(2) الثاني

217 18 8
                                    

بدأ يومي بإطفاء المنبه، صوته المزعج أيقظني كالعادة في الصباح، إنها الخامسة. ركضتُ مسرعاً، توضئت وخرجتُ من منزلي لأدرك صلاة الفجر جماعة في مسجد حيينا - المنطقة السكنية حيثُ أقطن-.

وقتُ الفجر لا يضاها، عبق الأرض يشعرك بالسكينة. بعد ليلٍ صيفي طويل وقبل شروق الشمس بعشرين دقيقة غمرتني نسمة هواء بارد عليل، للهواءِ فيها رائحة الجنة، لعجلتي بإدراك الصلاة لم أرتدي سترتي، أرتجفُ برداً، ركضتُ مسرعاً لمنزلي.

نظرتُ عتبة المنزل، هل كان حلماً ما رأيته بالأمس، ذلك القط السمين، يريدني أن أقتل فيلاً، ههههههه، إنفجرت ضاحكا.

عندما دخلت المنزل، ما لبثتُ لحظات حتى رأيته خلف الباب ينتظرني بأمل بدا على مُحياه فأتسعت عينيه وأنبسط فمه لرؤيتي."ميييااااووو، تقبل الله طاعتكم، هل أنت جاهزٌ الآن؟!" - قال القط

"أين رحلتَ هكذا، أختفيت بلا سابق إنذار كما ظهرت أيضا. هل أنت جانٌ من الجن، أم ضاقت دنيا القطط بك، لتسخر من البشر فلم تجد سواي يُمتعك!!"- لا مباليا تحدثت

تقهقه القط للوراء خطوات وألتف ليقفز بخفة عجيبة ويصغر حجمه فيستقر على كتفي بشكل عصفور دوري صغير زاهي الألوان.

"هل هذا سحر!!" - قلتُ عاجبا
"أغمض عينيك." - قال العصفور الدوري

لا شعورياً أمتثلت له فأغمضتُ عينيَّ.
"ماذا الآن؟!" - قلت
"أفتح عينيك وأنظر حولك." - قال العصفور

فتحتُ عيني لأرى أرضاً زاهية الألوان. أعشاب خضراء فرشت الأرض وآلاف من الزهور تزينها؛ زهور إقحوانية و أخرى صفراء وعلى يميني حقل زهور حمراء وعلى أمتداد بصري غابة أشجار ضخمة بسيقان طويلة تكادُ تخرق السماء.

"أين نحنُ الآن؟!" - قلت

طار العصفور من على كتفي، لينفجر مخلفا مكانه بخاراً أبيض. هبط على الأرض من بين الدخان قطٌ صغير برتقالي اللون لطيف. " أتبعني. " قال القط وهرول ناحية الغابة أمامي.

ركضتُ بأقصى ما أستطيع، يا لسرعته، عندما حطت قدماي أرض الغابة، شعرتُ بالأرض تحركت من تحتي، نظرت لقدمي وإذ بيَّ أرتفع، عدتُ ببصري لأعلى لأرى ذلك العصفور الدوري يطيرُ محلقاً. توقفت الأرض عند شجرة ضخمة عجوزة، أنظر لأرى مدينة بنيت على ظهرها. "يا لضخامتها!!" قلت.

هبط العصفور ليحط على سطح الشجرة المستوي، يا لغرابتها، يخرج من سطحها العديد من الفروع وي كأن طريقا فتحت وأرضا سويت ليقطن من يقطن عليها.

"هيا بنا، سامر تقدم، ملك القطط بإنتظارك" - قال العصفور وقد عاد شكله تدريجياً للقط البرتقالي السمين.

"هل ذلك القط اللطيف الصغير، ابنك؟!" - قلت متسائلاً
"بلى، هيا بنا، تحرك من مكانك لا تعطل المصعد" - قال القط
نظرت قدمي وإذ برأس سلحفاة يخرج من بين التراب
"هيا تحرك، هل سأنتظرك طيلة اليوم، تحرك" - قالت السلحفاة العملاقة.
قفزتُ للشجرة وتبعت القط بعجبٍ شديد.

كيف تقتل فيلا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن