الفصل الثانى

11.5K 223 4
                                    


طيلة ستة أعوام لم تلتق شارلوت و كاريج , و بعد ستة أشهر من تلك الليلة سافرة فيرتى إلى أمريكا , و قررت الإقامة هناك , بعد أن أصبحت ناجحة جداً , بحسب ما ورد فى خطاباتها لأبيها , الخطابات المليئة بأسماء الذين أرتبطت بصداقتهم و بعض الطرائف و النوادر الشائعة التى يحب أبوها تكرارها , لم تكتب إلى شارلوت أبداً , و هى لم تنتظر منها أى خطاب.
وقعت أحداث كثيرة لـ شارلوت إيان . فلقد حصلت على درجات جيدة فى شهادة الثانوية , و بدلاً من دخولها الجامعة ,إلتحقت بكلية فنية لدراسة الكمبيوتر و
إدارة الأعمال , و حصلت على وظيفة جيدة فى الإدارة المالية بشركة كبيرة فى مدينة قريبة من المنزل , تستغرق المسافة بينهما نصف ساعة بالسيارة , و أتاح ذلك لها الإقامة فى المنزل , و ركوب الخيل فى أمسيات الصيف , و الإجازات الأسبوعية و تظل بصحبة أبيها , و تساعد فى الإنفاق على المنزل فلم يعد والدها يكتب كثيراًالآن .
بدا و كأنه فقد رغبته و إقباله على الحياة منذ سافرت فيرتى , حتى حبه للمنزل يبدو أنه تضاءل غالباً ما تكتنفه الكآبة ويفقد أعصابه , عندما حاولت شارلوت الاقتراب منه كان يتجاهلها غالباً , متذرعاً بضرورة قراءته لكتاب هام, و ينسحب و يتركها وحيدة , كان هذا مؤلماً لها فى البداية, و إحساسها بأنه لا يفسح لها مكان فيرتى , ثم بدأ تدريجياً الأعتماد عليها بطرق كثيرة , و غمرتها سعادة لم تذقها من قبل.

صادقت شارلوت كثيرين فى الكلية وفى العمل وعاشت قص حب رومانسية أبان تلك الأعوام الستة , لكن لم تتطور هذه القصص لتصبح شيئاً حقيقياً , حتى ألتقت مرة ثانية بـ كاريج بيشوب , من خلال مصادفه صنعها حب الخيل , فلقد أصبح حصانها عجوزاً يصعب ركوبه , و تعرفت من خلا منتديات ليلاس صديقها السابق مايك بروكس على كيفين سلاتر و زوجته تينا و لديها حصان , و لأن الزوجة حامل لا يمكنها تدريبه . تولت شارلوت المهمة طوال عام , و أصبحت خلاله صديقة للأسرة , وهم مغرمونبالخيول يحضرون معظم السباقات والعروض الرياضية و الإستعرضات و أحياناً تذهب شارلوت معهم بصحبة مايك.
فى أحد أيام شهر أبريل المشمسة قرروا الذهاب لحلبة السباق فى حديقة ساندون و بينما تطالع شارلوت قائمة المتسابقين من الفرسان قرأت أسم كاريج , و أطلقت صيحة دهشة مفاجئة , فسألتاه تينا, ماذا حدث , أجابت شارلوت :
"آهـ, لا شئ , مجرد
أنى قابلت أحد المتسابقين ."
تساءلت تينا :" حقيقى ؟ من هو؟ هل أعرفه؟"
أجابت شارلوت " لا أظن هذا " و بتردد أشارت إلى أسمه فى القائمة .
"كاريج بيشوب , لا لم أقابله , بل سمعت عنه, بالطبع هو ماهر جداً, ايضاً الحصان الذى يركبه (بلانيكو) " و التفتت إلى زوجها :
" كيفين , شارلوت تعرف كاريج بيشوب . يجب أن نراهن عليه."
لقد أنقضى وقت طويل منذ رأته , و تلاشت العواطف التى أشتعلت داخلها عندما وقعت فى حبه , و ملأ حياتها أشياء أخرى, رجال آخرون , و بعد ان كانت تفكر فيه يومياً أصبحت تفكر فيه اسبوعياً , ثم شهرياً , حتى أصبحت نادراً ما تفكر فيه , لكنها لم تنساه , أشياء غريبة تستحضر صورته فى ذهنها فجأة , ملامحة حية واضحة كما إلتقته لأول مرة . زهرة منسية
عندما حل موعد السباق هبطت هى و تينا لمشاهدة إستعراض الخيول قبل البداية, بينما ذهب الرجال لتسجيل مراهناتهم , كان بعض المتسابقين قد إمتطوا جيادهم فعلاً , قمصانهم و قباعتهم تسطع بألوانها الزاهية , تطلعت شارلوت فى وجوههم و لكنها لم تتعرف على كاريج , هل تغيرشكله كثيراً؟ أم هل خدعتها ذاكرتها و غيرته إلى صورة مغايرة له
عندئذٍ قالت تينا " ها هو هناك , يتحدث إلى المرأة التى ترتدى معطف فراء , هى نفسها تشبه الثعلبة !!"
تطلعت شارلوت حيث أشارت تينا رأت رجلاً مرتدياً قميصاً أزرق فاتح و حزام أزرق داكن و قبعة فاتحة , كان مولياً ظهره نحوهما و هو يحادث المرأة , لكن عندئذٍ أوما برأسه و ألتفت يمتطى جواده , ورأته شارلوت , لا, هو لم يتغير , لابد أن تعرفه حتى و لو حجبت القبعة شعره المجعد الفاحم , إستدار بحصانه الأشهب نحو دائرة أستعراض الخيول , و نظر ناحيتهم و هو يحاذيهم ماراً أمامهم , و ام يبد إشارة بأنه تعرف على شارلوت .
"يبدو أنه لم يتذكرك" قالت تينا بخيبة أمل , فهى تحب اتعرف على الفرسان , أجابت شارلوت ضاحكة :"أنا لا أعرفه فعلاً , فهو كان صديق فيرتى."
ردت تينا " ياه , فهمت , لكنها فى أمريكا من أعوام , أليس كذلك؟ فلا عجب أنه لم يعرفك "
لم يكن هناك أى استغراب , و شارلوت تدرك أن الأعوام الستة الماضية غيرت كاريج قليلاً , بينما تغيرت هى كثيراً , لم تصبح بجعة , بل شيئاً أكثر طرافة و ملاحة , تلاشت سمنة صدرها و أردافها منذ وقت طويل , أصبحت طويلة متموجة بجدائل شعر أحمر ذهبى , و هى ليست بنعومة و رهافة قد فيرتى , و لا حتى جمالها , لكنها تتمتع بخاصية آسرة تجعل الناس مجبرين على النظر إليها مرتين , و النظرة الثانية للرجل غالباً نظرة إعجاب و تذوق, وهى ليست من النوع الخامل المتباهى بجماله , فلديها إحساس بالإستقلال تحسدهن عليه النساء و يعجب به الرجال - لإدراكهم أنها ليست بحاجة لهم.
أنضموا للرجال و شاهدوا السباق , أطبقت شارلوت يديها فى قبضة متوترة بينما تتابع كاريج , و لم تهدا إلا بعد إنتهاء جولته و فوزه بالمركز الأول " لقد فعلها " صاحت تينا بإنفعال" كسبنا !"
إجتمعوا فرحين بفوزهم , وبعد الجولة الثانية قرروا الأحتفال بشرب زجاجة شامبنيا فى البار . أختاروا مائدة تطل على مضمار السباق و بدأوا يتحدثون بود حول أى الخيول سيكمل السباقات حتى النهاية . و بدأ أخرون يفعلون نفس الشئ , و أزدحمت الصالة , و انضم بعض معارف سلاتر لحفلتهم , و تعارفوا على شارلوت , منهم فارس هاو تبادل الحديث مع شارلوت , و بينما وقف أحدهما متلفتاً إستدارت شارلوت لتجد نفسها على مقربة من كاريج بياردة واحدة .
ألقى كاريج عليهم نظرة عابرة و ركز عينيه على شارلوت لحظ., بإهتمام لكن بدون أى علامة تعرف عليها, تبادل الحديث مع فارس آخر و ألتقط مقعدا بلا لهفة و أنضم لهم . هنأه كثيرون بفوزه, و تحولت المحادثة إلى كلام عام مرة أخرى , لم تكن شارلوت تجلس بجواره لتتبادل معه الحوار بشكل شخصى , كانت مشغولة بتوقع رؤيته لها , مع ذلك تحنبت لتقاء عيونهما.
قبل بدء السباق الثانى مباشرة أنفرط عقد المجموعة, هبط البعض إلى السباق للمشاهدة , ذهب آخرون لتسجيل مراهنتهم , و قررت تينا الحامل فى شهورها الأخيرةالبقاء مع شارلوت بينما ذهب زوجها , أحضر مايك بروكس (خفير شارلوت لهم مشروباً آخر , عندما بدأ السباق خرج ليشاهده بينما إشتركت تينا فى حديث عميق عن الأطفال مع سيدة تجلس قبالتها , أنتقل كاريج للمقعد المواجهة لـ شارلوت .

حب من أول نظرة_سالى وينت ورث حيث تعيش القصص. اكتشف الآن