دعي نفسكِ لي

44.8K 1K 149
                                    

أطبق جبينه على جبينها، كانا يلتقيان بلطف، راسماً لوحة من خجل ورغبة. هي كانت مغمضة عينيها، محاطة بهالة من الخجل، وكأن قلبها قد انغمس في بحر من المشاعر. الابتسامة ارتسمت على شفتيه، ما لبث أن قرر كسر حاجز الصمت بصوت متهدج، مفعم بالحب:
"أُحبكِ حياة."

تاهت الكلمات في قلبها، فلم تجرؤ على فتح عينيها أو الرد. ظلت ساكنة، كأن الوقت قد توقف لحظة. ابتعد هو عنها قليلاً، محاولاً فك شيفرة صمتها القاتل. وسألها باهتمام:
"ما بكِ؟"

ابتلعت ريقها، وشعرت بخفقان قلبها يعلو في صدرها، ثم أجابت بخجل:
"لا شيء." كانت تبحث عن كلمات تعبر عن المشاعر التي تعصف بها.

همهم لها باهتزاز عاطفي، وكأنه ينقل لها رسالة دون كلمات، لكنها انصاعت لدعوة نظراته. نظرت إليه ببراءة، وعادت تسأل بتردد:
"هل سامحتني؟"

ابتسم بخفة، عاكساً لحن الراحة في قلبه، قائلاً:
"أنا لم أنزعج منكِ بالأساس، لقد تفهمت ردة فعلكِ وأعطيتكِ العذر، أنسي الأمر حبيبتي."

ابتسامتُها اتسعت كأفقٍ مشمس، تبادل النظرات بينهما كان بمثابة وعدٍ على الارتباط القوي. تنهد بعمق، وكأنما يلقي بثقل أفكاره في الهواء، ثم تحدث بتوتر:
"مم حياة، ألا ترغبين في أن تكتمل علاقتنا؟"

توقف برهة، وكأن كل الكلمات تتزاحم في ذهنه، ثم أضاف بسرعة وهو يرفع حاجبيه:
"أنا لن أجبركِ على شيء، لكني فقط أريد أن تعطيني أملاً بأنكِ ستسلميني نفسكِ في يومٍ من الأيام ولا يكون في بالكِ أن تبتعدين عني."

خجلت، وأخفضت رأسها، لم تكن تعرف بماذا ستجيبه، لكن أجابت بصوت خافت بعد لحظة من التفكير:
"أجل"

توسعت ابتسامته، وكأنه كان ينتظر هذا الجواب طويلاً. اقترب منها وقبل جبينها بحنان، قائلاً:
"سأظلُ أنتظرُ هذا اليوم بفارغِ الصبر."

ابتسمت بتوتر، كأنما شعرت بحرارة مشاعره تغمرها. سألها بلطف:
"ألا ترغبين في النوم؟"

حركت رأسها موافقة، فمال قليلاً، وحملها بين ذراعيه برفق. دوى قلبها بالدهشة، وتوترت، لكن ذلك الشعور الذي اجتاحها كان جميلاً جداً، فابتسمت له وأحمر وجهها خجلاً. نقلها برفق إلى السرير، ووضعها بخفة، ثم اقترب منها ليكتمل اللقاء.
استلقى بجانبها، ثم مدّ ذراعه كدعوة لطيفة:
"اقتربي."
ترددت، إذ كانا قد اعتادا على النوم متباعدين، ولكن هذه المرة كانت مختلفة.

بتوتر، اقتربت واحتضنته، أغمضت عينيها مستمعتةً برائحة عطره الرجولي، وهو ما كان يشبه نسيم الربيع. تداخًلت مشاعر السعادة والفرح في قلبه، وهو يشعر بقربها، وبأنها أجمل ملاذ.
عينيه أغمضتا بقوة، وكان عقله يمتلئ بأفكار سلبية وإيجابية. رسم في مخيلته أحلام المستقبل واحتمالات العلاقات، إذ على الرغم من عناده وقسوته، فإنه كان يأمل في أن لا يغدو نادماً على أي قرار يتخذه مستقبلاً.
سكن الليل حولهما، حتى بدا وكأن الزمن قد توقف، بينما راحت أرواحهما تتعانق في ظلمة غرفتهما، تخفي آلامهما السابقة، وتمهد لتكوين مستقبلٍ مشترك مليءٍ بالحب والأمل، ومهما كانت التحديات، كان إياد على استعداد لمواجهتها.

أحببت معذبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن