ودعت أخر النساء المعزين وأغلقت باب المنزل بوهن ، لتستند بجسدها إلى الأريكة ، ولم يمر بضعة دقائق حتى سمعت صوت الباب يفتح .
رمقت شقيقها الصغير بنظرة حزينة وتنهدت في ألم ، حسام ذو الستة عشر عام ، المتفوق دراسياً والذي كان الجميع يتنبئ له بمستقبل باهر وحلم المعطف الأبيض ولقب الطبيب الذي كان يراود العائلة وجميع أهل المنطقة كعادة الأسر المصرية حينما يلتمسون تفوق أحد أبنائهم .
إقترب حسام منه وجلس جوارها ، وضع يده على ظهرها قائلاً بهدوء محاولاً إخفاء حزنه " متقلقيش يا أبله كلة هيبقى تمام ، انا من بكرا هادور على شغل ، وان شاء الله البيت هايمشي زي الأول " .
نظرت له بهلع ثم صاحت به " شغل إيه اللي بتتكلم عنه ، إنت إتجننت ولا جرى لمخك حاجه مفيش شغل ،وهاتنتظم في مدرستك ودروسك زي الأول إنت هاتبقى دكتور زي بابا وماما ماكانوا عاوزين ، انت هاتحقق حلمنا كلنا ، ولو على الشغل انا من بكرا هادور انا الكبيرة وانا هاشيل المسئولية دي انت سامع ، يالا على أوضتك " .
حاول حسام مرة اخيرة أن يغير رأيها قائلاً " بس يا أبله " قاطعته بحدة " مفيش بس يالا على أوضتك مش عاوزة ولا كلمة تانية " .
دخل حسام غرفته فهو يعرف شقيقته جيداً لن تغير أفكارها مهما حدث ، وهو لا يريد إغضابها وخاصة في هذه الظروف العصيبة ، بالرغم من شعوره بأنه هو المسئول عن الجميع بصفته أكبر الذكور حتى وإن كان له شقيقة تكبره بسنوات .
جلست أمينة على الأريكة تحاول أن تجد مخرجاً للوضع ، بقيت لها سنه واحدة وتتخرج من الجامعه أي شركة تلك التي تقبل توظيف فتاة لم تنهي دراستها بعد ، كما أن الورشة المحترقة لم يعد لها قيمة أو نفع فصاحب الورشة سيأخذها على أي حال والعدة إحترقت بالكامل برفقة أبيها ومساعديه من العمال ووالدتها التي ذهبت بطعام الغداء كالعادة .
لم يكن لهم دخلاً أخر سوى ما يتكسبه أبيها من الورشة ، وبالرغم من ذلك لم يحرمهم من شيء كانت طلباتهم مجابة ، وكانت دراستهم إهتمامه الأول وخاصة بعدما لمس تفوقه أبناؤه ، بدأً من أمينة التي تفوقت في القسم الأدبي ولحقت بكلية السياسة والعلوم الاقتصادية .
وكان حسام ثاني أبناؤه الذي أظهر تفوق ملحوظ ، فكانوا جميعاً يعدون أنفسهم للقب الطبيب ، والتوأم علي وعامر فهم في المرحلة الأولى من الثانوية العامة ويظهرون تفوق ملحوظ وإلتزام جاد ، كما أن نبوغهم في الرياضيات أهلهم للحصول على جائزة كبرى على مستوى الوطن العربي .
والمشاكسة حورية تلك الجميلة في المرحلة الإعداية ولكنها موهوبة في الرسم رغم صغر سنها إلا أنها بارعة في تقليد ونسخ اللوحات مهما كانت شهرتها أو درجة صعوبتها ، وقد تنبأت لها أستاذتها بالمدرسة بمستقبل باهر وقد قالت بالنص " حورية دي فنانه هي حالياً لسه في مرحلة النسخ والتقليد اتفرجي عليها بكرا لما تدخل في مرحلة الإبداع هايطلع منها تحف عالمية بس تاخد فرصتها ".
أنت تقرأ
للعرض فقط
Romanceوضع القدر أمينة في طريق حسناء فهل أمينة تصبح الوجه الآخر لعملة حسناء ،هل يستطيع محمد الصروي أن يغير ميراث آل الجبالي ،وهل أحمد الجبالي يقبل بما هو أكثر من الرغبة ... فأمينة وحسناء كلتاهما للعرض فقط