من الأفضل العمل على رأب الصدع , و رتق الفتق , لكن ذلك كان مستحيلاً طالما أن كاريج كان مشغولاً بتطوير المنزل , طيلة أسبوعين ظو كانت شارلوت تتحدث فقط إلى سكرتيرته , و تمت الموافقة على خطط التطوير و تردد كاريج على المنزل مع ممثلى شركات المبانى , كان لديه مفتاحه الخاص , كان يأتى عندما لا تكون موجودة , بل فى العمل , لذا لم تراه , إقترب يوم بدء البنائين لعملهم , قبيله, كان يجب أن تنتقل شارلوت من غرفتها فى المبنى الرئيسى إلى غرفة أخرى فى أحد الأجنحة المتصلة بالمنزل , لكن الباب الموصل بينهما سيـُغلق بمجرد بدء العمل , لذا كان عليها الإنتقال . قضت شارلوت وقتاً فى تنظيف و تجهيز غرفة لأنها لم تستخدم لسنوات , فأفسدتها الرطوبة , و بعد تجهيزها أصبحت ملائمة تماماً . منتديات ليلاس
فى ذلك الوقت ذهبت شارلوت إلى مايك بروكس فى المدينة فى صباح يوم السبت , لم تكن قد رأته إلا نادراً منذ بدأت تخرج مع كاريج لكنه دعاها للإنضمام للغداء فى مطعم قريب
أخبرته شارلوت بكل شئ عن تطوير المنزل و لم تذكر شئ عن كاريج, لكن كان واضحاً أنها غير مرتبطة بمواعيد , و عرض عليها مايك المجئ لمساعدتها فى نقل باقى الأثاث التى تريد الحتفاظ به , ترددت للحظة , فقال مايك :"أتذكر أن لديك بعض الأثاث الثقيل , لذا ربما أفضل حضور صديقين لىّ من نادى الرجبى لمساعدتى"
تقبلت شارلوت عرضه بإمتنان و فكرت فى إحضار بعض علب البيرة لهم....مجرد كمية قليلة , لأن خبرتها بلاعبى الرجبى أنهم يؤثر فيهم أى شئ
وجاء يوم السبت , كان من المفروض أن يبدأ البنائون يوم الأثنين , أحضر أصدقاء مايك صديقاتهم معهم , و جعلوها حفلة بعد أن نقلوا الأثاث سريعاً , تناولوا خروفاً مشوياً كانوا قد أحضرواه معهم , ثم رقصوا حتى منتصف الليل
توقعت شارلوت أن تستيقظ متأخرة لذا ضبطت المنبه على السابعة , قبل مجئ العمال , لكن ربما بسبب عدم ألفتها للغرفة إستيقظت مع شقشقة و تغريد العصافير للترحيب بخيوط أول ضياء النهار , و وجدت أنه مستحيلاً أن تنام ثانية , أرتدت ملابسها و لم تشعر برغبة فى الطعام , ذهبت إلى المبنى الرئيسى و بدأت التجول فى الغرف الخالية كلها تحفط الكثير من الذكريات , بعضها طيب و بعضها مؤلم , لكن كلها جزء من طفولتها الغالية , تذكرت أباها و أمها و تلك السنوات القليلة السعيدة عندما كانوا معاً . هل تحوم أرواحهما فى هذه الغرف؟ تساءلت :"هل هما غاضبين لأن منزلهما سيتهدم ؟ كانت واثقة أن والدها سيغضب , لو عرف. تجولت فى الغرفة الكبيرة التى كانت ذات يوم غرفة طعام رئيس الدير , حاولت تخمين مشاعر عشرات رؤساء الدير الذى أقاموا هنا . إتجهت للمدفأة , وضعت يدها على النقوش المنحوتة على الحجر, مررت أصابعها على مسند الفحم فى المدفأة , على لوحة الغزال و الصياد , تماماً كما كانت تفعل و هى طفلة . كان عقلها مليئاً بالقصص التى إختلقتها عنهم....كانت غالباً تشاهد أحلاماً ليلية بسببها.
سمعت وقع أقدام عند باب الصالة المفتوح إستدارت لترى كاريج هناك, مؤكد أنه دخل بالمفتاح الذى معه, بدا مفزوعاً لرؤيتها , تلكأ عند الباب , غالباً كما لو كان سيرجع ثانية. لكنه رأى الدموع فى عيونها , قال بغلظة:"آسف...أنا...هل أنت على ما يرام؟"
"نعم" أومأت برأسها و مسحت عيونها بأصابعها كطفلة :"كنت فقط أقول وداعاً , هذا كل ما فى الأمر."
" وداعاً؟"
أجابت بابتسامة جامدة :"للمنزل كما عرفته"
قال بجفاء :"سيكون وقتاً شاق عليكى , ربما الأفضل لو رحلت من هنا تماماً"
ذكرته بإزدراء :"لا أستطيع ذلك... يجب أن أحصل على نصيبى من الأرباح" ظل واقفاً عندباب الصالة , غالباً كما لو كان خائفاً من الإقتراب منها , على وجهه إبتسامة باهتة , عيناه مفتقدة الحيوية الأصلية , سألته مترددة:"هل أنت بخير؟"
أجاب متكلفاً :"نعم طبعاً , أنا مشغول فقط هذا كل ما فى الأمر" ظهر على وجهه أمرات الغضب:"سأترك لك خطاباً , لأخبرك عما سيفعله البنائون هذا الأسبوع , سأترك لك خطاب كل أسبوع , لو واجهتك إلى مشاكل يمكنك إبلاغ السكرتيرة , و سأتصل بالبنائين و أتصرف معهم"
"أفهم" قالتها لفتور
إلتفت نحوها فى غضب مفاجئ :"بحق السماء شارلى! هل تظنين أن هذا كان سهلاً علىّ , أعتقدت أن من الأفضل لكلانا لو رأينا بعضنا قليلاً , كلما أمكن , إن لم ترى بعضنا أبداً , فى الواقع , سيوفر لنا وقتاً للنسيان"
سطعت الشمس بما يكفى لتضئ الفناء حول المبانى المحيطة , تسلل شعاع عبر قضبان النافذة , سقط حيث يق كاريج , تسلطت أعمدة الأشعة عليه , رأت شارلوت أنها لن تنسى مظهره فى هذه اللحظة أبداً .
مع شروق الشمس جاءت أول سيارات عمال البناء , مرسلة ضوضاء إرتطامها بإحجار الطريق وكما لو كان نسى العالم فى الخارج بدأ كاريج يخرج مظروفاً من جيبه :"ها هو الخطاب الذى كنت سأتركه لك" وضعه على إفريز الشباك غير راغباً فى المغامرة بلمسها , و قال بجفاء :"سأذهب لأقابلهم , لأتأكد أنهم سينفذون التعليمات بدقة" إتجه للخروج من الغرفة دون الألتفات للخلف.
غادر المنزل بينما كانت هى إنصرفت من العمل, و لم تراه ثانية لتتحدث معه, لكنه جاء للمنزل طبعاً , و عرفت ذلك عندما أخبرها العمال , لكنه إختار المجئ بنما تكون هى فى العمل, كان العمال مزعجون جداً , كانت هى سعيدة بالهروب للعمل , و تعمدت مقابلة المشرف كل يوم لمعرفة التقدم الذى يحققوه , و إن كان مختلفاً عن برنامج كاريج الأسبوعى , أم هناك مشاكل أخرى , و أتصلت هاتفياً بسكرتيرته , لم تسأل أبداً عنه , ذات مرة أتصلت بينما كانت السكرتيرة فى الخارج , أجاب هو , تحدثت بصعوبة معه, تبادلوا حديثاً قصيراً محدداً , مرة أخرى جاء يوم السبت عندما واجه العمال مشكلة كبيرة , رأته شارلوت يذهب على الفور إلى الطابق الأرضى , و أمكنها رؤيته من النافذة الجانبية , شاهدته , لكن لم تحاول الذهاب إليه و التحدث معه , لا جدوى , هما يعرفان أن الأمر أنتهى , قبل رحيله مباشرة خطا كاريج خطوتين ناحية الباب الموصل لجناحها و توقف قلبها , لكنه تردد محملقاً ناحية النافذة ثم وضع يداه فى جيوبه و إلتفت ماشياً بسرعة.
يقولون أن الإنسان ينسى بمرور الأيام , لكن شارلوت لم تجد الأمر كذلك, الجرح لم يندمل و لم يمر يوماً بل حتى ساعة , و لم تفكر فى كاريج.منتديات ليلاس
أزال البنائون كل الأعمدة الخشبية الفاسدة و أحلو محلها الجديدة و بدأوا عمل التعديلات , لكن ما زال هناك ضوضاء , و قذارة.
إنتهت أسابيع الصيف تدريجياً و أقبل الخريف و أسرع إيقاع العمل , و بدأت شارلوت تتمنى استمرار العمل ببطء , عندما ينتهى العمل لن يكون هناك حتى خطاب كاريج الأسبوعى لتراه.
إبان تلك الفترة رفضت كل عروض التلاقى و المصاحبة مع الشبان , لكنها خرجت مع مايك بروكس و أصدقائه من نادى الرجبى و صديقاتهم , كان الموسم الجديد قد بدأ فى سبتمبر , و كانت ترغب فى مشاهدة بعض المباريات و الذهاب لحفلة الرقص التى تقام لجمع التبرعات لجولة الفريق خارج البلاد, كان مستحيلاً ألا تستمتع بالرقص , بينما إرتدى ثلاثة لاعبين من نادى الرجبى ذوى أجسام ضخمة , ملابس نساء بمكوضة الأربعينات , و باروكات شعر , و أدوا فصلاً تمثيلياً هزلياً من مسرحية ’’شقيقات أندروا’’ كان ذلك مجرد فاصل إفتتاحى للكبارية الذى أستمر حتى الساعات الأولى من الصباح , و لم يكن مايك فى حالة تمكنه من قيادة السيارة , و لكن يجبأن تعود شارلوت فى سيارته , فليس هناك طريقة أخرى لتعود إلى منزلها . منتديات ليلاس
قالت له :"سأقود السيارة, أفتح النوافذ ربما تساعد فى إفاقتك"
لكن عندما وصلوا إلى المنزل وجدت أنه ما زال سكران , لذا ساعدته على دخول المنزل , و أعدت له قهوة سادة ,شربها مايك , و تثاءب بشدة و سقط فى النوم على الأريكة! لن يوقظه زلزال لذا أخذتها الرأفة به و أحضرت وسادة و بطانية ثم ذهبت لغرفتها و ألقت بنفسها على سريرها.
فى صباح السبت كان البنائون يجئون مبكراً و كانوا قد تجاوزوا مرحلة إطلاق صفارات المعاكسة و التلمحيات , لكن شارلوت لا تريد بأى طريقة أن تقدم لهم مادة جاهزة للتلصص و الغمزات التى أنتظروها شهوراً , و يجئون الآن ليجدوا أن رجلاً كان يقضى الليل معها, لذا ضبطت المنبه على الساعة السابعة, وعندما دق إنتزعت نفسها من السرير و إرتدت الروب و ذهبت لتوقظ مايك.
دفعته, صاحت , و فى النهاية وضعت المنبه بجوار أذته مباشرة , أستيقظ فى النهاية.
تساءل :"ما هذا ؟ ماذا حدث؟" صوته ما زال متلعثماً
قالت :"يجب أن تذهب لمنزلك , لا , لا تعود للنوم , إستيقظ و أغتسل"
تثائب مايك جالساً , وضع يده على رأسه ثم نظر محاولاً فتح عينيه :"ماذا أفعل هنا؟ هذا منزلك؟"
أجابت بضيق :"نعم, كنت مخموراً الليلة الماضية تعالى سأريك الحمام يمكنك الأغتسال , بينما أعد لك القهوة"
تساءل :"كم الساعة الآن؟" حاول تقريب الساعة من وجهه و حاول إظهار غضبه :"ما زالت السابعة فقط!"
بدأ يستلقى على ظهره ثانية, لكن شارلوت جذبته :"لا, لا تعد للنوم العمال يبدأون عملهم فى الثامنة , يجب ذهابك قبل ذلك"
"ياه, شارلى بحق السماء! من يهتم بذلك نحن لم نفعل شيئاً!"
"هم لا يعرفون ذلك, و أنا مجبرة على العيش معهم لشهور, و أنت ل, لذا هل ستتفضل و تأخذ نفسك و تنصرف؟"
سحبته فوراً إلى الحمام و أعدت له القهوة السادة شربها بعد خروجه من الحمام مباشرة , بدا غير حليق الذقن , غير مهندم الثياب , فى النهاية , هو موجود عندها!! أثناء إنتهائه من القهوة تحدثوا و ضحكوا عن الحفلة الراقصة , فى السابعة و النصف , نظرت فى ساعتها و وقف مايك يتثاءب:" حسناً, رأسى تؤلمنى ! لا أظن أننى تعلمت , كل حفلات نادى الرجبى هى كذلك."
كان صباحاً بارداً و هى تفتح الباب له و أرتعشت , و جذبت الروب حول قميص نومها القصير , كانت سيارة مايك واقفة فى خارج الباب مباشرة , قال لها:"إدخلى حتى لا يصيبك البرد , ساراك يا شارلى , أشكرك على مساندتك"
أومات شارلوت و أغلقت الباب و قررت العودة لتنام ساعتين فى سريها , لكن بعد خمس دقائق كان هناك دقات على الباب الرئيسى , خرجت من السرير و فتحت الباب , إنه مايك
" السيارة تعطلت , هل يمكننى إستخدام التليفون"
" لكن السيارة يجب أن تعمل , كانت ممتازة ليلة أمس"
أجابها :طحسناً, هى ليس كذلك الآن, البطارية فارغة"
قالت :"لكن كيف؟ أنا....أوهـ , لا لم أترك النور مضاء , هل تركته؟"
تثاءب مايك و بدا يخطو عائداً للمنزل , قالت شارلوت :"آهـ , لا , يمكنك أن تأخذ سيارتى " قالتها و هى تدفعه للخارج على الدرج , و ذراعها حول خصره.
لكن قبل أن ترجع شارلوت لتأتى بالمفاتيح كانت هناك سيارة أخرى قادمة عبر بوابة المنزل إلى الفناء اللعنة, جاء البنائون مبكراً , لكنها كانت سيارة زرقاء داكنة , إنها سيارة كاريج الذى نزل من الباب مسرعاً.
أنت تقرأ
حب من أول نظرة_سالى وينت ورث
Любовные романыالـــمـــلـــخــــص ظلت شارلوت تعتقد أن الحب من أول نظرة لا يحدث إلا فى القصص الخيالية . حتى كان يوم قابلت كاريج بيشوب . و لم يكن هو يهتم بها , بل بشقيقتها الفاتنة المستحوذة على إهتمامه . لكن بعد ستة أعوام , لم تعد شارلوت تلك البنت ذات الأعوام الستة...