الفصل الثاني

2.4K 75 24
                                    


                                                الفصل الثاني 


قهقهت رولا وهي تقترب من زياد بحميمية تغيظها بقربها منه : إني هنا بمنزل زوجي وحبيبي فاحترمي وجوده .
وقفت لبنى ببرودة أعصاب لا تعلم من أين لها بها ، وهي تنظر له بعتاب عجز لسانها عن التفوه به .
أحس بقهرها وألمها وهو يبادلها النظرات ، لا يعلم لما شعر بأنه خائن ، كانا كلاهما و كأنهما انفصلا عن الواقع بعالم خاص بهما ، بينما كانت رولا تنظر لها بحقد وغيرة فرغم كل ما فعلته لتتقرب منه إلا أن قلبه كان ملك لضرتها .
زياد : رولا انتظريني في السيارة .

رولا : ولكن .... قاطعها بحزم: رولا .... من فضل ... استدارت خارجة بحنق ومشاعر الغضب تتملكها تغار وبشدة من بقائه معها .
زياد : أهكذا تستقبلين زوجك بعد غياب ؟
لبني : وكيف تريد مني استقبالك بعد أن أتيت بتلك المرأة إلى هنا ، أخبرني كيف تريد مني أن أستقبلكما لقد خنتني زياد ، خنت قلبي الذي أحبك وأخلص لك .
زفر وهو يقول بعصبية : أنا لم أخنك ، يحل لي الزواج بثالثة ورابعة أيضا فانتبهي لكلماتك ولا تتجاوزي حدودك .
ارتعشت وهي ترى غضبه لأول مرة لتقول : وهل نسيت حقوقي أنا ، كان يجب ان تخبرني بنفسك ، أخبرني بصدق هل كنت ستخبرني بزواجك أم ستتركني مخدوعة بسفرك المزعوم ، أم أنك سعيد لأن والدتك قامت بذلك عوضا عنك ، بما قصرت أخبرني.
زياد : كفى لبنى لست ضحيةً هنا ، رغم أني لم أرد أن تعلمي بتلك الطريقة ولكن هذا أفضل ، أنت لم تقصري ولكن تذكري من حقي الزواج فأنا أريد طفلا يناديني أبي .. صرخ بها وقد فقد صبره ..أخبريني هل تستطيعين إعطائي طفلا .. طبعا كلا لذا لا تلوميني لأني تزوجت .
شحب وجهها بشدة ، وقد تفاقم ألمها لسماع كلماته القاسية وكأنه طعنها بخنجر مسموم أشعل نيرانها وليس كأي خنجر فقد صنعه بيديه .. بنبرة مرتعشة : زياد طلقني .
ثار غضبه و بحركة خاطفة كان أمامها يدفعها بقوة لترتطم بالجدار ، بينما أمسك بفكها وقد فقد صبره : اسمعيني جيدا أنت ملكي للأبد ولن يبعدني عنك إلا الموت أكمل بصراخ .. إن فكرتي ولو لحظة بالطلاق لا تلومي إلا نفسك .. حاولت المقاومة إلا أنه قبلها بقوة كاتما أنفاسها ، ابتعد عنها قليلا ليهمس بأذنها :
إياك أن تكرريها وإلا سترين مني وجها لم تريه في حياتك من قبل ، تركها ليستدير خارجا وقد أغلق الباب بقوة . ارتعشت بشدة وانهارت على الأرض لتبكي لأول مرة منذ علمت بزواجه ، وضعت يدها على قلبها علها تخفف عنه الألم .


آه ... آه عليك يا قدري الذي خطت حروفك مستقبلي
ليهدي حبي وإخلاصي خيانة من سلمته روحي وجسدي
آه ... آه يا أمي أحتاج حضنك الدافئ عله يبرد ناري
آه ... آه يا أبي هل علمت ما فعله بي من وهبته أمانتك
يريد طفلا بعد ان حرمني أمومتي وكسرني ببروده وانانيته
والله لم أكن لأعترض على قدري لو أنه صارحني وصدق معي
أسمعتم كلماته يعايرني بمصيبتي هو من أهداني إياها
ليكون جلادي ويطلق حروفه المسمومة ليطعن قلبي النابض بحبه
لم أعد أحتمل ألم فؤادي يا أمي إني أتألم ..آه على وحدتِ ووحشة قلبي
خذوني إليكم فالآن فقط أصبحت يتيمة بلا سند
آه ... آه منك يا قدري

بعد يومين التجأت فيهما إلى الله تشكو له ألمها، فليس لديها من يساندها، فقد توفي والديها وهي في الثانية عشرة ، فأخذها عمها والد زياد لتعيش عندهم ، وقام ببيع منزل عائلتها ليوزع الورث فهي وحيدة والديها ليشتري لها بحصتها الشقة التي تسكنها مع زياد .
تذكرت أيام دراستها وسيطرة زياد الذي منعها من تكوين الصداقات بتحكمه بها دون أن تعترض فهي كانت تحبه منذ صغرها فهو خطيبها ويحق له ذلك .
الآن فقط أدركت كم كانت مسيرة لا مخيرة ، حياتها .. أصدقائها حتى أقربائها من طرف والدتها أبعدهم عنها فهم يعيشون في بلد آخر يومان مرا لم يكلف خاطره ان يتصل كي يطمئن عنها ، إنه يعاقبها بجفائه وكأن كلماته لم تؤذيها مطلقا .
مر أسبوع وهي على حالها دون أن يتصل بها ، نظرت في مرآتها تتأمل شحوب وجهها وهالات عينيها ضائعة بين انتفاضة عقلها وخضوع قلبها ، لتتمرد أفكارها وتأخذ قرارها بالصبر لتدخل حمامها وتتجهز بكامل أناقتها .
دخلت الشركة برأس مرفوع وبكبرياء لا مثيل له ، صعدت إلى مكتبها لتصدم بجلوس تلك على مكتبها .
لبنى : ماذا تفعلين هنا وكيف تدخلين مكتبي دون إذني ؟
قهقهت بخبث : لم يعد مكتبك عزيزتي إنه أصبح لي كما أصبح زوجك ملكي ، لذا غادري مكتبي حالا ؟
علت أصوات شجارهما ليصل خبرهما إلى زياد الذي أسرع لهما .
زياد : كفى ألا تخجلان نحن في شركة ....لتبدأ رولا بالبكاء : أخبرها هي فهي من تهجمت علي ما ذنبي إن كانت ناقصة لا تنجب ربما هي تستحق هذا .
اتسعت عينا لبنى لتفقد صوابها ، هجمت عليه تدفعها بقوة وهي تقوم بضربها ، بينما كانت رولا تبكي وقد استغلت الموقف لصالحها وهي تستنجد بزياد الذي أمسك لبنى من يدها بشدة وقام بجرها وراءه بقسوة خارج الشركة متجها نحو منزلهما ، وصلا لشقتهما دفعها للداخل ليمسك بكتفيها بقوة وهو يهزها بقسوة ويصرخ بها : تبا لك كيف تضربينها ، إنه مكتبها الآن فأنت لن تعملي بالشركة بعد الآن حتى أنك لن تخرجي من هنا دون إذني حتى تعتذري من رولا .
حاولت التخلص من أسر ذراعيه وهي تبادله الصراخ : أنت تحلم هي من أهانتني ولست نادمة أفهمت ، هي من عليها أن تعتذر ولست أنا .. لما أنت ظالم؟ وضعت يدها على وجنتها وهي تشعر بنار تحرقها لتزيدها ثورة : أتصفعني من أجلها زياد ، من هي لتأخذ مكتبي وعملي لا يحق لك منعي هل فهمت زياد
ليس من حقك إني أمتلك نصف الشركة مثلك .
_ كفى .. لن أكرر كلامي ستعتذرين منها وسآتي بها لتسكن هنا معك وعليك احترامها ، ولن تدخلي الشركة بعد الآن .
لبنى : لا يمكنك منعي فلي في الشركة مثل ما لك أنت ، وهي لن تخطو عتبة بيتي أبدا .
ثار غضبه وكبريائه : وأنا أقول ليس لك فيها فلا إثبات لديك بذلك ، لن تعملي وأرباحك ستصلك كالمعتاد ، وستأتي لتعتذري منها غصبا عنك .
دفعته عنها وعيناها تشتعلان تتحداه لأول مرة في حياتها : كفى .. لم اعد أتحملك كله من أجلها هل تحبها لهذه الدرجة إذا فليكن هنيئا لك بها أريد الطلاق يكفي ، طلقني لنرتاح جميعنا .
صفعها بقوة وهجم عليها وقد فقد أعصابه و تفكيره السليم ، لم يتحمل تمردها عليه ليجرها لغرفتهما وقد فقد صبره ليأخذها رغم بكائها وتوسلاتها بطريقة لم يظن بأنه قادر على ذلك ...أعطته ظهرها وتكورت على نفسها تلتحف بغطاء السرير وهي تبكي بحرقة ، بينما هو اغتسل وارتدى ثيابه وقد عاد وعيه إليه وهو يرى انهيارها وكدماتها وشناعة ما فعله بها ليقول : تبا ... تبا لك و لعنادك وليكن بعلمكِ لن يخلصك مني إلا الموت ، فأنا لن أطلقك أبداً لا تحلمي بذلك . ثم غادر دون أن يلقي عليها نظرة أخرى .
حاولت النهوض فلم تستطع لتشعر برطوبة بين ساقيها لترى غطاء السرير وقد تخضب بدمائها .
بكت بضعف قبل أن تجر جسدها وتتناول الهاتف وتتصل على جارتها ، فهي رغم أنها لم تلتقي بها كثيرا إلا أنها تحفظ رقمها .
لم تخيب ريم أملها ، ساعدتها لتغتسل وداوت جروحها وأجبرتها على تناول الحساء الذي أعدته .
مرت عدة أيام تحسنت حالتها الجسدية بفضل حنان ريم واحتوائها لها ، لطالما أحبتها وانسجمت معها ، فكلتاهما تمتلكان نفس الاهتمامات والتفكير ، إلا أن ريم كانت تدير دار للأزياء ، وكم تمنت لبنى أن يتبادلا الزيارات إلا أن زياد منعها من الاختلاط بها وهي لم تعترض أبدا .
بينما حاول زياد نسيان فعلته وتأنيب ضميره ، فهو فقد أعصابه وفقد معها تحضره ليؤذيها بشدة ، آلمه قلبه وعذبه شعوره بالذنب فرغم كل شيء هي أمانة عمه ، قرر أن يرضيها ولكن ليس الآن سيتركها قليلا حتى تهدأ أعصابها .
بينما كانت رولا تشعر بالفرح وهي تراه يبقى بجانبها دون أن يذهب لضرتها ، إلا أنها سمعته يدعو الله في صلاته ليقربها إليه . لتدرك أنها يجب أن تتصرف وتبعدها فطالما هي قريبة منه لن تهنأ بحياتها معه اتصلت بوالدتها تشكوا لها خوفها من فقدانه فهي حاولت كثيرا حتى استطاعت الزواج به ، ولن تسمح لتلك بالفوز عليها .





*********************


الحب الصادقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن