لاحظ انهيار مقاومتها لنظراته الوقحة

650 15 1
                                    



كيف يقدر على اثارة اعصابها واللعب بأحاسيسها ! عليها ان تسرع في التصرف قبل ان يفوت الآوان 

جلست جيسيكا في مقهى المستشفى ترشف على مهل فنجان القهوة مستمعة الى عبارات دان المجبولة بنبرة الهزء المعتادة
دان: ان لم تخني الذاكرة فنحن لم نستطع اكمال قهوتنا في جلستنا الأخيرة هنا
لاشعورياً ضحكت جيسيكا معلقة: قد يتكرر الأمر الآن فلنتمنّ ان ننهي قهوتنا قبل حدوث أي طارئ
دان: اني اشاركك هذه الأمنية
فوجئت جيسيكا بمسحة القلق التي غشت عينيه وهو يحتسي قهوته ولكنها احجمت عن الخوض في موضوع قد لاتكون لها علاقة به
دان: ماالذي دفعك الى اختيار الطب مهنة لك ياجيسيكا؟
جيسيكا: أظنه نفس السبب الذي يدفع أي شخص الى ذلك
دان: من جهتي لدي أسباب كثيرة قد لاتكون كلها وجيهة (وعلا وجهه تجهم مفاجئ) قررت ان اكون طبيباً بعد ان قتل والداي على يد ارهابيين في احدى مزارع زيمبابوي لوكنت ملماً حينها بالأمور الطبية كما انا اليوم لربما تمكنت من انقاذ حياتهما (قدم لها سيكارة ولما اعتذرت شاكرة اشعل واحدة مردفاً) كنت قد اخترت الصيدلة لكن تلك الحادثة حولتني الى الطب
أحست جيسيكا برغبة جامحة لمشاركتة هذه الذكرى الحزينة لكنها لم تكن واثقة من ان مواساتها ستلقى قبولاً منه في هذه اللحظة
جيسيكا: لاشك ان تلك الحادثة وقعت أبان الحرب الأهلية في زيمبابوي
ابتسم دان فجأة وقال بدهاء : ان كنت تحاولين معرفة عمري فسأوفر عليك مشقة ذلك أنا في الخامسة والثلاثين
جيسيكا: لم أقصد
لم يدعها دان تكمل عبارتها وحملق في عينيها بجسارة توردت بفعلها وجنتاها
دان: لا بل قصدت والآن بعد ان عرفت سبب اختياري الطب اخبريني عن أسبابك
احست جيسيكا بجفاف في حلقها فرشفت قهوتها قبل ان تجيب: لااذكر ابدا ًاني تمنيت مهنة أخرى
دان: أتعنين انك لم تفكري في مهنة اخرى قد تناسبك اكثر؟
امتنعت عن اطلاعه على دور والدها وتأثيره عليها في اختيار مهنة الطب فأطبقت عينيها مجيبة: لاأظن ان هناك مهنة اخرى تناسبي اكثر من الطب
عندما نظرت اليه من جديد فوجئت ببريق ينبعث من عينيه لم تستطع تحديد معناه
دان: هناك مهنة اخرى كانت لتناسبك اكثر في هذه الفترة من حياتك ولا تحتاجين فيها الى شهادة جامعية
راقبته وهو يطفئ سيكارته وعلقت بجفاء:أخالك ستمضي قدماً في ملاحظاتك حتى ولو اظهرت لك عدم اهتمامي
التقت عيونهما للحظات وأحست بنظراته تخترق جلدها الرقيق لتغوص في داخلها وتتسّمر في صدرها الصغير
ابتسم لها من غير ان يرفع نظره عن صدرها معلقاً: مايناسبك الآن هو علاقة حميمة
اجابت جيسيكا بنبرة ساخرة:
علاقة حميمة معك على ما اعتقد أليس كذلك؟
دان: يسعدني كثيراً ان تمنحيني هذه الفرصة الرائعة
جيسيكا: أتقصد اني مجبرة على ذلك؟
دان: يؤسفني ان تسيئي الحكم عليّ ياجيسيكا
جيسيكا: ويؤسفني اني هدرت وقتي في الاستماع اليك
علا صوت المذياع في احدى زوايا القاعة مطالباً الدكتور ترافورد بالتوجه حالاً الى غرفة الأشعة
هرول الاثنان في الممر الفسيح المؤدي الى الغرفة ولدى وصولهما الى الباب امسك دان بيدها قائلاً: خسارة ان لانتمكن من انهاء هذه المحادثة المثيرة

لم تجب جيسيكا مكتفية بسحب يدها بعنف من بين انامله ودخلت الغرفة على عجل
أكدت الصور ظنونها بحالة العامل المصاب فبادر دان الى اعطاء التعليمات للممرضات ثم اختلى بجيسيكا لثوان يتناقشان الأمر
- أعرف طبيباً مختصاً بجراحة الاعصاب في لويس تريشارد وسأستشيره في الصباح
اوقف دان سيارته قي ساعه متأخرة من الليل قرب جيسيكا واستدار ناحيتها بعينيه اللامعتين
دان: تصبحين على خير ياجيسيكا هل لي ان أتمنى لك ليلة هانئة في سريرك الموحش؟
أجابت جيسيكا موضحة بلهجة صارمة:
لاأجد سريري موحشاً ابداً يادكتور ترافورد وأنا بكل صراحة من الذين يفضلون النوم وحدهم دان: لكنك بعملك هذا تضيعين فرصة مثيرة للغاية يادكتورة نيل
ترجلت جيسيكا من السيارة حاملة حقيبتها
جيسيكا: هذه وجهة نظرك ولكن الأمر لايضايقني ابداً
دان: ستغيرين رأيك في المستقبل القريب
جيسيكا: لاأعتقد ذلك على كل حال طبت مساءً وشكراً على ايصالي الى هنا
لم تكن واثقة من جوابها وتراءى لها دان وهي تدير سيارتها ضاحكاً يسخر من عبارتها ويمني نفسه بنيل مأربه منها واضافة اسمها الى لائحة ضحاياه من النساء لاشك في انه لاحظ ضعفها وسرعة انهيار مقاومتها لنظراته الوقحة لم تصدف شخصاً مثله في حياتها قادراً على اثارة اعصابها واللعب بأحاسيسها انه في نظرها طبيب ماهر لكنه يجمع الى جانب مهارته في الطب اجادته فنون اغواء النساء وزاد من غطرسته انه يعرف تمام المعرفة مدى تأثيره عليها وجعلها تعجب به كرجل أكثر منه كطبيب اقلقها استنتاجها هذا وبعث اكتشافها حقيقة أحاسيسها في نفسها خوفاً وتصميماً على الاسراع في التصرف قبل فوات الأوان
ثلاثة اسابيع مضت تمكنت جيسيكا خلالها من زيادة معرفتها للويزفيل وتوثيق علاقتها بسكانها وبدأت تعتاد نمط عملها والتغلب على الحالات الطارئة التي مابرحت تصادفها منذ وصولها والتي ساهمت في محو الرتابة التي رافقت عملها في جوهانسبرغ
مشكلة وحيدة لم تقو على ايجاد حل لها دان ترافورد فهو لم ييأس ابداً من محاولة اغرائها وايقاعها في شباكه
حتى الآن لم يقم بخطوة خاطئة تجاهها لكنها كانت متأكدة من انه سيفعل عاجلاً ام اجلاً
غادرت جيسيكا عيادتها متوجهة الى المرآب بعد نهار حافل بالمرضى وبالمعاينات واستقلت سيارتها تمني نفسها بقضاء ليلة هانئة تلجأ فيها الى كتاب جيد تدفن تعبها وارهاقها بين صفحاته
لكنها ما ان أوقفت سيارتها أمام مسكنها حتى شاهدت فيفيان تهرول في اتجاهها وعلامات القلق والغم على وجهها
لم تعط جيسيكا فرصة للسؤال بل جلست في السيارة قائلة بارتباك
فيفيان: الامر يتعلق باوليفيا سأرشدك الى منزلها في ماونتين فيو وأشرح لك الأمر في الطريق
سارعت جيسيكا الى ادارة محرك سيارتها من جديد وأقلعت بها بسرعة
لقد تأخرت اوليفيا عن موعد ولادتها عشرين يوماً ولابد وان الانتظار قد أثر على اعصابها
بادرت فيفيان الى شرح ماحصل لاوليفيا وهما يسلكان الطريق المؤدي الى المزرعة
طلبت اوليفيا من فرانسين ان تتصل بك لكن الفتاة المسكينة اصيبت بالذعر عندما اخبروها انك غادرت عيادتك فاتصلت بي ولسوء حظها لم يكن برنارد في المنزل فقد خرج للصيد ولاتعتقد اوليفيا انه سيعود باكراً هذا كل مااستطاعت الصغيرة اخباري به اضافة الى ان اوليفيا ارسلت في طلبك على جناح السرعة الى المزرعة
التفتت جيسيكا الى مرافقتها المضطربة تسألها:
امازال المكان بعيداً؟
فيفيان: مسافة خمسة كيلومترات تقريباً
في نهاية الطريق الترابية الوعرة بدا منزل اوليفيا في الجهة الاخرى قابعاً بين اشجار السرو وقد بانت شرفاته ذات اللون الابيض تطل على السهل الاصفر الفسيح كحبة لؤلؤ تزين جيد حسناء سمراء
ماان اوقفت جيسيكا السيارة في ظل احدى الاشجار حتى فتح الباب الرئيسي وخرجت فتاة لم تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها مهرولة ناحية فيفيان وشعرها الكستنائي يطير على كتفيها
وارتمت في احضانها هاتفة بتأثر:
عمتي فيفيان كم انا سعيدة لقدومك

رواية ( المجهول )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن