انشِقاقُ روح.

الْفصل الرّابِع

احتَضنت نفسها ودثرتها، فما باتَ لها أحدٌ يهديها الحنان سواها.

أسندت رأسها على الوسادة التي اتخذت البياض لونًا، وأخذت تفكر.. بانعكاسها.

كانت هِي! تكاد تقسم على ذلك، لقد سمعت نفسها، ورأتها! لكن كيف؟!

اقشعرّت ما إن تذكرت كشرتها وحدقتاها اللتانِ سطعتا مكرًا.. وأخذ قولها يتردد في دهاليز عقلها فسألت سؤالًا أسرته في ذاتها وكان مقتضاه "لما عليها أن تهاب انعكاسها؟ "

وأثناء عصرها لدماغها، تذكرت محادثتها الأخيرة مع الطبيب لاورو، كان قد أخذها إلى آلةٍ غريبةِ الهيئة والحجم، ذكر أنه عليه أخذ صورةِ رنينٍ مغناطيسي لها ليؤكد شكوكه ويباشر بالعلاج.

ما كان منها سوى القبول.. أخبرها بأنها يمكنها إخبارهُ بكل ما يثقلُ كاهلها ورأسها. هِي نوعًا ما باتت تثقُ به، فأخبرتهُ عن الهساهس التي تدوي في رأسها.

كان قد أومأ فحسب، ثم طلب من الشرطي ليام إعادتها.

تنهدت وأخذت تلعبُ بأناملها، تشعرُ بالملل.. ليست معتادةً على الجلوس فقط. ترغب بالقفز واللعب كما لم تفعل يومًا، وانتابها شعورٌ بالابتهاج الشديد.

أخذ الباب يطرق كاسرًا منصة أفكارها، فأذنت للطارق بالدخول.. كان لِيام مرافقًا آنسة بيضاء البشرة شقراء الشعر ذات ابتسامةٍ لطيفة.

اقتربت من كاليڤي تجرّ عربةً حملت أطباقًا عدة وما إن وصلت إليها حتى جلست بجانبها، ثم قالت "كيف حالكِ كاليڤي؟ أدعى روسانا.. وأنا يمكنكِ القول بأني صديقة. "

اكتفت كاليڤي بإهدائها نظرةً مشككة ملتزمةً الصمت الذات، فقربت روسانا العربة أكثر من كاليڤي وباتت تحثها على تناول الطعام.

كاليڤي أخبرتها بأن لا شهية لها لكنها استمرت بالزن حتى رفعت كاليڤي ملعقتها وتناولت القليل.. أخبرتها روسانا أن تتناول المزيد إلا أنها رفضت رفضًا قاطعًا، فما كان لِروسانا حيلةً سوى القبول بما تناولته كاليڤي.

بعد ثوينةٍ من الصمت أخرجت روسانا ورقةً بيضاء بالإضافة إلى عدة ألوانٍ شمعية وأعطتها للأخرى، وأخبرتها أنَّ بإمكانها الرسم وإضاعة وقتها بدل الاعتكاف.

فتقبلت كاليڤي الفكرة بصدرٍ رحب، وأخذت ترسمُ بنظرةٍ خاوية على ملامحها، أما الأخرى فاكتفت بترتيب فراشِها.

"انتهيت. " قالت كاليڤي بعد مدةٍ قصيرة فابتسمت روسانا ودنت منها تقول بعطف "هل يمكنني إلقاء نظرة؟ "