Turning | H.S

نِهَايَة.

يَقُودُ سَيَّارَتهُ بَعدَمَا خرَجَ مِن متجَرِ الزُّهور واشتَرَى النَّوع المُفَضَّل لهَا دَائِمًا 'الجَاردينيا'، مُتَّجهًا إلَيهَا حَيثُ تنَام منذُ فَترَةٍ طَويلَة.

سارَ بَينَ المَقَابِر التى يَزورُهَا منذُ سنَتَين ونِصف إلى الآن، لَم يَمُر يَومًا دَونَ أن يأتى، حَتَّى فى أيَّامِ مرَضهِ وإنشِغَالهِ حرَصَ على زِيَارَتِهَا.. فقَد وعَدَها ألَّا يَترُكهَا وَحيدَة أبَدًا.

وصَلَ لمَرقَدِهَا ليَبتَسِم بخِفَّة ويَجلِس أمَامَهُ، وضَعَ الزُّهور وأبعَد القَديمَة.. والقَديمَة هُنَا أى منذُ أمسٍ فقَط.

"كَيفَ حَالُكِ اليَوم؟ أعلَمُ أنَّكِ بخَيرٍ بَعدَمَا رَأيتينى."
قَهقَه على مَزحَتهِ وَحدَهُ، لتَترقرَق الدُّموع فى عَينَيهِ وهوَ يَنظُر لقَبرِهَا.

"إشتَقتُ لَكِ ماريان حَقًا فعَلت، سنَتين ونِصف دُونِك أصعَبُ مِنَ المَوتِ ذَاتَهُ، لَم يَعُد المَنزِل يَمتَلئ بضحِكَاتِك ولَم أعُد أشتَمُّ رَائِحَة الكَعك الذى تُعِدِّينَهُ، لَم يَعُد سُقوطَ الثَّلجِ الأوَّل ذَا أهمِيَّةِ عِندى لأنَّكِ لَستِ مُتوَاجِدَة لنَلهو سَويًا أسفَلهُ.. أتَعلَمين؟ شجَرَةُ التُّوتِ التى زَرَعنَاها سَويًا فى الحَديقَة قَد أزهَرَت وأثمَرَت حَبَّاتِ التُّوت الذى تُحِبِّينَهُ، أتَعلَمينَ أيضًا؟ سَيِّد چورچ المُسِن جَارُنَا قَد فقَدَ ذَاكِرَتهُ ولَم يَعُد يتذَكَّر الأحدَاثَ اليَوميَّة فقَط القَديمَة، لقَد سألَنى اليَوم عَنكِ ماريان، لَم أعلَم بِمَا أُجيبَه فلَن يُصَدِّق.. فأنَا لَم أُصَدِّق إلى الآن أنَّكِ لَم تَعُودى مَعى."

خَرَّ بَاكِيًا إثرَ حَديثَهُ، شهقَاتَهُ مَنعَتهُ مِن إستِكمَالِ التَّحَدُّثِ مَعهَا.. هُوَ نَادِمٌ ويَلومُ نَفسَهُ كُلَّ يَومٍ.

كُلُّ مَا تَبَقَّى مِنهَا لَهُ هوَ حَديثُهَا فى آخِر مَرَّةٍ رَأى وجهَهَا المَلائكِىَّ بِهَا.

-أنتَ الوَحيد الذى أحبَبتَهُ هارى، لقَد إمتَلَكتَ قَلبى بأكمَلَهُ ولَن يَمتَلِكهُ أحَدٌ بَعدَك، سَعيدَة لأنَّكَ آخِرُ مَن سَأرَى بحَيَاتى.. أُحِبُّك.-

بَكَى أكثَر عِندَ تذَكُرهِ ولَم يَستَطِع إيقَافَ دمُوعَهُ، كانَ يَعيشُ لأجلِهَا والآن هىَ لَيسَت بِجَانبهِ..

"سأنتَظِر لأجِدَكِ فى الحَيَاةِ الأُخرَى ماريان، سأنتَظِر لتَعُودينَ مِلكى ثَانِيَةً.. أُحِبُّكِ وسأظَلُّ أُحِبُّكِ إلى أن تَفنَى رُوحى."
________________________