وقف فرانس امام نافذة منزله وهو ينظر لذلك الثلج الذي بدأ بالهطول
سارت امه بقربه وهي تقول ( ارتدي شيئا ثقيلا فرانس الجوء بارد ، لقد جاء الشتاء باكرا هذا العام ) لم يقل فرانس شيئا فقد كان عقله مشغولا بالتفكير في ريوتو ، لقد مضى اسبوع كامل ولم يزره ابدا ولكنه حقا في موقف حرج فهو واقف في المنتصف أيقف مع صديق طفولته ام مع رفيق دراسته ؟!! إنه حقا خيار صعب
.
.
.توقف الثلج عن الهطول فخرج ريوتو بعد ان ارتدى معطفا جلديا كبيرا ورغم ذلك لم يكن يقيه من قرصات البرد الشديدة
جلس على ذلك الكرسي الخشبي في حديقة المنزل التي انكسى فيها ذلك العشب الاخضر بلون ابيض
لاحظ ريوتو لذلك الشخص الذي يفتح سور الباب والذي كان فرانس فاشاح ببصره بعيدا فمجرد رؤيته له تؤلمه
اقترب فرانس منه بخطواط مترددة وهمس ( ريوتو...) قال ريوتو بسرعة ( ابتعد من هنا ) قال فرانس ( ليس قبل ان تسمعني ..) قال ( لاشئ يقال بيننا ) ونهض ليبتعد فامسكه فرانس من ذراعه وقال ( يجب ان اوضح لك سوء الفهم الذي حدث...) استدار ريوتو وقابله بوجهه وازاح يد فرانس من ذراعه وقال وهو يضغط على الكلمات ( انتبه فرانس، لا يوجد مايمكن توضيحه.. كل شئ بيننا انتهى عند باب المستودع ) واتجه الى الباب فصاح فرانس ( لم اكن اعلم انه سيفعل ذلك لو كنت اعلم لما ساعدته صدقني ) لم يهتم ريوتو بحديث فرانس ولم يحمل نفسه هم الالتفات اليه
غرزت احدى عكازات ريوتو على الثلج ففقد توازنه وهوى ساقطا لولا ان امسكته يدي فرانس وهو يقول ( انتبه ) توقف ريوتو وابعد يدي فرانس عنه بقوة وهو يقول ( لا تلمسني ) قال فرانس ( استمع الي ...) صاح ريوتو ( اصمت لا اريد ان اسمعك ، انتهى كل شئ بيننا فرانس لقد اخطأت عندما منحتك ثقتي ولكنني لن اكرر ذلك ..) قال فرانس ( امنحني فرصة اخرى...ساثبت لك ) ابتسم ريوتو بسخرية وقال ( ان الثقة لاتتحمل فرصة اخرى ، صدقني هي لن تعود ولو منحت الف فرصة )
ثم نظر في عيني فرانس الذي لم يقل شيئا فكلامه صحيح فقال ريوتو ( هذه النهاية ...لا اريد ان اراك مجددا فرانس ولا ان اسمع عنك شيئا...لقد انتهى مابيننا...انتهى) ثم فتح باب المنزل ودخلبدأ الثلج يهطل من جديد واخذت ملابس فرانس وشعره يمتلأن بالثلج وهو يسير ببطء باتجاه منزله وقد كان يفكر فيما حدث وقد خلا وجهه من التعابير فهل كل شئ بينه وبين ريوتو انتهى ؟؟ حقا؟؟ بسبب سوء فهم تنتهي علاقة سنين بثواني معدودة والاسواء انه لمس مكانا حساسا جدا وهو الثقة
اشارت الساعة الى العاشرة والنصف ، انتهى كازو من دوامه وكان لابد ان يعود للمنزل فجاء اليه مورينو ببعض الاوراق ليوقعها وسأله ( كيف حال ريوتو ؟؟) اجاب ( انه بخير ..) قال مورينو ( انت تعلم ان احتمال استعادته لذاكرته اصبح ضئيلا جدا بل شبه مستحيل بعد اصابات رأسه ..) أوما له كازو ثم قال ( ولكنني لن استسلم وبما ان الاحتمال لم يصل الصفر فسيبقى لدي امل ) تثأب مورينو وقال ( حسنا انا ذاهب ) قال كازو ( لن تجد سيارة اجرة بسهولة في هذا الوقت ما رأيك ان اوصلك ؟) اجاب بحماس ( في الواقع لست امانع ابدا ...) قال كازو ( لاتعتاد على هذا الامر ) صعدا السيارة وتحركا
كان كازو يفكر بامر ريوتو طوال طريقه فربما لايستطيع ريوتو ان يستعيد ذاكرته ابدا وهذه مشكلة كبيرة وهكذا سيبقى لغز مقتل عائلته سرا
- ( توقف )
انتبه كازو لصوت مورينو فتوقف بسرعة لدرجة جعلت جسد مورينو يندفع للامام فقال كازو ( ما الامر ؟؟) قال ( اين شردت انت ؟ لقد كنت اناديك عدة مرات ، لقد فوت منزلي ) قال كازو ( اسف ، كنت مشغولا بالتفكير ..ساعيدك ) قال مورينو وهو يترجل من السيارة ( لالا انت لم تبتعد كثيرا وساعود مشيا ...تصبح على خير ) قال كازو ( تصبح على خير ) ثم تحرك باتجاه المنزل
.
.
.مرت عدة ايام تماثل فيها ريوتو للشفاء واصبح قادرا على السير بدون العكازين ، كان يرى كودا لمدة قصيرة في المنزل وغالبا في اوقات الوجبات عدا الليلية لانه يسهر خارجا بالتاكيد
بدأ كازو يقسو في معاملة ابنه فهذا الحل الوحيد لجعله يتغير وكان يضربه احيانا اذا استلزم الامر
وفي احد المرات التي ضايق فيها كودا ريوتو انهال عليه كازو بالصفعات وبأت كل محاولات هيلين في منعه بالفشل
امسكت هيلين بابنها وضمته اليها وقالت لكازو ( لما تضربه هكذا؟؟) اجاب ( دلالك له قد افسده ...) صاحت ( ومن اجل ولد غريب تضربه ) صاح كازو بها ( لاترفعي صوتك ) كان ريوتو واقفا قرب باب غرفته يستمع لما يحدث وهو صامت فماذا يقول ؟! هو السبب في كل المشاكل التي تحدث في المنزل ، وكازو من اجله قد حارب كل الناس
رمقت هيلين ريوتو بنظرات غاضبة جعلته يتوارى خلف باب غرفته وقد جحظت عيناه فهل ما حدث الان سيكون بداية مشكلة اكبر ؟!خرج كازو في صباح اليوم التالي باكرا وكعادة النساء عند الغضب فهيلين لم تحدثه منذ ليلة امس
بقي ريوتو داخل غرفته فهو لايريد ان يقابل هيلين بعدما حدث
- ( ريوتو ...ريوتو..)
خرج ريوتو من الغرفة بعد ان سمع هيلين تناديه فوجدها واقفة قرب الباب وقد رسمت على محياها ملامح غريبة لم يفهمها ريوتو
اقترب منها فقالت ( المشكلة التي حدثت بالامس لا اريد ان تنعاد مجددا لذلك يجب ان تغادر هذا المنزل ) تفاجأ ريوتو بما سمع فهل هي تمزح !! قال بصوت خافت ( الى اين اذهب ؟؟) صاحت بغضب ( لا يهمني فقط اخرج من هنا ) نزل هذا الكلام كالصاعقة على ريوتو فأين يذهب ؟ وفي هذا البرد الشديد !
تكلمت هيلين ( الان ..) واتجهت وفتحت له الباب وكأنها تقول له اخرج
اتجه ريوتو بتثاقل نحو الباب ، لو كان كازو هنا لما فعلت به ذلك
قالت هيلين ( انا لا اريد مشاكل في منزلي انا في غنى عنها ، لقد اخبرت كازو منذ البداية انني خائفة من ان تجلب مشاكل لنا وكنت محقة ) لم يكن ريوتو يسمع اي كلمة مما تقوله فعقله مشغول بالتفكير
عندما اقترب من الخروج قالت هيلين ( توقف ..) التفت اليها ريوتو فقالت له ( كازو لن يعلم عن هذا الامر...) لم يقل ريوتو شيئا فقط ظهر على محياه الحزن وقد كان واضحا
اتجهت خطوات ريوتو البطيئة الى الباب فاوقفته هيلين ( توقف ) التفت للمرة الثانية فمدت له مالا وقالت ( خذ هذه دبر بها حالك...) ابتسم ريوتو فرغم كل هذا مايزال في قلبها طيبة الامومة ، هنا تمنى ريوتو لو ان امه كانت معه ، هي ما كانت لتطرده من المنزل ولكانت اهتمت به واحبته
قال لها ( لا اريدها ) ثم التفت مجددا واتجه للخارج وتمنى لو انها تستوقفه مجددا فهو يريد البقاء في هذا المنزل اطول ولكن امله خاب بعد ان اغلقت الباب خلفهنظر للباب المغلق بأسى ثم اتجه وخرج من ذلك السور واخذ يسير بين شوارع المدينة التي خلت تماما من المارة فالثلج يهطل بغزارة مانعا الناس من الخروج
كان كودا جالسا امام التلفاز وعيناه مثبتتان عليه ولكن عقله كان يفكر فيما حدث الان فهو قد شهد طرد امه لريوتو وفكر ( يجب ان اكون سعيدا لاخراجه من المنزل ولكن لما انا لست كذلك ؟ لما لايعجبني هذا الامر ؟ لا اصدق هل بدأت اشعر بالذنب ؟؟ لا ...أهو الندم ؟؟ لا...انا لا اندم ابدا ...ابدا ).
أنت تقرأ
الذاكرة المفقودة ( مكتملة )
Mystery / Thrillerيعود ذلك الشاب بعد ثلاث سنوات من اختفائه ليكون الامل الوحيد لكشف جريمة قتل عائلة باكملها وحرق منزلهم ولكنه كان فاقدا للذاكرة يقوم احد الاطباء بتبني علاجه ليعيد اليه ذاكرته المفقودة فهل ستعود اليه ذاكرته ؟ ويكتشف ماحدث قبل ثلاث سنوات ؟ واين كان الش...