الجزء الأول|مدخل الغاب

2.2K 131 141
                                    


1400+word

الساعة 10 مساء - سان فرانسيسكو

"هيا أسرع مراد!!". همس جي بي بحذر بينما يراقب مراد وهو يحاول الهبوط من فوق السياج المعدني المحيط للغابة، ليهبط أخيراً ويستند على ركبتيه بينما يحاول التقاط أنفاسه.

"كالبيم.. كالبيم نيديري سيدوروش!!". تلعثم لاهثاً بالتركية ليعقد جي بي حاجبيه بينما يعدل قبعة البوب خاصته مبتسماً: "قلبك سيتوقف لامحالة لو أمسك بنا الحارس الخرف الآن، أسرع". "إيفيت- معك حق..". أيد مراد بالإنجليزية في آخر جملته ليعتدل ويلحق به بعد أن أمسك حقيبة ظهره جيداً..

مضت النصف ساعة على ولوج الفتية للغابة وتحت هدوء ليل قارص البرود صاح عمر متذمرا وقلبه لا ينفك عن الانقباض: "بربكم يا جماعة لماذا الليل بالذات؟! لما ندخل الغابة أصلاً؟! لا أشعر بشعور جيد. أنا لست مرتاحاً للفكرة فلنعد رجاءً، لماذا جئت لسان فرانسيسكو من الأساس؟! بربكم فلنعد حالاً!!". أشار بسبابته بين ذلك إلى الطريق الذي سلكوه سابقا، ليلتفت له جي بي بينما يعدل شعره الأشقر ويعيد قبعته مجيبا: "لا تتذمر ميمي فقط ليلة واحدة ونعود~".

ضم شفتيه للأمام بينما يتحدث بتدللٍ مصطنع ليقشعر عمود عمر الفقري فيصيح به مشمئزا وقد عقد حاجباه: "يا مقرف!!! من ميمي هذا!! عمر، اسمي عمر!! لا تفعل ذلك مجدداً، هذا مقرف!!". شعر بكمية هائلة من التقزز خاصة مع النبرة الماعنة تلك، لتبرز غمازتي جي بي العميقتين مبتسماً ويجيب:

"حسناً يا صاح فلنذهب الآن". تقدم بينما يمسح المنطقة أمامه بكشافه اليدوي وانتحب عمر مقهورا لعدم مبالاة صاحبه: "هيه هل أنا جدار !!".

كل ذرة من دمائه غلت في تلك اللحظة حين أحس بأنه هو وجذع الشجرة بجانبه واحد، ليشعر بعدها بيد رفيقه مراد على كتفه فجأة وقد أصدر سواره الخرزي قليلا من الخشخشة تحت هذا السكون المهيب: "هدي ؤمر.. فقط دعنا نستكشف المكان. سيكون ممتعاً صدقني". تكلم بالإنجليزية الممزوجة بالتركية في أول جملته ليمسح عمر على وجهه بقلة حيلة فلا طائل من مناقشة رفاقه صلبي الرؤوس كجوز الهند.

"هيا، هيا، سنفقد جي بي". أتاهم صوت مينهو رفيقهم الرابع والأخير ذي الملامح الآسيوية بينما يتجاوزهم مسرعا ليرفس عمر الأرض بقدمه بسخطٍ: "سيكون لي حديث مع والدي حين نعود، حتماً لن أجلس في هذه المدينة أكثر!".

قالها بحسرة فقد كان حلم حياته العيش في مدينة الأضواء لوس أنجلوس، لكن حب والده لمدينة سان فرانسيسكو حتم عليه الخضوع للأمر الواقع..

استمروا في السير أكثر، واستمروا في التعمق نحو قلب الغابة.
(متى سنصل قدمي تؤلمني) انتحب مراد الجالس على صخرةٍ بجانب جذع أحد الأشجار المعمرة وقد أمسك بقدمه وتعابير الألم تعلو وجهه ليردف مينو الواقف إلى جانبه ممسكاً بظهره وقد شعر هو الآخر بالإنهاك رغم أنه الأكثر رياضيةً بينهم (فعلاً لقد سرنا كثيراً، ألا تعتقد أنه موقع مناسبٌ للتخييم) تكلم موجهاً حديثه لجي بي ليهمهم الأخير بينما يتلفت حوله متفحصا المكان بضوء كشافه.

غابة الآغوتري || The Agutri Woods حيث تعيش القصص. اكتشف الآن