الحلقة الثالثة

463 18 8
                                    

هاقد أتت اللحظة التي ستقابل فيها العريس المزعوم...سمعت صوت الجرس الذي يرن...و الخادم الذي يفتح الباب مرحبا بقدومهم...إنها ليست مرتها الأولى و ليست الأخيرة...ولاكنها ملت من الاسئلة السخيفة التي يسألها أي شخص أتى لرؤيتها...حقا لقد ضاقت ذرعا بكل هذا...دخل والدها الغرفة ليراها شاردة الذهن وليست معهم...اقترب منها ليربت على كتفها قائلا:" هيا يا ابنتي الناس ينتظرون....أنا أعلم جيدا انك سترفضينه هو الآخر...ولاكن على اللأقل تحاوري معه اعلميه سبب رفضه لكي لا نحرج والدتك التي سعت جاهدة لرتيب هذه العلافة..."

تنهدت سنايا قائلة:" حسنا أبي...فعلا أي حال هذا ما كنت سأفعله...لا تقلق عن أدع أي حرج يصيب أمي...والآن هيا للنزل..."

في الأسفل كان بارون جالسا وهو يشعر بالضجر...و يجول بعينيه في أنحاء القصر...صحيح انه ليس بمثل فخامة قصره؛ ولاكنه واسع و كبير و ذو طابقين...لديهم حديقة واسعة تسعد الناظر إليها...لابد و أنهم يعتنون بها جيدا و سيعطون كل ما في قلبهم من حب حتى أصبحت خضراء و ذات ألوان مبهجة...هناك أرجوحة أيضا...لابد و أنها لابنتهم هي من أحضرتها و تجلس عليها...و بينما هو يقلب عيونه بملل...توقف عند الدرج حيث وجد حورية تنزل متأبطة ذراع والدها...هل هذه فتاة عادية مثلهم...لا لإنها إهانة بحقها و حق جمالها...لقد جال العالم...رئى من يقاس بهن الجمال...من عارضات و ممثلات إلى غير ذالك...ولاكنه ابدا لم ترى عيناه من هي أكثر سحرا و برائة منها...لقد فقد إحدى دقاته من دون أن يشعر...كيف يمكن للعقل البشري ان يتحمل جمال فستانها المتطاير من حولها...و شعرها المنسدل على كافة ضهرها...و عيونها التي لم يرى بمثيلها أبدا ...كل هذا كوم و حذائها ذو الكعب العالي الذي يصدر صوتا كلما اصطدم بالارضية الرخامية و كأنه يتحداه أن يجد بها عيبا كوم آخر...

كلما زاد إقترابها منه زادت أنفاسه بالصعود...لا يدري مما هو متوتر...يشعر و كأنه لأول مرة يقابل فتاة...حتى حبيبته التي إعتبرها جميلة بشعرها الأشقر القصير على الموضة و جسدها الممتلئ قليلا بعيونها الزرقاء الضيقة ما عادت ذات جمال منذ وقعت عينيه على هذه الفانتة...كانت هي تنزل الدرج رفقة والدها كما إعتادت دوما إلى ان لفت نظرها ذالك الشاب الجالس في البهو وهو يقلب عيونه بملل إلى أن توفق عندها...لا يمكنها أن تنكر أنه جذاب بعيونه البنية الصارمة وشعره الأسود الحريري...مع ملامحه الجادة و ملابسه التي جعلته يبدوا شابا...إنها محضوضة حتى ولو أنها سترفضه ولاكنها سعيدة أنها أخيرا وجدت شابا يبدوا عليه سمات الإستقلال الفكري و العملي...

إقترب منه بخطى متمهلة ليقف هو إحتراما و ذوقا...مدت يدها لتصافحه ليمسكها برقة مبادلا إليها ابتسامتها الخلابة...جلست بقربه لعدة دقائق...تريد التحدث إليه على إنفراد...و لاكن كيف ذالك مع هذا التجمع الجالس بقربهما...نظرت لوالدها تستنجد به ليومئ برئسه لها متفهما...

راجنات بإبتسامة:" ما رئيكم لو ندع الأولاد يتحدثون على راحتهم في الحديقة...فهما لا يمكنهما التعرف وهم يجلسون محاصرين بينا..."

دايال متفهما:" أجل هذا بالظبط ما كنت على وشك قوله...إذهبوا يا أولاد..."

زفر بارون و سنايا بإرتياح فكلاهما بحاجة للتحدث براحة مع الآخر...وقفت سنايا أولا ليتبعها بارون وهي تشير إليه أن يجلسوا على الأرجوحة ...ما إن جلسوا حتى تحدثت سنايا و كأنها فرصة ثمينة و تخاف تضييعنا من بين يديها:" أنظر أنا أعلم تمام العلم بأنك مجبر مثلي على المجيئ إلى هنا و مقابلتي...و لذا سأوفر عليك السؤال...أنا غير موافقة..."

لم يتحدث بارون للحظات و هو يرى إندفاعها و كأنها كانت تنتظر الفرصة لللإنفجار  من كل هذه المقابلات التي لا جدوى منها...

"حسنا إهدئي و خذي نفسا عميقا...جيد أنك فتحتي الموضوع فأنا أيضا أتيت هنا برغبة مصرة من والدتي ليس إلا...و لاكن رفضنا لا يعني أننا لن تصبح أصدقاء أليس كذالك..." كان بارون يتحدث بتمهل و إبتسامة و هو لا يزيح نظره عن عينيها...

"أتعلم شيئا...هذه أول مرة يخبرني فيها الشخص الذي رفضني و رفضته ان نكون أصدقاء...و لاكن بالطبع ليس لدي مانع..." كانت تتحدث إليه بأريحية و كأنها تعرفه منذ زمن...و هو أيضا ارتاح إليها و وجد أنها فتاة مثقفة و جميلة...تبادلا أرقام هواتفهم و إتفقوا على الالتقاء في أقرب فرصة ممكنة...كانت شرميزا و أنبورنا تأملان أن يتم هذا الزواج...ولاكن للأسف آمالهم ضربت عرض الحائط...و بعد ذالك اليوم أصبحتا لا تطيقان بعضهما و لاتتركان فرصة لتجريح بعضهما...أما دايال و راجنات فقد أصبحوا أصدقاء مقربين و رفض العلاقة لم يؤثر عليهم...فبالنهاية هذه حياتهم...وهم من يقرروا ما الذي يريدونه و مالذي لا يريدونه...

مرت أيام عديدة...و لم يتحدث بارون و سنايا مع بعضهما...فكلاهما كان مشغولا بعمله...بارون كان سيدخل مناقصة جديدة فكان منشغلا بدراسة أوراقه...و سنايا كانت تحضر معرضا جديدا لأنها تريد ترك بصمتها هنا أيضا...و لم تسنى ان تبعت دعوة خاصة لبارون الذي فرغ نفسه تماما لحضور معرض لوحاتها...و أتى اليوم الذي انتظرته...بعد تأكدها من أن كل شيء جاهز...ذهبت لمنزلها لتستحم وترتدي ملابسها...ثم استقلت سيارتها المرسيدس السوداء لتعود لمعرضها و تستقبل زوارها...

بعد فتح المعرض و جدت الناس تندفع و كلهم حماس لرؤية لوحاتها...كانت منشغلة عندما وصل...بحث عنها ليجدها تقف وسط حشد من الناس بفستانها الأحمر الكشميري ذو الحمالات الرفيعة و الذي ينسدل على جسدها الناعم و حذائها ذو الكعب العالي بنفس اللون يضهر جليا في تفرقة فستانها في الوسط...أما شعرها فقد جمعته فوق رأسها و تركت بعض الخصلات تنسدل على وجهها...لم تظع من المساحيق سوى أحمر شفاه فاقع...يجعلك تتمنى أن تسرق قبلة منها...و بعض الماساكرا لرموشها الكثيفة و التي جعلتها تبدوا حورية متكاملة الحسن و الجمال...فسبحان من خلقها...إقترب منها ببذلته الرمادية كلون عيونها الساحرة و وسامته التي أوقعت قلوب النساء من حوله...نظرات الحقد و نظرات الإعجاب و التمني واضحة في عيونهم و هو يتقدم ناحيتها...مهديا إياها باقة ورود حمراء و مقبلا يدها أمام الجميع...حتى أن الصحافة صورت هذا الحدث الذي يبدوا و كأنه أقرب إلى الخيال من الحقيقة...حتى أن سنايا ذهلت و شلت أطرافها من الصدمة...و لاكنها إبتسمت محاولة الثباث و عدم إظهار أي ملامح متفاجئة....و التتحاسب معه فيما بعد...

 #ﺳﻠﺴﻠﻪ_ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ_ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﻭﻥ #{ﺍﻟﺠﺰء ﺍﻷﻭﻝ} ﻟﻢ_ﺍﻓﻜﺮ_ﻓﻲ_ﻫﺬﺍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن