الحلقة السادسة

406 18 9
                                    

أفاقت من صدمتها و دعته للدخول حتى يتحدثوا براحتهم...أغلقت الباب بإحكام بينما هو يتجول بناظريه في البيت...لقد جعله يشعر بالسنين الفائتة حينما كانوا مع بعضهم...البيت كان واسعا و كل شيء فيه كان متناسقا...فهي مهندسة ديكور قبل كل شيء...وجد صورا معلقة بالجدار ليقترب منها و هو يملئ عيونه بصور صغيرته التي لم يستطع يوما حملها أو مداعبتها...أحست ساكشي به و بألمه الذي يضهر جليا في قسمات وجهه...هي أيضا حزينة على سنين عمرها التي أضاعتها في لحظة شك...و لاكن اليوم سيتوضح كل شيء...جميع الحقائق ستتكشف...وقتها فقط يستطيعون الإرتياح...دعته للجلوس و أرسلت نايا لغرفتها ريثما تتحدث مع راجنات و بعدها يخبرانها بكل الحقيقة...

ساكشي بحزم:" نايا رجائا إذهبي لغرفتكي ريثما اناديك...حسنا صغيرتي..."

نايا بطاعة:" حسنا ماما أساسا أنا كنت ذاهبة..."ابتعدت عنهم بينما راجنات يطالعها بحب...إنها تشبه سنايا في الشكل فقط...أما بالنسبة للتصرفات فلا تمت لها بصلة أبدا...حالما دخلت غرفتها و أقفلت الباب...نظر لساكشي المتوترة أمامه قائلا:" و الآن أريد معرفة كل شيء بالتفاصيل...و ما الذي دفعك لتكتبي لي تلك الرسالة الغبية التي تفيدين فيها بأنك تعرفين عن علاقتي بشرميزا...مع أن ذلك غير صحيح..." كان يتحدث بهدوء مع أنه على وشك الإنفجار...

إبتلعت ساكشي ريقها قائلة:" لقد أتتني صور لك و لشرميزا و أنت تحضنها...و رسالة تقول بأنكما على علاقة سويا...إنتظرتك يوم الولادة حتى تنفي شكوكي..ولاكن..." لم تستطع أن تكمل كلامها...فأجشهت بنوبة بكاء مريرة على الخطأ الشنيع الذي ارتكبته...و على إبنتها التي تتمنى جلبها لأحضانها ولا تستطيع...

عندما وجد راجنات أنها لن تكمل كلامها...أكمل بدلا عنها:" ولإنني لم آتي لحظتها...صدقتي كلام الرسالة...و لم تفكري في زوجك الذي يحبك بجنون و الذي لم يكن ليفعل مثل هذه الأفعال الشنيعة...و بعدها بدون إنتظاري ذهبتي و أخذت معك طفلتي..."

رفعت ساكشي رأسها إليه بعدما إنتهت من نوبة بكائها...وهي ترى مدى سذاجتها لتصدق مئامرة حيكت لتفرقتهم...تمنت لو تعيد بالزمن للوراء حتى تصلح الظلم الذي ظلمته لزوجها و الظلم الذي عيشته لإطفالها...بدئا من حرمان نايا من أبيها إلا حرمان نفسها من إبنتها الأخرى...و لاكن ما عليها الآن سوى كسب ثقة إبنتها سنايا من جديد...مسحت دموعها نافية نزولهم ثم نادت نايا لتعرفها على والدها...

"نايا...يمكنك الخروج من غرفتك الآن...تعالي يا إبنتي..."
نادت عليها ساكشي وهي متشبثة بيد راجنات تستمد منه القوة لتصمد...خرجت نايا من الغرفة متوجهة للبهو و أثار دهشتها وجود ذالك الشخص الغريب قرب والدتها و هو ممسك بيدها...قبل التفوه بأي شيء سبقتها ساكشي متحدثة:" أعلم جيدا ما يثير دهشتك...و أعلم أن بعقلك الآن الآلاف من الأسئلة...و جوابها كله واحد...أن هذا الشخص هو والدك...والدك الذي ظلمته و إتهمته بالخيانة...والدك الذي حرمتك منه و حرمته منك..." انتهت من الحديث معها لتجد الدموع تنزل متأثرة بحديثها...إنه والدها الذي لطالما حلمت به...والدها الذي أحبته دون رؤيته حتى...والدها الذي لطالما نشدته...والدها الذي كانت ترى حبه في عيون والدتها حينما تتحدث عنه...بدون لحظة تفكير واحدة إرتمت بأحضانه التي فتحها لها...بقيت متشبثة به و كأنها تخشى أن يكون مجرد سراب أو ضباب و يختفي بعدها...لأنها ستموت و هي تشعر أن أحلامها تكسرت...كانت تبكي بقوة على السنوات التي لم تستطع فيها الإستمتاع بحبه أو دلاله كبقية الأطفال...ولاكنها ستعوض كل لحظة و كل دقيقة قضتها بدونه...ستعوض حرمانها و اشتياقها و حبها...و وقتها فقط تستطيع أن تشارك مع أصدقائها ما يفعله والدها لأجلها....

بينما كان راجنات يشعر بالراحة أن طفلته الآن تقبلته و لم يكن لديها أي مشكلة...مرت ساعات طويلة نسي فيها كل همومه...تذكر فقط أن إبنته بين أحضانه...ولاكن السكون لا يدوم طويلا...فقد أتاه إتصال من سنايا التي تعاتبه فيه...

سنايا معاتبة:" لقد خذلتني أبي...منذ يوم خطوبتي و أنت لم تتحدث معي...وقد وعدتني أن نقضي اليوم سويا...ولاكنك أخلفت بوعدك...و لذا فأنا لن اسامحك لكذبك علي..." وقع قلب راجنات خوفا عندما سمع جملتها الأخيرة...لن تسامحه...مجرد أنه لم يفي بوعده لها أزعجها لهذا الحد...أما عندما تعلم حقيقة والدتها و أختها و أنه طوال عشرين سنة...بقي يخبأ عليها أكبر حقيقة في حياتها فما الذي ستفعله حينها...

وجد نفسه يقول لها بلهفة:" حبيبتي سامحيني لم أقصد أبدا أن أخلف بوعدي...ولاكن في آخر لحظة كان لدي عمل مهم...و أعدك أن غدا سيكون لنا فقط...و لا تغظبي مني أميرتي ارجوك..." بقي ينتظر ردها فهو لا يتحمل أن تبقى غاضبة منه طويلا...

"حسنا...سأسامحك هذه المرة...ولاكن ان لم تفي بوعدك غدا لن أتحدث معك مطلقا..." تحدثت معه بصوتها الرقيق فهي مهما كان تسامحه على الفور...

نايا كانت تشعر برغبة في معرفة من تكون...هل هي أختها من زوجة ابيها...أم تكون أختها من والديها...وجدت والدها انتهى من حديثه وعلى وجهه علامات الحزن و الهم...لم تجد نفسها سوى أنها إقتربت منه و ربتت على كتفه قائلة:" أخبرني ما الأمر أبي هل هي إبنتك الثانية...أم شيء آخر..."

تنهد بصوت مليئ بالهموم وهو يقول:" إنها أختك التوأم سنايا...أنتما الإثنتان تتشاباهان فقط بالوجه...أما الطباع...فسنايا طفلة عنيدة منذ صغرها...مشاكسة تحب الحياة و ترى توهجها في عينيها...و أكثر ما تكرهه أن تخفي عليها أمرا يخصها...تحب أن تكون على دراية بكل شيء حتى لو كانت حقيقة مؤلمة لها...و هذا أكثر ما يخيفني...فهي فور معرفتها لن تتحدث معي أو حتى تلتفت إلى أي منا..." سمعت نايا كلامه و هي تتحرق شوقا لرؤية شقيقتها و لاكنها خائفة و غير مطمئنة...ساكشي أيضا كانت تبادلها الشوق و الحنين و الخوف...قبل ذهاب راجنات للمنزل أراهم صور سنايا و إتفق معهم على الإلتقاء غدا حتى يخبروها الحقيقة...

عاد لمنزله و هو منهك و متعب من كل الحقائق التي إكتشفها و أيضا بالحقيقة التي ستكشف لسنايا غدا...وجد قدميه تقودانه نحو غرفة أميرته فهو لا يتحمل رؤية شارميزا لأنه سيرتكب  فيها جناية...ما إن وصل للغرفة حتى وجدها تغط في نوم عميق و تحتضن ذلك الدب الذي أحضره لها يوم عيد ميلادها الرابع...أزاح شعرها المنسدل و إنحنى ليقبل جبهتها قائلا:" هل يا ترى بعد حقيقة الغد التي سأسردها عليك...ستغفرين لي...أم أنك ستذهبين لبيت زوجك و أنت غاضب  مني...أتمنى فقط أن لا تحرميني رؤيتك لأنني وقتها سأموت من فوري...."

لم يدرك و هو يتحدث تنصت شرميزا عليه التي حالما وجدته يتجه لغرفة سنايا تبعته لتسمعه وهي تحترق بنار الغيرة...و هي ترى أن ما فعلته قد ضاع سدى...

 #ﺳﻠﺴﻠﻪ_ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ_ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﻭﻥ #{ﺍﻟﺠﺰء ﺍﻷﻭﻝ} ﻟﻢ_ﺍﻓﻜﺮ_ﻓﻲ_ﻫﺬﺍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن