#أمي_تكرهني_وأنا_أيضا
الفصل الثاني: خطوتين نحو الهاوية
__________
لا أدري كيف لكن شعور أنني طالبة في القسم النهائي، وأنني بعد أشهر سأجتاز شهادة البكالوريا، يجعلني أشعر بالفخر، وكأنني على بعد خطوات لأن أستقل إستقلالا من نوع آخر، قررت أن أصبح أنيقة أكثر، طلبت من والدي بعض النقود لأشتري ملابس تليق بطالبة في الثالثة ثانوي، الحمد لله أنه لا يبخل عليّ بالمال كما يبخل بمشاعره.
إتفقت مع أختي نجاة على الخروج للتسوق معا، وبما أن زوجها ميسور الحال فلم تكن تبخلني بالهداها، فكل مرة نتسوق بها تشتري لي ما تقع عليه عيناي قبل أن أطلب، وكثيرا ما آثرت نفسها وفضلتني، ربما تريد لعب دور الأم؟ فشعورنا بالحرمان العاطفي، يجعلنا نرتكز على بعضنا البعض، لا أتذكر يوما أنني خرجت برفقة أمي لأحدى المحلات،
م
كمّ أشعر بعقدة النقص حين أرى أمهات وبناتهم في المحلات، تلك تختار لها كنزة جميلة، والأخرى واقفة على باب غرفة قياس الملابس تنتظرها، وواحدة تمازحها، وأنا يتيمة وسط هاته المعمعة، أبتسم وقلبي يحترق، كم من المرات خفت أن أصيب إحداهن بعين حاسدة، كثيرا ما رددت بيني وبين نفسي { اللهم لا حسد } فالعين حق، وأنا لست قديسة حتى أضمن نقاء عيوني وسلامة نفسي.
دلفنا أنا ونجاة لمحلات راقية سلعها تركية وخامات قماشها من النوعية الجيدة، بعد أن أنهكنا التعب من كثرت المشي، قررت أن أعود لذلك المحل الذي لمحت فيه سروالا أعجبني وكنزة قصيرة لم ترق أختي كثيرا.
بعد أن دلفنا للداخل أصرت أختي على اللون البني الغامق للكنزة، حيث قالت بعناد طفولي:
- أنظري اللون البني جميل، أحسن من الأزرق، كما أنك لا تفضلينه كثيرا، جربي هذه وإن لم تعجبك سنغيرها..
بعد شد وجذب إنصعت لها، دلفت غرفة القياس
تطلعت لنفسي في المرآة، جسم جميل متناسق، وجه بريء أنهكه التعب النفسي، وعيون بلون الحشيش، صدقا لا أدري لما لم أرتدي الحجاب للأن رغم أن لباسي محتشم، إلا أن شعري ما يزال حرا طليقا.
لم يهتم أحد في المنزل إن أنا تحجبت أم لا لكن شعوري أن هذا الوقت المناسب لأخفي شعري البني الفاتح، كما أمرني الله وديني أسعدني، سأفعل شيء يرضي الله، خرجت من الغرفة دون أن أجرب تلك الكنزة، وضعتها في يد أختي وقلت بنبرة واثقة وقلبي يكاد يطير من السعادة:
- لا داعي لهذه الكنزة لم أعد أريدها، أريد حجابا طويل وأنيق... قررت أن أتحجب.
ناظرتني بشک وقالت والدهشة تميز ملامح وجهها:
- أحلفي.
إنفجرت ضاحكة وأومأت برأسي مرات عديدة، لتعانقني هي بدورها، يالها من سعادة، رغم كل شيء مازال هناك صدر دافء يحتضنني وقت إحتياجي.
حصلت على حجاب جميل باللون الأسود، وآخر باللون الأزرق الغامق هدية من أختي الغالية، ومناديل بألوان مختلفة، لأخفي شعري تحتها..
بعد عودتنا للمنزل وفي وقت العشاء والكل ملتفٌ حول المائدة، أخبرتهم نجاة بأمر إرتدائي للحجاب، لمعت عيون والدي من السعادة، بينما مازحني وليد وعانقني وقبّل جبيني، إبتسمت وقلبي يخفق من شدة الفرح، بارك لي الجميع، وكالعادة كانت هي دائما ما تطبق بإحتراف المثل القائل { خالف تعرف } وقد قالت بإستهزاء
- ما فائدة الحجاب إن كان القلب عاهرا.
تطلع والدي إليها في غضب، بينما ساد صمت مطبق على الكل، وماذا سيقولون؟ إذا فتحوا الباب للنقاش، لن ينتهي إلا بمشكلة، أكون أنا ضحيتها..
إبتسمت بإستهزاء لحظي التعيس وقد قررت أن لا ألقي بالا لكلماتها، وما الضير أن أتلقى يوميا جرعة تسمم قلبي، ماذا سيحصل؟ طبعا لا شيئ، لا بأس تعودت.
مرّ شهرين على بداية العام الدراسي، إقترب موعد الفروض ولا أزال مشتة بين أعمال المنزل التي لا تنتهي، وبين دراستي التي ستحدد مصير حياتي ومستقبلي، مرت فترة ضغطت فيها على نفسي ولم أعطيها حقها، تحالفت ضدها مع الجميع، كم كنت ظالمة.
مرت فترة الإمتحانات على خير، أعترف أنني لم أغش هذه السنة ولم أطلب المساعدة من صديقاتي وقت الإمتحانات، قررت أن أنجح بمجهودي، والحمد لله حصلت على معدل 11 بشق الأنفس وكم كانت فرحتي كبيرة، أتت العطلة على عجل، وهي بالنسبة لي سجن جبري في المنزل مع الأعمال الشاقة والشتائم بمختلف الأساليب، كل ما يهمني الأن أن أرتاح من ضغط شبح البكالوريا أسبوعا على الأقل.
في الأسبوع الثاني من عطلة الشتاء أتت أختي للمنزل لتمكث أياما معنا، قضينا يومين رائعين أحسست فيهم بالإستقرار النفسي، كنا نشكل ثلاثي رائعا أنا وهي ووليد، نسهر نتمازح ونستعيد أيام صبانا بفخر وأحيانا بحزن لنختمها بضحك لا ينتهي..
في منتصف المزاح قال وليد:
- تلقيت إتصالا من خالي اليوم، وقد أخبرني أنه سيأتي لعزومة أمي يوم الجمعة، لا أدري لما قاطعنا، ولم يدخل منزلنا منذ سنوات، المهم أن الله هداه، ربما إستفاق أخيرا أنه قاطع لرحمه..
لم أشعر بنفسي إلا ودقات قلبي تكاد تصم أذناي، حتى خيل لي أنها وصلت لمسامع نجاة ووليد.
تغيرت ملامح وجهي إلى الجمود الكليّ، إعتذرت منهم بحجة نعاس، ودلفت سريري وتدثرت كليا بغطائي، وخافقي لا يزال ثائرا.
إعتذر وليد وذهب لغرفته بينما أتت أختي إليّ وقد فهمت أن تلك الذكريات المخزية طفت على السطح من جديد.
نادتني فلم أجب، هزتني لم أعرّها إهتماما، رفعت الغطاء لتجدني أبكي بصمت وقد تبللت وسادتي، مسحت على شعري وقالت بنبرة خافتة محاولة بث الأمان في نفسي.
- لا تخافي لن يأذيك أحد ما دمت معك، ومن سترك وأنت في قمة ضعفك، صغيرة لاتفقهين شيء، سيحميك وعودك قد إشتدّ، مما أنت خائفة ولما هذه الدموع عزيزتي.
لم أتمالك نفسي لأرتمي في حضنها وشهقاتي تسبق عبراتي، كما يسبق البرق الرعد، وماذا بيدي أن أفعل وأنا العبد الضعيف الذي لا سند له في هذه الحياة؟
-سبحان من يغير العبد من حالٍ إلى حال في ثوانٍ معدودات، قبل قليلّ كنت أضحك ملء فمي والأن أبكي وكأن عزيز عليّ فارق الحياة، قلت وقد قاربت أحبالي الصوتية على الإنقطاع:
- تحرش بي، وكاد ....
لم أتخيل يوما أن خالي سيتحرش بي، يعلم جيدا أنني لن أشكوه لأحد حتى لو قام بإغتصابي، لأن الجبن صفة متأصلة بي.....
أنت تقرأ
أمي تكرهني. (وانا ايضا)
Romanceرواية حقيقة عن فتاة عانت من الشخص الذي من المفروض ان يكون سبب سعادتها عذاب تذوقته بجرعات متفاوتة و موت رأته يحوم حول جسمها الرهيف و يدندن كل ليلة في ادنيها يطلبها اليه