(( كـيــف؟؟ ))

3.6K 70 0
                                    


(( كـيــف؟؟ ))


بينما كانت تنتظر ديميتري لينتهي من درس مياالموسيقي في المطبخ ,دخلت مورا وهي متحمسة وقالت (لدي خبر جميل ,سنقيم حفلا رائعابمناسبة شفاء والدك وسيأتي أبي ليزورنا من لندن)
داني بتعجب !! (ألستم ايرلنديين؟)
(بلى ولكن أبي يعيش في لندن ليدير شركاته ,إنه مدير مصانع النسيج)(ولماذا يأتيالآن؟) كانت هذه كايت التي بدت غاضبة جدا لمجيء جدها (كايت لايصح أن تتكلمي هكذا عن جدك ,إنه آت بداعي الواجب سيزور عمك جوناثان )
أخذت دانييل تفكر بما يزعج كايت منزيارة جدها ؟كايت التي لم ترها ابدا منزعجة هي الآن غاضبة بشكل غريب ,,حاولت دانييلأن تبدد جو التوتر فقالت (ومتى ستقيمين الحفل ؟)
(قد يكون ذلك بعد خمسة أيام على الأكثر ) ثم أخذت تفكر وقد أخذمنها الحماس كل مأخذ فأكملت متابعة (سندعو طبعامدراء الأقسام في الشركة وندعو ..) وأخذت تعدد الأسماء فأجفلت دانييل من كثرة العدد وقالت(هل تنوين دعوة كل الولاية ؟)
(إذا كانوا يعرفون والدك سأدعوهم ..فأريدهمأن يروا زوجي الحبيب وقد تماثل للشفاء وأريدهم أن يروا ابنته الجميلة دانييل )
(إذا كنت ستقيمين الحفل وتدعين العديد من الناس فقط لأجل أن يروني فلا داعي لذلك ..) قالت عابسة ,,لكن اعتراضها لم يجد آذانا صاغية من مورا التي خرجت وهي تعددالأشياء التي ستجلبها للحفلة ,,نظرت إليها كايت وقالت (لاتقلقي ,كلنا نعاني منها عندما تخطط لحفلة فلا تتعبي نفسك بالاعتراض ,)
كانت كايت تجلس إلى طاولة المطبخ تتظر جيريمي ليأخذها الى العشاء وقد كانت تبدو جميلة جدا بثوبها الأسود والعقد الذي يزين عنقها ,,قالت كايت وهي تنظر الى ملابسها (هل أبدو جيدة ؟)
ردت دانييل مازحة (لا! )
(نيل! إنك تبدين أجمل من هيلين طروادة ) فاحمر وجه كايت ثم قالت (في كل مرة أخرج مع جيريمي أشعر بالتوتر وكأنها أول مرة ,,لاأدري لماذا ؟هل شعرتِ بذلك نيل؟)
(لا,ليس فعلا ) ثم ضحكت متابعة ( لاتسأليني عن هذا فأنا أبعد مايكون عن هذه المشاعر )
سألت كايت بخبث (حتى الآن ؟) أحست دانييل بشيءغريب (ماذا تعنين؟)
(أعني ألاتشعرين بالتوتر لخروجك مع ديميتري ؟)
(لا ولمَ أشعر بذلك؟)
(هذايعني أنه لايعجبك ؟)
أجفلت دانييل (بلى يعجبني ,ألم أقبل دعوته للعشاء ؟فهولطيف ووسيم ومهذب ..) ثم لم تعد تعرف كيف تصف ديميتري فقالت (ولطيف )
ردت كايت بمكر (لقد قلتِ هذا ,,)
(أعرف ,لقد كررتها للتأكيد على لطفه ..) قالت كاذبة لأنها لم تكن تعي أنها كررت هذه الصفة وهذه غلطة فادحة فهذا دليل على أنها غيرمقتنعة بديميتري ,,بل هي مقتنعة ,,أقنعت نفسها بقوة ,,
قالت كايت بمكر (رايان لطيف ووسيم ومهذب)
ماذا تقصد بهذا ؟ هذا ما كان ينقصها ,,تلميحات من كايت
فردتمدعية عدم الاهتمام (بالطبع هو كذلك ,,وأتمنى أن يجد شخص مثل ماوجدت ديميتري
(وحدها الأيام ستثبت لنا ) قالت كايت هذا فأحست دانييل بالاختناق من هذا الكلام (سأرى إن كان ديميتري قد انتهى )
(أراكِ لاحقا )
خرجت دانييل من المطبخ متوجهة إلى غرفة الجلوس وماإناقتربت منها حتى سمعت صوت مفاتيح البيانو الغير متناسقة ..
قالت وهي تقترب من ميا وديميتري(هل تستمتعون بوقتكم؟)
(لا,إن البيانو صعب وديميتري يزيده صعوبة )
(اعترفي أنك لاتريدين التعلم ,فلولا أنه ليس من ضمن المنهاج لتركته ) قال ديميتري وهو يبتسم في وجه ميا(بالطبع )
أكملت دانييل بحزن مصطنع ,,(وتتخلين عنالتحدي
...لقد ظننت أنك مغامرة يا ميا ,,)
(إذاً لمَلا تعلميني ؟) ابتسمت دانييل لنجاحها في تحفيز أختها
(يبدو أنني قد خرجت من اللعبة ) ثم نهض لتجلس دانييل على المقعد فقال(والآن دعينا نسمع من فتاة جوليارد الجميلة )
ابتسمت دانييل ( المفتاح الأول للنجاح في العزف هو أنك عندما تنظرين إلى البيانو فحاولي ألا تنظري إليه علىأنها عيدان خشبية بل تخيليه مثل الكلمات أو الحروف التي تنتظر أن تنظم على هيئةجملة أو كلمة ,,عندها وعندها فقط ستعرفين العزف فكل عود خشبي هو عبارة عن نوتةوالنوتة هي حرف إذا جمعته مع حرف آخر سيشكل كلمة ..) نظرت إلى ميا ثم أكملت بمحبة
(هل تريدين أن تجربي ؟)
نظرت ميا بتردد إلى البيانو فقالت دانييل (لاتترددي فقط اعزفي لي النوتات التي تعرفينها ,اتفقنا؟)
(حسنا ) عندها بدأت تضغط علىالمفاتيح التي تعرفها فكانت تعرف معظم النوتات وهذا جيد
(عمل رائع ,ميا ) استدارت الأوه لتنظر إلى رايان الذي اتكأ بعفوية على باب غرفة الجلوس واضغا معطفه بلا مبالاة على كتفه ..تسارعت نبضات قلب دانييل الأحمق لرؤيته فقد كان وسيما جدا في بذلته السوداء والتي عكست لون عينيهالسوداوين فأصبحتا لايسبر غورهما ,,أحست بتعرق مفاجئ في كفيها
ركضت ميا إليهقائلة بفرح( أحقا؟ هل عزفي مثل عزف نيل؟)
نظرإلى دانييل الرائعة الجمال فيفستانها الأزرق الذي عكس لون شعرها الكستنائي وعينيها الخضراوين فقال (لاأدري إنكان مثل عزف داني ولكن عزفك مشابه له ,,) ابتسمت دانييل للفرح الذي ظهر على وجه أتها دانييل
(هل بإمكاني الذهاب ؟لقد وعدت بيبر أن آتي لأدرس معها ..)
(لنسأ لمعلمك ,,) قال رايان وهو ينظر إلى ديميتري المحدق في دانييل بغباء بنظرات تثيرالغثيان فقد كان ينظر إليها
بكل هيام ,,ياله من أحمق
(ديميتري ,هل انتهى الدرس؟) وكاد أن يضيف أيها المراهق ,,فقد كان يماثل المراهقين بنظراته الهائمة ولكن كيف له ألا يفعل وهو ذاهب إلى العشاء مع امرأة جميلة
(نعم ,,بإمكانك الذهاب ياميا فقد تأخرنا أنا ودانييل )
(سأجلب حقيبتي ) وخرجت مسرعة بعد خروج ميا
بقي رايان وديميتري في غرفة الجلوي وساد الصمت
وهما ينظران إلى بعضهما ,,
تنحنح ديميتري قائلا (سأعيدها في العاشرة والنصف )
(ولماذا تقول لي هذا؟) سأل بسخرية وتابع (لست ولي أمرها )
(لكنك بمثابة أخيها ..!)
اعتراه شعورغريب لايعلم ماهو لكنه يعلم أنه لايريد
إطالة الحديث فقال(إلى اللقاء ديميتري )
أراد أن يتوجه إلى غرفته لكنه كان جائعا فذهب إلى المطبخ وعند الباب اصطدم معدانييل والتي كانت محمرة الوجه فوقعت حقيبتها وتناثرت أغراضها
(أنا آسفة !) قالت هذا وهي تجمع أغراضها من الأرض ,,انحنى يساعدها أما دانييل فأقحمت الأشياء بسرعة ووقفت تتمتم شاكرة فقال ناظرا إلى وجهها المحمر(نسيتِ فرشاة شعرك)
فنظرت غليه وهو يلوح بالفرشاة فمدت يدها إليها إلا أنه أبعدها وقال ساخرا (أكل هذا استعجال لملاقاة ديميتري العزيز)
أجفلت (هذا ليس من شأنك ) وأخذت الفرشاة بسرعة منه
(طبعا) رد ساخرا ثم مر من جانبها لكنها أوقفته قائلة (كلا! لاتدخل ,,انتظر إلى أن ....يخرج جيريمي وكايت ..) ثم احمر وجهها
ابتسم ,,إذن لهذا السبب هي محمرة الوجه ,,إنه بسبب الخجل وليس بسبب حماسها للخروج مع ذلك الأحمق
بادلته الابتسام ,,فقال (لهذا أرادنا أن ننهي عملنا مبكرا ذلك المحتال ) فقد كان جيريمي هو محاسب الشركة
(وهل تلومه ؟إن أختك جميلة جدا ) قالت وقد اتسعت ابتسامتها
هز رأسه موافقا ( إنها كذلك ,فهي تشبه جدتي كثيرا ) ولمحت نظرة حزينة في عينيه لكن صوت ديميتري قطع عليها تأملاتها ..
كان العشاء ليكون رائعا لو أنها توقفت عن التفكير به ,,كان ديميتري محدثا رائعا لكنها أصيبت بالملل لسبب لاتعرفه ,,بل هي تعرف فكرت في نفسها فهي لم تتوقف عن التفكير في رايان لدقيقة واحدة وفي تلك النظرة الحزينة في عينيه
,,مابالها هذه العائلة المعقدة ؟ .
فكرت ساخرة في نفسها *وكأن عائلتك كاملة * .
عند العاشرة والنصف عادت إلى المنزل واستعدت للنوم لكنها سمعت صوت كايت (هل نمتِ يا نيل ؟)
فتحت دانييل الباب ودخلت كايت جذلى تكاد تتشقق من السعادة ,,أخبرت دانييل أن جيريمي حدد موعد الزفاف وأخذتا تضحكان على رد فعل كايت الباكيحول القرار فقد ظنت أنه سيقطع خطوبتهما .
بعد ان خرجت كايت نزلت دانييل إلى الطابق السفلي فقد جافاها النوم وهي تفكر في سعادة كايت الواضحة ياترى هل سيحدث له اذلك هي الأخرى ؟!
هل ستشهد اليوم الذي يعلن فيه الرجل الوحيد الذي تحبه ويحبهاعلى هذه الأرض حبه اليائس لها وأنه لايستطيع العيش بدونها .
بدا ذلك مستحيلا بالنسبة لدانييل فقد كانت مقتنعة أن الحب لايدوم أبدا حتى إن وجدته ,تماما مثلماحصل لوالديها فقد أحب بعضهما البعض بشغف لدرحة أن ظنوا أن هذا الحب لن يفرقه أحدأو أي شيء ,,لكن أحلامهم تلاشت وحبهم كذلك ,واكتشفوا أنه على الرغم من الحب الذي يجمعهما فهولايكفي ..فقد كان التفاهم والقدرة على المناقشة على والحوار بالمنطق والهدوء معدومةبينهم ..نزلت وقد وعت فوق بيجامتها عباءة نوم فضفاة فهي متاكدة أن لاأحد مستيقظ ,
أعدت لها كوبا من الكاكاو الساخن ودفعت باب غرفة الجلوس وقد أحضرت كتاباكلاسيكيا اسمه لاروشفوكو لتقرأه بهدوء
,,ثم قد تعزف قليلا ,,
أضاءت النور وجلس تعلى الأريكة بارتياح (مرحبا)
أطلقت صراخا مدويا عندما سمعت هذا الصوت الأجش آتيا من النافذة البعيدة من غرفة الجلوس وقفت مفزوعة ,,لكنه لم يكن إلا صوت رايان ,,
قال ساخرا ( هذه الصرخة كافية لتحطيم ناطحة سحاب ياداني )
نظرت إليه بغضب (لقد أخفتني أيها الأحمق ,,مالذي تفعله هنا؟)
لم يجبها بسرعة إذ نظر إليها قليلا عابسا (لقد ظننت أنك رأيتني عندما أضأتِ النور لكن يبدو أنكِ مستغرقة في التفكير فلم تريني )
(وكيف أراك وانت تتوارى في الركن المظلم كاللص )
فجأة نهض وتقدم منها فلاحظت أنه في ملابس نومه فاضطربت ,قال ولايفصل بينهما سوى الأريكة (أنا آسف لإخافتك ) واستدار حول الأريكة ليجلس براحة ممسكا بكوب من العصير في يده
نظرت إليه بدهشة وهي تقف على مقربةمنه
(ماذا تفعل ؟) قالت وهي ترفرف بعينيها فقد ظنت أنه سيغادر
رفع الكوبليرشف لكن قبل أن يقول باستهزاء (في هذه اللحظة أشرب العصير ) ثم جرع قليلا منالعصير
هزت دانييل رأسها بحدة ثم انفجرت قائلة (لاأريدك هنا )
لم يهتمبانفجارها ذاك ,فقط رفع حاجبيه بتساؤل ودهشة وسخرية كعادته دوما ثم استوى في جلسته بعد أن وضع الكأس على طاولة القهوة وقال(عفوا؟! ماذا قلتِ ؟لم أسمعك جيدا )
شعرت بالحرج فهي لم ترد أن تخرج الكلمات بهذه الحدة والفظاظة لكنها لم تكن تريد أن يشاركها أحد خلوتها لم ترد لأحد أن يعرف بوعدها ,,لاأحد خصوصا هو ,,لكنكان ناك دافع خفي يدفعها دفعا لأن تخبره فلم تعرف كيف خرجت الكلمات
(لقد وعدتُ أميأنأعزف لها كل ليلة )
نظرت إليه بثبات وهي تتابع التغيرات على وجهه ,,الصدمة,الدهشة ,عدم التصديق ثم السخرية
(إنك فاشلة في الكذب ,داني)
تصاعد الغضب في نفسها لأنه لم يصدقها واحمر وجهها حتى أصبح كحبة طماطم ناضجة تكادتنفجر ,,ضغطت على الكتاب بين يديها بقوة حتى ابيضت أصابعها ,,وكادت الدموع أن تنهمرعلى وجنتيها لكنها صّرت على أسنانها تمنعها من الانهمار ,,قالت والعذاب ينهشأحشاءها (لقد جعلتني أعدها وهي على فراش الموت أن أعزف لها كما اعتدتُ أن افعلعندما كنت صغيرة .....)
صمتت واغرورقت عينيها بكثرة فاتجهت نحو الباب لتخرج وهيتتابع (لكن لماذا تصدقني ؟فأنا المرأة التي أتت لتسرق خزنة العائلة الثمينة .) شتم تنفسها بعنف لصوتها المهزوز بتلك النبرة المهينة ,,لقد عاهدت نفسها ألا تبكي أبداخصوصا أمام هذا المتعجرف العديم الأحاسيس ,,أخذت تصارع قبضة الباب لكنها لم تستطعأن تفتحه للمشاعر التي تنتابها وتهدد بالانفجار ,,عندما استطاعت فتحه ,,امتدت ذراعهمن فوق كتفها بكل هدوء لتغلق الباب فانتفضت وتسمرت مكانها مطأطئة رأسها مخافة أنيرى دموعها التي تموج في عينيها ,,
قال بصوت أجش عميق(لاتخرجي ,,دانييل ) فرفعت رأسها بحدة لتنظر إلى وجهه الذي حمل تعبيرا غريبا ,,أهي الشفقة أم الازدراء لكن لايمكن أن يكون ازدراء ,,بل هي مزيج من التفهم والتأثر ,,لايعقل هذا ,لايعقل أن تكون كذلك بل هي شفقة وهيلاتريد شفقته ,,لاتريد شفقة أي أحد ,,
قالت محذرة وهي تحاول السيطرة على اتزانصوتها المهزوز
(إياك أن تشفق علي !)
لم يجب وبقي صامتا ,,كان الصمت الذي يترددفي المنزل أقوى من الرعد فرفعت رأسها إليه بعد أن نكسته في محاولة ضعيفة للسيطرةعلى دموعها ,,تشابكت نظراتها مع نظراته الغاضبة والعابسة ..لماذا هو غاضب هكذا؟
لايحق له ان يغضب بل هي التي يحق لها ذلك لسخريته المعدومة اللياقة والأحاسيس ,,لكنها كانت تشعر بأشياء غير الغضب ..كان هناك نوع من الترقب والخوف وهي تنظر إليه ,فجأة أسدل جفونه كأنه كان يخفي شيئا خلف ذلك الستار السميك وفتحهما بسرعة قائلا( لاتخرجي ,وأكملي ماكنت تفعلينه ..) ثم فتح الباب وأكمل وهووهو يدير ظهره لها (أنا آسف,) وخرج مغلقا الباب بهدوء

لم تصدق أبداماسمعته ,,هو يعتذر لها ,,إنها لاتكاد تصدق ,,إن هذا الرجل خليط من التناقضات ,,تارة يكون لايطاق ,فظ ساخر وتارة يصبح ساحر ومذهل ,,مدرِّب ,وطبيب ,,إنهالاتستطيع التكهن بما ستكون عليه حاله فهو كالثعبان يغير جلده كلما طاب له ذلك ,,
لم تشعر بدموعها وهي تنهمر على خديها فقد كانت في دوامة أحاسيس ومشاعرمتضاربة ..لمَ أصبح بهذه الرقة والعذوبة ؟لقد أصبح في الأيام الماضية يعاملها بدونتلك المرارة التي كان يشعر بها ..ولم يعد يهددها ويمطرها بوابل من التحذيرات ..لماذا ياترى ؟هل صدق أخيرا أنها بريئة من تلك الاتهامات التي يرميها بها ؟ وهويحاول جاهدا أن يعقد الصلح معها ,,تذكرت أنه ناداها باسمها كاملا وبدون ذلكالاختصار الذي تكرهه ,,أحست بالبرد عندما تذكرت كيف نطق به ..كان بمنتهى العذوبةوالرقة وقد نطق به بتلك اللكنة الايرلندية التي تحبها والتي لازمته على الرغم من عيشه في أمريكا ..كانت تبعث القشعريرة في جسدها ,,
إنها على وشك الوقوعفي شيء خطير ,,شيء لن تستطيع تحمل عواقبه هذا إن لم تكن قد وقعت فيه ,,لقد سحرهاذلك الرجل بطيبته التي لاتظهر إلا مع أقرب أقربائه وتفانيه في عمله المضني وحبهللأناس المقربين منه وجاذبيته وسحره اللذان يطغيان على المكان ..
أحست أنها انجرفت في أفكارها ,فنهرت نفسها وتوجهت إلى البيانو لكنها لاحظت الكوب الذي تركهعلى الطاولة ..أحست بأنه يزال في تلك المنطقة التي جلس فيها على الأريكة مستريحامثيرا في نفسها الغضب ,وتذكرت كيف أمسك بالكأس بقوة ,,بأصابعه القوية الطويلة
*إنك حمقاء *نهرت نفسها وجلست على البيانو لتعزف لكنها حدقت إلى البيانو بغباءوكأنها تراه كقطعة خشب جامدة *ياإلهي ماذا حصل لي *

*******

سألت زوجها باهتمام (ماذا نفعل ؟)
(بماذا ؟) نظر جوناثان إلى زوجته من فوق الصحيفة الصباحية التي يقرؤها ولم يكن هناك سواهما في المطبخ ,,
قالت مورا منزعجة ,,(مالذي قلته لك ليلة البارحة ؟ألا تتذكر؟)
طوى جوناثان الصحيفة وقال يمازح زوجته ( كلام الليل يمحوه النهار ,يا عزيزتي )
(كن جادا أرجوك ,,فمستقبل الولدين يعتمد علينا ,,)
لقد تحدثا عن نيل ورايان ليلة البارحة وقد لاحظا التوتر الذي بينهما ,,والذبذبات السلبية والحذر الذييحيط بهما ,,
قال جون لزوجته ساخرا( كيف تكونين متأكدة من أنهما قد يكونا نمعجبان ببعضهما ؟) ثم أكمل بعد أن رشف قليلا من عصير البرتقال(بصراحة أنتم النساءلديكن مخيلة خصبة ,,)
استاءت زوجته من كلامه وردت بحدة (إن مابينهما واضح وهوليس من نسج مخيلتي الخصبة كما تقول )
(ولكن كيف ؟وهما بالكاد يتكلمان مع بعضهما )
ردت مورا بانتصار (هذا هو العارض كما يقول الأطباء ,,فهما يحسان بالتوتر من هذه المشاعر فيلتزمان الصمت ,,إنها فقط لم ينسجما بعد ,,إنني متأكدة من ذلك )
عبس جوناثان ( كيف تعرفين هذه الأشياء ؟)
قالت بتودد ومحبة (لأن هذا ماشعرت به عندما أحببتك )
أمسك جوناثان بيدها عبر الطاولة وضغط عليهابحب ,,(وأنا أحبك )
ابتسمت وهي تتذكر كيف التقت به ,,
كان محامي الشركة التيأسسها شقيقها على الرغم من اعتراضات والده _روبرت ويليامز_على عمله,عندما نجحشقيقها في إدخال الشركة _شركة الأدوية _في المراتب الأولى في نيويورك ,,أصابه شيءلايعرفه أحدفقد أصبح مهملا في واجباته نحو الشركة وأيضا نحو عائلته ,,فتلقت اتصالامن شخص وهي في لندن تعمل مع والدها في شركته للنسيج اسمه جوناثان باركر ,,كانوالدها قد قاطع أخاها لأنه انفصل عن كنف والده واتخذ مهنة خاصة به مغايرة لطبيعةعمل والده ,,ملك النسيج كما يلقبونه في لندن
قال جوناثان بصوت مضطرب عبر الهاتف ( يجب أن تأتي ,,شقيقك يحتاجك)
لكن من سوء حظها كانت الرحلات إلى نيويورك ممتلئة وعندما وصلت كانالأوان قد فات ومات شقيقها وزوجته إيرينا في حادث سيارة شنيع ,,
وقابلت جوناثان ووقعت في حبه منذ النظرة الأولى ,,في المستشفى ,,على الرغم من أنه كان متزوجا فيتلك الأثناء ..وقد شعرت بالذنب وظنت بأنها إنسانة مريعة لحبها الخفي لذلك الرجل المتزوج لكنها لم تستطع أن تقاوم حبه خصوصا أنها تراه في الشركة التي استلمتإدارتها ..بعد ذلك عرفت أنه يواجه مشاكل زوجية وتعاظم ذنبها بشدة عندما شعرت بمايشبه الغبطة لذلك ,,كرهت نفسها في تلك الأيام وحاولت أن تكون مثال الصديق الذي كان عندما توفي شقيقها ..
لكن في أحد الأيام فوجئت به وبعد فترة من طلاقه يعترف لهابحبه ويريد أن يتزوجها ويكون أبأً لأولاد شقيقها ..رايان وكايت ,,
كان رايان في التاسعة عشرة مراهق غاضب من الكل لكنه أبدىارتياحا لجوناثان الذي كان مثل الوالد للاثنين ,,
عادت إلى الحاضر وهي تتأملعيني زوجها التي اختفى منها المرض وحلت السعادة بدلا منها لكنها لازالت تدرك بأنهلايزال يحب زوجته السابقة ,
هي تحبه ومن لايفعل فهو كريم وشهم ومحب للكل ,و
قالت له(أنت عائلتي الوحيدة) قال ممازحا (حتى مع قدوم والدك ؟ ملك النسيج؟)
كررت له( أنت عائلتي الوحيدة ,,أنت ورايان وكايت وميا وحتى دانييل ) ابتسم زوجها ,,فزوجته لديها قلب كبير يتسع للكل بدون استثناء ,,قال (بالنسبة لدانييل ورايا ,,فلا تفعلي أي شيء )
(ماذا؟!)
(دعيهما يكتشفان مشاعرهما لأنهما إذا عرفا بخطتنا سيعاندان ولن يعترفا أبدا,,فاتركي الزمن يحل كل شيء)

***

تجولت مع كايت في المتاجر لتتبضع للحفلة التيستقيمها مورا وتتبضع من أجل زفاف كايت التي أشرقت منذ تحديد الموعد .
كان عقلدانييل بعيد آلاف الأميال عن كايت التي أخذت تهاجم المتاجر كسمك القرش ,,
كا نتتفكر في وظيفتها التي على المحك فمنذ اتصال ترافيس بها ذلك اليوم وأعلمها أن المجلسالتعليمي يقوم ببعض التغييرات في المدارس ومن بينها مدرسة دانييل وقد يقومون بفصلبعض المعلمين وإنهاء خدماتهم التعليمية ,لمشاكل في الميزانية وخصوصا أولئك اللذينلم يمضوا الكثير في الوظيفة ,,
إنها أزمة حقيقية ,,إنها لاتحتاج المال لكنهالاتريد أن تكون عاطلة عن العمل ستبحث عن عمل بشهادة التعليم أو شهادة إدارة الأعمال التي أصرت أمها على أن تحصل عليها ,,كانت معارضة لذلك في البدء لكن والدتها وهي الأستاذة في الحقوق أقنعتها ,,كانتبارعة جدا في الإقناع
قالت لها في ذلك الوقت (سوف تحتاجينها دانييل ,,إنك لاتعرفين كيف سيكون العالم بعد عشر سنوات بل بعد خمس سنوات ,,سوف تبقى الشهادة معكولن تثقل عليك أبدا,,صدقيني )
أخذت دانييل تدرس اقتراح والدتها وقد أعجبها قليلا فقالت ممازحة (إنك بارعة في الإقناع ,أتمنى لو استعملت هذه الموهبة
لمنع أبي من الرحيل ,)
أظلم وجه والدتها وقالت (لم يكن باستطاعتي فعل ذلك ..دانييل )
)ولماذا ؟) غضبت فجأة لازالت تعاملها كطفلة ,,
(لن تستطيعي أن تفهمي )
(أليس لديك غير هذه الجملة لتسكتيني ,,لقد مللت منها ياأمي )
(ماذا تريدي نأن أقول ؟) ردت والدتها بحدة كافية لجعل دانييل تتراجع مراعاة لمشاعر والدتها ,,
لكنها لم تتراجع كثيرا ..إنها تريد أن تفهم ..فردتبحدة (أي شيء ,قولي أي شيء لكن لاتقولي أني لن أفهم )
ظهر حزن في عيني أمها وقالت هامسة (أتريدين أن أقول بأن والدك لم يحبني في حياته ؟)
تدحرجت دمعة يتيمةعلى خد دانييل ولم تشعر بها لصدمتها بما سمعت(أنتِ تكذبين ..)
(دانييل ..) توسلت والدتها بخنوع ,,صرخت وقد وضعت يديها على أذنيها (كـــلا !!! توقفي )
نظرت دانييل إلى صاحبة الصوت وقد تشوش رأسها بالذكريات الأليمة كانت ترى والدتها لكن الصوت ليس صوتها بل صوت كايت
(دانييل !,مابكِ؟ هل أنت مريضة ؟) أخيرا اتضحت الرؤية وانجلى ضباب الذكريات ,, اغتصبت ابتسامة وقالت مازحة (لقد تعبت من الدوران حول المتاجر لقد اشتريتِ كل شيءيا كايت ..)
(بل بقي شيء واحد ..) قالت كايت غير مدركة ماحصل لدانييل لحسن الحظ
(ماذا ؟) قطبت حاجبيها ونظرت إلى اللائحة التي كتبتها روزي
(فستان جديد لك في الحفلة ..) قالت كايت بافتخار
(لا ,لاوألف لا ..) هزت دانييل رأسها نافية بقوة واستدارت مبتعدة عن كايت
(ولمَ لا؟) استفهمت كايت وهي تحاول اللحاق بدانييل
(لدي فستان في الخزانة ..) قالت وهي تنظر إلى اللائحة
(ذلك الفستان الذي أكل عليه الزمان وشرب ..لاأقصد الإهانة لكنك لن ترتدي ذلك الفستان فاللون أولايناسب الحفلة وثانيا أنتِ تريدين فستانا يظهرك وليس يخفيك ..أريدك أن تضيئي الحفلة )
توقفت عن المشي واستدارت إلى كايت ( إنني لاأحب التسوق ! بل لاأعرف وخصوصاشراء الفساتين الثمينة وفستاني لم يأكل عليه الزمان ويشرب كما تقولين والأكثر منذلك أنا لاأريد أن أضيء الحفلة فالمصابيح التي ستضعها عمتك ستكفي ..)
قطبت كايت حاجبيها (هذا ليس مضحكا ,,دعي هذه المهمة لي )
(كايت !) لكن كايت أبت الاستماع ,,

****

(ناوليني مقص الأعشاب الضارة ,,) قالت مورا وهي مستغرقة في تنظيف حديقتها ,,استدارت دانييل لتناولها المقص وقد كانت أيضا تنظف الحديقة لتساعد مورا ,,
قلبت المقص في يدها وقالت (هل لي أنأسألك سؤالا ؟)
ردت مورا (بالطبع ,عزيزتي )
(أين والديّ كايت ورايان؟)
لقد كان الفضول يقتلها ولكنها لم تستطع أن تبوح بذلك ..لقد كانت تنتظر أنتخبرها كايت أو مورا ,,فمن طبعها ألا تسأل عن أي شيء ليس من شأنها فقد كانت خجولةوهي تكره هذا الخجل بعض الأحيان نظرت مورا إليها باستغراب( لقد توفيا ! ) وأطالت النظر إلى دانييل المصدومة (ألم تخبرك كايت ؟لقد ظننتك تعرفين عندما أسمعكما تتحدثان في غرفتك )
هزت دانييل رأسها نافية وقالت بعدم تصديق (أنا آسفة ,,لم أكن أعرف ,,)
استقامت مورا ونفضتالتراب من قفازيها المخصصين للعمل واقتربت من دانييل (لا تقلقي ,لقد مر زمن طويلعلى ذلك ,,)
رفعت دانييل نظرها إلى وجه فقرأت مورا السؤال الذي لم تستطع التفوهبه (كيف؟! لقد توفيا في حادث سيارة غامض ,,لاأحد يعرف إلى الآن ماجرى وأظن هذاالسبب أن كليهما لم يتكلما عنه ,,خصوصا رايان فقد كان في السيارة معهما ونجا بأعجوبة ولم يقل لنا ماحصل ,,لقد ادعى بأنه كان نائما )
(ألا تصدقينه؟) استفسرت دانييل بصعوبة ,,
(عزيزتي ,إنني أعرف رايان ..ومن المستحيل أن ينام في السيارةهذه ليست عادته أبدا لكن قد أكون مخطئة وغلبه النوم ,,أما كايت فقد كانت تنام في منزل إحدى صديقاتها ,,لقد كان ذلك صعبا عليهما وصعب علي أيضا فقد كان أخي الحبيبوالذي لم أره منذ سنة تقريبا ,,فقد انشغلتُ في وظيفتي الجديدة والتي كانت في مصانعوالدي فلم يقدر أن يزورني بسبب الخلاف بينه وبين أبي ,,لقد كان عنيدا جدا ورايانيشبهه جدا إنه نسخة مصغرة منه ,,كلما رأيته رأيت أخي إدموند ..)
غامت عينيها فيسحابة الذكريات للحظات ثم هزت رأسها (لما استطعت اجتياز تلك المحنة ,لولا مساعدة والدكِ )
ابتسمت وأكملت (لقد ساعدنا في المعاملات العالقة في الشركة ..وساعدنيفي إدارة الشركة وساعدني أيضا في تحسين علاقتي مع رايان حيث أصبح صعب المراس بسببإصابته في ساقه بكسر مضاعف وقد كان لايطاق إلا أن والدك قام بتحسين مزاجه وأصبحقريبا منه ..كانا ثنائيا لا ينفصلان ..)
صمتت فجأة للتعبير الذي علا وجه دانييل ..تعبير الحزن والحرمان ,,
أخذت دانييل تغوص في دوامة أفكارها الحزينة ..إذن هذاما كان والدها يقوم به عندما كانت في أمس الحاجة إليه ..لكن هذا غير مستغرب ..ألايقولون أن الرجال يفضلون المواليد من الصبية ..لقد كان ..لقد كان يلعب دور الأب بدل أن يفعله مع ابنته الوحيدة ..
راعها أن تسمع موراتكرر ماكانت تفكر به (أعرف بما تفكرين به ,,ولاأستطيع أن أقول لك أي شيء ..وتظنينأنني سرقته منك ومن والدتك ,,لكن ..)
قاطعتها ( لا تقلقي عمتي ,لقد فات أوانتبادل الاتهامات وإلقاء اللوم وعلى كل حال ,,المرأة ليس لها ذنب ,,
انتبهت إل ىشيء يحرقها في راحة يدها ,,لقد كان جرحا صغيرا من كثرة الضغط على المقص وقد دخل فيه بعض الغبار والأتربة ..وجدت فيه الملاذ لتلعق جروحها المعنوية بعيدا عن الكل ..فقالت وهي تغتصب ابتسامة (سأغسل يدي لكي لا يتلوث ) مشيرة إلى الجرح الصغير
دخلت المطبخ وفتحت الصنبور لتنهمر المياه على جرحها وكأنها دموعها التي لم تنهمر آبية (ياله من جرح!!)
أطلقت صرخة صغيرة عندما سمعت الصوت الساخر بالقرب من كتفيها ,,فتناثرت قطرات منالماء على قميصه الكحلي والذي بدا متناسقا مع بذلته الأنيقة ..
توقعت أن يغضب لكنه نظر إلى قميصه ثم إليها وفي نظراته تسلية فابتسمت غير مدركة لفعلتها تلك وقالت (هذا سيعلمك بألا تتسلل على الناس خفية ..)
مسح قميصه وقال ممازحا (حسناً ,لقدأحسنت صنعا في تنظيف البقعة في قميصي ..فقد وجدتُ صعوبة في ذلك)
ومسح بقعةوهمية مبتسماً ..ضحكت وهي تستغرب مزاحه المرح ..ماذا حصل له ؟
لكن ابتسامته كانتكشعاع شمس ..تضيء العالم بصدقها لقد طردت الحزن من قلب دانييل بسرعة البرق ..أخذتتنظر إليه مسحورة ..الحق يقال أنها دائما عندما تراه تصاب بذلك الإحساس من الترقبوالإثارة ..إنه ذلك الإحساس الذي لم تكن تعتقد أنها ستصاب به .. إنه الـــــــــــحب !!
لكن كيف تحبه وهي تعرف بأن هذه اللحظات الهادئة بينهمالا تدوم لأكثر من خمس ثوانٍ ؟
كيف؟! وتعرف بأنه يعتقدها ..إنها لا تريد أن تفكربذلك حتى
كيف؟! ياله من سؤال سخيف ..لقد عرفت عنه خلال هذه الأيام ما جعلها تقعفي حبه من رأسها حتى أخمص قدميها ..
(كيف حصل هذا؟!) أجفلت من سؤاله ..هل علمبما تفكر فيه ..
سألت متخوفة ..(ماذا؟)
أشار إلى يدها المجروحة ..وارتاحتلأنه قصد ذلك ..ابتسمت
( لقد جرحتُ نفسي وأنا أقطع الأعشاب الضارة في الحديقة )
أمسك يدها قبل أن تعترض وبدون أن تنتبه ,,أخذ يتفحص الجرح ,,لحسن حظها أنه كانمحنيا رأسه الأسود .لكن هذا لم يساعدها في تهدئة أعصابها المتلفة ..فقد كانت لمستهمثل فعل النار في الهشيم ..لقد تصاعدت الحرارة في يدها حتى أصبحت متيبسة ..فازدادتضربات قلبها وأخذت تدعو ألا يلاحظها ,,
كان ذهنه بعيدا كل البعد عن مشاعرها التي تتأجج داخله فقد قال ممازحا (أظن هذا الجرح يحتاج لعملية ملحة يا داني ..) ثم رفع رأسه لكنه لا يزال ممسكا يدهابرقة وقال بجدية عندما نظر إلى عينيها (لحسن الحظ لم تدخل شوكة من الأشواك الصغيرةفي يدك
(إذأً ,لن أحتاج لعملية أيها الطبيب ..!) هنأت نفسها
على صوتها الثابت
ضحك وقال (لا , لن تحتاجيها ..) وأخذ ينظر إليها ..
قالت له وهي تسحب يدها من يده الدافئة (شكراً)
وابتلعت ريقها بحذر ..لماذا يفعل هذا؟ لماذا هولطيف هكذا؟ لماذا يعذبها ؟ أيعقل أنه عرف بمشاعرها تجاهه ويريد استغلالها ..إن كان كذلك فهو دنيء
استند على الجدار قائلا (لماذا لا تستخدمين إحدى القفازات التي تستعملها عمتي عند عملها في الحديقة ؟)
قالت بجدية بالغة (إنني لا أحب ارتداءهافهي تعيقني عن العمل ..)
(لقد صممت لسلامتك ..) قال هذا وهو يضع فنجانين في صينية ويهم بإعداد القهوة ,,
(حسناً ,إنها تعيق العمل ..مالذي تفعله ؟) نظرت إليه وهو يعمل بكفاءة
(إنني أعد القهوة للضيفة !)
(الضيفة؟)
(أجل ,كلوي هنا !) قال ناظرا ثم عاد إلى عمله ..
إذن هذا يفسر المزاج المرح ,,وأحست بلهيب ,,بدأ بالاشتعال كالنيران التي تشتعل في غابات الأمازون ..وشعرت بأنها على أهبةالبكاء ,,إنها الغيرة ,,إنها تعرف ذلك مع أنها لم تشعر بها من قبل ( هل بإمكانك مساعدتي ؟)
ترددت ما بين القبول والرفض ,,من جهة تريد الرفض بقوة فهي لن تساعده في خدمة غاليته كلوي ومن جهة تريد مساعدته ..
(لقد تأخرت يا عزيزي !) كانت هذه كلوي التي كانت تتبختر في فستان من المستحيل أن ترتديه دانييل ..فهو يكشف أكثر ممايخفي من عنقها وصدرها ,,اقشعر جسد دانييل من الاشمئزاز
(أوه ,دانييل عزيزتي ,,لم أرَك !)
تمتمت دانييل بصوت خافت لايسمع *وكيف تريني وأنت تسمرين نظرك عليه ؟!*
اغتصبت ابتسامة (مرحبا ,كلوي )
نظرت إليها كلوي من رأسها حتى أخمص قدميها ثمردت ببرودة (مرحباً) وأشاحت نظرها إلى رايان قائلة بهيام
(هل تريد مني المساعدة؟)
إنها تثير الغثيان ..وتلك النظرات ! لاعجب أنه واقع في غرامها ..فنظرة منهاتجعل أقسى القلوب تركع عندها ..وأحست بسكين ينغرز في صدرها ..لماذا لا يحبها؟ لماذايعاملها هكذا؟ حتى أنه لم ينظر إليها منذ دخلت كلوي ,,نظرت إلى ملابسها المكونة منجينز باهت وكنزة خضراء عكست لون عينيها فوجدتها ملطخة بالوحل والأتربة ثم نظرت إلىكلوي البالغة الأناقة وسخرت من نفسها ..بالطبع لن ينظر إليك وأنت بهذا الشكل ..فأمامه سيدة الأناقة ..يجب أن تخرج من هنا بسرعة .. فقالت بمرح زائف (يبدو أن لديك من يساعدك يا رايان ..لذلك سوف أذهب ..)
قال مقطبا حاجبيه الساحرين (أين؟)
فكرت *هاه ! ,,وكأنك تهتم * ,,إنه فقط يسألهابداعي التهذيب ..تباً له ! إنها لا تريد شفقته أو تهذيبه فقالت كاذبة (سأذهب لأرى ديميتري ,,إلى اللقاء ) ولدهشتها لم تتكسر الابتسامة المزيفة التي رسمتها عل شفتيها على الرغم من حزنها البالغ ..لماذا قالت بأنها تريد رؤية ديميتري هافرشام ,,إنها لا تريد رؤية أحد فاكتشافها أنها تحب رايان قد صدمها ,,
لقد تسلل إلىأعماقها مثل المخدر ..وانتهى بها الأمر إلى حبه ..حب ذلك الرجل الذي يظن بأنها هنالتحطم عائلته ..بل عائلتها ..نعم! عائلتها ,,إنها لاتهتم بذلك الأحمق المتعجرف ..إنها لاتهتم به مثقال ذرة ,,إنها لا تحبه ,,هذا وهو وخيال ,,لكن عقلها وقلبها لميرضخا لقرارها بعدم حبه ,,وأخذت تردد لنفسها وهي تبتلع الأرض بخطواتها المسرعة ,,(أنا لاأحـــبه ! لا أحــبه ) فمن المعروف عن الدماغ البشري بأنه يختزن المعلومةالتي تتردد مراراً وتكراراً عليه حتى تصبح واقعاً حتمياً ..(أنا أحــــبه! لا أحـــبه ) رددت لكن قلبها ردد شيئاً واحداً (لاتكذبي على نفسك! )

""عيناك عذابي... مميزة ومكتملة ""/الكاتب الاصلي : dewحيث تعيش القصص. اكتشف الآن