله.
قال كاريج :"جيراتى على حق" مستحسناً الطعام " الطعام جيد"
سألته :"ستأتى ثانية؟"
علق عليها :"يجب أن نأتى كثيراً , و رفع كأسه ليقرع به كأسها :"نخب الليلة"
توهجت شارلوت قليلاً , حاولت النظر فى عينيه لكنها لم تستطيع. منتديات ليلاس

حب من أول نظرة_سالى وينت ورث حيث تعيش القصص. اكتشف الآن