( الخــــداع )
استغرقت دانييل في التحضير لحفلة ميلاد ميا السرية لكن ذلك أسعدها وملأ أوقات الفراغ التي كانت تشعر بها ,,,والأهم من ذلك جعلها تنسى المشاعر الغريبة تجاه رايان ,,,لم تشعر بهذه المشاعر طوال حياتها ,,إنها مزيج من الخوف والارتباك والاضطراب ,,طوال حياتها كانت تتعامل مع مختلف الأشخاص من خلال عملها ,,فقد صادفت كل أنواع الآباء والأمهات ,,منهم المتطلب والمهتم والمخيف والمثير للإضطراب والمتكاسل ,وتعاملت مع كل منهم فحاولت أن تلبي طلبات ذلك المتطلب لكن ليس إلى الحد الذي يجعله يتدخل في عملها بل وضعت له الحدود لتطلبه وطمأنت المهتم ووقفت في وجه المخيف ,فلماذا يصيبها الارتباك كلما رأته ؟؟أهو بسبب تلك العينان التي تطل منهما المودة والدفء ....غريب كيف أنها عندما رأته لأول مرة ظنت أنها باردتين لأنها رأت البرودة فيهما تلك الليلة عند الشرفة عندما أخذت تثرثر عن تلك المرأة التي استغلته كما قال ...
من هي يا ترى ؟أهي مميزة بالنسبة إليه ؟؟لابد أنها كذلك
وإلا لما بقي مريرا إلى الآن!!!لابد أنه أحبها كثيرا
ليصاب بخيبة الأمل هذه !!!
استحمت دانيل بعد أن ركضت قليلا في الصباح ثم جلست عند ضفة البحر لتشاهد الشروق ...فهي دائما تقوم بالهرولة ..لأنها تجعلها تشعر بالانتعاش ...أخذت تنظر إلى ثيابها المعلقة في خزانتها . كانت قد جلبت ثلاثة فساتين بسيطة إلى جانب فستان السهرة الذي أصرت جيسيكا على أخذه .
لقد أصيبت بالملل من تلك التنانير الطويلة وسراويل الجينز ..سترتدي شيئا مختلفا اليوم ,ذلك لأن مزاجها كان ضبابيا ولاتعرف لماذا ؟ والأكثر أهمية هو بسبب نظرات تلك المرأة لها ,,مديرة كايت في العمل التي أتت لتزور والدها ,لقد كانت جميلة جدا بذلك الثوب الأسود الصوفي الذي كانت متأكدة من أنه من إحدى الماركات العالمية ,قد تكون من سان لوران أو ديور ..
ضحكت باستخفاف ..لقد رأتها تلك المرأة في أسوأ حالاتها فقد كانت ترتدي بنطالا عاليا يصلح لطفل صغير أكثر منه لامرأة راشدة لونه كحلي ولبست تحته بلوزة خضراء بلون العشب وقد كانت تمشي بجوار المنزل حين هطل المطر فجأة فركضت نحو المنزل لكن بلا فائدة فقد التصق الوحل في بنطالها ووصل الى كاحلها وعندما دخلت المنزل وجدت تلك المرأة الأنيقة الجذابة التي تجلس بكل وقار مع رايان في غرفة الجلوس فنظرت الى دانييل بعبوس وكأن دانييل آتية من المريخ لكنها لاتلومها ,,,
لكن الذي أغضب دانييل حقا هي نظرات الدهشة والازدراء من رايان ...فليذهب الى الجحيم ذلك الأبله ,انها لاتهتم به ولابرأيه ,لابد أنه يراها كالفأرة المبللة بشعرها المبلل وثيابها المتسخة
كانت تلك المرأة تجلس مع والدها ومع مورا ورايان في غرفة الجلوس وكان اسمها كلوديت ماننغ ,لقد ذكرت كايت
هذا الاسم في أول يوم لها في البيت
عندما استحمت ولبست تنورة طويلة رمادية وبلوزة صفراء وسرحت شعرها وتركته منسدلا ذلك اليوم ,دخلت على كايت في المطبخ مع روزيتا وقد كانت غاضبة ..
