(1) الأول

604 30 16
                                    

خرجتُ لأتمشى قليلاً. السماء جميلة تزينها النجوم والقمر بدراً يتلألأ في أعاليها. مررت بمحل البقالة فتحركت في نفسي شهوة الجوع. ألتقطت مغلف مقرمشات البطاطا الجاهزة و مغلف علكة بطعم النعناع و خرجت من محل البقالة.

ما أن خرجت حتى لمحتُ مقابلي فتاة فائقة الجمال،
"إنها تنظر إليَّ بغرابة شديدة" - قلت ثم غضضتُ بصري متابعاً سيري صعوداً أعلى التل حيثُ أسكن.  حين وصلت أعلى التل خطر ببالي خاطرٌ عجيب، قد تكون فتاةً فقيرة جائع، وإلا فما وقوفها بباب البقالة ليلا،ً وقد يكون أيضاً لفتَ إنتباهها مغلف مقرمشات البطاطا بيدي فتحركت معدتها رغبة بالطعام.

"هيي أنت أيها الشاب" - سمعتُ صوتها تنادي فألتففت وإذ بها تركض تجاهي صعوداً.

عندما وصلت، توقفت لفترة علَّ أنفاسها تعود ثم قالت:
"هذه محفظتك أسقطتها وأنت خارجٌ من محل البقالة، تفضل!"

تفقدتُ جيبي. "قد سقطت منيَّ سهواً شكراً لك" - قلت مستلما محفظتي، ما أن أخذتها حتى رحلت الفتاة مسرعة الخطى نزولاً.

"ههههه وجدت محفظتي!" قلت ضاحكاً، يا لي من بليد، أعادت محفظتي.
تفقدت المحفظة وإذ بها فارغة. بدء دمي يغلي. ركضتُ بأقصى ما أستطيع عليَّ أمسكها.
عندما أدركتها، صرخت "توقفِ رجاءاً"
ألتفتت إلي ثم قالت بعجب "ما بك!"
"إذا كنتِ بحاجة المال، أعملِ للحصول عليه، لا تسرق مال الغير!" - قلت
"العفو هل هذا جزائي لإعادتي محفظتك، يالك من بليد.
لم قد أعيدها لك إن كنتُ لصة" - تحدثت الفتاة بثقة باهرة.

"حقا إني آسف، يا لي من متسرع!" - قلت ثم رحلت محتارا.
"سأعود لمحل البقالة، لعلي أسقطت نقوديَّ هناك"
- حدثت نفسي وانطلقتُ مسرعاً لمحل البقالة.

ما أن دخلت محل البقالة حتى قفز البائع علي،
"أين رحلتَ هكذا، لم تدفع ثمن مشترياتك بعد!"
نظرت إليه بعجب، "ماذا قلت؟؟" - صرخت
بدء البائع بالضحك، ثم قال "لا عليك وانت هارب من محل البقالة سقطت منك ورقة نقدية من فئة العشرة دنانير، خذ  باقي مالك، خصمتُ ثمن ما أشتريت، أنتبه في المرة القادمة، كيف تمشي بالشارع بهذا الشكل، هل أنت نائم، ههههه"- عاد البائع لعمله يضحك ملئ فمه.

خرجت من محل البقالة مذهولاً. تابعت سيري صعوداً أعلى التل وقد تكدر مزاجي، يا له من يومٍ غريب.

عند باب منزلي توقفت رافعاً يدي أنظرُ ساعتي، إنها العاشرة مساء، إنها الأولى و الأخيرة، سأعتادُ النوم بعد صلاة العشاء.

"هي أنت أنتبه لقدميك"- صوتٌ خافت دنا، نظرت يميني وإذ به قطٌ سمين برتقالي اللون بليد الوجه كئيب الملامح، أخذ عتبة بابي سريراً له.

أغمضتُ عينيَّ مرارا، قرصتُ يدي لعلي أستيقظ، هل أحلم؟؟

"الله أكبر،  قطٌ يحدثني!"

كيف تقتل فيلا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن