وصية

113 9 2
                                    

طيري كما تطير العصافير.. حلقي في سمائك الخاصة ولا تدعي كائنا من يكون يحدد مسارك او يقيمك
فقد خُلِقتِ فتاة حرة.. شرفك الله أن خلقك على فطرته وأبقاكِ عليها.
إخلقي ظروفا تناسب أحلامك لا أحلاما تناسب ظروفك.. كوني فخرا وعزة لأبواك و قدوة لصديقاتك
وليكن الإسلام دينك و سنة رسول الله مذهبك و القرآن كتابك و الوسطية مبدأك أينما ذهبت... كوني سلاما على كل أرض تطئينها.
تذكري أنكِ خرجت من قلعة الإسلام و فنارة العلم.. الأزهر الشريف و أنكِ فتاة مسلمة شرقية عربية مصرية، فلا عِز ولا شرف بعد ذلك.
ولتكن صلاتك قلعتك الحصينة وثيابك حدودك المنيعة وليكن الله لك حافظا ما حييتِ... في حفظ الله ورعايته يا صديقتي.

_أنهت يارا خطاب صديقتها المفضلة راما، وهي تستعد للإقلاع بعد أن أنهت مكالمتها مع والديها...

راما فتاة شامية جميلة عاشت في مصر لسنوات.. درست في الأزهر و رافقت لارا منذ ذلك الحين، هي خير مثال لصديق الخير والرحمة.. كلتاهما نشأتا على الحب والخير والرحمة فتألفت روحهما
ولكل منهما مميزاتها الخاصة التي تطبعها في قلب وروح الأخرى وما في الدنيا خير من صديق يعلمك تقوى الله وحبه... ويوصيك بنفسك.

_ها نحن ذا نستعد للإقلاع... جاء مقعدي بجانب النافذة وهو أمر عظيم، أظنه حظ المبتدئن كما يقولون... إنها المرة الأولى وأخاف أن أصرخ... سأقرأ بعض الأيات بينما ترتفع الطائرة في السماء وأغمض عيناي و... هاهاها هذا فقط؟!
كان إقلاعا لطيفا ولم أخف إطلاقا
كما أن المنظر يبدو غريبا من الأعلى، جميل ومميز، تصغر المباني والسيارات كلما ابتعدنا، ما أراه الأن يذكرني بالنظر للخريطة، يشبهها تماما، بل أكاد أجزم انهما متطابقان.. سبحان المبدع الخلاق.
سأكتب قليلا....أشاهد فيلما؟! لا فيمكنني فعل هذا لاحقا... أظنني سأسترخي وأنام... لا لا يمكنني النوم وتفويت هذا المنظر المبهر
أعتقد أن افضل شئ لفعله هو أن أرخي حزام الأمان قليلا لف تلك البطانية حولي للتدفئة وأخيرا أن ألصق وجهي بالنافذة طوال الخمس ساعات حتى نصل لوجهتنا.
لن أعيش كل يوم لأرى نفسي أطير فوق دول وبحار ومحيط.
"رحلة عبر البحار" او فوق البحار لا أعلم
أحتاج لتحسين أحرف الجر في كلامي.
المهم هو أنني في السماء "الأولى" ، أتساءل أحيانا ما كان شعور النبي محمد صلى الله عليه وسلم حين صعد سبع سماوات وقابل الانبياء السابقين..حين رأي الله ووجد إسمه مقترنا باسم الله العظيم على العرش يقشعر بدني لمجرد الفكرة حقا، ونحن البسطاء نطير في ادنى سماء ونظننا حققنا المستحيلات .
انا بالفعل متحمسة لكنني خائفة أيضا، فأنا بمفردي ذاهبة لبلد غريبة عني في كل شئ، لحضور مؤتمر كبير والتحدث فيه، ماذا إن اخفقت، ماذا إن تلعثمت، ماذا إن تحدث بالانجليزية من فرط التوتر كما أفعل دائما.... رأسي فيه أفكار غبية قليلا فأنا بالفعل سأتحدث الانجليزية لذا لا خوف من تلك النقطة، لكن العديد من التساؤلات والمخاوف ماتزال تدور في رأسي وأنا مرهقة وأغرق بالنوم ولكن لا، لا يمكن أن انام بهذا المكان الرائع، أظنني سأشاهد عِظم خلق الله وأُسبح حتى نصل.

لندن الغائمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن