-لين الجديدة
ثلاث سنوات مدة طويلة تتغير فيها شخصية المرء جذرياً ، وبخاصة اذا دخل عالماً غريباً اكره فيه على اتباع نظام معين ومعاشرة اشخاص ماكان يحلم بلقائهم .
امضت لين اسابيعها الاولى في سجن النساء وهي شبه ضائعة وفي حالة من اللامبالاة ، تنفذ ماتؤمر به ، تنام ، تغتسل ، بالكاد تأكل حتى تسد رمقها ، لاتكترث لزميلاتها وكأنهن غير موجودات . حضر والدها مرة لزيارتها وجلس لايجد موضوعاً للتحدث ناظراً الى ساعته مرات عدة حتى يمضي الوقت ويرحل الى بيته بعد ايفاء قسطه للعلى ... اما والدتها فلم تتحمل فكرة المجيء الى السجن كما قال الوالد . وطلبت لين من ابيها عدم المجيء اليها مرة ثانية فحاول ادعاء الاعتراض أولاً لكنه اذعن ازاء اصرارها . ولاحظت الفتاة السجينة علامات الارتياح على وجهه لتخلصه من واجب الحظور الى هذا المكان المشين . وودعها واعداً بالكتابة . وبالفعل تلقت منه رسائل كثيرة خلال الاشهر الاولى ، ثم اخذت تشح حتى كادت تنضب . والفتاة لم تعد تهتم لذويها فهي تعتبر نفسها بدون عائلة ، اذ لايمكن ان تعود للعيش في بيتها بعد خروجها من السجن لئلا تعكر صفو حياة والديها وطيف جريمتها يحوم في المنزل ، سواء آمنا ببراءتها ام لم يؤمنا .
اما العمة ماري فكانت تأتي من يوركشير لرؤية لين مرة كل شهر حاملة معها نفحة من الشجاعة وباذلة المستحيل لشد ازر الفتاة المعذبة . كانت تجلس واياها لتحدثها عن مجريات حياتها اليومية في الريف .
ومر شهر لم تأت فيه العمة ماري فقلقت لين عليها . وكان قلقها في محله اذ وصلتها رسالة من محامي العمة يبلغها فيها ان المرأة مصابة بمرض خطير وان حالتها ساءت بسبب عدم التزامها أوامر الاطباء بالخلود الى الراحة واصرارها على السفر من يوركشير الى لندن لرؤية لين . وبعد أسبوع من ذلك وصلتها رسالة ثانية تنبئها بوفاة العمة ماري .
قدمت لين طلباً الى آمرة السجن بالسماح لها بحضور مراسم الدفن لكنها رفضت ذلك ، الامر الذي زاد من حزن الفتاة التي فقدت بموت عمتها نصيراً ومرشداً ، ووسعت دائرة كرهها للاشخاص المحيطين بها . وزادها اسى شعورها بالذنب اذ لولا اضطرارها للتنقل بين يوركشير ولندن لكانت العمة ماري على قيد الحياة في هذه اللحظات . ومازاد الطين بلة ان الفقيدة اورثت لين كل أموالها فاحست هذه الأخيرة انها لم تكتفِ بتعجيل موت عمتها بل وكأنها فعلت ذلك عمداً لترث أموالها .
ومع مرور الوقت اصبحت صورة بيت في ذهنها هاجساً يلاحقها مهما فعلت ، يوقظها كابوسه من نومها ، تبتلعه مع طعامها وترتديه مع ملابسها ... وصار هدفها محدداً بوضوح : الانتقام من بيرت الذي كان السبب في تعاستها ووجودها في هذا المكان المقيت . واخذت تعمل على بلورة خطة ناجحة للنيل منه وزجه في السجن . وخشيت ان يكون نال درساً من سجنها وابتعد عن التهريب ، لكنها استبعدت هذه الفكرة اذ لابد ان يستبد به الطمع من جديد ويعود الى تهريب المخدرات ، وعندما ستخرج من السجن ستكون له بالمرصاد للايقاع به ولربما لدس مخدر في شيء يخصه والابلاغ عنه للشرطة فيقع في الورطة نفسها التي اوقع لين فيها ! تلذذت الفتاة بهذه الفكرة كثيراً واخذت تعمل عقلها جاهدة للوصول الى وسيلة ناجعة تحقق هدفها .
أنت تقرأ
~*~*~ البَحث عن وهم ~*~*~
Misterio / Suspensoالعنوان الاصلي لهذه الرواية بالانكليزية ~*~*~The Judas kiss ~*~*~ - سالي ونتوورث