ألقت دانييل التحية وهي تجلس على احدى الكراسي
(مابك ؟تبدين غاضبة)
( تلك الأفعى المنافقة ,إنها تثير غضبي )
اكلت دانييل قطعة من كعك روزيتا اللذيذ وقال
(لماذا ؟ماذا فعلت لك ؟
قالت كايت وهي ترتب أكواب القهوة مع روزيتا بعصبية في صينية (إنها تدعي الطيبة بمجيئها لزيارة عمي جوناثان )
صمتت ثم قالت بسخرية (كلنا نعرف لماذا هي هنا )
ثم تنهدت متابعة (ما عداه )
أحست دانييل بشيء غريب (ماذا تقصدين؟)
دفعها الفضولالى السؤال ,قالت كايت بهمس
( إنها تقوم بهذه المناورات لتحصل على اهتمام رايان )
تابعت ( والذي يبدو غير مدرك لهذه الاهتمامات التي تقذفها اليه)
أخذت روزيتا الصينية من كايت بهدوء وخرجت من المطبخ فأكملت كايت ( ذلك اليوم أخذت تقول بأنها تحب ايرلندا وتحب الشعب الايرلندي أمام رايان ثم نظرت اليه
بكل وقاحة نظرات كلها هيام وحب )
صرخت كايت (آآه كم أكرهها ..أقسم أنه لو لم تكن مديرتي لقتلتها
ضحكت دانييل ضحكة خفيفة لكنها في داخلها تشعر بالاختناق ..أحست وكأن أحدهم يقبض على صدرها ..لماذا تنتابها هذه الأحاسيس ؟وماذا لو كانت تلك المرأة الجميلة والجذابة معجبة برايان ؟أو حتى تحبه ؟نعم ماذا لو كانت كذلك ؟ إنها لاتهتم ..لكنها فجأة أحست برجفة وهي ترفع كوب العصير فوضعته لئلا تلاحظ كايت ذلك ..ازدردت ريقها وقالت بصوت مبحوح عندما لاحظت أن كايت كانت تنتظر تعليق (إنها جميلة جدا)
أطلقت كايت صرخة احتجاج (عندما تقوم بمسح ذلك الماكياج عن وجهها ستصبح مثل الغول ) ضحكت دانييل (إنك تبالغين !)
عندها دخلت روزيتا لتقول بأن مورا تريدهم في غرفة الجلوس ,انضمت دانييل اليهم مع كايت وما ان دخلت حتى أحست بكره بالغ تجاه تلك المرأة الجالسة بكل ارتياح بجانب رايان الذي كان مستمتعا بتلك الجلسة ..
لايبدو عليه الضيق من تلك المرأة .. هل هو معجب بها وفجأة طرأت على بالها فكرة هل هو يظهر عدم المبالاة ليخفي إعجابه بكلوديت أو كلوي كما تحب أن يسموها ؟
؟في أعماقها أحست بالغضب لسبب لاتعرفه ..
وضحكت بسخرية في نفسها ..لقد كان هناك امرأة لايكن لها رايان كل الحقد بسبب تلك التي خانته ..
كا ن من الممكن أن تعجب بتلك المرأة لولا أنها تكثر من الكلام عن نفسها وهذا ما تكرهه دانييل فهي ليستمن ذلك النوع ..ورأت أن كايت تبالغ عندما قالت أن كلوي تضع كثيرا من مستحضرات التجميل وتخيلتها بدون الماكياج ,ولابد أنها ستبدو جميلة بعينيها الزرقاوين وشعرها الأشقر النحاسي ,,سمعت كلوي تقول لها ( لقد سمعت بأنك معلمة موسيقى متخرجة من جوليارد )
كانت قد قالت هذا بالاسبانية فضحكت وقالت (اعذروني ,لازلت متعودة على اللغة الاسبانية ..فقد كنت هناك منذ أشهر)
قالت دانييل بنفس اللغة ( ما سمعته صحيح يا عزيزتي !)
فقد درستها في الكلية
التفت اليها كل الموجودين في الغرفة وقال والدها
(لم أكن أعرف بأنك تتكلمين الاسبانية يا نيل )
فقالت دانييل في نفسها بحسرة *أنى لك أن تعرف يا أبي ؟*
هزت دانييل كتفيها بخفة (تعلمتها في الكلية وأنا أقوم بممارستها مع جيسيكا صديقتي الاسبانية )
قالت مورا (هذا جميل ,أليس كذلك يا كلوي ؟حتى أن لكنتك
جميلة وقوية يا نيل )
ردت كلوي ببرود (أجل ,جميل جدا )
قالت كايت وهي سعيدة جدا بخيبة كلوي (رايان يعرف اللغة جيدا )
لم تستطع دانييل أن تنظر الى رايان لترى دهشته ..فلسبب ما كانت تريده أن يندهش من معرفتها ..فنظرت الى كايت( هذا رائع )
فنظرت الى ساعتها مرتبكة بسبب صمت رايان وقالت كاذبة
(يجب أن أذهب ,لدي ما أقوم به من أجل حفلة ميلاد ميا ,سررت بمعرفتك يا كلوي )
قالت كلوي ببرودة ( أنا أيضا ) اصطدمت عينا دانييل بعيني رايان التي كان فيها تعبير غريب لم تعرفه . عندما خرجت ,كانت دقات قلبها مسرعة وكأنها كانت تركض لساعات فأخذت نفسا عميقا وأكملت طريقها ..
تذكرت دانييل كل هذا وهي ترتدي فتانها العشبي المزين بورود حمراء برتقالية ذو أكمام قصيرة .زثم نزلت الى المطبخ حيث سمعت أصواتا تتردد في الردهة ,كان صوتا أنثويا يقابله صوت عميق دافئ ..لابد أنه والدها ومورا فدخلت سعيدة ووجهها ينضح نضارة وقالت (صباح الخير) لكن صوتها اختفى عندما رأته جالسا في قميص أبيض ناصع وبنطال أسود ولم تنتبه الى مورا التي قالت بإعجاب (عزيزتي ,تبدين جميلة جدا ,أليس كذلك يا رايان ؟) فنظر اليها بتعبير جامد لثوان معدودة وقال
(تبدين مختلفة يا داني ) ثم عاد يشرب من قهوته ..
وجدت أن هذا أقصى ما سيخرج منه فهو لايريد أن تشك عمته في الخلاف الذي بينهما وأيضا عرفت بأنه يسميها داني لاعتقاده أن هذا الاسم يلائمها أكثر من نيل فقد قال عندما سألته كايت
(لماذا تسميها داني ؟)
(لماذا ؟هل تستاء من هذا الاسم ؟لأنه على حسب قول صديقها هذا الاسم يناسبها أكثر ) دهشت من تذكره لما قالته عندما سألتها كايت ماهو الاسم الذي تفل أن تناديه به
لكنها تعرف أنه لا يقصد بهذا اهتماما بل ليراقبها ..
رجعت الى الواقع وقالت ( شكرا عمتي ) ثم قالت وهي تجلس بعيدا عن رايان (وشكرا لك يا رايان )
ثم سألت مورا وهي تصب بعض العصير لها وقد لاحظت أن مورا تعد صينية لوالدها ( هل استيقظ والدي ؟)
(نعم عزيزتي .إنه يستيقظ عندما تخرجين للهرولة كل صباح )
أحست دانييل بالذنب ( إنني آسفة .لم أقصد أن أثير الضجة )
لوحت مورا بيدها بالهواء قائلة ( لا ,يا عزيزتي إنك لا تثيرين الضجة لكن والدك تعود أن يأخذ دواءه في هذا الموعد )
(هذا جيد فقد ظننت أني أيقظت الجميع ) ومدت يدها الى صينية الخبز في الوقت الذي كا ن رايان يأخذ قطعة فاصطدمت اليدان ..فأحست دانييل بحرارة تصعد الى ذراعها حتى استقرت في أولى فقرات عمودها الفقري وارتفعت الحمرة في وجنتيها فتمتمت
( آسفة )وأبعدت يدها عندما أخذ رايان قطعة
(صباح الخير ) قالت كايت وهي تدخل الى المطبخ بصوت ناعس وآثار النوم لازالت ظاهرة على وجهها ردوا التحية فقالت
( فيم كنتم تتحدثون ؟)
قالت مورا (عن دانييل ورياضتها الصباحية فهي نشيطة
وليست مثلك ...)
( من الذي سيقدر على مزاولة الرياضة في الصباح الباكر ؟بالنسبة الي أفضل النوم بدلا من ذلك )
ضحك الجميع ثم قال رايان
( إنك كسولة ,أتساءل مالذي رآه جيمي فيك ليتزوجك ؟)
عبست كايت مما أضحك دانييل ومورا وقالت كايت
( لقد رأى جوهري الداخلي ..) فابتسم رايان بخبث فلم تعره كايت أي اهتمام وبدلا من ذلك قالت لدانييل ( ولكني أحسدك فعلا يا نيل ,كيف تقدرين على ذلك ولاتفوتين يوما واحدا ؟)
فتدخل رايان ( ربما هي تفعل ذلك من أجل شخص ما ؟)
فقالت دانييل (مالذي تقصده؟)
(قد تكونين تقومين بالرياضة إرضاء لصديقك الحميم ؟!)
قال بمكر ..ابتسمت دانييل ابتسامة خالية من أي تعبير ( أنا لاأفعل ذلك من أجل شخص ما ,أقوم بذلك من أجلي ,,من أجل صحتي .)
قال رايان بتحدي (أهذه طريقتك الحزينة للقول أنك وحيدة وليس لديك صديق مميز؟)
(رايان !) كانت هذه الصرخة التأنيبية من مورا وكايت ,نظرت دانييل الى ذلك الذي ينظر الى أعماق عينيها ولم يهتم بالمرأتين نظرات تبحث عن شيء لم تعرفه دانييل فبادلته النظرة بثقة وقالت (لست من ذلك النوع أبدا ..ولعلمك أنا لست بائسة ووحيدة ..فلدي العديد من الأصدقاء اللذين أعتبرهم عائلتي ..) صمتت ثم تابعت (وأنا أشمئز من أولئك اللذين يقولون بأن المرأة يجب أن تكون مرتبطة برجل لتشعر بالأمان والحماية ..فبضع دروس في الكاراتيه والدفاع عن النفس ستضمن لك ذلك ) لقد كانت غاضبة من هذا الرجل الذي يحملق بها ساخرا منها بكل جرأة فلم تهتم بالحاضرين أو تراعي التهذيب أمامهم ..
( إنك تشبهين أمك في هذه اللحظة !) رفرف جفنيها قبل أن يستقرا على والدها عند باب المطبخ وقد بدا بخير وبصحة جيدة ..لكنها قطبت حاجبيها عندما سمعت ما قاله ولم يلاحظ ذلك أحد كما اعتقدت لكن رايان لاحظ ذلك الوجه المتوهج تحت الأشعة المنسابة من نافذة المطبخ لتضفي شيئا رائعا على وجهها ,لم يشعر رايان بالارتياح من هذه المشاعر التي تنتابه فهذه المرة الثانية التي يشعر فيها بذلك ..لحسن حظه لم يلاحظ أحد ذلك التعبير المتأمل على وجهه ,فقد كانوا يصبون اهتمامهم على جوناثان الذي دخل الى المطبخ ثم جلس على كرسي بجانب ابنته وسمع عمته تعنف زوجها قائلة ( من المفترض أن تكون في الفراش ,كنت على وشك أن آتيك بالفطور في الغرفة ..)
قال والدها بعبوس (لقد مللت من الجلوس في تلك الغرفة والجدران تحيط بي من كل جانب )
ابتسمت دانييل (من المفترض أن تدلل نفسك يا أبي بهذا الاهتمام الذي يحيط بك )
ردت مورا بجدية واستياء من زوجها (لطالما كان والدك مريضا صعبا ) فرد جوناثان معترضا(كلا ,لست كذلك )
(أحقا ؟ وعصيان أوامر الطبيب بأخذ الأدوية ,ماذا تسمي ذلك ؟)
أخذت دانييل تضحك لمرأى والدها محاصر باتهامات مورا ,فقد كان عابسا ومستاء كالطفل (هذا غير صحيح..رايان؟؟!) استنجد والدها برايان الذي أضاءت وجهه ابتسامة جميلة
كما هي حاله عند حضور والدها
..غريبة هي هذه العلاقة التي تربط بين والدها ورايان ,,كأنهما صديقين بل إنها كعلاقة الأب والابن ,,ووالدها لايعدو أن يكون زوج عمته والسؤال الأكثر غموضا هو كيف أتى رايان وأخته ليعيشوا مع عمتهم وزوجها ؟وأين والديهم ؟هناك شيء غريب ..
انتبهت الى أن رايان نهض من كرسيه وهو يقول لوالدها مازحا (أنت بمفردك يا جوناثان فأنا لاأقدر أن أفوز في جدال مع عمتي )
ضحكت دانييل ,لم تكن تعرف أنه يقدر على المزاح فلطالما ظنته متحجر وثقيل الظل ..إن هذا الرجل ملئ بالغموض والأسرار والأسوأ من هذا هو أنه يثير فضولها ..وأيضا هناك شيء فيه يثير مشاعرها ,إنها لاتعرف ما هو هذا الشعور فهي لم تشعر بهذه الأحاسيس في حياتها وهي لاتريد أن تحس به لأنه يهدد شعورها بالاستقرار والطمأنينة ..
أخذت تقلب الطعام في صحنها وقد أصابها فقدان شهية مفاجئ بسبب التوتر الذي هاجمها بسبب أفكارها الغبية ..
(أين ستذهب ؟) كان ذلك والدها ,يسأل رايان عندما رآه ذاهبا
(لدي أشياء أقوم بها ..) قال رايان وهو يرتدي سترته السوداء على قميصه الناصع البياض والتي تتماثل
في سوادها مع بنطاله الأسود ..
( وماهي هذه الأشياء ؟ لقد قلت بأنك أخذت عطلة لمدة أسبوع من العمل في المستشفى ..) قالت مورا بغضب ,إنه يرهق نفسه بذلك العمل ..
قطب رايان حاجبيه ,إنه لايريد أن يسمع هذه المناقشة من عمته فحاول أن يبسط أساريره فقال (بقي لدي الشركة يا عمتي ,هل نسيت ؟أراكم لاحقا ) ثم خرج تاركا دانييل في دوامة منذ أن سمعت كلامه ثم أغمضت عينيها ..يا للهول إنه في عطلة من المستشفى ,هذا يعني أنه سيكون في المنزل معظم الأوقات ..صحيح أنه سيذهب الى الشركة لكنه لايأخذ وقتا طويلا هناك ..فهي وبدون أن تدرك أصبحت تعرف مواعيد دخوله وخروجه من المنزل ولكن لماذا يوترها هذا فهي لاتهتم ما اذا كان سيبقى في البيت أم لا..صحيح؟
لكنها لم تصدق ذلك الكلام الذي تحاول إقناع نفسها به ..فرايان ولسبب ما يسكنها ويثير خوفها ليس فقط بسبب كلامه الغير منطقي بل لسبب لاتريد الاعتراف به ..
(داني !) أجفلت من ذلك الصوت العميق والذي جعل قلبها يتخبط في مكانه لعودة الشخص الذي تفكر فيه ولمرأى تلك الجاذبية والرجولة التي كانت تفيض منه
..أحست بأنها سوف تبكي لأفكارها تلك ..
قال مقطب الحاجبين (اتصال لك)
(لي أنا ؟؟؟) سألت بغباء ,,لكنها لم تسمع صوت الهاتف يرن.وكيف تسمعينه وأنت مستغرقة في أفكارك الحمقاء رددت في نفسها ..
قال بجمود (قال أن اسمه ترافيس )
(ترافيس !) صاحت بفرحة جعلت وجهها يشع فلم تلاحظ العبوس الذي لاح على وجه رايان ونهضت عندما سأل والدها ( من هو ترافيس؟)
(انه صديقي ) ردت وهي تخرج من المطبخ وحبست أنفاسها وهي تمر من جانب رايان تلقائيا ,,أخذ رايان ينظر اليها وهي تقطع الردهة وشعرها يتطاير بفعل الهواء من سرعتها .
سمع ضحكة أعادته الى الوقع
صدرت من جوناثان الذي قال(يبدو انه مميز)
خرج من المطبخ وهو يشعر بغضب غير مبرر ,مر بغرفة الجلوس وسمع صوتها السعيد وهي تتحدث مع المدعو ترافيس وسمعها تسأل عن أشخاص آخرين ,,جيسيكا وتشارلي وستيلا وجوزيف ...من هؤلاء أهم أصدقاؤها ولماذا ترافيس الوحيد الذي يتصل بها لابد أنه صديق مميز ,,نظر الى نفسه في مرآة غرفته وهو مستغرق التفكير في هذه المرأة ,ارتد بصره الى الساعة المعلقة على الحائط وشتم غباءه فقد ضاعت عشر دقائق وهو يفكر في هذه الحمقاء ,أخذ يبحث عن حقيبته لكنه لم يجدها وضاعت عشر دقائق أخرى تمتم غاضبا (أين هذه الحقيبة بحق الله ؟) عندها تذكر أنه وضعها في غرفة الجلوس *أيها الأحمق* ونزل الدرجات مسرعا وكاد أن يصطدم بدانييل عند غرفة الجلوس لولا أنها قالت بحدة (انتبه!) فنظر إليها ..كان قريبا منها لدرجة أنه رأى ما يشابه الشامة بالقرب من أذنها ..ثم انتقل الى عينيها الخضراوين اللتين تلمع بشدة ..أهو الغضب ؟لكن لا ..لقد رآها وهي غاضبة ولم تكن عينيها هكذا ..لابد أنه بسبب المدعو ترافيس ثم عاد غضبه المجهول يتأجج ..فأخذ يحاول تهدئة نفسه فأخذ نفسا عميقا لكنه أخطأ في ذلك اذ استنشق عطرا جميلا هو مزيج من اللافندر والتوت البري التي تغلغلت في أعماقه فاجتاحته شحنة كهربائية ..عندها تراجعت دانييل الى الوراء لتسمح له بالدخول ..فلاحظ حركتها الرشيقة *كفى * قال لنفسه ..
قالت ببرود وصلابة ..(حسنا ,هل ستمشي أم أمشي أنا ؟)
اشتعل غضبه من كلامها ومن نفسه ,لأنه شرع في تأملها ولابد أنها لاحظت ذلك ,,لابد أنه بدا كالأحمق
فقال ليرد اعتداده بنفسه (بإمكاني البقاء مكاني ان أردت )
(سوف يسبب لي هذا مشكلة )
قال بسخرية (أحقا؟) ثم صمت وتابع (اذن سأبقى هنا بالتأكيد فأنا لاأمانع في أن أسبب لك مشكلة ) ابتسم متهكما ليزيد غضبها ..
قالت غاضبة (من الأفضل لك أن تبتعد قبل أن أرفسك لأني لست في مزاج لتقبل تهكمك الأرعن ) ثم مرت من جانبه تخرج من الغرفة ..ماذا أصابها ؟لم هي غاضبة بهذا الشكل ؟حسنا لطالما كانت تغضب عندما تكون برفقته لكن ليس لدرجة أن تضربه ؟مابها؟ كان يفكر بذلك وهو يقود سيارته الجيب الرمادية من نوع شيفروليه الى شركة الأدوية ..إنه يذكر عندما استلم العمل في الشركة منذ حوالي السنة وتسعة أشهر ..كان ذلك بعد تلك الحادثة المؤسفة والتي قلبت حياته رأسا على عقب بدءا من ذلك اليوم الذي التقى فيه صاحبة الجمال الطفولي والتي اكتشف فيما بعد أنها أفعى سامة ..فخلف مظهرها الطفولي يكمن شر خالص .
.كان اسمها صوفيا لورمير .
(صوفيا لورمير !) صرخ رايان ذلك اليوم في غرفة الانتظار المزدحمة في قسم الطوارئ الذي يعمل به مناديا على المريض الذي سيتولى علاجه ,كان في ذلك الوقت في الثامنة والعشرين من عمره سعيد بما أنجزه خلال سنوات توظيفه في مستشفى ميرسي*الرحمة* كطبيب مقيم في غرفة الطوارئ ,لكنه لم يكن يعرف بأن ذلك اللقاء سيأتي بأشياءلم يحلم بها رايان في أسوأ كوابيسه .
ظهرت أمامه وهي تعرج بكل براءة ودلال ..لم يلحظ هو تلك الحركات في البدء إلا عندما أخذت تطلق الملاحظة بشأنه أولا حول كفاءته وكيف أنه استطاع تشخيص ما بها ,ضحك رايان ذلك اليوم وقال (إن طالب في كلية الطب سيعرف أنه مجرد التواء بسيط .هذا ليس بالشيء الكبير يا آنسة )
فقالت وعيناها البنيتان تحملقان بكل إعجاب فيه (أرجوك نادني صوفيا ,إنك صاحب أجمل ابتسامة في هذا العالم)
وغيره من تلك المجاملات لدرجة أن الممرضات لاحظن ذلك ..
فقال رايان وقد أحس بالدهشة من جرأتها (هذا من لطفك) فقد وضع قاعدة لنفسه بألا يتورط مع أي مريضة يعالجها ..وهذه الفتاة تتضمن القاعدة مع أن رايان رآها جميلة ..
قال لها وهو ينهي ربط قدمها الصغير (عودي اذا آلمتك أكثر ,اتفقنا ؟) وكتب في وصفتها القليل من المسكنات
وياليته لم يقل هذا لأن تلك الحمقاء فسرتها كدعوة ,وما ان جاء اليوم التالي حتى وجدها أمامه مبتسمة إحدى ابتساماتها التي أطلقتها مساء البارحة فظن رايان أن قدمها تؤلمها
(هل تؤلمك قدمك؟) هزت كتفيها بنعومة (قليلا فقط )
عندما أعاد ربطها (سوف تشفى خلال أيام ..أتمنى ألا أراك )
قاطعته وقطبت حاجبيها وأوشكت على البكاء (لماذا ؟لابد أنني مزعجة ) كانت ممثلة بارعة جدا
(لا! لم أقصد ذلك بل أقصد بأني أتمنى أن لا تصابي بأذى فتأتين الينا ) قالت( لاتقلق ,ستراني كثيرا خارج المشفى ) كانت واثقة جدا
في نفس الليلة كان رايان قد أنهى مناوبته في الثامنة مساء فاتجه الى سيارته فوجدها هناك تنتظره فأحس رايان بالغرابة
(ماذا تفعلين هنا؟)
(كنت أريد أن أدعوك الى عشاء بسيط كعربون شكر
هذا ان لم تكن مشغولا )
(ليس هناك من داع ,,حقا يا صوفيا )
(أعرف ذلك ولكني لاأحب أن أتناول العشاء بمفردي لكن يبدو أنك مشغول .سأتركك ,لابد أن صديقتك تنتظرك الى اللقاء )
وابتعدت قليلا تبدو مجروحة ووحيدة ,,
فكر رايان واتخذ قرارا قلب حياته (انتظري ,صوفيا )
توقفت واستدارت (نعم؟؟)
(سأذهب معك)
أخذت تقول (ليس هناك داع لذلك حقا ,فصديقتك ...)
قاطعها (ليس لدي صديقة ..فلنذهب )
توالت الأيام وأخذ يخرج معها معظم الوقت ..كانت حقا فتاة جيدة ,كانت محدثة رائعة إلا أنه لم يكتشف حقيقتها إلا عندما لاحظ المسكنات التي تطلبها وفي فترات قصيرة ..ذات يوم طلبت منه أن يعطيها بعض المسكنات م المستشفى فرفض وقال ( ألم أصرف لك شريط قبل يومين لصداع رأسك وقبلها لألم معدتك ؟)
تغير وجهها وأصبح مسودا وأصبحت عصبية لدرجة فظيعة
(هل تقوم بعد الحبوب التي تعطيني اياها ؟)
فشعر رايان أنها تعاني من مشكلة بل متأكد من ذلك وتحتاج الى المساعدة فقال بهدوء ( صوفيا ,هل تعانين من مشكلة التحكم في نفسك بشأن المسكنات ؟)
فدفعته بعيدا بقوة وقالت بوحشية ( لاتبدأ بالكلام كأحد المستشارين النفسيين )
(دعيني أساعدك ..أستطيع مساعدتك ..) قال متوسلا ,فقد أحس بأنها ضعيفة ولا تستحق أن يحصل لها هذا بل لايصلح
أن يحصل لها أو لأي شخص آخر ...
أخذت ترفض مساعدته بكل عنف فقال لها مهددا لتقبل
مساعدته ( اذن يجب أن ننفصل )
(لك ذلك ) وابتعدت عنه لكنها قالت (أنا لم أصادقك إلا من أجل المسكنات ) وذهبت ..أحس بالحزن من أجلها فهي وحيدة كما قالت له ..لكن هل هي صادقة في كل ما قالت
قبل أن يكتشف حقيقتها لم يرها لمدة شهر أو نحوه
,حتى ذلك اليوم الذي وصلت إليه فيه رسالة
عندما قرأها أحس بالأرض تنهار تحته ..هذا مستحيل ..هذا لا يحدث ,لقد كانت مذكرة استدعاء الى المحكمة بتهمة التحرش وبتهمة سوء ممارسة المهنة باسم المجني عليها صوفيا لورمير
ياللقذرة ,لم يقدر على ايجاد وصف لها ,,إنه لايصدق ,,رايان ويليامز الذي لم يتلق مخالفة مرورية يستدعى للمحاكمة
أجفل رايان عندما سمع بوق السيارة خلفه ينطلق بإلحاح فاستيقظ من الكابوس الذي حاول أن ينساه لكنه كان مختبئا في مكان ما ..مالذي جعله يتذكر ذلك الآن ؟ إنها هي ..تلك التي تنضح براءة كلما تحركت أو تكلمت لكنه تعلم أن المظاهر خداعة ..ألم تكن صوفيا ممتلئة بالبراءة عندما التقاها وأيضا جميلة مع أن دانييل أجمل منه بكثير بشعرها الكستنائي وعينيها الجميلتين لكن هذا لايجعلها آمنة بل هي أخطر بكثير من صوفيا فكيف سيطمئن بأنه لن يتعرض للخداع مرة أخرى ؟
نظر الى المتاجر والمكاتب التي تحيط به وفجأة وجد الجواب ماثلا أمام عينيه ,لقد نجحت هذه الطريقة في التخلص من الخداع الأول فلا بد أن تنجح هذه المرة ,لكن رايان لم يفكر في عواقب ما بفعله ,لقد كان في غمرة غضبه وثورته عندما دخل الى المكتب الصغير فقال الرجل الذي خلف المكتب (كيف أساعدك؟)
(أريدك أن تستعلم عن أحد الأشخاص !)
ابتسم الرجل ابتسامة صغيرة ( تقصد أتحرى ,هذه الكلمة الصحيحة فأنا متحري خاص ! من هو الشخص ؟)
تردد رايان قليلا لكن أحداث المحاكمة أخذت تزدحم في ذهنه فأحس بالغضب يتزايد( دانييل باركر!!!!)
******************** ********
( نيل ,دعي الأطباق واذهبي للتسوق مثلا !) كانت تلك روزيتا المدبرة الحنونة تحاول جعل دانييل تترك أطباق الطعام والتي كانت تغسلها ,كانت دانييل تحاول مساعدتها وأيضا تساعد نفسها على نسيان ما حدث منذ ثلاث أيام
منذ ذلك الاتصال الذي كان من ترافيس وعكر مزاجها لكنها حاولت النسيان وذلك بإقامة حفلة ميلاد ميا التي نجحت وقربتها من أختها واقتحت أن تأتي دانييل لتراهميتدربون على لعب البيبسبول ,,
لقد تمتع الجميع بتلك الحفلة حتى رايان الذي أدهش دانييل بشخصيته الرائعة تحت مظهره المخيف لكنه وخلال الحفلة كان يبدو شارد التفكير ,,بمن يفكر ياترى ؟؟
تلك الليلةحصلت ميا على ثلاث هدايا من دانييل
وحدها وقد اشترك معها فوكس أو سامي
الأولى كانت عبارة عن قبعتي بيسبول موقعة من لاعبها المفضل أما الثانية فهي عبارة عن كرة ثلجية داخلها حمامتان بيضاوان على غصن صغير صرخت ميا (إنها رائعة ) واذا كانت ميا أُعجبت بالهديتين الأولى فالثالثة أفقدتها عقلها (كيف عرفت ِ؟)
سألت وقد انعقد لسانها
قالت دانييل مبتسمة (لقد أخبرني سامي عنها !) لقد كانت عبارة عن كاميرا متطورة مرا بها عند واجهة متجر عندما قال سامي بعفوية ( لطالما أرادت ميا الحصول على كاميرا مثل هذه لكنها لم تجرؤ على القول فهي تحب التصوير ) ثم وكأنه صحا م حلم وضع يده على فمه فاشترتها دانييل
قال سامي (هل أنت غاضبة ياميا ؟) هزت رأسها نافية ثم التفتت الى دانييل قائلة(شكرا ) ثم ما لبثت أن عانقتها بقوة
في تلك الليلة عندما خلد الجميع الى النوم ,أخذت دانييل تعزف على البيانو في غرفة الجلوس وقد أغلقت الباب لتمنع الصوت أن يتردد في المنزل ,وعندما اندمجت في العزف سمعت صوتا خلفها فأجفلت واستدارت لتجد ميا تقف عند الباب في بيجامتها الزرقاء ,قطبت دانييل حاجبيها فقالت بصوت دافئ حنون
(ميا ,عزيزتي .ما بك؟) لم يكن هناك رد من ميا بل اقتربت من البيانو تتلمسه (هل أنت مريضة ؟)
(لا,لم أستطع النوم !) ثم نظرت الى البيانو
أوه لا , لقد أيقظها صوت البيانو ..
(إنني آسفة ,لم أشعر بنفسي وأنا أعزف )
قاطعتها ميا بابتسامة ( إن عزفك جميل ) ابتسمت دانييل (حقا؟)
جلست ميا على المقعد بجانب دانييل ثم مررت يديها
على البيانو ثم قالت وقد نظرت الى دانييل بجدية(هل تعلمينني العزف على البيانو ؟) لقد نجحت ! لقد نجحت في إقامة رابطة بيني وبين أختي ..ابتسمت دانييل ( سأكون سعيدة بذلك )
فنظرت اليها ميا بحزن وقالت
(أنا آسفة على مافعلته ,لقد كنت....)
قاطعتها دانييل ( كلا ,إنني أفهم ما تشعرين به )
ثم احتضنت أختها
أنت تقرأ
""عيناك عذابي... مميزة ومكتملة ""/الكاتب الاصلي : dew
Romanceخرجت دانييل وهي تفكر من يكون هذا الرجل ؟؟ولماذا يبحث عنها ؟ ركبت سيارتها اللاند روفر الكحلية متوجهة الى منزلها .لقد كانت تسكن في المنزل الذي كانت والدتها تسكن فيه بعد أن ذهبت دانييل الى الجامعة وهو طبعا ليس المنزل الذي كانت تسكن فيه عندما كانت صغيرة...