غدار ..كالبحر تماما!..

101 16 6
                                    

؛مبهم أنت ؛..
ماذا عني ؟ ... مراهقة ساذجة أعمي الفضول عينيها ، عشقت بحرا رفيقا منجيا ، جذبها نحوه ؛فغرقت !...
وهذا بالضبط ما فعلته ، تملكتك دون وثيقة ...فأحسنت الإنتقاء والحجج ، فبطل تملكي ؛ وما لبث أن حكم على أحلامي بالقصاص ! ...كما حكمت بإقتصاصك من قلبي ..
كنت متيممة بك ؛ بل متيممة بغموضك، فأحسنت الإستغلال !...
أتود قياس مقدار هيامي بك اﻵن؟! ..
عفوا! ، لا تستطيع ؛ فلم يعد موجودا!!...

...

ألقيت نظرة خاطفة لذاك الدفتر الملقى بأهمال على المكتبة ، يلوح ،يكاد يصبح أرضا .. طغى وخيم الغبار على كل تقاسيمه كما تقاسيم تلك الغرفة ، غرفة كانت ذات يوم لي ؛ واﻵن أصبحت لنفسي ..
ولا تتجرئوا حتى على تشبيههما! ، وهل يتشبه الأبيض بالأسود ؟!
لم أكتب به اليوم شيئا ؛؛فمن يدري ربما  يكشف هو أيضا أسرارا لا يجب أن تكشف ... تماما مثلي ..
أنفذ الإنس لأستعين بالورق عله يشعر بي ؟! فلن يشعر سوى مجرب وغير ذلك كاذب ! ..
لطالما كنت مخزن أسرارا لا يعرف أحد مفتاحه ..حتى أنا!..
بنيت حياتي جمعا على هذا الأساس ؛فلا يجب أن ابحث عن المفتاح ، ثم وفجأة ودون سابق إنذار رمى ذاك البحر الذي عشقته مفتاحه أمامي ،، لأفتح مخزن أسراري..بدافع الفضول على الأقل؟! ، وما لبث أن دوى ذلك الصوت في كل ركن مني ؛ حطمني إلى شظايا زجاج صغيرة تناثرت على شتى طرقي ؛ فلم يعد هناك منفذ للهرب ...مني على الأقل..؟
بقيت أتجمد شتاء بعد آخر ، والغريب هو أن الشتاء لازمني طوال السنة المنصرمة ، لأتجمد على ما في قلبي ولا أستقبل غيره ...بل وحتى ما في قلبي حرقته ؛ فأحرقني!...
آه يا قلبي ، ويا عقلي وكل جسدي ، ألم يأت الأوان لتكف عن الصراخ ؟!! ألم يأتي اليوم الذي فيه تنتقم وتجر ذاك القربان الذي توعدت ؟!! ألم يأن الأوان الذي تكشفين فيه وجهك ؟! .
بلى آن وإنتهى وقت التمثيل ! ..لكني فقط أنتظر أن يحين الوقت للدغة المميتة ؛أو على الأقل لدغة تسبب الشلل الرباعي ...عندها فقط سأتسبب بضربة تدخلهم في غيبوبة لا يستيقظون منها إذ أبدا ، إلا ليحملوا نعشي..
أيقظني من شرودي رنين هاتفي ،
"بالله عليك أهو وقتك الآن؟!" تمت بذلك قبل أن أرفض المكالمة
ثم ما لبث أن عاود الرنين بنفس الرقم السابق ، حاولت تجاهله إلا أني لم أستطع حتى إكمال ما شردت به سابقا، لذا سأفعل تحديدا ما لم تفكروا به ؛ ألا وهو إطفاء الجهاز !..
ما لبثت بعدها أن غططت بنوم عميق ، لم أستيقظ بعده سوا في اليوم الذي يليه ، تحديدا بعد أن أتممت ثمانية  عشر ساعة.
إني بالفعل أتضور جوعا ؛ أشعر بأن أمعائي تهضم نفسها داخليا لدرجة لا يمكنني تصورها ؛بل في الحقيقة يمكنني ...إنه تماما كما أتناول أفكاري بنهم حد التخمة منها ...
لملمت شعري بإهمال أربطه كما ذيل الفرس ،بعدها بدلت ملابسي لأرتدي  كنزة فضفاضة سوداء وطويلة ؛ ثم  سروالي الفضفاض إلى حد ما كذلك..
تسللت خارجة من غرفتي ، رغم معرفتي التامة بأنه لن يكون موجودا ..
"إلى أين؟!" ...فاجأني ذلك جدا ، رغم أني توقعته إلى حد ما ..تمالكت نفسي ﻷجيب  بأكبر إبتسامة طفولية شفافة تصنعتها في حياتي
"إلى صديقتي " أجبته ؛فابتسم ،وهو ما كنت أنتظره ،إبتلعت السمكة الطعم !...
"حسنا، إنتظريني سأمر أحدهم وأوصلك معي ، ما رأيك؟!"
ما الأمر معه ؟! ، لم أجعل ذاك يثنيني عما كنت أنويه فأردفت "لا داعي لذلك ، لن أتعبك معي .."
"تعبك راحة عزيزتي"
وها قد عاد المتملق منتقي الكلمات ، ما لبث بعدها أن انتهى وعاد إلي مسرعا ثم وضع يده على كتفي يحثني للتقدم ، لم أجد مفرا !.. لذا تبعته دون أعذار .
زلت قدمي أثناء نزولي من السلالم ، فما لبث أن أمسك بي يحوطني بذراعيه ؛ فسرت بعدها رعشة طوال عامودي الفقري ، شعرت للحظة بالتقزز من نفسي ، ليس وكأني أعشقه ؛ لكني فقط نقضت عهدا قطعته وسننته علي منذ مدة ،ألا وهو تحريم جسدي على أي كان ، وأي كان تلك تشمله !.
أبعدت يداه عني بتقزز لم أستطع إخفائه ، مما أدى إلى توسع عينيه فورا ، لكنه سرعان ما عاود بل وفرض ملامح البرود على وجهه ، بعدها ما لبث أن أن تكلم بصوت حاد قائلا بعد أن ضرب أنفه بسبابته "هيا ﻷوصلك إليها .." مما جعلني أيقن بأنه سيفعل كل شيء يخطر على بالي ، إلا إيصالي لصديقتي ؛ والتي هي من نسج خالي بالمناسبة ..
سرحت بخيالي بعدها ..
ماذا حصل معي بحق الله ؟! ، ألم أعدني أني سأحافظ على ملامحي المتقززة على الأقل أمامه ؟!، لما يجب أن تمر تلك الأحداث وبتلك اللحظة تحديدا كمقاطع سينمائية قديمة مسرعة وبصوت غير مفهوم ؛ جميع من مر علي واستغل ذاك الجسد البالي ، بل إستغل ذاك القلب البالي ..
ليعود بعدها ويسكن عقلي .
قطع صوته تواصلي مع أفكاري قائلي " هيا! انزلي.."
ثم ما لبث أن دوى صوت آخر في ذهني إقتلع أفكاري الأخرى من جذورها " كيف عرفت؟!.."ذلك ما تلفظته
" عرفت ماذا؟!"

احتفظت بباقي أسألتي لنفسي ، رفعت نظري للسماء ، لم أجد تلك السماء التي تصورت ، بل وجدت لافته بحجم الحائط كتب عليها بخط جميل ومنمق "  بروفيسور كريستوفر روبنسن- طبيب نفسي متخصص"!!
.
.
.
هل أخبرتني أن لا حياة بعدي؟!..إذا لما خننتني اﻵن؟!، لما تمردت؟! بل لما تمردت يا دموعي..خنتني فحطمتني فأضحكتني....عفوا يا نفسي فكنت أكذبني!..
_1_
.
.
وذلك تماما ماحصل ؛ فتحت عيناي على مصرعيها ،صرخت صرخة مدوية ، تحطم على أثرها قلبي ..
أقلت سابقا أن قلبي تحطم؟!...عفوا كنت أكذب !..
..
.
.
.
.
.
.
.

.
.
عفوا كنت أكذب!...
مرحبا بكم أصدقائي ، أود أن أشكر جميع من ساهم بالقليل لنشر روايتي ، أو حتى من زاد عدد المشاهدات بواحد على الأقل ،
وبالملخص سأقول جزيل الشكر لمن قرأ ، يقرأ،أو سيقرأ الرواية ؛ وأما الشكر المضاعف فيذهب لكل من أضاف صوتا ، تعليقا، أو حتى أضاف روايتي إلى مكتبته .
وشكرا .
....
بالنسبة للرقم واحد المذكور في أواخر الفصل ، سيظهر الكثير منه في الفصول القادمة وهو يرمز إلى ملاحظة يجب عليكم قراءتها على الهامش .
_1_ ويجب لتفهم ما كتبته أن تقرأ تلك الكلمات الأولى من الفقرة ما قبل الأخيرة في صيغة مخاطبة النفس وليس ضمير المخاطب بل الأنا .
شكرا مجددا أتمنى أنكم استمتعتم في هذا الفصل ، أنتظر تعليقاتكم..

ماذا ولماذا ؟!..عالمان!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن