(( أسرار وذكريات , ))
أحست برغبة قوية في الركض بعد خروجها من المطبخ ,,لقد كانت تكذب على نفسها .إنها تحبه بل هي غارقة في حبه حتى أذنيها ,إنهاتعترف بهذا ,نعم تعترف به لقد أحبته لكن الذي أشعرها بالتعاسة هو مصير هذا الحب ,,صحيح أنها تحبه لكنه لايحبها بل هو واقع في حب تلك المتعجرفة الحمقاء والتي منالواضح أنها واقعة في غرامه
إنها تكره نفسها لماذا زجت نفسها في هذه المعضلةالتي ليس لها حل فالحب من طرف واحد ليس فكرتها عن الحب ,,لقد كانت تشك في أن تلتقيبالرجل الذي تحبه والذي يكون مثالا للرجل في الحياة لكنها التقت به ولكن ولسخريةالأقدار لم يكن لها بل لامرأة أخرى جميلة وجذابة ومثال المرأة اللامعة ,,امرأةأعمال واثقة من نفسها ,,ليست مثلها ,,الفتاة التي تستمتع باللعب مع الأطفال ولبسالجينز والسراويل العالية الملطخة بالوحل والتي تدفن وجهها في الكتب والروايات ,ملاذها الوحيد من هذا العالم المحمرة الوجنتين خجلا ,,تنهدت بغضب ,الشيء الذيلاتفهمه هو موقف رايان منها ,,فقد أصبح لطيفا فلماذا يفعل ذلك ؟
*سأبقى أراقبك* تردد هذا الصوت البارد الغاضب داخل عقلها ,,لقد كان صوت رايان وهو يهددها عندما أتتإلى البيت وأراد رشوتها لتعود إلى نيويورك
*رباه* أهذا ما يفعله ؟ألهذا أخذ يمازحها ويضحك معها ؟أكل هذا جزء من خطته الدنيئة لكشف نواياها ؟إنها لاتصدق ذلك ,,*بل صدقيه*أخذ صوت صغير يهمس في داخلها ,,فكل شيء يشير إلى صحة ظنونها ,,أولاتهديد ثم رشوة ثم هدنة ولكن ليس طويلا فمن الواضح أنه يقوم بتنظيم شيء في ذهنه ,,ضربة ساحقة لها
*ياإلهي * صرخت في نفسها *لقد أصبحت مصابة بجنون الارتياب *فربما تكون نواياه طيبة ,قد يكون أصلح من رأيه فيها وقد رأى بأم عينه كيف أنهاكانت مخلصة ومتفانية لعائلتها خلال الأيام الماضية ,,ليس أنها قامت بذلك بداعيالسمعة بل لأنها كانت محرومة من العائلة منذ سنوات ,,
*إنني متعبة جدا * قالتوقد استندت إلى جذع شجرة ,,لم تجلس على كرسي منذ أن استيقظت وذهبت مع كايت للتسوق ثم ساعدت مورا وكايت في كتابة بطاقات الدعوة للحفلة ثم ساعدت مورا في الحديقة والآنهذا المجهود الفكري والبدني الذي بذلته ,,أراحت رأسها على جذع الشجرة القاسيواستمعت إلى صوت النسيم الذي يداعب أوراق الأشجار وكأنها سيمفونية وتنشقت رائحةالجذع الرطبة الجميلة *سأغفو لدقائق فقط *رددت لنفسها
ماإن مرت خمس دقائق حتىسمعت صرخة تشق السكون من صوت مألوف لها فأجفلت واستقامت جالسة لتتأكد من أنها لمتكن تتخيل تلك الصرخة لكنها عادت تسمع صرخة ذعر من ماكانت متأكدة أنه صوت طفل ,,ركضت وهي لاتعلم وجهتها كل ماكان يسيطر على تفكيرها هو أن تصل إلى ذلك الطفل ,,وهي تركض كانت تسمع همهمات قريبة ,,لابد أنها تكاد تصل, اصطدمت بشخص بقوة وكادت أنتقع لكنه أمسك بذراعها بثبات ,,كان رايان
كانا مندهشين من رؤية بعضهما
(ماذاتفعل هنا؟)
(ماذا تفعلين هنا؟)
تكلما في نفس الوقت وهما لايستطيعان السيطرةعلى أنفاسهما المتسارعة من الركض لكن صرخة دوت مرة أخرى منعتهم من الكلام شقتالسكون بقوة قال رايان بفزع (ميا!)
وركض بقوة نحو الصوت وتبعته خائفة
ياللهول ! مالذي حصل لميا ,,
وصلا إلى المكان فنظرا إلى ميا التي علا وجهها الشحوب وهيتنظر إلى شخص في أعلى الشجرة فلحقا بنظراتها وهناك رأيا سامي متشبثا بغصن شجرة يكادان ينكسر وهو يتأرجح عليه وقد اصفر وجهه من الخوف ..
همس رايان(ياإلهي !)
(رايان ,,ساعدني أرجوك ) كان ذلك سامي الذي رأى رايان
أسرع رايان إلىالشجرة ثم خلع سترته وهمَّ بتسلق الشجرة فقالت دانييل(دعني أتسلق الشجرة فأنا أخفوزنا منك فقد ينكسر الغصن )
لم ينظر إليها بل رمى السترة قائلا وهو يتسلق (أحتاجك هنا حتى أسلمك إياه لتمسكيه عندما أبدأ بإنزاله ,,هل تستطيعين فعل ذلك ؟)
هزت رأسها ولكنها عرفت أنه لن يستطيع رؤيتها (نعم,أستطيع ,,رايان؟) نادته خائفةفاهتز صوتها فنظر إليها ,,قالت (كن حذرا )
نظر إليها لثوانٍ ثم عاد يتسلق الشجرة
تراجعت من أسفل الشجرة وهي تلتقط سترته وأمسكت بميا التي كانت تبكي قائلة (لقدعلقت الطائرة الورقية في الشجرة وكان هو وأليكس يتشاجران على من سيتسلقها فتسلقهاوعندما أنزلها تحرك الغصن فذهب أليكس وبيبر ليأتوا بالمساعدة ..)
احتضنتها دانييل قائلة (لابأس عزيزتي ,,سينقذه رايان )
ونظرت إلى أعلى الشجرة وقد رأتراين يقترب من سامي قليلا وهو يقول كلمات لم تتبينها لكنها تعلم أنه كان يهدئه
(سامي ,عندما أقترب منك حاول أن تمد يدك نحوي وتمسك به بكل ماأوتيت من قوة ,هل تفهم؟)
لكن سامي هز رأسه نافيا ولم يلبث أن أخذ يهتز إيذانا ببدء البكاء ونظرإلى الأسفل
فقال رايان(سامي لاتبدأ بالبكاء ولاتنظر إلى الأسفل ,هل فهمتني ؟هياالرجال لايبكون ماذا ستقول دانييل وميا عنك عندما تبكي ؟فقط انظر إلي وافعل ماأقولهل أنت مستعد؟)
همس بخوف(نعم )
( والآن سأقترب قليلا وعندما أقول لك أن تمد يدك افعل ذلك وأمسك بذراعي ولاتفلتها ..)
