غارقة || الفصل الأخير.

6.7K 447 139
                                    

" ما وراء الظلمات."

***

تاهت عيناه في تلاطم الأمواج السوداء أسفله، و الرياح العاصفة تهب من كل مكان حوله. رغم ذلك، فقد وقف في صمت، يراقب جسده يقترب من الهوة في كل مرة.

خطوة تلو الخطوة.

***

اتكأ على عمود الإنارة مغمضاً عينيه، لم يستطع الجلوس، و لم يكن بإمكانه الهدوء. كيف يهدأ، و كل شيء على وشك الانكشاف ؟ ليس و كأنه خائف، و لكن من الصعب عليه إخراج ما قد دفنه سالفاً في الأعماق.

كان صعباً عليه و حسب.

لطالما آمنَ؛ منذ لحظة معرفته لسر شين ميراي، تلك الفتاة الضعيفة المهزوزة، بأنه قادر على إخراجها مما هي فيه، كان واثقاً من قدرته على جعلها سعيدة. ليس غروراً؛ إنما معرفة سابقة لسحرٍ يتمتّع به.

قدرته على الاندفاع مهما كان العائق أمامه، و شخصيته المرحة المحببة التي لها تقلباتها الخاصة، كل هذه أشياء أشاد بها أشخاص مروا به في حياته القصيرة .

و لكنه لم يتوقّع قط انقلاب الوضع، فكيف يمكنه إظهار الضعف بينما هو الحامي، كيف للضحية حماية البطل ؟

لقد ساعدها لأنه يحبها، لأنه لم يقوى على رؤيتها تتلاشى تدريجياً أمام ناظريه ...لطالما كان هذا دافعه، إذاً...ما دافع ميراي ؟ لماذا هي مصرة على معرفة ما يخبئه ؟

همس صوتٌ بداخله : إنها تريد ردّ الجميل.

تحركت عدسته ناظرا من زوايا عينيه للقدمين اللتين استقرتا قريباً منه، التفت ليواجه عينيها الهادئتين...ترمقه بتصميم.

لف جسده باتجاهها و اتكأ مائلا بجسده بدل وضعيته السابقة، وضع يديه في جيوب سترته السوداء الواسعة ذات القبعة المتصلة بها و هو يبتسم بترحيب...و بقليل من الحذر.

" مرحباً."

حدّقت به و هي تتأمل وضعيته لتستنتج نوعاً من حماية الذات بها، بدا و كأنه ينأى بنفسه بعيدا عنها محاولا الهرب من عينيها الفضوليتان، التواقة لمعرفة ما يخبئه.

" لقد أتيتِ في النهاية هاه؟"

سمعت بصوته نوعاً من الجفاف، و لم تستغرب. فمن خلال تجربتها الشخصية، تعلم أنه الآن يراها كما لو كانت نوع من التهديد، خطر يهدد ماضيه المخبئ.

نطقت بصوت واضح:" أعتقد أنك وضعت آمالا في عدم مجيئي، و لكن لسوء حظّك.." هزّت كتفيها :" ها أنا ذا."

ردّ بغموض :" بالفعل، ها أنتِ."

استقام بوقفته ثم أشار لها باتجاه أحد المقاعد المنتشرة في الحديقة، و قد كان المقعد الذي يشير إليه يقع في منطقة أكثر عمقاً بالداخل. تقدمها في المسير فتبعته بهدوء حتى استقرا في وجهتهما.

غَارِقَةْ || J.JKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن