البارت الخامس من حب للبيع ...
تأليف لينا عبدالله .
الصدمة أخرست كليهما بل وعجزا عن الحركة أيضًا ، أيعقل أنها صدقت أنه حبٌ حقيقي ؟!
و عندما انخفضت تارا بدورها لتواجه وجه الطفلة الحزين ، لفت نظرها ذلك اللون الأزرق الذي يشوه بشرة ساقيها ، فترفع فستانها بشكل بسيط ليظهر لها كدمات زرقاء و أخرى حمراء.
شحب ليون من منظر تلك الكدمات و ما زاد من شحوبه ، أثر حروق السجائر التي لاحظها في كل من مؤخرة عنقها و أعلى ذراعيها .
نظر كل من هما للآخر و علامات الإستفهام تشوش دماغيهما ، و الجواب بسيط و لا جدال فيه ، من الواضح أن هذه الطفله ضحية للعنف .
سألت تارا و علامات القلق تحتل وجهها النحيل شيئًا فشيئًا ...
-ما الذي سنفعله ؟ إن العنف جريمة .
أجابها ببساطة و قد ارتفع عن الأرض واقفًا ...
-سنخبر الشرطة بالطبع .
و ما إن استقرا على رأي ، حتى أقبل السيد باول من بعيد ، فيغيرا رأيهما ، و بدلًا من الشرطة يدخلان إلى المتجر مجبرين .
دخل السيد باول و الغضب جعل من حاجبيه السميكين الأبيضين أكثر قبحًا و قربًا ، بدا ثائرًا بينما يبحث عنهما في أرجاء المتجر ، و ما هي إلا ثوانٍ حتى خرجت تارا من المخزن و بين يديها الإعلان الجديد.
ليتبدل حال السيد باول الجشع ، فيحل محل الغيوم و العواصف التي تحيط رأسه ، شمسًا مشرقة و سماءً صافية ، كشر عن أسنانه شبه البيضاء ، ليهلل بعاملته المجتهدة ...
-أحسنتِ يا تارا عملٌ مدهش بل رائع .
لتبتسم المقصوده ، رغم حبيبات العرق المتجمعة على جبهتها من فرط التوتر ، فليون يجلس مع الطفلة في المخزن ، و القلق يكاد يقتلها خشية أن يعلم السيد باول بالأمر ، فيطرد كليهما .
و بعد نصف ساعة تقريبًا قرر السيد باول أخيرًا المغادرة ، لتتنفس تارا الصعداء و تسرع إلى المخزن .
سألت و قد أثار استغرابها تعابير وجه ليون غير المفهومة ...
-ماذا ؟! هل حدث شيء ما ؟
التزم الصمت فترة قبل أن يجيب .
-الطفلة لم تنطق بحرف ! كل ما تفعله هو التمته ليد دميتها المقطوعة ، لا أدري ما العمل يا تارا ، أعني انظري إليها تبدو لي كالمجنونة .
هوت تارا على أقرب كرسي و قد انهكها التوتر سابقًا ، لتفكر بشكل جدي بما يقوله ليون ، و قد كان بلا شك محقًا إنها تبدو غريبة .
-إذًا ماذا تقترح ؟
أجاب بلا مبالاةٍ اغاظت تارا حتى الجنون ...
-أن ندعها تذهب ، و ألا نحشر أنوفنا بأمر لا شأن لنا فيه .
و ما إن أنهى كلماته تلك ، حتى قفزت تارا من مقعدها و صفعته !
-يالك من قاسٍ متحجر القلب ، إن أردت يمكنك الإنسحاب أما أنا فلن أفعل ذلك أبدًا .
و غادرت بعد ذلك المخزن برفقة الطفله ، لا تعلم إلى أين ، و لكنها عازمة على تخليصها من معذبها .
أما ليون فقد ظل جامدًا في مكانه ، يده تتحسس مكان الصفعة و عينيه تراقب الباب حيث خرجت تارا منذ قليل .
و بعد ساعتين من التجوال في أرجاء المدينة دون هدفٍ محدد برفقة الطفلة ، قررت تارا أن تؤجل أمر الشرطة إلى الغد ، و أن تصطحب الطفلة معها إلى المنزل .
و هناك حضرت لها طعامًا و فراشًا ، و حاولت مخاطبتها مرارًا و لكن دون جدوى ، و الطفلة التزمت الصمت القاتل .
و في المساء سمعت تارا صوت خشخشة قادمة من الخارج ، في البداية لم تُعر الأمر أهمية ، إلى أن تذكرت أمر وجود الطفلة ، لتخرج من السرير فزعة ، فتجد باب منزلها مفتوحًا على مصراعيه ، و الطفلة مفقوده !
احتارت تارا ما تفعل ، ترى أين اختفت الطفله ؟!
فكان خياراها الوحيد أن تطلب مساعده ليون و قد كان بالفعل أهلًا للمساعدة ...
-أعلم ، فأنا أتبعها الآن .
صُدمت تارا و بصوتٍ عالٍ نطقت ...
-تقصد الطفلة !
ليجيب الآخر هامسًا ...
-أجل ، أما الآن فوداعًا .
و أغلق الخط ليجعل تارا في حيرة ، ترى كيف علم بهروبها ، أتراه كان يتوقع ذلك ؟ و فعل فعلته تلك صباحًا ، لتصتطحب الطفلة معها إلى المنزل !
تجاوزت الساعة الخامسة صباحًا و ليون لم يظهر بعد ، أما تارا فقد حفظت عدد الشقوق في الأرضية من كثرة ذهابها و إيابها ، إلى إن طُرق الباب و جاء الفرج ، ليكون الطارق ليون و لكنه خالي اليدين .
-أين الطفلة ؟ ماذا حدث ؟
دخل دون أن يجيب على أيٍ من أسئلتها ، إلى أن احتل الأريكة في المنتصف ، و طلب ...
-كأس ماء .
أسرعت إلى المطبخ و أحضرت ماطلب ، لتجلس القرفصاء قِبالته و تستفسر ، فيسعفها بإجابة واحدة يتيمه ...
-عادت إلى منزلها و والدها .
و من صدمتها سقطت على الأرض لتسأل ...
- و أنت لم تفعل شيئًا ؟
ليرفع كفيه دون حول و لا قوة ...
-و ما عساي أفعل يا تارا .
#يتبع
رأيكم؟
قرأت البارت ، فضلا صوت 🌟
أنت تقرأ
حب للبيع ! |©2017
Cerita Pendekطفلة غريبة حمراء الشعر خضراء العينين ، اقتحمت حياة العاملة البسيطة تارا دون سابق إنذار ، لتحوَّل رتابة أيامها و سكون حياتها إلى زوبعة قلبت حاضرها رأسًا على عقب ... و أما الفتيل الذي أشعل نار الخراب ، لم يكن إلا سؤالٌ بسيط خرج من ثغر الطفلة بعفوية...