فتح كريم باب منزله ليجد اخر شخص توقعه .
دهش كثيرا من تواجد يوسف امام بابه ... لذا سأله بنبرة خرجت حادة اكثر مما اراد قائلا :
" ماذا تفعل هنا يوسف ؟ "
نظر له الاخير نظرة عتاب قائلا بنبرة هادئة :
" هل سنتحدث علي الباب؟!! ... ألن تدعوني للدخول ؟ "
ابتعد كريم عن الباب بحرج ليدعوه للدخول قائلا :
" تفضل صديقي انت مرحب بك في اي وقت "
دلف يوسف الي الداخل الي حيث صالون منزل كريم الذي يعرفه جيدا .
و ما ان استقرا بمجلسهما حتي قال يوسف بنبرة عاتبة :
" من الجيد انك لازلت تتذكر اننا اصدقاء "
تململ كريم في مكانه و حمحم بخجل فما قاله له سابقا و ما ظنه به من سوء كان يؤرقه ... و كم ود لو اعتذر له عن ذلك بعدما اخبرته نور عن كل شيء .
و ها هي فرصته اتت .. لذلك بدأ تبرير موقفه قائلا :
" انا اسف يوسف... و اعرف ان مجرد كلمة لن تمحي ما تفوهت به ... و لكنك تعرف ماذا تعني نور بالنسبة لي و تعرف ايضا انني لا استطيع رؤية دموعها ... لم اقدر علي_ "
قاطعه يوسف قائلا :
" لا بأس انت لست مضطرا لتبرير اي شيء او الاعتذار ... فانا اعرف اكثر منك ماذا تعني دموعها ... كلما رأيتها تبكي كنت اود ان اقتص ممن تسبب في حزنها أيا كان حتي لو كنت انا المتسبب في تلك الدموع "
صمت و هو يتنهد بحرقة مفكرا فيما آل اليه حالهما ... و لكن كريم لم يتركه لأفكاره طويلا حيث قال بأسي :
" لتلك الدرجة احببتها !! ... و لكن هذا الكلام اصبح بلا فائدة... فقد انفصلتما و ها انت ستتزوج من اخري ... مبارك لك صديقي "
كان متحسرا علي حال صغيرته التي كسرها هذا الخبر.. و لكنه لا يلوم يوسف ابدا فهذا حقه.. كما انه يعرف جيدا مدي الضغوط التي مارستها عليه عائلته .
قهقه يوسف عاليا مما اثار دهشة كريم اكثر و لكنه فسر له قائلا :
" لأول مرة أشك في ذكائك ... هل اعتقدت حقا انني قد اتركها بتلك البساطة ؟!! ... و فوق كل هذا استبدالها بأخري !!! "
" هذا ما اثار دهشتي حقا ... و لكنني اعتقدت انك استجبت لضغط عائلتك "
" لم يحدث ذلك ابدا .. فتركها هو واحد من المستحيلات ... و لكنك تعرف مدي عناد شقيقتك فان لم انفذ رغبتها بالطلاق كانت لتستمر في تلك القضية مما يعني ادخال الغرباء بيننا ... الي جانب تهديدها لي بأنها قد تؤذي نفسها ان لم انفذ رغبتها .
اعتقدت انني ربما ان ابتعدت قليلا ستشعر بغيابي ... و لكن انا من لم اقدر علي ذلك الغياب فلم يمر سوي اسبوعين علي طلاقنا لم اهدأ خلالهما الا بعد ان استعدتها لعصمتي مرة اخري "
" ماذا فعلت ؟ !!!! "
هتف كريم بعدم تصديق فأجابه يوسف بابتسامة منتصرة و هو يضغط علي كلمة يقولها :
" لقد استعدتها لعصمتي ... الان نور زوجتي مرة ثانية "
اتسعت ابتسامته اكثر مع ادراكه لعذوبة تلك الجملة ... فهو لن يستطيع يوما ان يصف الجنون الذي سيطر عليه حينما انتفت عنه تلك الصفة طوال الاسبوعين الماضيين ... الان استعادها و لن يفرقهما شيء فهو جدير بقتل اي معارضة من جانبها ... و هو واثق تمام الثقة من مكانته لديها .
" و لكن ماذا عن الأخرى التي من المفترض ان زواجك منها سيكون الليلة ؟!!!! "
تساءل كريم ليخرجه من شروده ... فأجاب بجدية :
" لا توجد اخري ... لذا ليس هناك اي زفاف ... لقد كانت شائعة حمقاء روجتها امي ردا علي شائعات والدتك ... رغم انني لن انفي انها ارادت ذلك بالفعل "
" و هذا امر اخر يجب علي الاعتذار عنه "
" كما قلت كريم انت لست مضطر للاعتذار او تبرير اي شيء "
قال ذلك مسترقا النظرات لأرجاء المنزل بحثا عنها ... فقد اشتاقت عيناه لرؤيتها كثيرا ... و منذ ان قدم لم يسمع منها اي شيء ... لقد تذكر حاله قبل عشرة سنوات حينما كان يترقب ظهورها .
كان كريم يراقب لهفته بابتسامة متسلية منتظرا ان يسأله عنها.
ولم يطول الامر حيث قال يوسف بلهفة :
" و الان هلا ناديت زوجتي ؟ ... انه الوقت لنذهب لمنزلنا فأمامنا سفر طويل "
لم يرد عليه يوسف فقط ظل يرمقه بابتسامته المزعجة
ازعجه اكثر البرود الذي ابداه صديقه تجاه تلهفه ... لذا بدأ ينادي عليها بنفسه و لكن كريم استوقفه قائلا :
" لا ترهق نفسك بالبحث عنها ... فهي ليست هنا "
تجمد يوسف مكانه فجأة متسائلا :
" ماذا ؟! ... اين ذهبت؟ "
أنت تقرأ
إلا أنت
Roman d'amour"يقال ان التعلق نصف موت... و لكن معك هو الموت بذاته . و تعلقي بك كان انفصال للجسد عن الروح ... تلك الروح التي لازمتك في الغياب مخلفة جسدا بلا حياة. و رغم بعدك كنت هنا ... معي في كل دقيقة و ثانية من يقظتي و احلامي .. احملك بأقصى اغوار روحي تطرفا...