الفَصل الثّاني

134 18 7
                                    

أثارَ هجومها رُعبًا في كيانه، لكنه هدأ عندما لاحظ ارتدادها.. كان قد نسي أن رسغيها مقيدان.

حملقَ بها مشككًا، بنوبة الهستيرية التي احتلتها، تعبيراتها التي حملت أشد النظرات حدةً ورعبًا، صراخها الذي أصابه بالصمم لوهلة.

دلف آخرٌ إلى الغرفة هلعًا بقميصهِ الأبيض وواقي رصاصٍ حمل شارة الشرطة الفديرالية، يحمل بيده إبرةً استنتج الواقف أنها ابرةٌ مهدئة. ثبتها على الطاولةِ المائلة للسواد، وحاول غرز الإبرة بعضلة ذراعها اليسرى، مع مقاومتها بدا صعبًا، وجاهد الرجل بغرز الحقنة.. حتى نجح أخيرًا فتهدأ ملامحها ويخف صراخها ثم تقع ضحية التخدير.

الرجل الأسود أخذ نفسًا وأخرجه، ثم غادرَ الغرفة ليدلف إلى أخرى، كانت غرفةً ضيقة وما زادها ضيقًا إلا المكتب الذي حمل حاسبًا وعدة أسلاكٍ اتصلت وتشابكت مع بعضها فبات من الصعب معرفةُ إلى ماذا تنتمي. وأخيرًا كوب قهوةٍ وعدة ملفاتٍ أثارت فوضةً في المكتب.

وإزاءه جلس رجلٌ ببشرةٍ سمراء بان على ملامحه الكبر، امتلك تجاعيد عديدة في جبهته، شعره فوضوي أسود وامتلك خصلاتِ شيبٍ ضئيلة، هالات أحاطت مقلتيه اللتان امتلكتا لونًا شابه القهوة القابعة فوق مكتبه.

من دون أن يأخذ نظرةً على الواقف قبالته أشار له أن تعال، فلبى الأسود أمره وجلس بالمقعد الفارغ جانبه، وما إن حطت مقعدته على حضن المقعد نقر الأكبر زرّ التشغيل ليبدأ تسجيلًا على حاسبه قديم الطراز.

كان التسجيل يحمل صورة كاليڤي المرتعشة وحدها والذي بدا على وجهها علامات البكاء، والتي تراجعت لتحل محلها نظرات متأملة عندما صدر صوتها المليء بالحشرجة "لستُ أنا؟ ".

عقد الأسود حاجبيه عندما اختفت ملامح البكاء عنها كلّيوبانت أخرى مرتاحة مع ابتسامةٍ نمت عن الإطمئنان والهدوء والتي أعقبتها بقولها "يا للرّاحة. "

انتهى التسجيل عند تلك النقطة فنظر الأكبر نحو الآخر بطرف عينه وقال "أظن أنها تمتلك خطبًا ما بعقلها، اتصل بِـ لاورو وأخبرهُ بأن حلمهُ تحقق. "

أومأ أسود البشرة برأسه ذاكرًا أنه سيفعل ما أملاه عليه حالًا وغادر الغرفة.

توجه إلى دورات مياه الرجال الخاصة بمركزهم، وتوجه نحو المغاسل يرش وجهه بالماء عله يُهديه قليلًا من الطاقة التي فقدها أثناء مخاطبته للجانية. حدق بملامحه المرهقة من المرآة قبالته.

امتلك وجهًا حادًا بحاجبيه الكثيفين المعقودين وتجهمه المبالغ به، كان عظيم المنكبين، وسيمًا.. وبانت على ملامحه النضج والبلوغ. كان أصلعًا، إلا أن ذلك لم يهديه منظرًا سيئًا بل العكس.

انشِقاقُ روح.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن