كنت أسير متجهة إلى محطة الحافلات، كانت أوقات مجيء الحافلات مدونة على عمود و بجانبه كرسي يسع لثلاث أشخاص. و لحظي السعيد كنت أنا الوحيدة هناك فسُنحت لي فرصة الجلوس عليه اليوم. لم يكن الجو حاراً بالرغم اننا في شهر يوليو كنت لا ازال أشعر بحرارة الكوب الذي أحمله في يدي .. أكره أن قهوتي دائما ساخنة جدا. كنت أجلس في الرصيف المقابل للمقهى، ذاك المقهى الصغير يمتلك ألذ قهوة في المدينة. لا أعرف لماذا أتردد عليه بالرغم أنني لست من محبي القهوة لكني أعود كل صباح لأشتريها و أصطحبها معي لعملي. كنت أنظر إلى ذاك الرجل المسن أو إيرل كما اسميه أنا، إيرل يناسبه جداً خاصة انه يميل للأرتداء أقمصة مخططة بلونين و بنطال جينز فضفاض، عليه أن يكون مزارعاً. هو دوما يختار الجلوس على الطاولة في الركن الأيمن من المقهى، يتصفح جريدته اليومية في صمت. اتساءل إن كان وحيداً كما يبدو.
- من هذا؟
لمحت شاباً في منتصف العشرينات في المقهى كان أسود الشعر و يرتدي قميصا أبيضا و بنطالاً أسود اللون كان يتحدث مع تلك السيدة الشقراء الأربعينية وهي تقف خلفه في الصف، تبدو في مزاج جيد اليوم. اتساءل عن ماذا يتحدثان؟ لقد رأيتها مرات كثيرة لم تكن لطيفة البتة معي، كنت دائما ابتسم لها لكنها كانت تشيح بنظرها بعيدا عني. عدت أراقب ذاك الشاب كان قد وصل إلى النادل و هم بالطلب، همم يا ترى هل يحب القهوة حقاً أم هو مثلي؟ هل يضيف الحليب إليها يا ترى؟ ماذا يعمل؟
أحب أن اراقب حياة الناس، أحب أن أحزر ما يحبونه وما لا يحبونه ، كيف يعيشون؟ و لماذا يعيشون؟
أختار طاولة تطل على الشارع، صار أقرب الأن لمرأي فاستطعت رؤية ملامحه الحادة. لا أعرف لما و لكن كان حوله هالة غريبة تمنعني من توجيه نظري لشيء آخر عداه، ربما لأنه كان غريبا بعض الشيء. ما لون عيناه يا ترى؟ كنت اتأمله كما أتأمل البشر حولي عادة، لكنه فاجئني حين انتبه لوجودي حين نظر نحوي و أبتسم إبتسامة تظهر أسنانه . أشحت بنظري حالاً و أخذت أنظر لكوبي الساخن لم أعرف حقاً ما أفعل ، لكن سرعان ما تذكرت تلك السيدة العبوسة فرفعت بنظري إليه مبتسمة لكن فات الآوان كان قد أشاح بنظره و هو يرتشف قهوته على مهل. انتابني شعور سيء أتمنى أن لا أراه مجدداً يجب أن يكون هذا يومه الأول و الأخير هنا، أو ربما أريد أن اراه مجدداً حتى ابتسم له. حقيقة اعتقد ان الأمر لا يهمني حقاً، أو ربما هو كذلك.#whatif
#what_if
#ماذا_لو
أنت تقرأ
تلاشي ..
Short Storyالفقدان كلمة يسهل نطقها، لكنها تصنع فجوة داخلنا لا تدثرها السنين. الفقدان مؤلم يجعلك تتمنى أنك لم تكتسب شيئا أبداً حتى لا تفقده.