الفصل الأول

4K 85 33
                                    





الحب الصادق 1


في حديقة قصرهم و بين تلك المناظر الخلابة جلست تنظر إلى أطفالها وهم يلعبون ، تحمد الله على ما رزقها ، تاهت بين أفكارها وهي تعود بذكرياتها نحو الماضي المثقل بجراحها . 

كانت لبنى فتاة من عائلة محافظة ، درست الهندسة المعمارية وتزوجت من ابن عمها زياد الذي يكبرها بخمسة أعوام ، يعمل مهندسا مدنيا وقد أنشئ شركة صغيرة بدأها بمجهوده الشخصي .

بدأت العمل معه خلال سنوات دراستها ، ليتزوجا بعد تخرجها ويصبحان شريكان في حياتهم الزوجية و العملية .مرت سنتان على زواجهما والتي كانت مليئة باللحظات السعيدة وبنجاحاتهما المتواصلة فت

وسعت الشركة وازدهرت بعد أن قدمت لبنى نقدها وذهبها لزوجها زياد ليطور الشركة التي أخذت مكانة مرموقة في سوق العمل وذلك بفضل موهبتها في رسم المخططات والتصاميم الفريدة من جهة ونشاط زياد ودقة تنفيذه لمشاريع البناء وسمعته الجيدة من جهة أخرى ، حتى أتت اللحظة التي هزت استقرار زواجهما فبعد إصرار كبير من زوجة عمها قرر زياد الحصول على طفل بعد أن كانا قد أجلا الفكرة ... 

لتبشره بحملها بعد عدة أشهر ، كان حملا مرهقا اضطرت خلاله للعمل في المنزل ، بدأ زياد يبتعد عنها ويتأخر في العودة بسبب كثرة أعمالهم وفي أحد أيام العطل وهم عائدين من زيارة أهل زوجها غفى زياد قليلا وهو وراء المقود ليتسبب بحادث فقدت خلاله لبنى طفلها وهي بالشهر السادس ، لن تنسى قهر ذلك اليوم أبدا . فلم تفقد طفلها فقط بل فقدت قدرتها على الإنجاب وهي مازالت في الخامسة والعشرين من عمرها لتبدأ معاناتها الحقيقية .
بعد ثلاثة أشهر على الحادث، وقفت لبنى أمام قبر ولديها وهي تحمد الله وتشكره على حالها ، وتدعو أن يلهمها الصبر على ما ابتلاها ... لتقرر العودة إلى عملها.
دخلت الشركة بعد أن غابت عنها 9 اشهر لتفاجأ بالتغيرات التي حصلت فيها ، توجهت لمكتبها ففوجئت بتلك المرأة الجميلة التي تجلس وراء مكتبها .
لبنى : عفوا ولكن من أنت ؟ وماذا تفعلين في مكتبي؟
رولا: أنا المهندسة رولا، وهذا مكتبي و من أنت وكيف تدخلين دون استئذان؟
التفتت لبنى دزن أن ترد عليها وغادرت متجهة لمكتب زوجها، حتى سكرتيره قد تغير وبدله بسكرتيرة ترتدي ثيابا غير محتشمة، شعرت بالغضب يتملكها لتتجاوزها وتفتح باب مكتب زياد.
السكرتيرة: توقفي لا يمكنك الدخول دون إذن... قلت توقفي... رفع زياد نظره عن مكتبه ليراها أمامه صرف سكرتيرته بإشارة من يده.
زياد: أهلا حبيبتي لما لم تخبريني بمجيئك كنت سأصحبك معي.

نظرت له بعتاب: من هي تلك المهندسة ، لما لم تخبرني عنها؟ وكيف تعطيها مكتبي؟
زياد: ما بك هي مهندسة جديدة واحتجنا لمكتبك فهي صديقة العائلة ولن أضعها مع باقي الموظفين .
تأملت ارتباكه وشعرت بوجود أمر يخفيه إلا أنها قررت ترك الجدال، جلست على الأريكة بكل هدوء وهي تنظر له بعينيها الواسعتين.
تأملها بشوق فهي حبيبته التي يحاول التهرب من لقائها فشعور الذنب كان يحرق فؤاده سألها بلطف: ماذا تشربين هل أطلب لك عصيرا أو كوبا من الشاي.
لبنى: شكرا ولكن اطلب لي قهوة سوداء.
أمر سكرتيرته بإحضار القهوة والدهشة تغمره فهي لم تكن تشرب القهوة أبدا.
لبنى وهي تشرب قهوتها: غدا سأعود للعمل أريد مكتبي جاهزا وخالي.
صمت يفكر بهذه الورطة: سأجهز لك مكتبا آخر.
قالت بكل هدوء: لدي مكتبي الخاص عزيزي، فقط جهزه لأجلي، والآن أريد منك أن تعرفني على كل ما تغير في الشركة .
حاول إخفاء ارتباكه وتوتره: كما تريدين عزيزتي، هيا انهضي سأعرفك على ما تغير ثم سنتناول الغذاء خارجا فنحن منذ زمن لم نخرج معا .
تم الأمر ليخرجا معا تحت أنظار رولا الحاقدة التي تتأملهما بغضب ووعيد .
مرت أشهر على عودة لبنى للعمل لم تغفل فيها عن تلك المهندسة المدعوة رولا والتي اكتشفت أنها ابنة صديقة زوجة عمها وأنها كانت تريدها زوجة لزياد ، مما أشعل نار كانت تعاني بصمت وتتحمل كلام زوجة عمها ونغزاتها التي زادت بعد فقدانها طفلها دون أن تعلم سبب تحاملها عليها فابنها كان سبب ما حدث لها .

الحب الصادقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن