الجزء الخامس - بين قبضة العدو 2

423 76 42
                                    


+1000 Word

أخذ يبكي ويبكي ويبكي، يبكي حرقةً وألم على فقدان صحبته، يبكي حسرةً وندم على تخليه عنهم،

مع أنه إن ظل معهم فسيموت هو الآخر لامحالة فلن يشكل فارقاً، فلم يعرف الحقيقة سوى بعد أن افترق عنهم، لكن شعورٌ عميقٌ بالذنب نخر في صدره،

شعر أن الحال كانت لتكون أفضل لو لم تسيطر عليه أنانيته وكبرياؤه المبالغ فيه، ها هو أخطأ وثمن غلطته كان رفاقه،

وحيدٌ، مجروحٌ، لا حول له ولا قوة وسط غابةٍ معتمةٍ موحشة و آغوتري يلاحقونه بالتأكيد، ابتداءً بذلك الذي جرحه ولاحقه حتى سقط من المنحدر وانتهاءً بالمختل الذي وقع بين يديه،

لا يعرف الطريق إلى المخرج و الإشارة معدومة لا يستطيع الاتصال بوالده وسط هذه الحالة الجوية المتكدرة كما أن المسحوق الدخاني خاصة جي  بي لن يفلح بوجود الأمطار، أي أنه هالك لامحالة!!

هو مرعوب، مرعوب للغاية، جعل يتمتم بأذكارٍ تحصنه و تهديه بينما يتناول الكشاف الأزرق الذي لازال على الأرض ودموعه لم تتوقف عن الانهمار بعد وقد اعتصر قبعة جي بي في حضنه وقبض على خرزات سوار مراد الملونة،

رفع الكشاف أقرب إليه، كان قذراً متسخاً بكثيرٍ من الوحل والمياه وزجاجه الأمامي قد تهشم، إلا أن المصباح الكهربائي الصغير بالداخل لم يتأذى بعد ليمسح دموعه وقد دعا أن يعمل معه وضغط زر التشغيل،

ومضات مختنقة انبعثت منه، لتنطفئ فجأة وتختفي أضواء الأمل، ضاق الأمر بعمر ذرعاً ولم يستطع تحمل أسوء من ذلك ليقذف به قريباً منه وقد مط شفتيه وضم ساقيه إليه ليدفن وجهه ويشرع بالبكاء حتى أحس بضوء قوي تسلط على وجهه من الجانب،

رفع رأسه وضيق عينيه مع مرور شعاع الكشاف إليها، لقد اشتغل!! أُذهل عمر وتناول المصباح سريعاً وهو يحمد الله من أعماق قلبه، فقد شعر أن باب الفرج أوشك على الانفتاح في وجهه بعد أن كان موصداً بإحكام،

لا يدري لماذا لكنه  يتبدو كما لو أن شرارة الأمل قد أشعلت نيرانها بداخله،

مع الكشاف سيستطيع الذهاب ومواصلة السير براحةٍ دون القلق على شحن هاتفه المتبقي وهكذا سيستطيع الاحتفاظ بقليل منه حتى انتهاء العاصفة وعودة الإشارة للاتصال بوالده ،

كما أن جي بي قد ناوله بطاريتين سابقاً لذلك لن يخاف من ناحية الإضاءة أو الطعام إلا إن فقدهما وهنا ستكون ورطة حقيقية،

الآن يستطيع الشروع في البحث عن مكانٍ أمانٍ يحتمي فيه حتى طلوع الفجر، زفر بعمق مخرجاً بعضاً من خوفه الذي قل بكثير بمجرد التفكير في ذلك وأدخل قبعة جي بي والخرز الذي لا زال يقبض عليه داخل حقيبته بعد أن نظر إليها بحزن،

حسناً هو أحس بالأمل لكنه قطعاً ليس سعيداً، ليس سعيداً أبدً بخسارة أصدقائه إضافة لكونه يشعر بالذنب وأنه المتسبب بذلك بطريقة ما، أدخلها في حقيبته مريداً بذلك الاحتفاظ بها كذكرى قيمة ففي النهاية هي ما تبقى له من رفاقه،

غابة الآغوتري || The Agutri Woods حيث تعيش القصص. اكتشف الآن