الفصل الأول

485 23 29
                                    

دَفَعَتْ الباب الأمامي للمطعم فانطلق صوت الجرس الصغير المثبت أعلاه ليُنبِّئَ الموظفين بقدوم زبون لمطعمهم.

جلست علي تلك الأريكة المخملية ووضعت حقيبتها فوق الطاولة الخشبية المستديرة المزخرفة بالنقوش الذهبية اللماعة، أقبل النادل بطلته الرسمية وألقى عليها التحية، ردت التحية بمثلها وطلبت كوبًا من القهوة الداكنة بمثل لون شعرها وعيناها الواسعتان ، مر كمرارة حياتها وأسود بسواد ماضيها المبهم الذي لا تتذكر منه شيئاً.

أَحاطَتْ الكوب بيديها الباردتين كالثلج وقربته من شفتيها ورشفت منه رشفة صغير قلَّبتها داخل فمها ببطء لتستطعم لذتها وثم ابْتلعَتهَا بنفس السرعة، نظرتْ خلال النافذة لتشاهد حبات الثلج تتراقص في الأرجاء علي سمفونية الحياة من يمنة ليسرة تتنقل بسلاسة ويسر إلي أن ينتهي بها المطاف فوق الأرضية الإسمنتية .

أيقظها من تأمُّلِها صوت حمحمة أطلقها شاب يجلس علي الأريكة المقابلة لها، رمقته بنظرة استغراب فتكلم الآخر مباشرةً قائلًا :"مرحباً إلينا كيف حالك ".

فردتْ الأخرى بنبرة هادئة وملامح الاستغراب تسيطر علي وجهها :" انا بخير، ولكن لابد من أنك مخطئ إذ أن إسمي ليس بـ إلينا".

رمش الآخر عيناه بسرعة فائقة ،مرر يده بين شعرات رأسه المرتبة ثم وضع يديه المتشابكتين فوق الطاولة وقال بنبرة حادة وبصوت أشبه بالهمس :" إلينا لا تمثلي أمامي لأنني أعرف هويتك أنسيتي أننا كنا في نفس المهمة ".

فقالت بنبرة سخرية :"عن أي مهمة تتحدث لابد من أنك تمزح استفق من حلمك نحن لسنا في فلم بوليسي"، أكملت جملتها وهي تضحك بهستيرية.

اما عن ذلك الفتى فقد استشاط غضبًا وضرب الطاولة بيده ثم قال بنبرة حادة ولكنه احتفظ بنبرة صوته الخافتة :" إلينا أنت تفقدينني صوابي كفي جنونًا ".

وضعت يديها علي الطاولة ودفعت رأسها للأمام ووجهها مقابلاً لوجه ذلك الفتي ولا يفصل بينهما سوى بضع سنتيمترات قليلة وعيناها تنظران إلي عينيه مباشرةً فقال بنبرة صوت ثابته وتلت كلماتها عليه ببطء الكلمة تلو الأخرى:" أنا لست إلينا أنا إسمي سام، (سين، ألف، ميم،) إسمي سام"، ثم عادت لتجلس في مكانها علي الأريكة واضعتًا رجلًا فوق الأخرى رفعت حاجبًا واحداً تنتظر ردة فعله .

فقال بنبرة سخرية :" مهلا , مهلا هل اسمك يكون سام غريسوم " .

فردت عليه :" نعم إنه إسمي من أين تعرفه ".

بعد سماعه لردها انفجر ضاحكاً وبهستيرية استمر ضحكه لدقائق بينما تلك الفتاة رمقته بنظرة استغراب وهي لا تدري لم دفعه ردها الي الضحك بهذه الطريقة.

انتظرت توقفه عن الضحك ولكن لم يتوقف بعد فقالت بنبرة غضب وبصوت عال :" هي أنت وما الشيء المضحك باسمي ".

الظل the shadow حيث تعيش القصص. اكتشف الآن