اقترب ريان وقال (الآن يا سامي ,,)
مديده نحو سامي الذي أمسك ذراع رايان بقوة عندها تحرك الغصن وتأرجح ثم لم يلبث أنانكسر
صرخت دانييل لذلك المنظر وغطت وجهها *ياإلهي سيموت*أما ميا فقد تعلقتبعنق دانييل بصرخة ضعيفة
ساد سكون في المكان ففتحت دانييل عينيها ببطء ونظرتإلى الغصن المتهشم على الأرض كقطعة زجاج متوقعة أن ترى شخصا فاقد الوعي أو يتألملكن لم يكن هناك أحد وغمرها ارتياح كبير ثم نظرت إلى الأعلى حيث كان رايان يمسكبذراع سامي ثم شده إلى الأعلى حتى استقرا على مكان متين على الشجرة ,,رأت سامييحتضن رايان بقوة وقد ابتسم هذا الأخير ابتسامة عريضة عندها أدركت أن حبها له قدعظُم لدرجة الانفجار وعرفت أيضا أنه لايمكن أن تحب أي شخص آخر مثل حبها له فهو شخصشجاع ,شهم ,ساحر وجذاب له قلب كبير يتسع لكل الناس فكيف لاتحبه؟ستبقى تحبه حتى وإنلم يبادلها هذا الحب
صاح من أعلى الشجرة (داني ,إنه دورك)
عندها بدأ سامي بالنزول بمساعدة رايان ودانييل تنتظره عند أسفل الشجرة ,,عندما نزل سامي احتضنتهدانييل بكل قوتها وهي تحاول السيطرة على دموعها التي حبستها فأغمضت عينيها
(نيل,إنك تؤلمينني ) قال سامي وهو لايكاد يستطيع التنفس
ضحكت دانييل ثم قالت(إياك أن تفعل هذا مرة أخرى ,هل فهمتني ؟)
(أجل ,,لاتقلقي ) هز رأسه مؤكدافتطايرت خصلاته الطفولية ,,عندها سمعت وثبة على الأرض خلفها ,,فعرفت بأنه رايانواستدارت إليه ,أخذت تنظر إليه بكل فخر وهو يبادلها النظرات صامتا ,,كان الصمت أبلغمن الكلمات ,,تناهى إليها صوت ميا تسأل سامي ,,
قالت (هل أصابك الخوف؟) وكأن هذاالسؤال صدر من دانييل
(لا,لم أشعر بأي خوف ) رد سامي بشجاعة مزيفة فابتسم رايان لقوله وكأنهما كانا يتكلمان مع بعضهما البعض
قالت ميا( لقد خفتُ كثيرا عليك ) كانا لايزالان ينظران إلى بعضهما وكأن كلام ميا قد صدر من دانييل فقد قطب رايان حاجبيه ,تابعت ميا ( لقد أخذتُ أفكر مع من سوف أتشاجر إذا حصل لك شيء ومع من سألعب ..) عندها أحست دانييل بضرورة أن تشيح بنظرها لأن كلام ميا قد نطقت به عينا دانييل ..فقد أصابها الخوف عليه وظنت أنهما سيلقيان حتفيهما .عندها ستفقد حب حياتها وتبقىتعيسة للأبد .
تناهت إليها أصوات قريبة ثم ظهر ديميتري وأليكس وبيبر ,,نظرت إلىرايان فوجدت ان عينيه اكتستا ستارا أسود معتم وعاد إلى مزاجه الماضي ,لقد عاد إلىحذره المعتاد ,لماذا يخفي مشاعره ؟ لماذا لايسمح لأحد أن يدخل إلى أعماقه ؟لماذا لاينطلق ويخرج من قوقعته التي يخفي نفسه فيها ؟
سمعت ديميتري يقول
(مالذي حصل؟لقد أخبرني الطفلين بما حصل ولم أصدق )
سأل ريان بنبرة متهمة مبطنة بالسخرية (وكيف عثرا عليك ؟هل ذهبا إلى بيتك ؟) لم يفهم ديميتري السخرية وأجاب ( كنت قادما لرؤيتك يا نيل ,,عندما وجدت الأولاد يركضون فزعين )
(هكذا إذن ! ..) قال رايان وهو ينظر إليها نظرات تكاد تشقها نصفين ..ماباله هذا الرجل ؟مالذي فعلته الآنلتستحق هذه النظرات السوداوية منه؟
(هل هذا صحيح يا رايان؟) كان هذا سامي ,,استرعى انتباه رايان
(ماذا قلت؟)
(أنا لم أبكِ ,صحيح؟)
ابتسم رايان وأخذ يبعثر شعر سامي بمحبة وقال (لا! إنه لم يبكِ ,لقد كان شجاعا )
(هل سمعت ؟) قال سامي لأليكس قال الأخير (لكنه خاف ,أليس كذلك ؟)
ابتسم رايان وقال (لقد خفتُ أنا أيضاً ..لا شجاعة من دون خوف .هذا هو شعاري .وعندما يقول لك شخص بأنه لم يخف فهو كاذب فالكل يخاف حتى الشجعان ..) صمت ثم تابع (والآن اذهبوا مع داني إلىالبيت ,جميعكم وأخبري عمتي ياميا بأنني لن آتي على العشاء الليلة )
أخذت تغلي غضبا من تجاهله لها هذا يكفي! قالت في نفسها
(هيا بنا ياأولاد )
(وهل أنا منهم ؟) قال ديميتري مازحا فضحكت دانييل وقالت (إن كنت تريد أن تكون منهم فهذااختيارك )
(دانييل !) تسمرت مكانها عندما سمعت صوته البارد يناديها باسمها كاملا فهو نادرا مايفعل ,,استدارت إليه ,,كان ينظر إليها بتعابير وجه جامدة ثم مديده يشير إلى ما كانت تحمله في يدها وقال( السترة من فضلك !) نظرت إلى السترة التيكانت تحملها منذ أن تسلق الشجرة فاحمر وجهها بدون سبب ثم ناولته إياها ,عندهااصطدمت اليدان ببعضهما فأحست بكهرباء تصعقها كتلك التي صعقتها عندما تفحص جرحها ..يا ترى هل يشعر بما تشعر به ؟ بالتأكيد لا !
لأن ردة فعله كمن لمس شيئا لايجب أن يلمسه فقد اختطف السترة منها واستدار مبتعدا عنها .أرادت أن تضربه وأن تركضللبيت لتبكي فيه ...تتقوقع على نفسها وتموت من حظها السيء الذي جعلها تقع في حب رجل يحتقرها ..
***
كانت الساعةالرابعة عصرا عندما عادت إلى المطبخ بعد أن استحمت وارتدت فستانا أبيض ذو كمينقصيرين وعليه سترة بلون التفاح الأخضر ,,وجدت أن الأولاد قد ذهبوا وصعدت ميا لتستحم فبقي في المطبخ مورا وديميتري الذي كان يتأمل أن تقبل دعوته إلى العشاء لكنها رفضتبكل تهذيب متذرعة بالصداع الذي أصابها عندما رأت سامي متعلقا بغصن تلك الشجرة فتقبلرفضها وقال لها أن تريح نفسها ,,ماإن خرج حتى قالت لعمتها (مالذي حصل لرايان منذ سنة ونصف؟)
اتسعت عينا مورا بدهشة فهي لم تتوقع هذا السؤال ..لكن دانييل أخذت تقلب الأمر في ذهنها وربطت الخيوط مع بعضها ,,أولا كلام رايان عن تلك المرأة ثمتردد روزي عندما كادت أن تبوح بالحقيقة ثم عمل رايان المفاجئ كما قالت كايت فيالشركة منذ سنة ونصف ...كل هذا وراءه قصة وهي تريد أن تعرفها ولتفكر مورا بما تشاءفهي قد سئمت هذا الحال ..تريد أن تعرف التبرير الذي يدفع رايان لمعاملتها هكذا ,,
عندما أرادت التردد على وجه عمتها الذي اكتسحته موجة من العذاب والألم ,,فقالت دانييل (أرجوك ,أريد أن أعرف .)
(لقد أحب امرأة وأراد الزواج منها .)
أرادت دانييل ان تجهش بالبكاء من هذه البداية الغير مشجعة ,,
(لقد التقاها في غرفة الطوارئ وبدأت علاقتهما ..في البدء كانت فتاة لطيفة المعشر وجميلة ,على مرالأشهر كانت تبدي اهتماما برايان حتى ليظن المرء بأنها واقعة في حبه لكن وفي الأشهرالأخيرة لعلاقتهما ..كانت على حسب قول رايان متوترة الأعصاب وتصرخ على أشياء تافهة ولا يعرف ما بها هذا بالإضافة لإلى استهلاكها للأقراص المسكنة ..) صمتت مورا وقد تاهت عيناها في حزن ..
أما دانييل لم تعرف ما تقول من هول الصدمة (أتعنين أنها ...)
لم تقدر على أن تكمل فأكملت مورا (مدمنة؟ للأسف هذا صحيح ..أما رايان فقدتألم من هذه الحقيقة ولكن ليس بقدر تألمه لما فعلته فيما بعد ..فعندما اكتشفها قامتبرفع دعوى عليه اتهمته فيها بالتحرش وسوء ممارسة المهنة لتنتقم منه ..)
همست دانييل (ياإلهي !)
(لقد أردنا انا ووالدك أن تقوم بالتسوية خارج المحكمة ونخرجهامن حياتنا لكن رايان لم يقبل ...إنني أتذكر كلماته بالحرف الواحد فقد قال : لن أقومبالتسوية وكأنني فعلتُ شيئا خاطئا وكأنني فعلتُ ما تتهمني به ..إذا كانت تريد أنيصل الأمر إلى المحكمة فلها ذلك ..أنا لستُ خائفا منها ولا من محاميها الغبي ..)
ضحكت مورا ضحكة مابين الحزن والفخر لما فعله (هذا الصبي حقا شجاع فلو أنني كنتُ مكانه لما رضيت بأن يصل الأمر إلى المحكمة ...) سكتت وقد رأت علامات التلهف على وجهدانييل فأكملت (استمرت المحاكمة لمدة شهرين طويلين ,استمر رايان فيها بالعمل فيالمشفى وقام أيضا بالعمل في الشركة ..لقد ضغط على نفسه كثيرا خلال تلك الفترة ..كانوالدك يقوم بما في وسعه لإنقاذ رايان لكن رايان قام بخطوة لم يعرفها والدك ..لقدأراد أن يثبت أنها كانت لا تزال تتعاطى المسكنات وأنواع أخرى من الممنوعات فوظفمتحريا خاصا ليراقبها وبالفعل كانت لا تزال تتعاطى ,واستخدم رايان ذلك ضدها عندهاخاف محاميها بأن يخسروا القضية وعرض التسوية ..)
(هل قبل بذلك ؟) سألت دانييلبلهفة وتخوف ..لا يمكن أن يكون قد قبل بها ..فقد كان من الممكن أن يقبل بها فيالبدء ,,
هزت مورا رأسها نافية (لا ,لم يقبل بل طلب منهم بأن تقوم بسحب الدعوىوتقديم اعتذار رسمي أمام المحكمة مرفق بخطاب تنظيف سجله المدني والمهني ) صمتت ثم تابعت بحزن (لقد ظننا جميعا بأنه سيعود إلى حاله الطبيعي قبل الحادثة ,,رايانالضاحك والمتفائل ..لكنه تغير قطعا ..لم يعد كما كان ,أصبح يغرق نفسه في العملمابين الشركة والمستشفى ..لم يكن يريد العمل في الشركة من قبل ..لكن بعد الحادثة أظن بأنه أراد أن ينسى مافعلته به صوفيا ..) نظرت إلى دانييل التي كانت ترتجف من هول ماسمعت ,,إنه يكرهها ويرى فيها تلك المرأة المدعوة صوفيا ,,تلك التي خدعتهواستغلته ..لكن لماذا يفعل هذا بها ؟ إنها لم تفعل ولا أي شيء قريب مما فعلته تلكالتافهة ....الذي فعلته هو ردة فعلها الحمقاء عندما صدمت بطلب والدها لها بعد كلتلك السنوات وقالت تلك الجملة الحمقاء *سأصلي من أجله ! *
أهذا ما أوحى له بأنها مثل تلك الدنيئة ..تجمعت غصة في حنجرتها فكتمتها لعلمها بأنها إن أطلقتهافإنها لن تبقى متماسكة بل وستصاب بانهيار عصبي ...
(لماذا تسألين عن هذه القصة يا نيلي ؟ مالذي حصل؟)
نظرت إليها بشجاعة هشة فقالت بغموض (كان لا بد أن أعرف ..) ثم وقفت لتخرج قبل أن تفلت زمام الأمور من عقالها ..
قالت مورا ..(إل أين؟)
(سأعود !)
(لكن الشمس على وشك المغيب والتجول بعد المغيبليس جيدا فالعالم ليس آمنا يا نيل ,هناك العديد من المجانين في هذه الأنحاء..)
(لا تقلقي ,سأعود قبل ذلك بكثير ..) ثم دفعت باب المطبخ الخلفي لتخرج مسرعة فيخطواتها التي تحولت إلى ركض سريع نحو الغابة ...
(دانييل ؟مالذي حصل؟) سمعت صوت كايت يناديها لكنها لم تعرها أي اهتمام ,تريد فقط أن تصل إلى مكان مجهول لتلعق جراححبها المحكوم عليه بالموت قبل الولادة ,,
(مابها دانييل يا عمتي ؟) سألت كايت هذا السؤال عندما دخلت المنزل مع جيريمي ,,,
رفعت مورا رأسها لتنظر إلى كايتالمندهشة وفي عينيها السوداوين كعيني ابن أخيها حزن عميق (أظن بأن رايان يعاقب دانييل على ما فعلته به صوفيا ..)
صرخت كايت وجيريمي معا (ماذا ؟)
وأكملت كايت (لكن ما ذنب دانييل ؟)
(لا أعرف , ولكن دانييل أخذت تسأل عن الذي حصل لرايان قبل سنة ونصف و لاأدري ماذا أفعل لهذي الأحمقين )
(لا شيء ! ) كان هذاصوت جوناثان الذي دخل المطبخ ,,
(لكن يا عزيزي ...) أخذت مورا تجادل ...
لكن جوناثان أكد بلهجة قاطعة ( لن نفعل أي شيء ,وسوف يقومان بإصلاح ماهو بينهما ..لأننيإن كنت أعرف ابنتي سوف تطالب بتفسيرات ولن تسكت أبدا عن هذا الوضع ..)
أخذ كلمنهم ينظر إلى الآخر وهم غير متأكدين من كلام جوناثان ...
لكن الذي لم يعرفهجوناثان أن دانييل فقدت كل رغبة في الكلام وجل ما أرادته هو البكاء المرير الذي قديستطيع بطريقة عجائبية غسل حبها الجديد ,,
كانت تركض بلا وجهة محددة إلى أن تعبتثم أبطأت خطواتها ثم استندت على جذع احد الأشجار وأخذت تنظر بلا عينين مالبثت أنانفجرت بالبكاء المرير ,,لماذا يحصل لها هذا ماكان لها ان تأتي أبدا إلى هنا ,,لوأنها أصيبت بحادث في ذلك اليوم الذي أتى فيه رايان إليها في المتنزه ورأت عينيهالغامضتين اللتين خفق لهما قلب دانيييل البريء .
كيف سمحت لنفسها هي العاقلة والمنضبطة أن تقع في الحب ؟ لقد حولها الحب إلى امرأة حمقاء ,,لقد صدقت والدتهاعندما قالت أنه حالما تقع في الحب سوف تتحول إلى امرأة حمقاء مرتبكة غير واثقة من نفسها ,,
عادت إلى البكاء وأخذت وقتها لتغسل بدموعها أحزانها المؤلمة ,,,
أغمضت عينيها ثم أسندت رأسها الذي كان يضج من كثرة البكاء ومر الوقت وهي علىوضعها ذلك دون ان تنام ,,فجأة سقطت قطرة من الأعلى على أنفها ,,ففتحت عينيها لتتبينبأنها كانت قطرة مطر ..لم تتنبه إلى السماء التي كانت الغيوم السوداء تتجمع فيهاوكأنها مزاج دانييل ..أخذت قطرات المطر تنزل على هيئة رذاذ مالبث أن انفتحت السماءبوابل غزير فنهضت بسرعة وهي تنظر حولها ,,لقد ابتعدت عن المنزل كثيرا .تبا ,هذا ماكان ينقصني .ثم رفعت سترتها على رأسها لتركض مسرعة من حيث جاءت ..ألا يوجد مكان لتحتمي فيه إلى أن تنتهي العاصفة ؟ فجأة برق ضوء من السماء ..كان قويا جدا ..ثموكأن ذلك الضوء أضاء كل خلية في جسدها ,أخذت تفكر وهي تنظر إلى البرق ,كانت لحظةصفاء ..إنها لن تصبح ضعيفة بمجرد أنها وقعت في الحب ,,ولن تكون امرأة غير واثقة مننفسها ...بل ستقف قوية متماسكة تجاه هذا التيار الجديد فهي ليست أول من وقع في حبشخص لا يبادله هذا الحب ,,
نظرت إلى السماء الممطرة بتصميم ,,لقد سمحت لرايانبدخول أعماقها لكنها لن تسمح له أن يحولها إلى شخص تكرهه ,,
برق ضوء آخر في السماء ثم دوى صوت الرعد عندها انتبهت إلى أن الشمس قد بدأت تختفي تدريجيا خلف ذلكالأفق البرتقالي ,,
ركضت بكل قوتها وهي تخفي رأسها تحت السترة المبتلة التي تقطرماء ,,لاح منزل من بعيد شكرت حظها ثم أكملت ركضها ,,لقد كان ذلك المنزل الذي رأتهمنذ ثلاثة أسابيع والذي كانت تتلهف لدخوله ,,لكنه كان مهجورا ..لم يكن هناك أضواء ! لم يعد لديها خيار سوى أن تدخله حتى تقل الأمطار قليلا أو حتى ستقف في الشرفة فهي تكره أن تدخل أماكن مجهولة في الظلام ,,
وصلت إلى المنزل وصعدت الدرجتينالمؤديتين إلى الشرفة ,,نفضت سترتها المبللة ثم لبستها لتقيها من البرد على الرغممن تبللها ,,نظرت إلى المنزل الغارق في الظلام إلا أنها استطاعت تبين ملامحه ,,ذلكالجدار الجميل الذي ملأته الأتربة على الرغم من حداثته ,,وقنطرة الباب الجميلةوالتي كانت أيضا مغطاة بالأتربة وأحواض الزهور الخالية والتي نمت فيها أعشاب ضارة ..أين صاحب المنزل الأحمق الذي ترك هذا المنزل الرائع لتأكله الأتربة والنمل الأبيض؟
دوى صوت الرعد مرة أخرى بقوة ,,فصرخت صرخة صغيرة ولخوفها أخذت تصارع قبضةالباب ودخلت لتغرق في ظلام دامس بحثت عن مفتاح الضوء لكنها لم تجده من الخوف ,,إنهاتكره الظلام ثم جاءها صوت مورا *هناك العديد من المجانين في هذه الأنحاء * دخلهاالخوف كما لم يفعل من قبل حتى عندما انطفأت الكهرباء عليها وحدها عندما كانت صغيرةووالدتها لم تكن موجودة ,,
فتقدمت إلى الأمام خائفة ,ماإن خطت إلى الأمام حتىظهر طيف ضخم ممسكا بها نحو الجدار بقوة فصرخت صرخة كافية لتحطيم البيت حتى الأساساتوقالت متوسلة (أرجوكِ, لا تقتلني .)
&&&&&&&&&
*******
لم يصدق عينيه أبدا ,,لقد أتى إلى هنا حتى يفكر ويقوم بالتدقيق في الحسابات بعيدا عن المنزل وعن كل الناس ..فقد أراد أن يعرف من صاحب ذلك الحساب المحول له مبلغ لا يستهان به من المال ..لقد كان ذلك الحساب مغلقا عندما اراد التحقق ولم يستطع أن يعرف صاحبه السابقوأيضا جاء ليبتعد عن مرأى تلك المرأة التي سكنت خياله ليل نهار ,,لقد قلبت حياتهرأسا على عقب ..لم يعد يعرف كيف يفكر أو يتصرف ..لقد كان يعيش في سلام قبل مجيئهامسيطرا على حياته ..والآن هي هنا !!!
أخذت تقول (أرجوك,لا تقتلي )
كان قريبا جدا لدرجة مكنته من رؤية رموشها الطويلة المبللة وشعرها المنسدل والميتل أيضا وقدأصبح لونه داكنا من البلل ,,أخذت نبضاته تتسارع كثيرا ثم أخذ يتأملها للحظات طويلة ,,عندها أدرك أنها ترتجف ,,أهو الخوف أم البرد؟ ربما من الاثنين
عندهاا بتعد عنها متمتما
(أيتها الحمقاء ! مالذي تفعلينه هنا بحق الجحيم؟)
فتحت عينيها بسرعة عندما سمعت صوته ..أيعقل أن يكون هو ؟ إنها لا تصدق .أخذت ترفرف جفنيها من هول المفاجأة ثم انزلقت تجلس على الأرض فقد أبطأت ضربات قلبها بعدارتفاعها من الخوف حتى أحست بضعف في ركبتيها وأغمضت عينيها
(هل أنتِ بخير ؟) سألها باهتمام وقد شعرت به قريبا ,,لم تفتح عينيها وإنما أرادت أن تهدأ بعد الصدمة وأيضا لردة فعلها عندما رأته أمامها
(داني! )
(أيها الأحمق !,غبي ,,أحمق ) أخذت تردد مغمضة عينيها ثم فتحت عينيها والشرر يتطاير منها (لقد أخفتني ,لقد .....كدتُ ....أحمق...) صرخت بالكلمة الأخيرة
(مالذي فعلته أيتها الغبية ؟) سألوقد احتقنت عيناه بالغضب
(مالذي ...؟ لقد كدتُ أموت ...لقد كدتُ أصاب بنوبةقلبية بسببك أيها الأحمق !) عندها نهضت بسرعة وأخذت ترتب شعرها بسرعة
(لو لم تدخلي متسللة لما كنتُ أخفتك ِ ألم تتعلمي أن تطرقي الباب أيتها الذكية ؟) سأل بسخرية
(كنتُ سأطرق الباب لو رأيت أي مصباح مضاء ..لقد كان منظر البيت مهجورا ..) صمتت ثم قالت (مالذي تفعله هنا؟)
(أنا الأحق بطرح هذا السؤال! )
ضحكت بسخرية (بصفتك من؟)
نظر إليها بثبات (بصفتي صاحب البيت يا عزيزتي !)
(ماذا؟!) فغرت فمها في وجهه غير مصدقة
(أجل,أنا صاحب البيت . لذا أخبرينيمالذي جئت تفعلينه هنا؟ )
(أنت صاحب هذا البيت الجميل ؟إن هذا مستحيل ..)
قالت غير مصدقة
ابتسم ابتسامة باهتة وقال ساخرا ( على الرغم من هذا الكلام الطافح بالإطراء إلا أنني لا أريد أن أعتبره كذلك..)
كانا طوال ذلك الوقت يقفان في الردهة الشبه مظلمة ..عندها أضاءت الغرفة بنور البرق وتبينته واقفا بكل عنفوان وذلكالظل خلفه يعطيه هيبة ,,كانت تتأمله لكنها صحت من تأملاتها عندما رأته ينظر إليهابسخرية
فقالت لتعيد شيئا من كرامتها (حسنا ,لم أكن أريد مديحك في كلامي لأنطريقة اعتنائك بالبيت لا تدل على اهتمامك به ..)
رفع حاجبيه قائلا (حسنا ,أنا لمأطلب رأيك يا فيلسوفة وأمر اعتنائي بالبيت هو شأني الخاص ..)
(أهذا يعني أنني غير مرحب بي في بيتك المتواضع ؟)
نظر إليها من رأسها حتى أخمص قدميها المبللتين ثم (حسناً ...)
لكنها لم تدعه يكمل كلامه إذ استدارت وفتحت الباب لتخرج إلىالشرفة ..إنها لن تبقى هنا حتى يطردها بملء فمه ..
لكن يداً فولاذية أمسكتذراعها وشدتها إليه في حركة سريعة فالتقت العينان الخضراوان المتمردتان بعينيهالسوداوين ,,قال والشرر يتطاير من عينيه
(على الرغم من رغبتي في البقاء وحيدا إلاأنني لا أستطيع أن أحمِّل ضميري عبء تركك في هذا المطر لتصابي بذات الرئة ..)
تباً له إنها لاتريد شفقته
قالت ساخرة (عجباً ,ألديك ضمير؟)
زاداسوداد عينيه وقال(لا تمتحني صبري !!)
لاحظ ارتجافها من البرد أم هو الخوف ؟ *لا تشغل نفسك بها * أخذ يردد في نفسه ثم تابع (وادخلي بالله عليك فأنت ترتجفين كورقة في مهب الريح !)
وسحبها إلى داخل المنزل ...
أنت تقرأ
""عيناك عذابي... مميزة ومكتملة ""/الكاتب الاصلي : dew
Romanceخرجت دانييل وهي تفكر من يكون هذا الرجل ؟؟ولماذا يبحث عنها ؟ ركبت سيارتها اللاند روفر الكحلية متوجهة الى منزلها .لقد كانت تسكن في المنزل الذي كانت والدتها تسكن فيه بعد أن ذهبت دانييل الى الجامعة وهو طبعا ليس المنزل الذي كانت تسكن فيه عندما كانت صغيرة...