لم تطاوعني نفسي حتّى أخلد إلى النوم فجلست حُدو تلك النافذة المطلّة على القمر المخملي، تداعبني نسائم الرّيح العليلة.
ضممت يدي إلى صدري أنشد الرحمة، و اعتراني ذاك الشعور الذي لا يستعار و لا يباع، رمشت عيناي لبرهةٍ لأرى ذاك الغادر يحمل فأسه المشئوم يرج به الشجرة التي بات شتاتها ركاماً منهاراً على أرض الواقع المرير.
لعلّ الموت اقتات على جثتي، و لم يبقى من تلك الجثة سوى نفسٍ أخيرةٍ، حتى و إن لم تكن شهادتي ستغير مستقبل حروف الهجاء فلن تطمر تحت التراب مادام الأمل خياراً و إلينا قراراً.
توسّمت في تلك الغرفة التي اجتاحها تأوّهي بما أنّ القمر تحاشاه و نجوم الدّجى اصطفته كآلامها إبّان اندثارها خلف سراب الشمس، تفرست تلك الطاولة أتقصى أثر يراعي فالتمست يداي تلك المكعبات الهزلية و أنا أمسك آخر أنفاسي.
و اتخذت صورتها المهشّمة، تلك الشّجرة الشّاجنة، من أفقي مأوى كان ملكاً لها لكن ليس بعد أن توانت تلك الأيام السّالفة بين عيناي.
و أزحت عن لساني كلماتٍ أراحت نفسي و بعثت في روحي الأثيريّة الطمأنينة والسكينة.
"أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له و أن محمداً عبده ورسوله صلى اللّٰه عليه وسلم"
أسدلت أجفاني و ورقت صفحات ذاكرتي، فتهاطلت بتلات قلبي كطرق المطر، ليرتاح شتات الرّوح طَيّ مهدٍ سرمديٍ، محفورةٍ بصماته على تلك الجثة الخشبية اليافعة الأصيلة كقلب الصّحراء النابض في عزّ الجفاف.
و سُلِّمت الروح لبارئها...
أنت تقرأ
الشهادة الصامتة
Fantasíaرمت بها الأيّام إلى غفوةٍ طَيّ مهدٍ سرمديٍّ...لكن لم و لن تُطمر شهادتها المحفورة على شجرة الحياة.