الجزء الثالث - على المحك

499 81 39
                                    


+900 Word


أنفاسه تسابق بعضها، عرقه امتزج بتيارات المطر فوقه، مظهره يبدو كما لو أنه خرج من بركة السباحة للتو، ظل يركض ويركض ويركض حتى تنبه لنفسه وأنه ظل يجري مطولاً فلتفت خلفه ليرى إن كان لازال موجوداً،

جيد!! لحسن الحظ لم يوجد شيء، لابد وأنه صنيع خياله الذي سرح بعيداً، تنهد قابضاً على سترته المبللة ومسح بعدها على وجهه الغارق بالماء بينما بيده الحرة كان يمسك بكشافه الذي ينير بعضاً من الطريق،

لم تمضي دقيقةٌ، وسمع بعدها أصوات خشخشةٍ تأتي من مكان ما، تجمد دمه، وانقبض قلبه عن النبض لوهلة، ساقاه مشلولتان، ألم يكن خيالاً!!

يجب أن يختبئ! لكنه لا يستطيع الحركة، الرعب شل جسده أطرافه ترتعش، صوت الخشخشة بات مسموعاً بوضوحٍ رغم صخب زخات المطر الهاطلة!

فجأة دق ناقوس الخطر في دماغه ليرفع رأسه بحركةٍ لا إراديةٍ ناحية فروع الشجر المتراقصة كنساءٍ أعياهن الطرب فوق رأسه ليرى ذلك الرمح متجهٌ نحوه وتوهجٌ لمع في رأسه المدبب كومضة البرق، ليتبعه صراخٌ دوى صداه في غياهب الغاب!!

من الجانب الآخر

(بحق الله جي بي!! لم يذكر في الأرصاد الجوية أنها ستمطر اليوم!!!!) صرخ مينو بينما يحتمي بذراعه من شلالات المطر فوقه ويمسح بالحرة وجهه الذي غرق بالكامل بهذا المطر الغزير بينما يمشي بحذر معاكساً لاتجاه الريح الذي بدا كأنه سيقتلعه عن أرضه هو والأشجار حوله متجهاً نحو كهف أرضي حفره الزمن في تلةٍ صغيرة غطتها الشجيرات

ليردف مراد هاتفاً وقد ضيق عينيه منزعجاً من الماء الذي دخلها بينما يسير بخطىً أبطء من صاحبه (تقصد عاصفة رعدية مينو!!! عاصفة رعدية)

(كفا عن التذمر ودعونا ندخل الكهف بسرعة!!) صرخ جي بي فيهما ليعجلوا في سيرهم قليلاً حتى وصلوا الكهف وانكمشوا داخله لصغر مساحته الداخلية محتمين من العاصفة..

(كم الساعة برأيكم؟) سأل مينو بينما يعتصر حقيبة ظهره في حضنه منكمشاً على نفسه وبيده الكشاف يسلط ضوءَه خارج فتحه الكهف يراقب قطرات المطر المزدحمة مكونةٍ بحيراتٍ ضحلة على الأرض

(الثانية عشرة إلا ربع) أجاب جي بي بينما يتفحص ساعة يده ووضعيته مشابهة للأول ليجيب مينو هازَّاً رأسه ماطاً شفتيه (جميل جداً، غابة، عاصفة رعدية، منتصف ليل، لا ينقصنا سوى أن يكون الآغوتري حقيقياً!)

قالها ساخراً من الوضع الذي هم به ليصيح مراد (ياااااربيم!! لدي مكالمة فائتة من ؤمر!!) صاح مصعوقاً بينما يحدق في هاتفه النقال والذي انعكست إضاءته على وجهه ليبدو كشبحٍ من فيلم رعب،

ضغط الأرقام بسرعةٍ جنونيةٍ ليضع الهاتف على أذنه منتظراً إجابةً لكن استوقفه شيء حجب ضوء كشاف مينو عن الانبعاث خارجاً، أبعد الهاتف عن أذنه ودقق فيه، شيءٌ أشبه بساقين سوداء، قطع من الأقمشة المهترئة منسدلةٌ حتى أسفل الركبتين وشيء كالعصا بجانبهم!!

غابة الآغوتري || The Agutri Woods حيث تعيش القصص. اكتشف الآن