الفصل الرابع وقعت في الحب

894 18 0
                                    

#أمي_تكرهني_وأنا_أيضا
الفصل الرابع: وقعت في الحب 1

__________

أجمل خبر أفرح قلبي وأزال عني تعب سنة كاملة، أصبحت خالة لأول مرة، شعور لا يوصف، لم أستطع إكمال اليوم في الثانوية، خرجت في منتصف الدوام وقلبي يقفز من الفرح، إتجهت صوب المستشفى وعقلي يرسم ملامح مختلفة لإبنة أختي، هل هي سمراء! لا ستكون ذات بشرة بيضاء كأمها، ستأخذ عيناي الخضراوتان، نجاة طيلة فترة وحمها كانت تصر أن تكون إبنتها ذات عيون خضراء فلم تتوانا في النظر إليّ تلك الفترة بالذات.
وصلت أخيرا إنتظرت موعد دخول الزوار وكم كان الإنتظار مرهقا مميتا للأعصاب، بعد حوالي النصف ساعة بدأ الناس يتزاحمون نحو الداخل، تبعت ذلك الحشد الغفير، متمنية أن أقطع تلك المسافة في خطوتين، أو أطير كعصفور طليق حيث أختي، لم أن أعرف أين تقع مصلحة الولادة والمولودين حديثا، وكم كان السؤال مرهقا.

وصلت وجلّت في مصلحة الولادة، أرى في وجه كل إمرأة أختي الغالية، ألمح في كل رضيع، شيئا مني، غير أن كل هاذا الجري لم يكن ذا نتيجة، تأزمت حالة إبنة أختي، وأخذت على الحاضنة، لتلقي الأكسجين لازم للحفاظ على حياتها، مريضة ربو وما ذنبها وهي بنت سويعات قليلة، يبدو أن سلالتنا ملعونة، وكل من تجري في عروقه هذه الدماء سيكون قدره أسود كسواد الليل..
بعدما يئست من إيجادها إتصلت هاتفيا بها، أرشدتني إلى مكانها والذي عثرت عليه بشق الأنفس، وجدتها ها هناك واقفة ملتصقة بزجاج إحدى الغرف تتطلع إلى صغيرتها ودموعها تنزل في صمت.
إتجهت صوبها بخفة لا أدري كم ثانية لزمتني حتى وصلت لها، عانقتها وبكت في حضني، لتقول هي بصوت خافت، وكأنها تخشى إيقاظ فلذة كبدها من نومتها تلك..
- ما ذنبها حتى تكون مريضة ربو؟ ما ذنبها قولي بالله عليك؟
ربتتُ على كتفها في حنو ومن لنا غير بعضنا وقت المصائب، عانقتها وقلت بثقة.
- من خلقها وأتى بها للحياة قادرٌ على شفاءها، ما بك لم أعهدك هكذا قليلة ثقة بالله، أحمدي الله أنها أتت من دون عاهة أو أمراض أخرى..
بعد مدة إقتنعت وعادت لرشدها، ومسحت عبراتها، ولم يمضى سوى وقت قصير ودلفت أمي وأخي، لحقهم أبي وأيوب بعدها.
لم أصدق عيناي حين عانقت أمي نجاة وبكت في حضنها، وكم من الوقت وأنا أحاول إقناعها أن ترضى بقدر الله لتأتي هي التي لم تعانقها سوى يوم زفافها لتجعلها تبكي مرة أخرى، وكم هي غريبة الحياة، وقفت بعيدا أتطلع إلى ذلك المشهد الدرامي، وأنا التي لم أحضى بحضن كا الذي أراه الأن ولو في أحلامي، لم أشعر بالغيرة قط من أختي، ولن أشعر بها تجاهها ولو أخذت ضعف نصيب الإهتمام من تلك الجافية.
بعد مدّة عادت أختي لغرفتها بينما أكملت الرضيعة يومها في الحضانة، وبعد ثلاث أيام خرجت من المستشفى، ومن العجائب التي لن يصدقها عقل، أصرت أمي أن تأتي لمنزلنا مباشرة، وكم كانت دهشتنا كبيرة.
لم يبقى كثيرا لموعد إمتحان البكالوريا، وأختي تقيم في بيتنا تقضي فترة النفاس تحت رعاية أمي، أقسم أنه شيء لم أستوعبه، تغيرت معاملة والدتي مع نجاة تغيرا لا يتقبله عقل عاقلاٍ، وكأن التي ربتها منذ ولادتها والتي قست عليها وجعلتها تكره البيت الذي تنتمي إليه ليست هي نفسها التي تحاول شراء رضاها بكل الطرق، تستميل قلبها وترجعو عفوها، وتهدهد رضيعتها، كم كانت دهشة الكل لا تصدق، تغيرت معها تغير العدو مع عدوه.
أما أنا فلم أسلم من لسانها السليط وأوامرها التي لا تنتهي، كنت كخادمة بدل طالبة تحضر لإمتحان صعب سيقرر مصيرها، ومصير حياتها، لم أكن أتذمر من طلباتها، بل أطعتها في كل كبيرة وصغيرة، كنت أمشي وكتاب التاريخ في يدي، وورقة المصطلحات في اليدّ الأخرى، وعيني على الحليب فوق الموقد، وعلى الحساء، وعلى الملابس آلة الغسيل، أعصابي لم تكن تتحمل شيئا آخر إكتفيت بالصمت وتنفيذ كل تلك الطلبات التي لا تنتهي، وعدت نفسي أن أنجح، وعدت نفسي أن أجتاز كل تلك العقبات بقلب من فولاذ، كنت أتعب وأشقى نهارا كآلة من حديد، وأبكي وأراجع دروسي ليلا، كخفاش لا ينام، وكم كانت سعادتي لا توصف وأنا أصبح وأنام على وجه فرح إبنة أختي، وجهها الملائكي، وعيونها المغمضة طيلة الوقت، يداها الصغيرتين، ورائحتها التي لم أشتم أجمل منها.
قضيت فترة رائعة مع صغيرتي التي لا أشبع من التأمل في وجهها، إعتنيت بأختي جيدا وكنت لها خير الونيس، والآن بقي أسبوع للإمتحان الذي سيكون الفيصل، إما معاناة وإما إستقلال.

أمي تكرهني.  (وانا ايضا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن